الروض المربع - كتاب الصلاة [81]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه, ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، وبعد:

فقد قال المؤلف رحمه الله: [ولا تصح صلاة رجل وخنثى خلف امرأة؛ لحديث جابر السابق, ولا خلف خنثى للرجال والخناثى لاحتمال أن يكون امرأة].

إمامة المرأة بالرجال

قول المؤلف رحمه الله: (ولا تصح صلاة رجل وخنثى خلف امرأة), هذا مذهب جماهير أهل العلم، وهو أن المرأة لا تصلح أن تكون إماماً, لا في صلاة النفل ولا في صلاة الفرض ولا في صلاة الجمعة والأعياد, هذا قول عامة أهل العلم, وهو مذهب مالك و الشافعي و أبي حنيفة و أحمد ؛ وذلك لأمور:

أولاً: قال المؤلف رحمه الله: (لحديث جابر ), وهو قوله صلى الله عليه وسلم كما عند ابن ماجه : ( لا تؤمن امرأة رجلاً، ولا أعرابي مهاجراً، ولا فاجر مؤمناً، إلا أن يقهره سلطان ) الحديث, وهذا الحديث ضعيف؛ لأن في سنده عبد الله بن محمد العدوي وهو ضعيف, والغالب في مفاريد ابن ماجه عن الكتب الستة أنها ضعيفة.

ثانياً: أنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أن امرأة أمت في مسجد، سواء كان في مسجد أهلها أو في غيره، أو أذن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، مع توافر الدواعي لمثل هذه الأحوال؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( وليؤمكم أكثركم قرآناً ), وكان من النساء الصحابيات من كانت أكثر قرآناً من أهل بيتها, ومع ذلك لم تؤمهم, فمع توفر الدواعي إلى نقل ذلك, ومع توفر الهمم لمثل ذلك, فلما لم ينقل علمنا أنه لم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أذن لامرأة أن تؤم أهل بيتها.

ثالثاً: أن الإمامة نوع من التقديم, وقد قال صلى الله عليه وسلم كما عند البخاري : ( لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ).

رابعاً: أنه من المعلوم أن المرأة مأمورة بالستر, فتقديمها أمام الرجال مدعاة لأن يظهر شيء من أمورها التي لا ينبغي أن تظهر, فهي تركع وتسجد، وهذا كله مدعاة إلى إثارة الفتن، والله أعلم.

إذا ثبت هذا فإن بعض أهل العلم جوز للمرأة أن تؤم أهل بيتها في التراويح, كما هي رواية الإمام أحمد رحمه الله.

وجوز أبو ثور و ابن جرير الطبري أن تؤم المرأة وتكون إماماً للرجال, واختلفوا هل تكون وسطهم أم أمامهم, واستدل أصحاب القول الثاني والثالث بما رواه أبو داود (أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أم ورقة أن تؤم أهل دارها، فكان يؤذن لها خادمها ), وهذا الحديث رواه أبو داود وفيه مجاهيل, وفي سنده الوليد بن جميع تكلم فيه أهل العلم, وهو وإن روى له مسلم في المتابعات فيما أحفظ، إلا أن مثله لا يقبل بالتفردات, وكذلك في سنده رجل يقال له: عبد الرحمن وأمه ليلى ، وكل هؤلاء تكلم فيهم.

الجواب عن أدلة القائلين بجواز إمامة المرأة بالرجل

والقاعدة عند أهل العلم: أن كل أصل من أصول الشرع لا يمكن أن يثبت إلا بيقين, ومن المعلوم أن تقدم المرأة مخالف لأصل، وهو أصل بذاته, فلا بد أن يثبت بدليل، ولا دليل على ذلك, والوليد بن جميع وشيخه عبد الرحمن مثلهما لا يحتج بهما فضلاً عن أن يكونا أصلاً في ذلك.

ثم إن الحديث على فرض صحته ليس فيه ما يدل على أن المرأة تؤم أهل بيتها؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لها أن تؤم أهل دارها, والمرأة هي التي تصلي في البيت, وأما الرجل فلا يصلي في البيت, فكأن هذا إذن للمرأة أن تكون إماماً للنساء, وأما أمر خادمها أن يؤذن لها، فهذا دليل لنا لا علينا؛ لأنه لما أذن لخادمها أن يؤذن، دل ذلك على أن الأذان لا يصلح للنساء, فإذا لم يجز للمرأة أن تكون مؤذناً فمن باب أولى ألا تؤم الرجال, وهذا واضح إن شاء الله لمن تأمل, والله أعلم.

وعلى هذا: فليس في الحديث لو صح ما يفيد أنها تصلي.

وأما ما جاء في بعض الروايات أنها كانت تمسك بالقرآن فتقرأ منه في صلاة التراويح فيحمل على أنها كانت تصلي بأهل بيتها من النساء, وقد جاء عند عبد الرزاق من حديث عائشة و أم سلمة أنها كانت تؤم أهل بيتها من النساء وتقوم وسطهن, والحديث في إسناده كلام، لكن إسناده إن شاء الله إلى الحسن أقرب، وهذا يدل على الجواز لا على الاستحباب.

وأما أبو ثور و المزني و ابن جرير فإنما جوزوا ذلك بناءً على حديث أم ورقة ، والحديث -كما قلت- ضعيف.

ومما يدل على ضعف ذلك: ما جاء في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( خير صفوف النساء آخرها, وشرها أولها ), فلا يمكن أن تكون المرأة إماماً؛ لأنها سوف تدخل في شر الصفوف, وهو أولها.

إذا ثبت هذا فاعلم رعاك ربي! أنه لم ينقل عن أحد من أهل العلم -فيما أعلم- أنه جوز للمرأة أن تكون إماماً في صلاة الجمعة والأعياد, وإنما الخلاف في الفرض, وأما الجمعة والأعياد فلها حكم مستقل, وعليه فما ذكر من زوبعة قبل عدة سنوات أنه يجوز للمرأة أن تؤم في صلاة الجمعة، فهذا لم يقل به أحد من أهل العلم, وإنما الخلاف في الفرض مع ضعفه, وقد قال به أبو ثور و المزني من الشافعية وابن جرير الطبري وأما الحنابلة في رواية إنهم جوزوا إقامتها في صلاة التراويح, وإلا فإن مذهب الأئمة الأربعة في المشهور عندهم عدم صحة الصلاة.

إمامة الخنثى بالخناثى أو بالرجال أو ائتمامها بامرأة

قول المؤلف رحمه الله: (وخنثى), الخنثى: هي التي لا يعلم أذكر هو أم أنثى, وإذا لم يعلم فلا يصح أن تكون الخنثى مأموماً بامرأة؛ لجواز أن تكون الخنثى ذكراً؛ ولهذا قال المؤلف: (ولا خلف خنثى للرجال), يعني: لا يصح أن تكون الخنثى إماماً للرجال؛ لجواز أن تكون الخنثى امرأة, فإذا لم يجز أن تكون المرأة إماماً للرجال فكذلك لا يجوز أن تكون الخنثى إماماً للرجال؛ لجواز أن تكون امرأة.

قال المؤلف رحمه الله: (والخناثى لاحتمال أن يكون امرأة), يعني: لا يصح أن تكون الخنثى إماماً لخناثى؛ لاحتمال أن تكون الخناثى من المأمومين رجالاً.

قول المؤلف رحمه الله: (ولا تصح صلاة رجل وخنثى خلف امرأة), هذا مذهب جماهير أهل العلم، وهو أن المرأة لا تصلح أن تكون إماماً, لا في صلاة النفل ولا في صلاة الفرض ولا في صلاة الجمعة والأعياد, هذا قول عامة أهل العلم, وهو مذهب مالك و الشافعي و أبي حنيفة و أحمد ؛ وذلك لأمور:

أولاً: قال المؤلف رحمه الله: (لحديث جابر ), وهو قوله صلى الله عليه وسلم كما عند ابن ماجه : ( لا تؤمن امرأة رجلاً، ولا أعرابي مهاجراً، ولا فاجر مؤمناً، إلا أن يقهره سلطان ) الحديث, وهذا الحديث ضعيف؛ لأن في سنده عبد الله بن محمد العدوي وهو ضعيف, والغالب في مفاريد ابن ماجه عن الكتب الستة أنها ضعيفة.

ثانياً: أنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أن امرأة أمت في مسجد، سواء كان في مسجد أهلها أو في غيره، أو أذن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، مع توافر الدواعي لمثل هذه الأحوال؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( وليؤمكم أكثركم قرآناً ), وكان من النساء الصحابيات من كانت أكثر قرآناً من أهل بيتها, ومع ذلك لم تؤمهم, فمع توفر الدواعي إلى نقل ذلك, ومع توفر الهمم لمثل ذلك, فلما لم ينقل علمنا أنه لم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أذن لامرأة أن تؤم أهل بيتها.

ثالثاً: أن الإمامة نوع من التقديم, وقد قال صلى الله عليه وسلم كما عند البخاري : ( لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ).

رابعاً: أنه من المعلوم أن المرأة مأمورة بالستر, فتقديمها أمام الرجال مدعاة لأن يظهر شيء من أمورها التي لا ينبغي أن تظهر, فهي تركع وتسجد، وهذا كله مدعاة إلى إثارة الفتن، والله أعلم.

إذا ثبت هذا فإن بعض أهل العلم جوز للمرأة أن تؤم أهل بيتها في التراويح, كما هي رواية الإمام أحمد رحمه الله.

وجوز أبو ثور و ابن جرير الطبري أن تؤم المرأة وتكون إماماً للرجال, واختلفوا هل تكون وسطهم أم أمامهم, واستدل أصحاب القول الثاني والثالث بما رواه أبو داود (أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أم ورقة أن تؤم أهل دارها، فكان يؤذن لها خادمها ), وهذا الحديث رواه أبو داود وفيه مجاهيل, وفي سنده الوليد بن جميع تكلم فيه أهل العلم, وهو وإن روى له مسلم في المتابعات فيما أحفظ، إلا أن مثله لا يقبل بالتفردات, وكذلك في سنده رجل يقال له: عبد الرحمن وأمه ليلى ، وكل هؤلاء تكلم فيهم.

والقاعدة عند أهل العلم: أن كل أصل من أصول الشرع لا يمكن أن يثبت إلا بيقين, ومن المعلوم أن تقدم المرأة مخالف لأصل، وهو أصل بذاته, فلا بد أن يثبت بدليل، ولا دليل على ذلك, والوليد بن جميع وشيخه عبد الرحمن مثلهما لا يحتج بهما فضلاً عن أن يكونا أصلاً في ذلك.

ثم إن الحديث على فرض صحته ليس فيه ما يدل على أن المرأة تؤم أهل بيتها؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لها أن تؤم أهل دارها, والمرأة هي التي تصلي في البيت, وأما الرجل فلا يصلي في البيت, فكأن هذا إذن للمرأة أن تكون إماماً للنساء, وأما أمر خادمها أن يؤذن لها، فهذا دليل لنا لا علينا؛ لأنه لما أذن لخادمها أن يؤذن، دل ذلك على أن الأذان لا يصلح للنساء, فإذا لم يجز للمرأة أن تكون مؤذناً فمن باب أولى ألا تؤم الرجال, وهذا واضح إن شاء الله لمن تأمل, والله أعلم.

وعلى هذا: فليس في الحديث لو صح ما يفيد أنها تصلي.

وأما ما جاء في بعض الروايات أنها كانت تمسك بالقرآن فتقرأ منه في صلاة التراويح فيحمل على أنها كانت تصلي بأهل بيتها من النساء, وقد جاء عند عبد الرزاق من حديث عائشة و أم سلمة أنها كانت تؤم أهل بيتها من النساء وتقوم وسطهن, والحديث في إسناده كلام، لكن إسناده إن شاء الله إلى الحسن أقرب، وهذا يدل على الجواز لا على الاستحباب.

وأما أبو ثور و المزني و ابن جرير فإنما جوزوا ذلك بناءً على حديث أم ورقة ، والحديث -كما قلت- ضعيف.

ومما يدل على ضعف ذلك: ما جاء في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( خير صفوف النساء آخرها, وشرها أولها ), فلا يمكن أن تكون المرأة إماماً؛ لأنها سوف تدخل في شر الصفوف, وهو أولها.

إذا ثبت هذا فاعلم رعاك ربي! أنه لم ينقل عن أحد من أهل العلم -فيما أعلم- أنه جوز للمرأة أن تكون إماماً في صلاة الجمعة والأعياد, وإنما الخلاف في الفرض, وأما الجمعة والأعياد فلها حكم مستقل, وعليه فما ذكر من زوبعة قبل عدة سنوات أنه يجوز للمرأة أن تؤم في صلاة الجمعة، فهذا لم يقل به أحد من أهل العلم, وإنما الخلاف في الفرض مع ضعفه, وقد قال به أبو ثور و المزني من الشافعية وابن جرير الطبري وأما الحنابلة في رواية إنهم جوزوا إقامتها في صلاة التراويح, وإلا فإن مذهب الأئمة الأربعة في المشهور عندهم عدم صحة الصلاة.

قول المؤلف رحمه الله: (وخنثى), الخنثى: هي التي لا يعلم أذكر هو أم أنثى, وإذا لم يعلم فلا يصح أن تكون الخنثى مأموماً بامرأة؛ لجواز أن تكون الخنثى ذكراً؛ ولهذا قال المؤلف: (ولا خلف خنثى للرجال), يعني: لا يصح أن تكون الخنثى إماماً للرجال؛ لجواز أن تكون الخنثى امرأة, فإذا لم يجز أن تكون المرأة إماماً للرجال فكذلك لا يجوز أن تكون الخنثى إماماً للرجال؛ لجواز أن تكون امرأة.

قال المؤلف رحمه الله: (والخناثى لاحتمال أن يكون امرأة), يعني: لا يصح أن تكون الخنثى إماماً لخناثى؛ لاحتمال أن تكون الخناثى من المأمومين رجالاً.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الله بن ناصر السلمي - عنوان الحلقة اسٌتمع
الروض المربع - كتاب الجنائز [8] 2626 استماع
الروض المربع - كتاب الصلاة [78] 2583 استماع
الروض المربع - كتاب الصلاة [42] 2542 استماع
الروض المربع - كتاب الصلاة [45] 2541 استماع
الروض المربع - كتاب الصلاة [34] 2516 استماع
الروض المربع - كتاب البيع [22] 2448 استماع
الروض المربع - كتاب الصلاة [44] 2382 استماع
الروض المربع - كتاب البيع [20] 2370 استماع
الروض المربع - كتاب الطهارة [8] 2351 استماع
الروض المربع - كتاب الصلاة [98] 2349 استماع