الروض المربع - كتاب الصلاة [31]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، وبعد:

فقد قال المؤلف رحمه الله: [وإن قلب منفرد أو مأموم فرضه نفلاً في وقته المتسع جاز؛ لأنه إكمال في المعنى، كنقض المسجد للإصلاح، لكن يكره لغير غرض صحيح، مثل أن يحرم منفرداً فيريد الصلاة في جماعة، ونص أحمد فيمن صلى ركعة من فريضة منفرداً ثم حضر الإمام وأقيمت الصلاة يقطع صلاته ويدخل معهم، ويتخرج منه قطع النافلة بحضور الجماعة بطريق الأولى، وإن انتقل بنية من غير تحريمة من فرض إلى فرض آخر بطلا؛ لأنه قطع نية الأول، ولم ينو الثاني من أوله، وإن نوى الثاني من أوله بتكبيرة إحرام صح. وينقلب نفلاً ما بان عدم كفايته فلم تكن وفرض لم يدخل وقته].

يقول المؤلف وهو يتحدث عما يتعلق بآخر شروط الصلاة وهي النية: (وإن قلب منفرد أو مأموم فرضه نفلاً في وقته المتسع جاز)، وهذا يفيد أن للإمام والمأموم أن يغير نيته وهو في الصلاة من أعلى إلى أدنى في بعض صوره، فإذا كان إماماً فقلب الفرض إلى نفل مطلق في وقته المتسع؛ جاز، وإنما قال: (في وقته المتسع)، لأن الوقت إذا ضاق ولم يكفي إلا للفرض، وقلب الفرض إلى نفل؛ أدى ذلك إلى ترك صلاة الفرض في وقته، ويأثم لأجل ذلك. ‏

فتحويل النية من شيء إلى شيء ينقسم إلى أقسام:

تحويل النية من فرض إلى نفل مطلق

القسم الأول: تحويل النية من فرض إلى نفل مطلق، مثل: أن يحول نيته وهو يصلي الظهر إلى تطوع مطلق، كأن يكبر في أول وقت الظهر في وقت الصيف، ثم يحب أن يصلي في وقت الإبراد، فيحول نيته إلى نفل مطلق، فهذا في الأصل جائز، وهو قول عامة أهل العلم.

إلا أنهم اختلفوا في الاستحباب، فإن كان لغرض صحيح، مثل أن يدرك جماعة إذا كان يصلي منفرداً، فعلى القول بأن الجماعة فرض عين، كان ذلك غرضاً صحيحاً، وإذا كان يصلي منفرداً في أول وقت الظهر، وأراد أن يغير نيته لغرض صحيح كـ: ( أبرد أبرد، أو انتظر انتظر )؛ لأجل شدة الحر، ( فإن شدة الحر من فيح جهنم )، فهذا غرض صحيح، فيجوز، أو يستحب، على أثر حكم نيته، فإن كان يريد الجماعة؛ صارت الجماعة مستحبة أو واجبة على القول بأنها فرض كما جاء في بعض روايات المذهب.

فإن كان لغير غرض صحيح، فإن المذهب أنه يكره، والقول الآخر: أنه يحرم؛ لأنه أبطل عمله، ولا يجوز للإنسان أن يقطع فرضه، وهذا القول: يحرم إن كان لغير غرض صحيح قول قوي، لقوله صلى الله عليه وسلم كما عند الإمام أحمد وأهل السنن من حديث علي رضي الله عنه: ( مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم )، فإذا كبر حرم عليه أن يقطعها حتى يكملها إلا لغرض صحيح، فهذا يجعل القول بأن تحريم قطع الصلاة إلا لغرض صحيح قوي.

تحويل النية من نفل مقيد إلى نفل مطلق

القسم الثاني: تحويل النية من نفل مقيد إلى نفل مطلق، مثل: رجل كان يصلي الوتر ثم حول نيته إلى تطوع مطلق في الليل، فهذا أيضاً جائز، لكن خلافه إذا كان لغير غرض صحيح أخف من خلاف الفرض، فإن كان لغير غرض فهو مكروه، وبعضهم يقول: جائز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قطع صومه التطوع وقال: ( أراني قد أصبحت اليوم صائماً فأكلت )، وقد جاء في الحديث: ( المتطوع أمير نفسه؛ إن شاء صام وإن شاء أفطر )، وقد حسنه بعض المتأخرين، وهو إلى الضعف أقرب.

تحويل النية من فرض إلى فرض

القسم الثالث: تحويل النية من فرض إلى فرض، يعني: بلا تكبيرة إحرام للفريضة الثانية، وصورته مثل: أن يصلي الظهر ظاناً أنه لم يصلها وهو في وقت العصر، فيقول: أجعلها عصراً، فهذا لا يصح بإجماع أهل العلم، كما نقل ذلك ابن حزم وغيره؛ لأن أول الصلاة الأولى لم يكن فيها نية للثانية، فإذا كبر وقرأ الفاتحة على أنها الظهر، ثم تذكر أنه صلى الظهر فجعلها عصراً، فإنه يكون عند ابتداء أول الصلاة ليس بنية العصر، والنية شرط في صحة الصلاة.

تحويل النية من نفل مطلق إلى نفل مطلق

القسم الرابع: أن يحول نيته من نفل مطلق إلى نفل مطلق، فهذا جائز مثل: أن يصلي في الضحى لكونه يظن أنه لم يصل من الليل، و( صلاة الليل مثنى مثنى )، وهذا نفل مطلق ( فإذا خشى أحدكم الصبح فليصل ركعةً توتر له ما قد صلى )، وهذه سنة مقيدة، فبينما هو يصلي تذكر أنه قد صلى الليل، فجعلها ضحى مطلقاً، فهذا تحويل من مطلق إلى مطلق، وهو جائز، والله تبارك وتعالى أعلم.

قال المؤلف رحمه الله: (وإن قلب منفرد أو مأموم فرضه نفلاً في وقته المتسع؛ جاز)؛ لأنه إكمال في المعنى، أي: أن النفل المطلق إكمال للفرض بالمعنى، كما لو نقض المسجد لإصلاحه، فإن إصلاحه وهدمه إنما هو إكمال له؛ لأجل أن يبقى أكثر وأكثر، وهذا القياس يدلك على أن العلماء رحمهم الله يقيسون أقيسة شبهية، وإن كانت ليست قوية، فيستدلون ببعض الأقيسة مع أن بعضها أقوى لأجل إدراك الطالب.

القسم الأول: تحويل النية من فرض إلى نفل مطلق، مثل: أن يحول نيته وهو يصلي الظهر إلى تطوع مطلق، كأن يكبر في أول وقت الظهر في وقت الصيف، ثم يحب أن يصلي في وقت الإبراد، فيحول نيته إلى نفل مطلق، فهذا في الأصل جائز، وهو قول عامة أهل العلم.

إلا أنهم اختلفوا في الاستحباب، فإن كان لغرض صحيح، مثل أن يدرك جماعة إذا كان يصلي منفرداً، فعلى القول بأن الجماعة فرض عين، كان ذلك غرضاً صحيحاً، وإذا كان يصلي منفرداً في أول وقت الظهر، وأراد أن يغير نيته لغرض صحيح كـ: ( أبرد أبرد، أو انتظر انتظر )؛ لأجل شدة الحر، ( فإن شدة الحر من فيح جهنم )، فهذا غرض صحيح، فيجوز، أو يستحب، على أثر حكم نيته، فإن كان يريد الجماعة؛ صارت الجماعة مستحبة أو واجبة على القول بأنها فرض كما جاء في بعض روايات المذهب.

فإن كان لغير غرض صحيح، فإن المذهب أنه يكره، والقول الآخر: أنه يحرم؛ لأنه أبطل عمله، ولا يجوز للإنسان أن يقطع فرضه، وهذا القول: يحرم إن كان لغير غرض صحيح قول قوي، لقوله صلى الله عليه وسلم كما عند الإمام أحمد وأهل السنن من حديث علي رضي الله عنه: ( مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم )، فإذا كبر حرم عليه أن يقطعها حتى يكملها إلا لغرض صحيح، فهذا يجعل القول بأن تحريم قطع الصلاة إلا لغرض صحيح قوي.

القسم الثاني: تحويل النية من نفل مقيد إلى نفل مطلق، مثل: رجل كان يصلي الوتر ثم حول نيته إلى تطوع مطلق في الليل، فهذا أيضاً جائز، لكن خلافه إذا كان لغير غرض صحيح أخف من خلاف الفرض، فإن كان لغير غرض فهو مكروه، وبعضهم يقول: جائز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قطع صومه التطوع وقال: ( أراني قد أصبحت اليوم صائماً فأكلت )، وقد جاء في الحديث: ( المتطوع أمير نفسه؛ إن شاء صام وإن شاء أفطر )، وقد حسنه بعض المتأخرين، وهو إلى الضعف أقرب.

القسم الثالث: تحويل النية من فرض إلى فرض، يعني: بلا تكبيرة إحرام للفريضة الثانية، وصورته مثل: أن يصلي الظهر ظاناً أنه لم يصلها وهو في وقت العصر، فيقول: أجعلها عصراً، فهذا لا يصح بإجماع أهل العلم، كما نقل ذلك ابن حزم وغيره؛ لأن أول الصلاة الأولى لم يكن فيها نية للثانية، فإذا كبر وقرأ الفاتحة على أنها الظهر، ثم تذكر أنه صلى الظهر فجعلها عصراً، فإنه يكون عند ابتداء أول الصلاة ليس بنية العصر، والنية شرط في صحة الصلاة.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الله بن ناصر السلمي - عنوان الحلقة اسٌتمع
الروض المربع - كتاب الجنائز [8] 2632 استماع
الروض المربع - كتاب الصلاة [78] 2590 استماع
الروض المربع - كتاب الصلاة [42] 2551 استماع
الروض المربع - كتاب الصلاة [45] 2546 استماع
الروض المربع - كتاب الصلاة [34] 2530 استماع
الروض المربع - كتاب البيع [22] 2454 استماع
الروض المربع - كتاب الصلاة [44] 2388 استماع
الروض المربع - كتاب البيع [20] 2378 استماع
الروض المربع - كتاب الطهارة [8] 2359 استماع
الروض المربع - كتاب الصلاة [98] 2355 استماع