كتاب الطهارة [8]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله، نحمده ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وسلم تسليماً كثيراً، وبعد:

فسنتكلم فيما يلي عن حكم الماء الذي لاقته نجاسة، وأقوال العلماء في ذلك، وأدلتهم، ومناقشاتهم في هذه المسألة.

أقوال الأئمة وأدلتهم في حد ما ينجس من الماء

وهذه المسألة يقول فيها الإمام الشوكاني : هذه المسألة هي من المضايق التي في ساحاتها العلماء يتبلدون، ولا يعرفها إلا أهل الدقائق في العلم؛ لما هناك من اختلاف فيها، بعض العلماء في هذه المسالة كالإمام مالك له فيها ثلاثة أقوال:

قول اتفق فيه مع أهل الظاهر، فقال: إن الماء إذا لاقته النجاسة فإنه لا ينجس، سواءً كان قليلاً أو كثيراً إلا بالتغير. وهذا قوله المشهور عنه.

وكذلك له قول آخر انفرد به يقول فيه: إن الماء القليل إذا لاقته النجاسة فهو طاهر يكره استعماله.

وله قول وافق فيه الجمهور، والجمهور منهم الشافعي و أبو حنيفة والإمام أحمد حيث قالوا: إن الماء ينقسم إلى قسمين: قليل وكثير، فالقليل ينجس بالملاقاة، والكثير لا ينجس إلا بالتغير، فهذا القول -وهو تقسيم الماء إلى قليل وكثير- هو قول أبي حنيفة ، وقول الشافعي ، وقول أحمد ، اتفقوا فيه على أن الماء القليل ينجس بالملاقاة، والكثير لا ينجس إلا بالتغير، ولكنهم اختلفوا في التحديد، في حد الكثير؛ فقال الإمام أبو حنيفة : التحديد للماء الكثير أنه إذا حرك طرفاً منه لم يتحرك الآخر، فهنا ما يغلب على الظن هو عدم ملاقاة النجاسة، أما إذا حرك طرف منه وتحرك الآخر، فإن ما يغلب على الظن هو ملاقاة النجاسة، ولكنهم اعترضوا عليه، فقالوا: هذا الحد فيه جهالة، وذلك أن التحريك هذا يختلف من شخص إلى شخص، ولكن قد حدده الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه عبد الله بن عمر ، عن أبيه، الذي أخرجه أبو داود ، وصححه جماعة، منهم: الحاكم ، و ابن خزيمة ، و ابن حبان ، و الطحاوي ، و النووي ، و القسطلاني .

قال: ( سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن الماء، وما تنوبه من السباع، قال: إن إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث )، أو كما في رواية أخرى: ( لم ينجس )، فقالوا: إن الرسول صلى الله عليه وسلم حدد الكثير بالقلتين، ولكن اعترضوا عليهم أيضاً وقالوا: أما الحديث فصحيح، ولكن القلتين مجهولة، فأجاب الشافعية والحنابلة عن هذا التحديد فقالوا: إذا كانت القلتين مجهولة فإنه لا يحسن من النبي صلى الله عليه وسلم أن يجيب السائل بما يجهله، فما أجابه بالقلتين إلا وهي معلومة عند المخاطب، لا سيما والعرب كانوا يستعملون القرب، والقلتين هي قربتين تسع كل واحدة منها ما يساوي دبة أو دبتين من خمسة وعشرين لتراً، وتسمى قلال هجر، ولكن الحديث في قلال هجر ضعيف، إلا أنه يعضده أن الرسول صلى الله عليه وسلم خاطب هذا الرجل بالقلتين، ولا يتصور أن يخاطبه بما لا يعرف. فإن هذا لن يكون من البيان، ولا يتصور ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم، بل إن القلتين كانت معروفة عند العرب، فالحد بين القليل والكثير هو القلتان فما كان قلتين فهو كثير، وما كان أقل من قلتين فهو قليل.

والقلتان هي كما يقول: (خمسمائة رطل) بما كانوا يقدروها، أما الآن فهي تساوي تسعين لتراً تقريباً، أو مكعب سعته خمسة وثمانون سنتيمتراً من كل الجوانب.

وهذا الكلام إنما هو في التحديد فقط، وأما ما استدل به أبو حنيفة و الشافعي و أحمد على أن الماء القليل ينجس بالملاقاة فهو حديث أبي هريرة الذي رواه البخاري و مسلم : ( إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً )، فقالوا: هذا فيه دليل على أن الماء القليل إذا غمس فيه الشيء المتنجس فإنه ينجس، إذاً فهو دليل على أن الماء القليل ينجس بالملاقاة، واستدلوا بالحديث الذي رواه أبو هريرة ، وأخرجه البخاري و مسلم ، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل فيه )، فهذا دليل على أن الماء القليل إذا وقع فيه بول فإنه ينجسه، وكذلك استدلوا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة ( طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات، إحداهن بالتراب )، فقالوا: هذا دليل على أن الولوغ ينجس الماء القليل، مع أنه لا يغيره، وكل ما هو في الأحاديث السابقة لم يتغير.

وفي رواية قال: ( ليرقه )، ولو كان طاهراً لما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بإراقته. فأجاب المالكية والظاهرية وهم القائلون: بأن الماء لا ينجس إلا بالتغير قليلاً كان أو كثيراً.

فقالوا: أما استدلالكم بنهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن غمس اليد في الإناء فهو لا يدل على النجاسة، وذلك عن طريق القاعدة الأصولية التي تسمى السبر والتقسيم، ومعنى التقسيم: أن نقسم العلل، ثم نسبرها أي نختبرها، هل هي صالحة للعلة، فقالوا: قسمنا العلل التي تتعلق بغمس اليد، فقلنا: إن العلة النجاسة، نجاسة اليد، الثاني: العلة استقذار اليد. ثم إن سبرنا أي اختبرنا، فقلنا: إن الرجل يبيت طاهراً، ويده لا تخرج ولا تذهب، بل تبيت في بدنه أي: في إبطه، في مغابنه، فإذاً القول: بأن العلة النجاسة لا يصح، ولكن السبر يعين أن العلة هي التقذر من المغابن فلا دليل لكم فيه، فتكون علة غسل اليد هي أنها باتت في المغابن، هذا هو الصحيح، ويجيب الشافعي عن هذا بشيء لا أعرفه.

ثم قال المالكية والظاهرية: أما احتجاجكم أيها الأئمة الثلاثة بحديث: ( لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل فيه )، فإنا نقول: ليس النهي فيه للتنجيس في الحال، وإنما هو لما يئول عليه الأمر من التبول مرةً بعد أخرى حتى يتغير، فالشافعية ردوا على هذا بأنه تأويل بعيد؛ لأنه لو كان الرسول صلى الله عليه وسلم يريد التكرار لبينه، ولما أتى بلفظ يدل على مطلق البول، فهذا تأويل بعيد لا يقبل منكم، فأجاب المالكية والظاهرية فقالوا: يمكن أن يكون نهي إرشاد، قالوا: وما هو نهي الإرشاد؟ قالوا: لئلا يوجد في الماء هناك ما يكون سبباً في الأمراض مثل البلهارسيا، فهذا من المحتمل - وهذا يقوله المالكية والظاهرية الموجودين الآن - فقالوا: كذلك هذا تعليل بعيد، ولا يقبل، ثم بعد ذلك قالوا: والنهي عن الاغتسال للتقذر. فقال الشافعية: ليس للتقذر وإنما هو للاستئمان؛ لأن الماء يكون مستأمناً، ثم جاء قال: وأما الرد الذي أفحم به الأئمة الثلاثة والظاهرية فهو حين قال: المالكية والظاهرية: إن الأمر بالغسل في ولوغ الكلب تعبدي، وليس لنجاسة الكلب، ولا علة في أمر تعبدي، ويدل على أنه أمر تعبدي أن الغسل جاء غير معقول، فالنجاسة المعقول إزالتها، ولكن هنا قال: ( سبعاً إحداهن بالتراب ) فهذا العدد غير معقول المعنى، فهو للتعبد وليس للنجاسة، فقال الأئمة الثلاثة: إن قولكم: للتعبد، وليس للنجاسة يرده صدر الحديث وهو ( طهور إناء أحدكم )، فإن الطهور يشير إلى النجاسة.

فعند ذلك أجاب المالكية والظاهرية وقالوا: إن (طهور) لا يدل على النجاسة فقط، بل قد يدل على غيرها كقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( التراب طهور المؤمن )، وهو في التيمم، ومعروف أنه لا يزيل النجاسة، وإنما يرفع الحدث، فلا يتعين أنه للنجاسة، فأجاب الشافعية والمالكية والحنفية وقالوا: إنه هنا يتعين للنجاسة، وذلك ثبت بالاستقراء أن الغسل لا يكون إلا لثلاثة أشياء: إما للتكريم كغسل لليد، وإما للحدث كالغسل بالوضوء وغسل الجنابة، وإما للنجاسة، ونحن إذا استقرأنا هذه الأغسال الثلاثة، فهل هناك تكريم للإناء من ولوغ الكلب كالمؤمن؟ لا، أو هل أصبح الإناء محدثاً بولوغ الكلب؟ بل لا شك من ذلك؛ فيتعين أنه هنا للنجاسة.

وهذه كانت وقفة محرجة للمالكية والظاهرية. ثم أتى المالكية والظاهرية بأدلة يستدلون بها على أن الماء لا ينجس قليلاً كان أو كثيراً.

فقالوا: من أدلتنا التي نستدل بها على أن الماء لا ينجس قليلاً كان أو كثيراً: حديث الأعرابي المروي في صحيح البخاري و مسلم ، ففيه قوله: ( صبوا عليه ذنوباً من ماء )، أي على بول الأعرابي، قالوا: فالذنوب من ماء لا يصل قلة، وقد لاقت البول، فلو كانت تنجس بالملاقاة لقلنا: تنجس الماء، وتنجست الأرض، وانتشرت النجاسة أكثر، فهذا دليل قوي ظاهر لا احتمال فيه على أن الماء لا ينجس بالملاقاة إلا بالتغير، فانبرى الشافعية للرد على هذا الحديث فقالوا: إن هناك فرق ظاهر بين الأحاديث التي استدلينا بها على النجاسة وهذا الحديث؛ لأن الأحاديث: (لا يغمس يده)، (ولا يبول)، (ولا يغتسل)، تكون النجاسة فيها واردة على الماء، وأما حديث بول الأعرابي فالماء فيه وارد على النجاسة، ولما كان وارداً على النجاسة فإنه بوروده يغسل النجاسة شيئاً فشيئاً حتى يأتي آخر جزء من الماء وقد انحلت النجاسة، فتقرر أن الورود يقوم مقام الكثرة في تحلل النجاسة، فقال المالكية والظاهرية: هذا تحقق، وفرق من غير فرق، في وارد ومورود، فإن هذا الوارد والمورود يسمى في أصول الفقه العلة الطردية، فيتجه النقض عليها، ففي الأصول العلة الطردية منقوضة أي: باطلة، فالعلة موجودة، ولا يوجد الحكم، فيوجد الورود ولا توجد الطهارة، ثم قالوا: وأما العلة المناسبة فهي التغير أو عدمه؛ لأنه بوجود التغير توجد النجاسة، وبعدم التغير لا توجد النجاسة، فهذا رد على الشافعية في الورود.

ثم قالت الظاهرية والمالكية: ونحن نعطيكم على هذا مثالين: ما تقولون في إجانة، أوردنا عليه الماء، وبعد أن غسلنا فيه الثوب صار الماء متغيراً بالنجاسة، فما تحكمون عليه؟ فقال الأئمة الثلاثة: نحكم عليه بالنجاسة، قالوا: إذاً أنتم تقولون: وجد الورود وكم توجد الطهارة،

فهذه العلة طردية. وكذلك ما تقولون في ثوب في إجانة ورد عليه الماء، وغسل، فلم يتغير الماء بغسله فقال الأئمة الثلاثة: نحكم عليه أنه طاهر، قالوا: إذاً العلة المناسبة التغير وليست الورود.

لكن أجاب الشافعية عن هذا فقالوا: نحن لا نقول: إن العلة مفردة وهي الورود، ولكن نقول: إن العلة مركبة من شيئين: الورود، وعدم التغير، فما اكتفي فيه بواحد منها فلا يوجد الحكم، فلا يرد عليكم أنكم توردون علينا النقض لهذه العلة المركبة، فأجاب الشافعية أن الورود مع عدم التغير هو علة عدم النجاسة، وقال الشافعية: ألستم أجمعتم معنا على أنه إذا كان في الثوب قطرة بول، وصب عليه قدر ما يتوضأ الإنسان فإنه يطهر بالإجماع، فقالوا: نحن نأخذ بهذا الإجماع، وأما مسألة التغير فمختلف فيها، ثم بعد ذلك قالت الظاهرية: ولنا دليل آخر غير هذا، قالوا: وما هو؟ قالوا: حديث بئر بضاعة، وهو حديث صحيح على أنهم قالوا للرسول صلى الله عليه وسلم: ( إنهم يستسقون من بئر بضاعة، وهي بئر يلقى فيها لحوم الكلاب، والمحائض، وعذرة الناس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الماء لا ينجسه شيء )، فهذا دليل لنا على أن الماء لا ينجس إلا بالتغير، ووجه الدلالة من هذا أولاً: أن اسم الماء اسم جنس يطلق على القليل والكثير، فهو يعم القليل والكثير.

ثانياً: أن (أن) للاستغراق، مثل قولك: إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ [العصر:2]، فهي تستغرق الماء القليل والكثير.

ثالثاً: أنه عموم منطوق، وعموم المنطوق مقدم، وأما ما استدللتم به من حديث القلتين فهو مفهوم مخالفة، أي حديث: ( إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث )، مفهوم المخالفة: إذا كان دون قلتين ينجس، وإذا تعارض عموم المنطوق ومفهوم المخالفة فالمقدم هو عموم المنطوق، هكذا قالت الظاهرية والمالكية، ولكن أجابوا عن هذا فقالوا: أما قولكم: الماء اسم جنس فنحن نوافقكم على أنه اسم جنس يطلق على القليل والكثير، وأما قولكم: إن (أن) للاستغراق فلا نسلم به، بل (أن) هنا للعهد، وهو أن بئر ضباعة كان ماؤها يصل إلى العانة، يعني يصل إلى هنا، وهو قائم الرجل إلى عانته، وهذا الماء أكثر من قلتين، فلما سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم عليه كي يعرف أنه كثير، فقال: ( الماء -أي الكثير- لا ينجسه شيء )، إذاً فهو مؤيد لحديث القلتين وليس مخالف له، و (أن) تكون للعهد، عهد البئر؛ لأن العهد هو العهد الذهني، فهم سألوه عن بئر ضباعة وذكروها فهو عهد ذهني، وكذلك فهو عهد ذكري، فلا يناقض حديث القلتين، بل يؤيده في أنه إذا كان كثيراً لا ينجس.

وأما قولكم: إنه إذا تعارض عموم المنطوق، ومفهوم المخالفة فيقدم عموم المنطوق على مفهوم المخالفة، فإنا نعارضكم بقاعدة أصولية، وهي أنه قد تقرر في باب التأصيل أن العام يخصص بمفهوم الموافقة، أي: قولهم إن (أن) للاستغراق، فإنا ننقضه بما ورد في عوم الأصول بأن العام يخصصه مفهوم الموافقة.

وقالوا: وقد استدل علماء الأصول على ذلك بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( في الأربعين الشاة شاة )، فهذا حديث عام يشمل المألوفة والسائمة في الأربعين الشاة، ولكن جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم: ( في سائمة الغنم زكاة )، فخصص هذا فكانت غير السائمة ليس فيها زكاة، فقد خصصنا عموم حديث: ( في أربعين شاة ) بمفهوم المخالفة، وقد قال علماء الأصول: إن حديث بئر ضباعة يخصص بمفهوم المخالفة من حديث: ( إذا بلغ الماء قلتين ).

إذاً فهنا وقف الفريقان كل متمسك بأدلته، ولكن المالكية ما استطاعوا أن يقضوا على أدلة الشافعية، وما استطاعوا أن يحتفظوا بأدلتهم، وقد ردوها.

وقد قال صاحب الكتاب حين بدأ المناقشات: والأقرب عندي قول مالك على أنه يكره الماء القليل إذا لاقته النجاسة، قال: وهذا جمع بين الأحاديث كلها، فحمل الأحاديث التي فيها البول، وغمس اليد، والاغتسال على الكراهة، وحمل أحاديث صب الذنوب، وبئر بضاعة على الطهارة، فيكون ماءً طاهراً يكره استعماله، هذا ما قاله صاحب الكتاب، وهذا عندي هو أحسن جمع بعد هذه المناظرات.

إذاً هذه المسألة من المضايق التي تتبلد فيها الأفهام، أعني أفهام العلماء، ولهذا فالإمام الشوكاني قد بسط عليها في الدراري المضيئة، وبسط عليها كثيراً في نيل الأوطار، وفي البحر الزخار، ثم قال: إنها تتغير في ساعاتها، كل تحقيق يتغير، وتتبلد في طرائقها كل دقائق وأفكار العلماء، فهذه المسألة من المضايق،

الراجح في حكم الماء إن لاقته نجاسة

وأما الترجيح الذي اطمأنت إليه النفس هو فأقول: الراجح من هذه الأقوال أن الماء لا ينجس إلا بالتغير، قليلاً كان أو كثيراً؛ وذلك لعموم حديث بئر ضباعة، وأن ما ورد من النهي من غمس اليد في الماء القليل، والاغتسال فيه فإنما هو لأجل الاستقذار، وحتى لا تعافه الأنفس.

وأما ما ورد من النهي عن البول فيه فلئلا يعول فيه الأمر مستقبلاً إلى التنجيس بالتغير وأما مفهوم المخالفة من حديث القلتين، من أن ما دون القلتين ينجس بالملاقاة.

يعارضه عموم منطوق بئر ضباعة. والمقرر في الأصول: أن عموم المنطوق مقدم على مفهوم المخالفة.

وذلك للاتفاق على العمل بعموم المنطوق، والاختلاف بين العلماء في العمل بمفهوم المخالفة، مع هناك أئمة من الشافعية منهم الإمام الغزالي قال: أحب لو كان مذهب الإمام الشافعي كمذهب الإمام مالك في المياه؛ لما فيه من السهولة والرحمة والرخصة، وكذلك الإمام الروياني من كبار علماء الشافعية مال إلى القول بمذهب مالك وهو أن الماء لا ينجس إلا بالتغير، هذا المشهور من مذهب مالك .

الشيخ: نحن الآن نستدل لهم بما استدلوا؛ و ابن حزم لما يأتي بالقول المخالف لهم يقول: وقد استدل بكذا، وكذا، وأنا أستدل له بأدلة لم يستدل بها، ثم بعد ذلك يأتي ويرد الأدلة، ونحن أتينا بما في وسعنا من الاستدلال.

وأما رد المالكية والظاهرية على الشافعية فقالوا: لأن العلة طردية، وهذا فرق بغير فارق، أي أنه لا فرق ظاهر.

ضبط كلمة سبر

السؤال: السبر والتقسيم بالسين وإلا بالصاد؟

الجواب: سبر بالسين.

سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك اللهم ونتوب إليك.


استمع المزيد من الشيخ محمد يوسف حربة - عنوان الحلقة اسٌتمع
كتاب الزكاة [9] 2957 استماع
كتاب الزكاة [1] 2913 استماع
كتاب الطهارة [15] 2906 استماع
كتاب الطهارة [3] 2619 استماع
كتاب الصلاة [33] 2567 استماع
كتاب الصلاة [29] 2416 استماع
كتاب الطهارة [6] 2397 استماع
كتاب أحكام الميت [3] 2389 استماع
كتاب الطهارة [2] 2365 استماع
كتاب الصلاة [1] 2329 استماع