من سورة النور [1]


الحلقة مفرغة

الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.

أما بعد:

فأسأل الله سبحانه أن يجعلنا من المقبولين.

في الآية الخامسة والثلاثين من سورة النور يقول ربنا تبارك وتعالى: اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [النور:35].

قوله جل جلاله: اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ[النور:35].

قال ابن عباس : المعنى: الله هادي أهل السموات والأرض، وقال مجاهد رحمه الله: اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ[النور:35]، أي: الله مدبر أمر السموات والأرض، وقال الحسن رحمه الله: الله منور السموات والأرض، وقال أبو العالية : الله مزين السموات بالشمس والقمر والنجوم، ومزين الأرض بالأنبياء والعلماء.

وفي قراءة غير متواترة: (الله نور السموات والأرض).

أما كونه جل جلاله نوراً فقد وصفه بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ثبت في الصحيح أن أبا ذر رضي الله عنه سأله، فقال له: (يا رسول الله! هل رأيت ربك؟ قال: نور أنى أراه؟)، وفي لفظ: ( رأيت نوراً )، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إن الله تعالى لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل النهار، وعمل النهار قبل الليل، حجابه النور أو النار، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه ).

ورود وصف النور في القرآن لأكثر من موصوف ومعنى ذلك

الله جل جلاله وصف نفسه بأنه نور، وفي آية وصف القرآن بأنه نور فقال: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً[الشورى:52]، وفي آية أخرى وصف التوراة بأنها نور فقال: قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِلنَّاسِ[الأنعام:91]، وفي آية أخرى وصف محمداً صلى الله عليه وسلم بأنه نور، فقال سبحانه: قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ [المائدة:15]، قال أهل التفسير: النور هنا هو محمد صلى الله عليه وسلم.

قال العلامة ابن عاشور رحمه الله: والذي يقتضيه السياق القرآني أن تفسر كلمة النور في كل موضع بما يناسبها، يعني: كلمة النور ليست على وتيرة واحدة في كل موضع، ولا على معنى واحد، فمثلاً إذا وصف الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بأنه نور فليس معنى ذلك ما يعتقده بعض الناس أنه عليه الصلاة والسلام كان نوراً محسوساً، وإنما كلامه نور وأفعاله نور وهديه نور، صلوات ربي وسلامه عليه، وإلا لو كان نوراً محسوساً لنقل إلينا الصحابة ذلك، لكننا نقرأ في الحديث الصحيح عن أمنا عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ( افتقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة ظلماء، فقمت ألتمسه في الظلام، فوقعت يدي على بطن رجله وهو ساجد يقول: اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك )، فلو كان نوراً محسوساً كما يظن بعض الناس؛ لما احتاجت عائشة رضي الله عنها أن تلتمسه في الظلام.

ما يجب من الاعتقاد في صفات الله سبحانه وتعالى

يقول الله عز وجل: اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ[النور:35]، إذا وصف الله جل جلاله نفسه بأنه نور، وسمى نفسه نوراً، ومثل هذا في سائر الصفات نمرها كما جاءت، ونعتقدها على ظاهرها ونفوض كيفيتها إلى عالمها جل جلاله، لكن آثار نوره في الكون حسية ومعنوية ظاهرة.

وورد في بعض الآيات أن نوحاً عليه السلام قال لقومه: أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً * وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجاً [نوح:15-16]، فهذه من آثار نوره جل جلاله.

كذلك الأنوار المعنوية التي يهتدي بها الناس، فيميزون الخبيث من الطيب والهدى من الضلال.

الله جل جلاله وصف نفسه بأنه نور، وفي آية وصف القرآن بأنه نور فقال: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً[الشورى:52]، وفي آية أخرى وصف التوراة بأنها نور فقال: قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِلنَّاسِ[الأنعام:91]، وفي آية أخرى وصف محمداً صلى الله عليه وسلم بأنه نور، فقال سبحانه: قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ [المائدة:15]، قال أهل التفسير: النور هنا هو محمد صلى الله عليه وسلم.

قال العلامة ابن عاشور رحمه الله: والذي يقتضيه السياق القرآني أن تفسر كلمة النور في كل موضع بما يناسبها، يعني: كلمة النور ليست على وتيرة واحدة في كل موضع، ولا على معنى واحد، فمثلاً إذا وصف الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بأنه نور فليس معنى ذلك ما يعتقده بعض الناس أنه عليه الصلاة والسلام كان نوراً محسوساً، وإنما كلامه نور وأفعاله نور وهديه نور، صلوات ربي وسلامه عليه، وإلا لو كان نوراً محسوساً لنقل إلينا الصحابة ذلك، لكننا نقرأ في الحديث الصحيح عن أمنا عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ( افتقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة ظلماء، فقمت ألتمسه في الظلام، فوقعت يدي على بطن رجله وهو ساجد يقول: اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك )، فلو كان نوراً محسوساً كما يظن بعض الناس؛ لما احتاجت عائشة رضي الله عنها أن تلتمسه في الظلام.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف - عنوان الحلقة اسٌتمع
من سورة الرعد [2] 2192 استماع
تدبر القرآن 2098 استماع
من سورة النحل [1] 1874 استماع
من سورة البقرة [3] 1798 استماع
من سورة البقرة [2] 1543 استماع
من سورة الأعراف 1523 استماع
من سورة النور [2] 1432 استماع
من سورة آل عمران 1422 استماع
من سورة النحل [2] 1421 استماع
من سورة الحج 1357 استماع