تأملات في سور القرآن - مريم


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

فأسأل الله سبحانه أن يجعلنا من المقبولين.

سورة مريم سورة مكية، وآياتها ثمان وتسعون آية، ويغلب عليها ذكر القصص، والرد على المشركين الذين أنكروا البعث والنشور، في قول ربنا جل جلاله: وَيَقُولُ الإِنسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً * أَوَلا يَذْكُرُ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً [مريم:66-67].

هذه السورة المباركة تكرر فيها اسم الرحمن ست عشرة مرة، وتكررت كلمة الرحمة أربع مرات؛ ولذلك في أول آية: ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا [مريم:2]، والمراد من ذلك الرد على المشركين الذين أنكروا هذا الاسم العظيم وهذه الصفة الجليلة، كما قال ربنا جل جلاله في سورة الفرقان: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا[الفرقان:60]، كانوا يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم: لا نعرف إلا رحمن اليمامة، ويعنون برحمن اليمامة مسيلمة بن حبيب الكذاب عليه لعنة الله.

الجمع بين قوله تعالى في سور مريم: (وعمل صالحاً) وقوله في سورة الفرقان: (وعمل عملاً صالحاً)

هذه السورة المباركة فيها مواضيع يجدر التنبيه عليها، يقول الله عز وجل: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً * إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً[مريم:59-60]، وفي سورة الفرقان قال الله عز وجل: إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً[الفرقان:70]، هنا قال: (وعمل صالحاً) وهناك قال: (وعمل عملاً صالحاً).

قال المفسرون: هنا لما أوجز في ذكر المعاصي، أوجز في التوبة، فهنا لم يذكر المعاصي تفصيلاً وإنما قال: أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ[مريم:59]؛ لذلك قال: وَعَمِلَ صَالِحاً[مريم:60]، وهناك فصل في المعاصي: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ[الفرقان:68]، إلى أن قال سبحانه: إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً[الفرقان:70]، فلما أوجز هنا في سورة مريم في المعصية أوجز في التوبة، ولما أطال هناك في سورة الفرقان في ذكر المعاصي أطال في التوبة وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً [النساء:82].

الجمع بين قوله تعالى في سورة مريم: (فويل للذين كفروا من مشهد ...) وقوله في سورة الزخرف: (فويل للذين كفروا ...)

هاهنا في هذه السورة: فَاخْتَلَفَ الأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ [مريم:37]، وهناك في الزخرف: فَاخْتَلَفَ الأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ [الزخرف:65]، هاهنا ذكر الكفر، وهناك ذكر الظلم، قالوا: قدم الكفر؛ لأن الكفر أشنع من الظلم، وهو أظلم الظلم، كما قال الله عز وجل: وَالْكَافِرُونَ هُمْ الظَّالِمُونَ [البقرة:254].

الجمع بين قوله تعالى عن يحيى: (وسلام عليه) وقوله تعالى عن عيسى: (والسلام علي يوم ولدت)

أيها الإخوة الكرام! الموضع الثالث يقول الله عز وجل عن يحيى عليه السلام: وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّاً [مريم:15]، ويقول عن المسيح عليه السلام: وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً [مريم:33]، السلام على يحيى منكَّر، والسلام على عيسى معرف، قال أهل التفسير: لأن السلام على يحيى لما كان من الله نكِّر؛ لأن القليل من الله عز وجل كثير، أما المسيح عليه السلام فالسلام ليس من الله وإنما السلام من نفسه، قال: وَالسَّلامُ عَلَيَّ[مريم:33].

هذه السورة المباركة فيها مواضيع يجدر التنبيه عليها، يقول الله عز وجل: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً * إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً[مريم:59-60]، وفي سورة الفرقان قال الله عز وجل: إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً[الفرقان:70]، هنا قال: (وعمل صالحاً) وهناك قال: (وعمل عملاً صالحاً).

قال المفسرون: هنا لما أوجز في ذكر المعاصي، أوجز في التوبة، فهنا لم يذكر المعاصي تفصيلاً وإنما قال: أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ[مريم:59]؛ لذلك قال: وَعَمِلَ صَالِحاً[مريم:60]، وهناك فصل في المعاصي: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ[الفرقان:68]، إلى أن قال سبحانه: إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً[الفرقان:70]، فلما أوجز هنا في سورة مريم في المعصية أوجز في التوبة، ولما أطال هناك في سورة الفرقان في ذكر المعاصي أطال في التوبة وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً [النساء:82].

هاهنا في هذه السورة: فَاخْتَلَفَ الأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ [مريم:37]، وهناك في الزخرف: فَاخْتَلَفَ الأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ [الزخرف:65]، هاهنا ذكر الكفر، وهناك ذكر الظلم، قالوا: قدم الكفر؛ لأن الكفر أشنع من الظلم، وهو أظلم الظلم، كما قال الله عز وجل: وَالْكَافِرُونَ هُمْ الظَّالِمُونَ [البقرة:254].


استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف - عنوان الحلقة اسٌتمع
تأملات في سور القرآن - هود 2441 استماع
تأملات في سور القرآن - يس 2204 استماع
تأملات في سور القرآن - النور 2106 استماع
تأملات في سور القرآن - المائدة 2009 استماع
تأملات في سور القرآن - الحج 1870 استماع
تأملات في سور القرآن - النساء 1781 استماع
تأملات في سور القرآن - الواقعة 1762 استماع
تأملات في سور القرآن - غافر 1665 استماع
تأملات في سور القرآن - المجادلة 1657 استماع
تأملات في سور القرآن - الشورى 1586 استماع