تفسير سورة النور - الآيات [27-29] الأول


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد البشير النذير، والسراج المنير، وعلى آله وصحبه أجمعين.

سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم.

اللهم علمنا علماً نافعاً، وارزقنا عملاً صالحاً، ووفقنا برحمتك لما تحب وترضى، أما بعد:

فيقول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ [النور:27].

القراءات الواردة في كلمة (بيوت)

قرأ ورش و حفص و أبو عمرو و ابن كثير و يعقوب و أبو جعفر يزيد بن القعقاع بالضم: (( لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ ))[النور:27]، بضم الباء، وقرأ الباقون بكسرها: (لا تَدْخُلُوا بِيُوتًا غَيْرَ بِيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا )، وكذلك في خواتيم السورة: (( أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ ))[النور:61] إلى آخر الآية، وهكذا في سائر القرآن، وهما لغتان، يقال: بُيوت، ويقال: بِيوت.

معاني المفردات

أما معاني المفردات فقول ربنا جل جلاله: لا تَدْخُلُوا [النور:27]، (لا) ناهية، وهو نهي جازم يفيد تحريم دخول بيوت الغير بلا إذن.

قال الله عز وجل: حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا [النور:27]، الاستئناس فيه وجهان لأهل التفسير.

قيل: الاستئناس بمعنى الاستكشاف، ومنه قوله تعالى: إِنِّي آنَسْتُ نَاراً [النمل:7]، بمعنى: أبصرت.

وقيل: الاستئناس بمعنى الاستعلام والاستخبار، ومنه قول الله عز وجل: فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ [النساء:6]، (فإن آنستم) بمعنى: إن علمتم من اليتامى، (تستأنسوا) أي: تستعلموا وتستخبروا.

وقال بعض المفسرين المعاصرين: الاستئناس من الأنس، (حتى تستأنسوا) حتى تشعروا بالأنس من صاحب البيت، ومعناه: أن صاحب البيت قد يأذن لك وهو غير راغب في حضورك، فمثلاً لربما يطرق الباب طارق وصاحب البيت يتوقع شخصاً ما، فيسارع بفتح الباب، فيفاجأ بأن الشخص ليس هو المرغوب أو المطلوب، فلو أن المستأذن لم يجد من صاحب البيت أنساً، ولم يجد منه ترحاباً فخير له أن يرجع.

إذاً عندنا وجهان معتبران عند المفسرين الأولين:

الوجه الأول: أن الاستئناس بمعنى الاستكشاف، ومنه قوله تعالى: إِنِّي آنَسْتُ نَاراً [طه:10].

الوجه الثاني: الاستئناس بمعنى الاستعلام والاستخبار، ومنه قوله تعالى: فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً [النساء:6]، وبعض المعاصرين قالوا: من الأنس، بمعنى لا بد أن تشعر من صاحب البيت أنه مرحب بك، راغب في دخولك، وإلا لو وجدت منه وحشةً وإعراضاً فخير لك أن تذهب.

قال تعالى: حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ [النور:27] الإشارة إلى الاستئذان والسلام، خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النور:27]، وهاهنا أيضاً قراءتان في (تذكرون)، خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النور:27]، و(لعلكم تذَّكَّرون).

قرأ ورش و حفص و أبو عمرو و ابن كثير و يعقوب و أبو جعفر يزيد بن القعقاع بالضم: (( لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ ))[النور:27]، بضم الباء، وقرأ الباقون بكسرها: (لا تَدْخُلُوا بِيُوتًا غَيْرَ بِيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا )، وكذلك في خواتيم السورة: (( أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ ))[النور:61] إلى آخر الآية، وهكذا في سائر القرآن، وهما لغتان، يقال: بُيوت، ويقال: بِيوت.

أما معاني المفردات فقول ربنا جل جلاله: لا تَدْخُلُوا [النور:27]، (لا) ناهية، وهو نهي جازم يفيد تحريم دخول بيوت الغير بلا إذن.

قال الله عز وجل: حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا [النور:27]، الاستئناس فيه وجهان لأهل التفسير.

قيل: الاستئناس بمعنى الاستكشاف، ومنه قوله تعالى: إِنِّي آنَسْتُ نَاراً [النمل:7]، بمعنى: أبصرت.

وقيل: الاستئناس بمعنى الاستعلام والاستخبار، ومنه قول الله عز وجل: فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ [النساء:6]، (فإن آنستم) بمعنى: إن علمتم من اليتامى، (تستأنسوا) أي: تستعلموا وتستخبروا.

وقال بعض المفسرين المعاصرين: الاستئناس من الأنس، (حتى تستأنسوا) حتى تشعروا بالأنس من صاحب البيت، ومعناه: أن صاحب البيت قد يأذن لك وهو غير راغب في حضورك، فمثلاً لربما يطرق الباب طارق وصاحب البيت يتوقع شخصاً ما، فيسارع بفتح الباب، فيفاجأ بأن الشخص ليس هو المرغوب أو المطلوب، فلو أن المستأذن لم يجد من صاحب البيت أنساً، ولم يجد منه ترحاباً فخير له أن يرجع.

إذاً عندنا وجهان معتبران عند المفسرين الأولين:

الوجه الأول: أن الاستئناس بمعنى الاستكشاف، ومنه قوله تعالى: إِنِّي آنَسْتُ نَاراً [طه:10].

الوجه الثاني: الاستئناس بمعنى الاستعلام والاستخبار، ومنه قوله تعالى: فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً [النساء:6]، وبعض المعاصرين قالوا: من الأنس، بمعنى لا بد أن تشعر من صاحب البيت أنه مرحب بك، راغب في دخولك، وإلا لو وجدت منه وحشةً وإعراضاً فخير لك أن تذهب.

قال تعالى: حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ [النور:27] الإشارة إلى الاستئذان والسلام، خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النور:27]، وهاهنا أيضاً قراءتان في (تذكرون)، خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النور:27]، و(لعلكم تذَّكَّرون).

أما سبب النزول: فروى الإمام الطبري من حديث عدي بن ثابت رضي الله عنه: ( أن امرأةً من الأنصار شكت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقالت: يا رسول الله! إني أكون في البيت على حال لا أحب أن يراني عليها أحد، لا والد ولا ولد، فيأتي الأب فيدخل علي، ولا يزال رجل من قومي يدخل علي وأنا على تلك الحال؛ فأنزل الله عز وجل هذه الآية: لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا [النور:27]. قال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله! أرأيت الخانات والمساكن التي في طريق الشام ليس فيها أحد؟ فأنزل الله عز وجل قوله: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ [النور:29] )، فهذا هو سبب نزول هذه الآيات.

امرأة من الأنصار شكت للنبي صلى الله عليه وسلم بأنها تكون أحياناً قد وضعت ثيابها، وتخففت مما يسترها، فيأتي بعض الناس فيدخل عليها وهي على تلك الحال، لا تحب أن يراها أحد، لا والد ولا ولد، فأنزل الله عز وجل هذه الآية.

أبو بكر رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم بأن هناك بيوتاً موضوعة للسابلة، أشبه بالفنادق الآن، وكذلك المحلات التي هي للنفع العام، مثلاً الواحد منا إذا أراد أن يدخل دكاناً، ومعلوم بأن هذا الدكان مملوك لزيد من الناس، لكن الدكان قد فتحت أبوابه من أجل أن يلج الناس ويأخذ كلٌ حاجته، فالله عز وجل خفف فقال: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ [النور:29].

من تطبيقات هذه الآية في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رواه الإمام أحمد من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بيت سعد بن عبادة ؛ فقال: السلام عليك ورحمة الله، فرد سعد بصوت لا يسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال: وعليك السلام ورحمة الله، فسلم النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثاً، فرد سعد ثلاثاً دون أن يسمع النبي صلى الله عليه وسلم، فرجع عليه الصلاة والسلام، فتبعه سعد وقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! ما سلمت تسليمةً إلا وهي بأذني، وقد رددت عليك لا أسمعك، وإنما أحببت أن تكثر من السلام علينا والبركة، فأدخل النبي صلى الله عليه وسلم البيت، وقرب إليه زبيباً؛ فأكل عليه الصلاة والسلام، ثم دعا قائلاً: أكل طعامكم الأبرار، وأفطر عندكم الصائمون، وصلت عليكم الملائكة )، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وهذه القصة رواها مطولةً الطبراني من رواية قيس بن سعد بن عبادة ، وكذلك رواها أبو داود من حديث ثابت البناني ، عن أنس فالنبي صلى الله عليه وسلم طبق هذه الآية، جاء فاستأذن ثلاثاً ثم رجع.

ومن تطبيقات هذه الآية كذلك ما قالته زينب امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما: كان عبد الله إذا أتى البيت لا يدخل حتى يعلم أهله بتنحنح أو ببصاق، كراهة أن يهجم منهم على ما يكره، فـعبد الله بن مسعود رضي الله عنه كان إذا أتى بيته الذي فيه امرأته ما كان يدخل حتى يعلمهم بتنحنح أو بصاق بأنه قد جاء، كراهة أن يهجم منهم على ما يكره.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف - عنوان الحلقة اسٌتمع
تفسير سورة النور - الآيات [27-29] الثالث 2768 استماع
تفسير سورة نوح [3] 2767 استماع
تفسير سورة النور - الآية [31] الرابع 2665 استماع
تفسير سورة النور - الآية [3] الأول 2651 استماع
تفسير سورة النور - قصة الإفك [5] 2532 استماع
تفسير سورة يس [8] 2523 استماع
تفسير سورة يس [4] 2475 استماع
تفسير سورة يس [6] 2468 استماع
تفسير سورة النور - الآيات [23-26] 2234 استماع
تفسير سورة النور - الآيات [27-29] الرابع 2221 استماع