شرح لمعة الاعتقاد [5]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

أما بعد:

فيقول الإمام موفق الدين ابن قدامة المقدسي رحمه الله تعالى:

[ وروى عبد الله بن أنيس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله قال: (يحشر الله الخلائق يوم القيامة عراة حفاة غرلاً بهماً، فيناديهم بصوت يسمعه من بَعُد كما يسمعه من قُرُب: أنا الملك .. أنا الديان)، رواه الأئمة، واستشهد به البخاري .

وفي بعض الآثار: (أن موسى عليه السلام ليلة رأى النار؛ فهالته ففزع منها، فناداه ربه: يا موسى! فأجاب سريعاً استئناساً بالصوت، فقال: لبيك لبيك، أسمع صوتك ولا أرى مكانك، فأين أنت؟ فقال: أنا فوقك وأمامك، وعن يمينك وعن شمالك)؛ فعلم أن هذه الصفة لا تنبغي إلا لله تعالى. (قال: كذلك أنت يا إلهي، أفكلامك أسمع أم كلام رسولك؟ قال: بل كلامي يا موسى) ].

هذا تتمة للفصل الذي بدأنا فيه، والذي جعله المؤلف رحمه الله لتقرير عقيدة أهل السنة والجماعة فيما يتعلق بصفة الكلام لله عز وجل، وإثباتهم صفة الكلام لله جل وعلا على ما يليق بجلاله وكماله، وذكرنا أن صفة الكلام صفة ثابتة له عز وجل بالكتاب والسنة وبإجماع سلف الأمة؛ فإن الأمة أجمعت على إثبات هذه الصفة للرب جل وعلا، بل إن الكتب كلها تثبت هذه الصفة، والرسل جميعهم جاءوا مخبرين بأن الله عز وجل أوحى إليهم وكلمهم، وأنه سبحانه وتعالى بعثهم إلى الناس، وأنزل عليهم كتباً تكلم بها، فهذه الصفة ثابتة أجمع عليها أهل الإيمان والإسلام على مَرِّ العصور.

ومن أنكر صفة الكلام فقد شابه أهل الكفر؛ وذلك أن الكفار أنكروا إرسال الله عز وجل الرسل، وسلكوا في ذلك طريقين: الأول: تكذيب أن يكلم الله جل وعلا أحداً من رسله. الثاني: أنهم قالوا: مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ [الأنعام:91]، فسلكوا في تكذيب رسالات الرسل هذين المسلكين: إما تكذيب أن يبعث الله إلى الناس رسولاً: أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ [يونس:2]، أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ [الأعراف:63]، وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ [الأنعام:91]؛ فهذه مسالكهم في إبطال الرسالة؛ ولذا قال العلماء: إن حقيقة إنكار صفة الكلام التطرق والتوصل إلى إنكار بعث الله عز وجل للرسل.

وتقدم لنا أن الله جل وعلا كلم موسى عليه السلام، وأن ما خص الله به موسى من الكلام فارق به سائر الأنبياء والرسل، كما قال الله تعالى: وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً [النساء:164] ، وكما قال جل وعلا في خطابه لموسى: (يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي [الأعراف:144].

ثم قال المؤلف رحمه الله في الاستدلال على هذه الصفة: وروى عبد الله بن أنيس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله قال: (يحشر الله الخلائق يوم القيامة)، وذكر صفة حشر بني آدم، فذكر أربعة أوصاف: (عراة حفاة غرلاً بهماً)، واللفظ الذي في الصحيح ذكر الأوصاف الثلاثة الأولى: (حفاة، عراة، غرلاً)، وأما الصفة الرابعة: (بهماً)، فقد جاءت في مسند الإمام أحمد من حديث عبد الله بن أنيس الذي ذكره المؤلف رحمه الله.

قالوا: (يا رسول الله! وما بهماً؟ قال: ليس معهم شيء).

قال: (فيناديهم بصوت)؛ وهذا هو محل الشاهد في الحديث، (يسمعه من بَعُد كما يسمعه من قَرُب: أنا الملك .. أنا الديان)، وهذا الحديث رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن عبد الله بن أنيس ، وهو الحديث الذي رحل جابر في طلبه من المدينة إلى الشام، لما بلغه أن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يحدث عن فصل القضاء والحكم بين الناس، فاشترى بعيراً؛ فشد عليه رحله، ثم رحل إلى الشام، فطرق الباب على عبد الله بن أنيس، فقال: إنه قد بلغني أنك تحدث حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أسمعه، فخشيت أن تموت أو أموت قبلك قبل أن أسمعه، فأخذه منه رضي الله عنه، وفيه ما ساقه المؤلف من حشر الخلائق.

قال المؤلف: (رواه الأئمة، واستشهد به البخاري ). وأصل الحديث في الصحيحين من حيث ثبوت صفة الحشر، ونداء الله عز وجل للخلائق يوم المحشر في صحيح الإمام مسلم .

ثم قال رحمه الله: (وفي بعض الآثار)، أي: عن الأنبياء المتقدمين: (أن موسى ليلة رأى النار)، هذا الأثر رواه ابن أبي عاصم في كتاب الزهد بسنده إلى وهب بن منبه ، ووهب بن منبه من الرواة الذين أكثروا النقل عن بني إسرائيل، قال الذهبي رحمه الله في ترجمته: له غزارة علم في الإسرائيليات وصحائف أهل الكتاب. يعني أن غالب ما عنده من العلم هو من الإسرائيليات وصحائف أهل الكتاب، وهذا من ذلك والله أعلم، وهو يروي عن ابن عباس، وأبي هريرة.

وهذا الأثر من روايته عن أهل الكتاب في الإسرائيليات أو من صحائف أهل الكتاب، يقول فيه: (إن موسى ليلة رأى النار هالته ففزع منها، فناداه ربه: يا موسى! فأجاب سريعاً استئناساً بالصوت، فقال: لبيك لبيك)، أي: أجيبك إجابة بعد إجابة. (أسمع صوتك، ولا أرى مكانك، فأين أنت؟)، وهذا فيه أنه سأل عن الله عز وجل (بأين) التي هي أعظم الكبائر عند أهل الكلام؛ مع أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل الجارية، فقال لها: (أين الله؟ وموسى في هذا الأثر الإسرائيلي قال: أين أنت؟ قال: أنا فوقك، وأمامك، وعن يمينك، وعن شمالك)، وهذا ليس فيه أن الله مخالط للخلق.. بل هذا لا ينافي ما تقدم مما نعتقده ودل عليه الكتاب والسنة وأجمع عليه سلف الأمة: أن الله جل وعلا بائن من خلقه، ليس فيه شيء من خلقه ولا هو في شيء من خلقه، بل هو العلي جل وعلا مستوٍ على عرشه بائن من خلقه، والإحاطة المذكورة هنا إنما هي إحاطة العلم والقرب، وليست إحاطة المخالطة والممازجة؛ تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.

(فعلم أن هذه الصفة لا تنبغي إلا لله. قال: (كذلك أنت يا إلهي)، يعني: هكذا صفة الإله، (أفكلامك أسمع) يعني: هذا الكلام الذي أسمع، وهو النداء: يا موسى، (أكلامك أسمع أم كلام رسولك؟ قال: بل كلامي يا موسى)، ولا شك أن الكلام الذي سمعه موسى عليه السلام في تلك الليلة هو كلام رب العالمين؛ لا يماري في ذلك صاحب عقل سليم، وصاحب قلب من الشبه سليم؛ لأن الله جل وعلا قال في تلك الليلة: إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ [طه:12]، وقال: إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي [طه:14]، ولا يمكن أن يكون هذا صادراً عن غير الله جل وعلا؛ لأنه لا يجوز لمخلوق من خلق الله عز وجل أن يقول: إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي [طه:14]، فعلم بهذا أن الكلام الذي سمعه موسى عليه السلام هو كلام رب العالمين، وهذا واضح جلي يدركه كل أحد يطلع على كلام الله عز وجل، ويقرأ ما جاء في شأن هذه القصة من كلام الله عز وجل، وما جاء في السنة النبوية من ذلك؛ لكن هؤلاء لما انحرفت قلوبهم وانصرفت عن الحق شبهوا فشبه عليهم، وخلطوا فاختلط عليهم الأمر، فكانوا كما قال الله عز وجل: وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ [البقرة:176]، أي: لفي اختلاف ونزاع وتفرق واضطراب، كما قال الله جل وعلا: بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ [ق:5]، أي: في أمر مضطرب مختلط فاسد، هكذا هي حال كل من خالف الكتاب، أو أعرض عنه، أو لم يقبل ما جاء فيه.

قال المؤلف رحمه الله: [ فصل: ومن كلام الله سبحانه: القرآن العظيم، وهو كتاب الله المبين، وحبله المتين، وصراطه المستقيم، وتنزيل رب العالمين، نزل به الروح الأمين على قلب سيد المرسلين؛ بلسان عربي مبين، منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود.

وهو سور محكمات وآيات بينات، وحروف وكلمات ].

القرآن العظيم من كلام الله سبحانه

بعد أن قرر المؤلف رحمه الله في الفصل السابق إثبات صفة الكلام لله جل وعلا من الكتاب والسنة والآثار، انتقل إلى الحديث عن القرآن الذي وقع الخلاف فيه بين طوائف من أهل الإسلام؛ فأنكروا أن يكون القرآن كلام الله جل وعلا، كما كان عليه سلف الأمة من الصحابة والتابعين وأئمة الدين ومن بعدهم.

يقول رحمه الله: (ومن كلام الله سبحانه القرآن العظيم): (من) هنا للتبعيض؛ لأن كلام الله جل وعلا لا يقتصر على القرآن، كما قال الله جل وعلا: قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي [الكهف:109]؛ فكلام الله جل وعلا كثير متنوع، منه ما يتعلق بالخلق، ومنه ما يتعلق بالشرع، فكلامه الشرعي: هو الذي أوحاه إلى رسله، وكلامه الكوني الخلقي هو الذي يوجد به ما يوجد ويحدث به ما يحدث من أمره سبحانه وبحمده؛ وبه يدبر أمر مملكته جل وعلا.

قوله رحمه الله: (ومن كلام الله). أي: من كلامه الشرعي الذي تلكم به فيما يتعلق بالشرائع والأديان القرآن العظيم، فهو كتاب الله الحكيم الذي أنزله على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهو حجة الله على هذه الأمة، وهو أعظم آيات الأنبياء، قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح الإمام مسلم وغيره: (ما من نبي إلا وأوتي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إلي)، يعني: كان أعظم وأجل ما أوتيه النبي صلى الله عليه وسلم من الآيات: القرآن؛ ولذلك لم يذكر غيره صلى الله عليه وسلم، ثم بين عظيم هذا الذي خص به صلى الله عليه وسلم؛ فقال: (فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً)، لعظيم بركة القرآن وأثره؛ لأنه ليست آية محصورة في زمان أو مكان.. بل هي آية ممتدة في كل زمان ومكان، فهي آية باقية، ولذا فإن تأثيره وأثره ما زال إلى الآن من أعظم ما يكون.

والمراد: أن هذا القرآن كلام الله جل وعلا، ما الدليل على هذا؟

الأدلة على هذا تفوق الحصر؛ فإن الله سبحانه وتعالى أخبر بأنه أنزل القرآن من لدنه جل وعلا، وأنه تكلم به، ووصفه بأنه كلامه، كما قال تعالى: وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ [التوبة:6]، ولا خلاف بين أهل التفسير أن المراد بكلام الله في الآية القرآن، فالأدلة من الكتاب والسنة على أن القرآن كلام الله أكثر من أن تحصر، وهذا مما أجمع عليه السلف، وهو معلوم من الدين بالضرورة.

ولذلك من جحد أن القرآن كلام الله فهو كافر، وقد تلكم بهذا سلف الأمة، فقالوا: من جحد أن القرآن كلام الله كفر، وذلك لأن الأدلة على هذا من أوضح وأكثر ما يكون، ولذلك قالوا: مما يعلم من الدين بالضرورة أن القرآن كلام الله، أي: لا يحتاج الإنسان إلى أن يصل إلى هذه النتيجة من خلال التفكير والنظر والتدبر وإعادة الفكر في النصوص حتى يستنتج ويتوصل إلى أن القرآن كلام الله، بل إنه يصل إلى ذلك بأدنى نظر في كلام الله عز وجل وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، وآثار الصحابة والتابعين وسلف الأمة الصالحين، وكون القرآن من كلام الله من أظهر ما يكون.

القرآن كتاب الله المبين وحبله المتين

يقول رحمه الله: (وهو كتاب الله المبين)، كتاب الله أضافه إلى نفسه؛ لأنه الذي تكلم به، ووصفه بأنه المبين؛ لأنه أبان السبل.. هدى الله به من الضلالة، وأخرج به من الظلمات إلى النور، وهو الكتاب الذي يهدي إلى الصراط المستقيم.

قال: (وحبله المتين)، أي: حبله جل وعلا الممدود منه بينه وبين خلقه.

وقد روى الترمذي من حديث زيد بن أرقم : أن النبي صلى الله عليه وسلم وصف الكتاب بأنه (حبل ممدود من السماء)، والمقصود بالحبل المدود من السماء: القرآن، حيث قال صلى الله عليه وسلم: (إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً؛ كتاب الله حبله المدود من السماء)، وقد جاء هذا عن عبد الله بن مسعود وغيره.

وقد فسر جماعة من أهل العلم قول الله تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً [آل عمران:103]، بأنه القرآن، وقيل: الإسلام، وقيل: عهد الله، وقيل: طاعته وأمره، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وكل هذا حق. يعني: كل هذا يجب الاعتصام به، وكله من حبل الله عز وجل، ويجمع هذا أن يقال: إن حبله القرآن؛ لأنه إذا اعتصم بالقرآن فقد اعتصم بطاعة الله وأمره، واعتصم بدين الإسلام، فالقرآن هو أجمع هذه المعاني، ولذلك قال رحمه الله تعالى: وكل هذا حق.

المقصود: أن المراد بقوله: (وحبله المتين)، أي: وحبله الشديد.. القرآن الكريم هو حبله، وقد وصفه الله عز وجل بذلك، وقد جاء وصفه في سنة النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث زيد بن أرقم .

القرآن صراط الله المستقيم المنزل من عند الله

قال: (وصراطه المستقيم): وصف القرآن بأنه الصراط المستقيم، والصراط في لغة العرب الطريق الواسع، وقد فسر جماعة من العلماء قول الله تعالى: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6]، بأنه القرآن، وقد قال الله عز وجل في وصف رسوله: وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [الشورى:52]؛ فالصراط المستقيم هو كتاب الله الحكيم.

قال رحمه الله: (وتنزيل رب العالمين)، يدل على ذلك الآيات الكثيرة التي أخبر الله فيها بتنزيل الكتاب: تَنزِيلُ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ [السجدة:2]، تَنزِيلٌ مِنْ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [فصلت:2]، وما إلى ذلك من الآيات الكثيرة التي يخبر الله فيها بتنزيل الكتاب من لدنه جل وعلا.

(نزل به الروح الأمين)، أي: جبريل، (على قلب سيد المرسلين)، أي: محمد صلى الله عليه وسلم، (بلسان عربي مبين)، قال الله تعالى: قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ [النحل:102]، فأنزل الله عز وجل هذا القرآن على قلب محمد صلى الله عليه وسلم كما قال المؤلف رحمه الله، ولا إشكال في أنه نزل بلسان عربي، أي: بكلام عربي، ليس فيه اشتباه ولا التباس، فهو مبين ظاهر واضح الدلالة والمعاني.

القرآن منزل غير مخلوق

قال رحمه الله: (منزل غير مخلوق)، هذا فيه رد على الجهمية والمعتزلة، فقوله: (منزل)، رد على من قال: إن القرآن ليس من لدن الله جل وعلا، وقوله: (غير مخلوق)، رد على من قال: إنه منزل من الله، وهو كلام الله لكنه مخلوق، وهذا قول الجهمية الذين جرت منهم فتنة عظيمة على أهل الإسلام في أول القرن الثالث الهجري، حيث فتنوا الناس وعذبوا العلماء في مسألة خلق القرآن، وآزرهم في ذلك المأمون، فلما توفي سنة ثمان عشرة ومائتين للهجرة تولى كبر هذه الفتنة بعده ابنه المعتصم.

واستمرت الفتنة حتى رفعها الله وأنقذ الأمة بالإمام أحمد بن حنبل ، كما قال علي بن المديني رحمه الله: إن الله أنقذ هذا الدين بـأبي بكر في الردة، وبـأحمد يوم الفتنة أو يوم المحنة؛ فإن الله ثبت الإمام أحمد على الحق والهدى حتى غدا إمام الدنيا في زمانه وما بعده، حيث ربط الله قلبه وسدده ووفقه إلى التمسك بما دل عليه الكتاب والسنة؛ من أن القرآن كلام الله غير مخلوق، فقول المؤلف رحمه الله: (منزل غير مخلوق) يرد به على الجهمية الذين قالوا: القرآن كلام الله لكنه مخلوق، فقال: (منزل) كما يعتقد أهل السنة والجماعة وكما تعتقد الجهمية، لكنه غير مخلوق. فكلام الله صفة من صفات الله، وليس خلقاً من خلقه.

القرآن بدأ من الله وإليه يعود

قوله رحمه الله: (منه بدأ)، هذه اللفظة جاءت عن جماعة من السلف الصالح، ومعناها: أنه هو المتكلم به ولم يبتدئ من غيره، فهو المتكلم بالقرآن سبحانه وبحمده، فـ(من) هنا لابتداء الغاية، والضمير يعود إلى الله جل وعلا، فهو الذي بدأه وتكلم به، لم يكن من غيره ولم يبدأ من غيره؛ لأن الجهمية يقولون: كلام الله، لكنه بدأ من غيره، ففي قصة موسى يقولون: بدأ من الشجرة، والشجرة هي التي تكلمت، أو من ملك، فهو الذي تكلم، وهم بهذا كاذبون مكذبون للقرآن الكريم، مكذبون لما عليه النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعون.

دليل ذلك الآيات الكثيرة في كلام الله جل وعلا، التي تخبر بأن القرآن تكلم به الرب، من ذلك قول الله تعالى: وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ [النمل:6]؛ فـ( من ) هنا لابتداء الغاية، ومنه قول الله تعالى: وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي [السجدة:13]، وكذلك قوله تعالى: الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ [هود:1]، ومنه قوله تعالى: تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنْ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ [الزمر:1]؛ فـ(من) في هذه الآيات كلها وما يشابهها تفيد ابتداء الغاية، وهذا دليل قول المؤلف رحمه الله: (منه بدأ).

ويعبر بعض السلف عن هذه الكلمة بقولهم: (منه خرج)، ويريدون بهذا أن الكلام خرج ابتداء من الله جل وعلا، وقد جاء ذلك في بعض الأحاديث، ففي جامع الترمذي من حديث أبي أمامة رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وما تقرب العباد إلى الله بمثل ما خرج منه)، قال أبو النضر -أحد رواة الحديث-: يعني القرآن، وهذا الحديث قال عنه الترمذي: غريب، وقد جاء ما يعضده من طريق جبير بن نفير مرسلاً في مسند الإمام أحمد، وذكره الترمذي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنكم لن ترجعوا إلى الله بأفضل مما خرج منه)، وقد تكلم بهذا السلف، ومرادهم بهذه العبارة: أن الكلام من الله ابتدأ ولم يخلقه في غيره كما تقول المعتزلة والجهمية، ومرادهم أيضاً من هذه العبارة: أن الكلام صفة الله عز وجل، فالمتكلم إذا خرج منه الكلام هل يخرج مخلوقاً أو صفة له؟ صفة له؛ ولهذا قال جل وعلا: كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ [الكهف:5]، هل يخرج الكلام الذي منهم خلق وعين أم أن الكلام صفة له وإن تكلم به وظهر منه؟! الكلام صفة له، وإن ظهر منه وخرج منه، لكنه يكون على وجه الصفة.

قال رحمه الله: (وإليه يعود)، أي: إلى الله جل وعلا يعود القرآن، وإليه يرجع، وقد جاء ذلك في عدة آثار، منها عن ابن مسعود رضي الله عنه: قال صلى الله عليه وسلم: (يوشك أن ينزع القرآن منكم، قالوا: يا رسول الله! كيف ينزع وقد أثبته الله في قلوبنا، وأثبتناه في كتبنا، فقال: يسرى عليه في ليلة، فلا يبقى في الصدور منه كلمه، ولا في الصحف منه آية، ويصبح الناس منه فقراء)، أي: ليس معهم منه شيء، وهذا معنى ما ذكره السلف رحمهم الله من قولهم: (وإليه يرجع)، فالقرآن يرجع إلى الله عز وجل، ولكن بعدما يتعطل العمل به ولا ينتفع الناس منه؛ وذلك في آخر الزمان، وهذا لعظيم مكانة القرآن عند الرب جل وعلا، فكما أن البيت يرفع وهو القبلة، فكذلك القرآن يرفع وهو صفة الله عز وجل، لأن الناس يعرضون عنه، فإذا أعرضوا عنه رفعه الله عز وجل لعدم انتفاع الناس به.

القرآن سور وآيات وكلمات

قال رحمه الله: (وهو -أي: القرآن- سور محكمات)، والدليل على ذلك قول الله تعالى: الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ [هود:1]، فالإحكام هنا في قوله رحمه الله المراد به: سور متقنات، لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ [فصلت:42]، فليس فيه اضطراب، وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً [النساء:82]، وهذا هو الإحكام الذي يوصف به القرآن كله، ومنه قول الله تعالى: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً [الزمر:23]، فمعنى المتشابه: الذي يصدق بعضه بعضاً، ليس فيه تعارض، ولا ينقض آخره أوله، ولا يكذب بعضه بعضاً، بل يصدق بعضه بعضاً، وهذا من الإحكام.

إذاً: قوله رحمه الله: (وهو سور محكمات)، يريد أنه متقن يصدق بعضه بعضاً، لا فيه خلل ولا عيب، ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

قال رحمه الله: (وآيات بينات)، المؤلف رحمه الله بين لنا مما يتكون القرآن، فيتكون من سور. وهذا أكبر ما يكون من الاجتماعات في القرآن، فأكبر التقسيمات للقرآن: سور، ثم آيات، ثم أحرف؛ ولذا قال: (وهو سور محكمات وآيات بينات)، ومعنى بينات: أي: واضحات الدلالة لا لبس فيها ولا غموض لمن فتح الله بصيرته وهدى قلبه.

قال: (وحروف وكلمات)، إما أن يريد بالحرف الكلمة، وهذا الاستعمال العربي الأول الفصيح الذي جاءت به السنة؛ فالحرف يطلق على الكلمة لا على المفرد الهجائي، ومنه ما رواه ابن مسعود رضي الله عنه، في قوله صلى الله عليه وسلم: (من قرأ حرفاً من كلام الله فله به حسنة)، فليس المراد بالحرف هنا المفرد الهجائي، إنما المراد بالحرف: الكلمة، ولذا قال: (لا أقول: آلم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف) لأن القارئ لا يقول: ألم، ولكن: ألف، لام، ميم، فكل حرف من هذه الأحرف هو كلمة؛ لأنه لا ينطق حرفاً واحداً؛ فالحرف في كلام العرب معناه: كلمة.

فمثلاً: قول الله تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]، كم فيها من أحرف؟ أربعة؛ لأن الحرف كلمة (قل. هو. الله. أحد) هذا هو الحرف في كلام النبي صلى الله عليه وسلم ولسان العرب.

أما الاصطلاح الحادث بعد ذلك من أن الحرف هو المفرد الهجائي، فـ(قل) فيها حرفان، ولفظ الجلالة (الله) فيه خمسة إذا حسبنا التشديد، و(أحد) فيها ثلاثة أحرف.

فهذا المقصود بالكلمة في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من قرأ حرفاً من كلام الله)، أن الهمزة والحاء والدال ثلاثة حروف في قوله: ( أحد )؛ فقول المؤلف رحمه الله: (وحروف وكلمات)، قد يكون هذا من عطف الترادف؛ لأن الحروف هي الكلمات، وقد يكون مراده بالحروف الحرف الهجائي؛ لأن الكلمة تتكون من حروف هجائية، فيكون بهذا قد جرى على الاصطلاح الحادث.

أجر قارئ القرآن

يقول رحمه الله: (من قرأه فأعربه، فله بكل حرف عشر حسنات)، ليس معنى (فأعربه) أن يقول: هذا مبتدأ وهذا خبر، وهذا فعل وهذا فاعل، وهذا جار وهذا مجرور، بل معنى (أعربه): أتقن قراءته، فيكون المعنى: رتله؛ لأن قول الله تعالى: وَرَتِّلْ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً [المزمل:4]، قيل: الترتيل: هو أن تقرأ القرآن كما أنزل معرباً، فلا تجر المفتوح، أو ما أشبه ذلك من أنواع اللحن التي تجري بسبب ضعف اللسان، فقوله رحمه الله: فأعربه، أي: أتقن قراءته على الوجه الذي نزل به.

من قرأه، أي: القرآن، فأعربه فله بكل حرف، أي: بكل كلمة، عشر حسنات، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذي من حديث ابن مسعود: (من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: ( آلم ) حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف)، قال الترمذي رحمه الله: حديث حسن صحيح.

القرآن أجزاء وأبعاض يتلى ويحفظ ويكتب ويسمع

ثم قال: (له أول وآخر)، ولا إشكال في أن للقرآن أولاً وآخراً، فأوله بسم الله الرحمن الرحيم في سورة الفاتحة، وآخره ما ذكر الله في آخر سورة الناس: مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ [الناس:6].

يقول رحمه الله: (وأجزاء وأبعاض)، هذا يرد به على الأشاعرة والكلابية الذين قالوا: إن كلام الله معنى قائم في النفس، ليس له حرف ولا أجزاء ولا أبعاض، وليس فيه أحرف ولا كلمات، بل حتى الذين قالوا: إنه معنى واحد أو ثلاثة أو خمسة يقولون: هذا التقسيم ليس أجزاء ولا أبعاضاً، بل الكلام الذي يصفون به الله عز وجل معنى قائم أزلي أبدي؛ فهو في الأزل والأبد لا يتبين منه حرف ولا صوت، معناه واحد؛ إن عبر عنه بالعربية كان قرآناً، وإن عبر عنه بغير ذلك كان على حسب ما عبر عنه من توراة أو إنجيل، هكذا قالوا، وهم بهذا يكذبون القرآن، ويكذبون ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وما أجمعت عليه الأمة.

إذاً: مراد المؤلف من قوله: (وأجزاء وأبعاض)، أي: أن كلام الله حروف وكلمات وأجزاء كما تقدم، وليس معنى قائماً بالنفس.

قال: (متلو بالألسنة محفوظ في الصدور)، أي: تقرؤه ألسنة المسلمين، محفوظ في صدورهم، فلا يخرج عن كونه متلواً بالألسنة ولا يخرج بكونه محفوظاً في الصدور عن أن يكون كلام رب العالمين. وذكر المؤلف هذا حتى لا يقول قائل: إن القرآن الذي بين أيدينا ليس كلام الله، وإنما هو شيء في صدورنا، وفي صحائف من كتب، وألسنة من قرأ، فنقول له: لا؛ لأن الكلام يضاف إلى من تكلم به ابتداء لا إلى من قرأه أو كتبه أو حفظه، فنحن نقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)، هذا كلام النبي صلى الله عليه وسلم، والرواة الذين نقلوه نقلوه على أنه كلامه صلى الله عليه وسلم، والأمة لما تلقت هذا الحديث تلقته عنهم على أنه من النبي صلى الله عليه وسلم، فهو من النبي تلفظ به من تلفظ، وكتبه من كتبه، وحفظه من حفظه، ولا يخرجه هذا كله عن أن يكون كلامه، وهذا هو مراد المؤلف بقوله: (متلو بالألسنة، محفوظ في الصدور، مسموع بالآذان، مكتوب في المصاحف)، فكل هذا لا يخرج القرآن عن كونه كلام رب العالمين، فهو كلام الله عز وجل سواء كان متلواً أو مسموعاً أو محفوظاً أو مكتوباً.

بعد أن قرر المؤلف رحمه الله في الفصل السابق إثبات صفة الكلام لله جل وعلا من الكتاب والسنة والآثار، انتقل إلى الحديث عن القرآن الذي وقع الخلاف فيه بين طوائف من أهل الإسلام؛ فأنكروا أن يكون القرآن كلام الله جل وعلا، كما كان عليه سلف الأمة من الصحابة والتابعين وأئمة الدين ومن بعدهم.

يقول رحمه الله: (ومن كلام الله سبحانه القرآن العظيم): (من) هنا للتبعيض؛ لأن كلام الله جل وعلا لا يقتصر على القرآن، كما قال الله جل وعلا: قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي [الكهف:109]؛ فكلام الله جل وعلا كثير متنوع، منه ما يتعلق بالخلق، ومنه ما يتعلق بالشرع، فكلامه الشرعي: هو الذي أوحاه إلى رسله، وكلامه الكوني الخلقي هو الذي يوجد به ما يوجد ويحدث به ما يحدث من أمره سبحانه وبحمده؛ وبه يدبر أمر مملكته جل وعلا.

قوله رحمه الله: (ومن كلام الله). أي: من كلامه الشرعي الذي تلكم به فيما يتعلق بالشرائع والأديان القرآن العظيم، فهو كتاب الله الحكيم الذي أنزله على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهو حجة الله على هذه الأمة، وهو أعظم آيات الأنبياء، قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح الإمام مسلم وغيره: (ما من نبي إلا وأوتي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إلي)، يعني: كان أعظم وأجل ما أوتيه النبي صلى الله عليه وسلم من الآيات: القرآن؛ ولذلك لم يذكر غيره صلى الله عليه وسلم، ثم بين عظيم هذا الذي خص به صلى الله عليه وسلم؛ فقال: (فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً)، لعظيم بركة القرآن وأثره؛ لأنه ليست آية محصورة في زمان أو مكان.. بل هي آية ممتدة في كل زمان ومكان، فهي آية باقية، ولذا فإن تأثيره وأثره ما زال إلى الآن من أعظم ما يكون.

والمراد: أن هذا القرآن كلام الله جل وعلا، ما الدليل على هذا؟

الأدلة على هذا تفوق الحصر؛ فإن الله سبحانه وتعالى أخبر بأنه أنزل القرآن من لدنه جل وعلا، وأنه تكلم به، ووصفه بأنه كلامه، كما قال تعالى: وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ [التوبة:6]، ولا خلاف بين أهل التفسير أن المراد بكلام الله في الآية القرآن، فالأدلة من الكتاب والسنة على أن القرآن كلام الله أكثر من أن تحصر، وهذا مما أجمع عليه السلف، وهو معلوم من الدين بالضرورة.

ولذلك من جحد أن القرآن كلام الله فهو كافر، وقد تلكم بهذا سلف الأمة، فقالوا: من جحد أن القرآن كلام الله كفر، وذلك لأن الأدلة على هذا من أوضح وأكثر ما يكون، ولذلك قالوا: مما يعلم من الدين بالضرورة أن القرآن كلام الله، أي: لا يحتاج الإنسان إلى أن يصل إلى هذه النتيجة من خلال التفكير والنظر والتدبر وإعادة الفكر في النصوص حتى يستنتج ويتوصل إلى أن القرآن كلام الله، بل إنه يصل إلى ذلك بأدنى نظر في كلام الله عز وجل وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، وآثار الصحابة والتابعين وسلف الأمة الصالحين، وكون القرآن من كلام الله من أظهر ما يكون.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن عبد الله المصلح - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح لمعة الاعتقاد [17] 2746 استماع
شرح لمعة الاعتقاد [1] 2102 استماع
شرح لمعة الاعتقاد [18] 2032 استماع
شرح لمعة الاعتقاد [10] 1998 استماع
شرح لمعة الاعتقاد [8] 1788 استماع
شرح لمعة الاعتقاد [16] 1780 استماع
شرح لمعة الاعتقاد [19] 1752 استماع
شرح لمعة الاعتقاد [3] 1712 استماع
شرح لمعة الاعتقاد [4] 1645 استماع
شرح لمعة الاعتقاد [12] 1484 استماع