تفسير سورة الأنبياء [85-88]


الحلقة مفرغة

قال الله جل جلاله: وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ [الأنبياء:85].

لا نزال مع أنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم، يعطّر الله تعالى مجالسنا بذكرهم وسيرهم وهديهم؛ ليكونوا لنا نعم الأسوة والقدوة.

قوله: وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ [الأنبياء:85] أي: اذكر يا محمد مع ما ذُكر لك من أنبياء الله إسماعيل وإدريس وذا الكفل، فهم كذلك من أنبياء الله المكرمين الذين أكرمهم الله بالنبوة والرسالة والعصمة، وجعلهم الدعاة عنه إلى عبادته وتوحيده، ولخروج الناس من الظلمات إلى النور، ومن الضلالة إلى الهدى.

قوله: (وإسماعيل وإدريس) قد ذكرنا عنهما بالأمس ما فيه كفاية.

قوله: وَذَا الْكِفْلِ [الأنبياء:85] اختلف علماؤنا ومفسرونا هل هو صدّيق وولي من الصالحين، أم هو نبي من الأنبياء؟ وذكره مع الأنبياء يدل على أنه نبي، ولكن جمهور المفسرين يقولون عنه: لقد كان صالحاً وصدّيقاً، ولقد كان عبداً صابراً على عبادة ربه، ولم يكن نبياً، وأحد أنبياء بني إسرائيل الذين عاصروه وكانوا يحكمون قرب أجله، فأراد أن يوصي بالقيام على حكم عشائرهم وقبائلهم حسب أمر الله ديناً وطاعة ودعوة إليه، فحضر النبي وجمع حوله قومه وقال: من منكم يلتزم لي بثلاث أخلفه بعدي؟ فلم يستجب إلا رجل تزدريه العين وقال: أنا يا نبي الله! قال: أتصوم يومك ولا تفطر، وتصلي ليلك ولا تنام، وتحكم بين الناس ولا تغضب؟ قال: نعم، فسكت عنه، فأعاد في اليوم الثاني فلم يقم إلا هذا، واليوم الثالث فلم يقم إلا هذا، فعند ذلك خلّفه وأوصاه.

وكان هذا الولي الصالح قد التزم بصدق وصبر على ما طلب منه نبيه، وما كاد يموت نبيه عليه السلام حتى حكم بعده بقسط وبإنصاف، ولم يغضب في خصومة.

وقد كان يصلي ليله، ويصوم نهاره، ويصبر، ولا يكل ولا يمل، فسمي من أجل ذلك ذا الكفل، أي: تكفّل بشيء والتزمه وقام به، وذو الكفل أي: صاحب الكفالة والضمان الذي التزم بأشياء فقام بها أحسن قيام والتزام، فاستحق بذلك التنويه من الله جل جلاله، وذكره ضمن الأنبياء في هذه السورة الكريمة، وقد وصف الله إسماعيل وإدريس وذا الكفل، وقال عن الثلاثة: كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ [الأنبياء:85].

صبر إسماعيل على الذبح عندما طلب منه أبوه ذلك، ولكن الله فداه بذبح عظيم، وصبر إدريس على ما صبر عليه من عنف قومه وصدهم، وخدمة قومه، ودعوتهم إلى الله ليله ونهاره ومدى حياته، حضراً وسفراً، فلم يكل ولم يمل ولم يضجر، وصبر ذو الكفل على ما أوصاه به نبيه من عبادة دائمة ليل نهار، ومن العدل بين الناس إذا ترافعوا إليه، فكانوا بذلك قد استحقوا فضلاً من ربهم أن ينوه بهم أبد الآباد وما دامت الدنيا، فقال عنهم: كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ [الأنبياء:85].

قال تعالى: وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ [الأنبياء:86].

أدخلهم الله جل جلاله في رحمته بما أكرمهم به من نبوة ورسالة ودعوة إليه، فدخلوا في الرحمة، ودخلوا في الطاعة، ودخلوا في الرضا بما استحقوا من أجله الجنة والرضا والخلود الدائم بالجنان مع النبيين والمرسلين.

إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ [الأنبياء:86] هم من الصالحين للنبوة، ومن الصالحين للرسالة، ومن الصالحين للرحمة، أي: هم أهل لذلك، ولذلك أهّلهم الله تعالى بما أكرمهم به، وأدخلهم في عباده الصالحين والصابرين.

قال الله جل جلاله: وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [الأنبياء:87].

واذكر يا محمد! واذكر يا تالي هذا الكتاب الكريم من المؤمنين والمسلمين، الذاكرين الله كثيراً والذاكرات، اذكر مع الأنبياء الماضين ذا النون، وذو: صاحب، والنون: الحوت، وذو النون هو يونس بن متى، لقّبه الله تعالى بذي النون لقصته مع النون عندما ذهب مغاضباً، فجوزي بأن يزدرده الحوت، ويعيش في بطنه زمناً الله أعلم بتقديره: وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا [الأنبياء:87] أي: يونس بن متى إذ ذهب مغاضباً، ما قصة ذي النون؟

ذو النون أرسله الله إلى مائة ألف أو يزيدون، أُرسل في نينوى في أرض العراق من أرض الموصل إلى أقوام كانوا يسكنون في هذه النواحي، أرسله إليهم نبياً رسولاً وداعياً إلى الله، دعاهم وأطال الدعوة، ومكث بينهم دهراً، وإذا بهم لا يستجيبون؛ فضجر وضاق وغضب منهم، وتركهم وأنذرهم بعذاب الله لمدة أيام ثلاثة، حيث لم يستجيبوا لرسالته ولا لدعوته، ذهب اليوم الأول ثم ذهب في اليوم الثاني، وإذا باليوم الثالث يجتمع قومه ويتفقون على أن يخرجوا إلى الصحاري ومعهم أطفالهم ودوابهم وكل حي يتحرك وينبس، وقد قال لهم حكماؤهم: إن كان يونس بن متى نبياً صدقاً فالنبي إذا دعا الله على أحد أو دعاه لأحد يستجيب الله دعاءه، فلنذهب إلى الله ونضرع إليه ألا يعاقبنا ويعذّبنا، ومضت الأيام الثلاثة واستجاب الله دعاء قوم يونس؛ فصرف عنهم العذاب والمقت، فلم يجر عليهم عذاب، فغضب منهم عندما لم يحدث ذلك، وظن أنهم سيعتبرونه مدّعياً كاذباً لا شأن له، ولم تستجب دعوته.

وقيل: ذهب مغاضباً ربه، إن قلنا: مغاضباً لقومه، فالمغاضبة مفاعلة أي: ارتكبوا ما يُغضب؛ فغضب، فالغضب والمغاضبة منهم جميعاً، وإذا ذكرنا غاضب ربه فالكلمة ليست على تصريفها أي: غضب من ربه، ومعنى كونه (غضب) أي: عتب على ربه كيف يترك دعوته مع هؤلاء الذين عصوه وخالفوه؟!

ثم بعد ذلك عندما دعوا وتضرعوا صرف الله عنهم العذاب الذي دعا به يونس، وعلى أي اعتبار فقد ذهب مغاضباً لربه، فهو عتاب منه لربه وللأنبياء، والرسل دالة على الله، وإن كان غضب على قومه فالأمر سهل والخطب يسير.

ذهب وإذا به يجد نفسه على شاطئ بحر، وإذا بسفينة تأخذ الركاب فيصعد السفينة، وإذا بالأمواج تتلاطم بالسفينة، وتترنح بها يميناً وشمالاً، وأماماً وخلفاً، تكاد السفينة أن تغرق، فقال ربان السفينة: السفينة تحمل أثقالاً، ولا بد أن نخفف بعض أثقالها، ولا بد أن نُلقي في البحر بعض الركاب؛ لينجو الباقون، فضربوا القرعة، وإذا بالقرعة تخرج فيه أن يُلقى للبحر، فقال ركاب السفينة: هذا الرجل الصالح لا يليق أن يُقذف في البحر، فأعادوا القرعة مرة ثانية فخرجت عليه، فعادوا فقالوا: لا يجوز أن نقذف بهذا الرجل الصالح في البحر، فأعادوا وضربوا القرعة مرة ثالثة فخرجت في يونس بن متى، عند ذلك رأى أن أمر الله لا محيد عنه، فقذفوه للبحر، وإذا بحوت كبير يتلقفه ويزدرده.

وقد روينا عن نبينا عليه الصلاة والسلام في مسند أحمد وسنن أبي داود والترمذي وابن ماجة والحاكم أن الله قال للحوت: (لا تأكل له لحماً ولا تكسر له عظماً، وهو سجين في بطنك) فذهب به الحوت إلى قعر البحار، وإذا بيونس كان يظن أنه قد مات وإذا به يشعر أن رجله أخذت تتحرك، وأن يده أخذت تتحرك، وحينئذٍ أخذ يضرع إلى الله، وعلم أنه أتي من غضبه، فأخذ يستغيث ويعترف بخطيئته، وأخذ يضرع إلى الله أن ينجيه مما هو فيه، فقال تعالى: فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ [الأنبياء:87] والقصة مطوية بين هاتين الفقرتين يدل عليها السياق، أي: إذ ذهب مغاضباً فركب السفينة، فضُربت القرعة، فقذف في البحر فأصبح في جوف الحوت في ظلمات ثلاث: ظلمة بطن الحوت، وظلمة الليل، والظلمة الثالثة قالوا: حوت داخل حوت، الحوت الذي ابتلعه وازدرده جاء حوت أكبر منه فازدرده بيونس الذي في بطنه، فكانت الظلمات ثلاثاً.

فأخذ يجأر إلى الله ويضرع، قال تعالى: إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ [الأنبياء:87] ضرع ودعا ربه وهو في هذه الظلمات الثلاث في قعر البحار.

ومعنى (ظن أن لن نقدر عليه) على ظاهرها: أنه ظن أن الله لا يقدر عليه، وهذه لا تكون من مسلم فضلاً عن نبي، ولكن المعنى ليس كذلك، بل المعنى: ظن أن لن نضيّق عليه، ولن نعاقبه، كقوله تعالى: اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ [الرعد:26] أي: يبسط الرزق ويوسعه لمن شاء، ويقدره ويضيقه بالفقر والتقصير على من شاء؛ ومعنى (يقدر) هنا يضيق.

فظن يونس النبي الرسول أنه لن يُضيّق عليه، ولن يُحبس، ولن يُعاقب، ولكنه لما كانت حسنات المقربين سيئات الأبرار لم تقبل هذه منه، لم يُغاضب ربه؟ ولم يُغاضب قومه؟ ولا بد أن يصبر.

ولذلك قال الله لنبيه عليه الصلاة والسلام: فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ [الأحقاف:35] وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ [القلم:48] أي: كن حازماً، وذا عزيمة، وكن ذا صبر وإرادة، وإياك أن تفقد صبرك كما فقده يونس بن متى صاحب الحوت؛ فلم يكن من أولي العزم.

قوله: إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ [الأنبياء:87] ظن ودخل بباله أن الله لن يضيّق عليه، ولن يحبسه ويعاقبه، فذهب مغاضباً وإذا به ضُيّق عليه وأُلقي في البحر، وقُذف وازدرده الحوت وبلعه، وإذا به يشعر بذلك فيعود للتوبة والدعاء والضراعة، وينادي ربه في هذه الظلمات الثلاث، فيقول: لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [الأنبياء:87].

أي: أنزهك وأعظمك وأبجّلك، وأسجد وأضرع لك، فأنا العبد المفتقر إلى رحمتك ومغفرتك، أنت الرب الذي لا إله سواك، وأنت الذي صنعت بي هذا فارفعه عني، فأنا تائب إليك: إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [الأنبياء:87] واعترف لربه أنه ظلم نفسه بالمغاضبة وعدم الصبر، وما كان ينبغي ذلك من نبي ورسول: فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [الأنبياء:87].

قال تعالى: فَاسْتَجَبْنَا لَهُ [الأنبياء:88] استجبنا لدعائه وحققنا رغبته، وقبلنا ضراعته وتوبته.

وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ [الأنبياء:88].

والغم أشد أنواع الهم والحزن والألم، فكان حزناً وغماً لندمه.. حزناً وغماً لقذفه في بطن الحوت في قعر ظلمات البحر والحيتان والليل، فنادى الله تعالى أن يصرف عنه غمه وكربه، وأنه معترف بظلمه، فقال الله تعالى: فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ [الأنبياء:88].

وهذا مغزى القصة والآية أي: كما نجينا ذا النون من ظلمات البحر عندما تاب وأناب، كَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ [الأنبياء:88] الذين يقعون فيما وقع فيه ذو النون عندما يبتلون بمعصية، ثم يتوبون ويقولون ما قال ذو النون: أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [الأنبياء:87].

أي: أنزهك وأعظمك وأسجد لك وأمجدك.

وجاء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام من طريق سعد بن أبي وقاص كما في الصحيح والسنن: (إنه الاسم الذي إذا دُعي الله به أجاب، وإذا سئل أعطى).

وقد قال الحسن البصري : اسم الله الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب، وإذا سئل أعطى دُعاء ذي النون: لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [الأنبياء:87].

وقد قال هذا نبي الله صلوات الله وسلامه عليه، ثم قرأ الآية: فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ [الأنبياء:88] عندما قال في الظلمات: لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [الأنبياء:87].

هذه قصة يونس بن متى نبي الله المرسل إلى مائة ألف أو يزيدون في أرض العراق، والذي غاضب ربه وغاضب أمة دعوته فعوتب بهذا، ثم تاب وأناب.

ولا نقول: الغضب جريمة بالنسبة للعموم، فالغضب: حالة تفاعلية نفسية، ولكن بما أن ذا النون نبي رسول عليه الصلاة والسلام كان ينبغي أن يصبر، وأن يعزم ولا يفعل ذلك، وعندما فعله عوتب؛ وهكذا كما يقول العارفون بالله: حسنات الأبرار سيئات المقربين، قد لا يحاسب عموم الناس على الغضب إذا لم يتجاوزوا حدهم وقت الغضب، فيسيئون أو يذنبون؛ أما الأنبياء فالأمر ليس كذلك، وطالما كان عليه الصلاة والسلام يأتيه المسلمون فيطلبون منه أن يدعو لهم وأن يوصيهم، وكان طبيباً نفسياً وروحياً صلوات الله وسلامه عليه، فقد أتاه يوماً من قال له: (يا رسول الله! أوصني وأوجز حتى لا أنسى، قال: لا تغضب) يطلبه ثلاثاً ويجيبه ثلاثاً بـ( لا تغضب)؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام علم من حال هذا الرجل أنه إذا أتي سيؤتى من الغضب، فقد كان يغضب لأي شيء، وقد يفعل ساعة الغضب ما لا يفعله ساعة الرضا، وإذا غضب وصنع ما صنع قد تقع الكارثة خلال ثانية واحدة، وإنما الصبر عند الصدمة الأولى، فإنه إذا فعل المصيبة لا ينفعه بعد ذلك شيء، كمن يأتيك ويستشيرك ويكثر هذا: فلان طلّق ثلاثاً، فلاناً طلّق واحدة فيريد أن يلقنك فيقول: كنت غضبان فيكون الجواب: لم تغضب؟ وإذا غضبت تمالك نفسك وإرادتك، لم سمي العقل عقلاً؟ ليعقلك عن الضر والظلم، وعن الإيذاء، فإذا نحن سامحنا كل غاضب ضاعت الأحكام، وضاعت الأيمان فنقول له: جزاؤك لغضبك أن تُطلق عليك زوجتك.

قال تعالى: وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ [الأنبياء:88] وهكذا الله علمنا جل جلاله في مغزى هذه القصة إذا غضب أحدنا وصدر عنه ما صدر، ووقع في ورطة أو في غم أن يدعو بدعاء نبي الله يونس بن متى.

وقبل سنة تقريباً حدثت جريمة في الجو، حيث صودرت طائرة تحمل مجموعة من المسئولين من بلاد المسلمين، وذاك المجرم قد أراد نسفها في الجو أو قتلهم بعد النزول في الأرض مع تواطئ بعض المسئولين المجرمين الذين لا يقدرون العواقب، فقص علينا القصة أحد هؤلاء المسئولين من المقربين لبلادنا أو منها، حيث قال: في تلك الساعة وأنا أشعر أنني بين يدي الوحش المفترس تذكرت دعاء ذي النون، وإذا بي أجد نفسي تقول ذلك بكل حواسي، وبكل خلايا جسمي، وأضرع وأقول: لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [الأنبياء:87] وإذا الوضع كله يتغير، وإذا به يسلم ويسلم من معه ولا يحدث لهم شيء كما لم يحدث لذي النون.

ثم أنقذ الله ذا النون وأتى الحوت به إلى الشاطئ وقذفه، وهكذا ألقي عرياناً كالفرخ الذي لم يكن له ريش، وهكذا حدث، وبعد ذلك كسي، وعاد إلى قومه ودعاهم إلى الله، ووجدهم قد أسلموا وتابوا وأنابوا، وعاش مدة حياته إلى أن لقي ربه وهو يضرع ويستغفر ويسبّح ويدعو الله تعالى، وتاب عن الغضب ألبتة إلى لقاء ربه.


استمع المزيد من الشيخ محمد المنتصر بالله الكتاني - عنوان الحلقة اسٌتمع
تفسير سورة الأنبياء [89-97] 2305 استماع
تفسير سورة الأنبياء [76-79] 2137 استماع
تفسير سورة الأنبياء [57-64] 2051 استماع
تفسير سورة الأنبياء [48-56] 1993 استماع
تفسير سورة الأنبياء [81-85] 1684 استماع
تفسير سورة الأنبياء [30-35] 1612 استماع
تفسير سورة الأنبياء [70-75] 1608 استماع
تفسير سورة الأنبياء [5-9] 1588 استماع
تفسير سورة الأنبياء [96-104] 1558 استماع
تفسير سورة الأنبياء [78-80] 1546 استماع