خطب ومحاضرات
كتاب الأدب [2]
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في الانتصار.
حدثنا عيسى بن حماد قال: حدثنا الليث عن سعيد المقبري عن بشير بن المحرر عن سعيد بن المسيب أنه قال: ( بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس ومعه أصحابه، وقع رجل بـأبي بكر فآذاه، فصمت عنه أبو بكر، ثم آذاه الثانية، فصمت عنه أبو بكر، ثم آذاه الثالثة فانتصر منه أبو بكر، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين انتصر أبو بكر، فقال أبو بكر: أوجدت علي يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نزل ملك من السماء يكذبه بما قال لك، فلما انتصرت وقع الشيطان، فلم أكن لأجلس إذ وقع الشيطان ) ].
وهذا الحديث جاء موصولاً ومرسلاً، والصواب فيه الإرسال، وصوب البخاري رحمه الله هذا الحديث مرسلاً.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الأعلى بن حماد قال: حدثنا سفيان عن ابن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة، أن رجلاً كان يسب أبا بكر وساق نحوه. قال أبو داود: وكذلك رواه صفوان بن عيسى عن ابن عجلان كما قال سفيان.
حدثنا عبيد الله بن معاذ قال: حدثنا أبي ح وحدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة قال: حدثنا معاذ بن معاذ المعنى واحد قال: حدثنا ابن عون قال: كنت أسأل عن الانتصار وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ [الشورى:41] فحدثني علي بن زيد بن جدعان عن أم محمد امرأة أبيه قال ابن عون: وزعموا أنها كانت تدخل على أم المؤمنين قالت: قالت أم المؤمنين: ( دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندنا زينب بنت جحش، فجعل يصنع شيئاً بيده، فقلت بيده حتى فطنته لها، فأمسك، وأقبلت زينب تقحم لـعائشة رضي الله عنها، فنهاها فأبت أن تنتهي، فقال لـعائشة: سبيها، فسبتها فغلبتها، فانطلقت زينب إلى علي رضي الله عنه، فقالت: إن عائشة رضي الله عنها وقعت بكم وفعلت، فجاءت فاطمة فقال لها: إنها حبة أبيك ورب الكعبة، فانصرفت، فقالت لهم: إني قلت له كذا وكذا، فقال لي كذا وكذا، قال: وجاء علي رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فكلمه في ذلك )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا زهير بن حرب قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا مات صاحبكم فدعوه ولا تقعوا فيه ).
حدثنا محمد بن العلاء قال: أخبرنا معاوية بن هشام عن عمران بن أنس المكي عن عطاء عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اذكروا محاسن موتاكم، وكفوا عن مساويهم ) ].
هذا الحديث لا يصح، أما في قوله عليه الصلاة والسلام: ( إذا مات صاحبكم فدعوه ولا تقعوا فيه ) فالمراد بذلك من كان أمره إلى خصوصية باعتبار أنه لا أثر له في الناس، أما رءوس الضلال ورءوس الكفر فيذكرون بالشر والسوء أحياءً وأمواتاً؛ ولهذا الله عز وجل ذكر رءوس الكفر الذين مضوا على مر العصور، سواء كانوا في أمة محمد صلى الله عليه وسلم كـأبي لهب، أو غيره من الأمم السابقين كفرعون وهامان وقارون وغيرهم.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن الصباح بن سفيان قال: أخبرنا علي بن ثابت عن عكرمة بن عمار قال: حدثني ضمضم بن جوس قال: قال أبو هريرة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( كان رجلان في بني إسرائيل متواخيين، فكان أحدهما يذنب والآخر مجتهد في العبادة، فكان لا يزال المجتهد يرى الآخر على الذنب، فيقول: أقصر، فوجده يوماً على ذنب، فقال له: أقصر، فقال: خلني وربي أبعثت علي رقيباً. فقال: والله لا يغفر الله لك، أو قال: لا يدخلك الله تعالى الجنة، فقبض أرواحهما، فاجتمعا عند رب العالمين، فقال لهذا المجتهد: أكنت عالماً بي، أو كنت على ما في يدي قادراً، وقال للمذنب: اذهب فادخل الجنة برحمتي، وقال للآخر: اذهبوا به إلى النار ) قال أبو هريرة: والذي نفسي بيده لتكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته ].
وذلك أن التألي على الله عز وجل أعظم من ذنب المذنب، باعتبار أن الإنسان أراد أن يجعل نفسه مقام الخالق سبحانه وتعالى، فيختار غفراناً أو عقاباً، وهذا ليس إلا لله سبحانه وتعالى.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا ابن علية عن عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي بكرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما من ذنب أجدر أن يعجل الله تعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة مثل البغي وقطيعة الرحم )]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن صالح قال: حدثنا أبو عامر -يعني: عبد الملك بن عمرو- قال: حدثنا سليمان بن بلال عن إبراهيم بن أبي أسيد عن جده عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إياكم والحسد؛ فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ) أو قال: ( العشب ) ].
أصل الحسد الشح: وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ [النساء:128] فإذا وجد الشح في فطرة الإنسان فينتج عنه الحسد.
إذاً: فكل نفس فيها شيء من الحسد، ولكن المؤمن يخفيه والمنافق يبديه، وأفضل علاج للحسد إذا رأى الإنسان فضلاً أعطاه الله عز وجل أحداً أن يغلب نفسه بدعاء الله له بمزيد من الخير، وأن يثبته عليه، فهذا من الأمور الحسنة التي تدفع نية السوء.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا عبد الله بن وهب قال: أخبرني سعيد بن عبد الرحمن بن أبي العمياء أن سهل بن أبي أمامة حدثه، أنه دخل هو وأبوه على أنس بن مالك بالمدينة، فقال ناس: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: ( لا تشددوا على أنفسكم فيشدد عليكم، فإن قوماً شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم، فتلك بقاياهم في الصوامع والديارات، وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ [الحديد:27] ) ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا يحيى بن حسان قال: حدثنا الوليد بن رباح قال: سمعت نمران يذكر عن أم الدرداء، قالت: سمعت أبا الدرداء يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن العبد إذا لعن شيئاً صعدت اللعنة إلى السماء، فتغلق أبواب السماء دونها، ثم تهبط إلى الأرض، فتغلق أبوابها دونها، ثم تأخذ يميناً وشمالاً فإذا لم تجد مساغاً رجعت إلى الذي لعن، فإن كان لذلك أهلاً وإلا رجعت إلى قائلها ).
قال أبو داود: قال مروان بن محمد: هو رباح بن الوليد وسمع منه، وذكر أن يحيى بن حسان وهم فيه.
حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا هشام قال: حدثنا قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تلاعنوا بلعنة الله، ولا بغضب الله، ولا بالنار ).
حدثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا هشام بن سعد عن أبي حازم و زيد بن أسلم عن أم الدرداء قالت: سمعت أبا الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء ).
حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا أبان، ح وحدثنا زيد بن أخزم الطائي قال: حدثنا بشر بن عمر قال: حدثنا أبان بن يزيد العطار قال: حدثنا قتادة عن أبي العالية عن ابن عباس: ( أن رجلاً لعن الريح، وقال مسلم: إن رجلاً نازعته الريح رداءه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فلعنها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تلعنها فإنها مأمورة، وإنه من لعن شيئاً ليس له بأهل رجعت اللعنة عليه ) ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبيد الله بن معاذ قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سفيان عن حبيب عن عطاء عن عائشة قالت: ( سرق لها شيء فجعلت تدعو عليه، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تسبخي عنه )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ابن شهاب عن أنس بن مالك، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال ).
حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي أيوب الأنصاري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام ) ].
فيحرم ما بعد الثلاث، ويكره ما دونها إلا إذا كان ثمة إما مصلحة دنيوية ونحو ذلك فلا حرج للإنسان أن يهجر عليها، والأولى ألا يهجر على الدنيا، لكن ليوم أو لساعات أو نهار أو ليومين، لكن بعد ثلاث لا يجوز إلا لسبب ديني.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة وأحمد بن سعيد السرخسي الرباطي قال: إن أبا عامر أخبرهم قال: حدثنا محمد بن هلال قال: حدثني أبي عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يحل لمؤمن أن يهجر مؤمناً فوق ثلاث، فإن مرت به ثلاث فليلقه فليسلم عليه، فإن رد عليه السلام فقد اشتركا في الأجر، فإن لم يرد عليه فقد باء بالإثم ) زاد أحمد: ( وخرج المسلم من الهجرة ).
حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا محمد بن خالد بن عثمة قال: حدثنا عبد الله بن المنيب المدني قال: أخبرني هشام بن عروة عن عروة عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يكون لمسلم أن يهجر مسلماً فوق ثلاثة، فإذا لقيه سلم عليه ثلاث مرار كل ذلك لا يرد عليه فقد باء بإثمه ).
حدثنا محمد بن الصباح البزاز قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا سفيان الثوري عن منصور عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار ).
حدثنا ابن السرح قال: حدثنا ابن وهب عن حيوة عن أبي عثمان الوليد بن أبي الوليد عن عمران بن أبي أنس عن أبي خراش السلمي، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا أبو عوانة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( تفتح أبواب الجنة كل يوم إثنين وخميس، فيغفر في ذلك اليومين لكل عبد لا يشرك بالله شيئاً إلا من بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا ).
قال أبو داود: إذا كانت الهجرة لله فليس من هذا بشيء، عمر بن عبد العزيز غطى وجهه عن رجل، و ابن عمر هجر ابنه، وقال ميمون بن مهران: اهجر الأحمق، فليس له خير من الهجران].
والهجران في ذلك على مراتب، الأصل فيه أنه لا يشرع إلا إذا غلب ظن الإنسان أنه ينفع، فإذا غلب على ظنه أنه ينفع باعتبار أن لك أثراً عليه كالأب لابنه، وكذلك السيد على من كان دونه، والأخ الأكبر على من دونه، أو العالم على من دونه ونحو ذلك، يرى أن الأثر عليه، أو من له فضل عليه يمتن باعتبار أنه لو هجره أثر فيه، وأما الهجر الذي لا يؤثر بل يزيد الإنسان تمرداً فالشريعة جاءت باحتواء هذا ولهذا النبي عليه الصلاة والسلام لما كان في مكة والناس في طغيان، كان يدعوهم ويعاندون لذلك ما هجرهم؛ لأنههم يتمنون الهجران وأن النبي عليه الصلاة والسلام يدعهم ولا يقرب مجالسهم؛ ولهذا نقول: هجران المذنب والضال وصاحب الخطأ يكون بحسب المصلحة القائمة، وأما إذا غلب على ظن الإنسان أن هذا الرجل بهجرانه لا يرتدع، وبقربه لا ينتفع، ما الذي يفعل؟ نقول: إذا كان بكفاية شره ألا يقربك بهجرانه حينئذ يقال: يهجر حتى لا يدنو منك فيفسد عليك دينك.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تجسسوا، ولا تحسسوا )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا الربيع بن سليمان المؤذن قال: حدثنا ابن وهب عن سليمان بن بلال عن كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( المؤمن مرآة المؤمن، والمؤمن أخو المؤمن يكف عليه ضيعته ويحوطه من ورائه )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن العلاء قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن سالم عن أم الدرداء عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ألا أخبرك بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى، قال: إصلاح ذات البين، وفساد ذات البين الحالقة ).
حدثنا نصر بن علي قال: أخبرنا سفيان عن الزهري، وحدثنا مسدد قال: حدثنا إسماعيل، ح وحدثنا أحمد بن محمد بن شبويه المروزي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أمه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لم يكذب من نمى بين اثنين ليصلح ) وقال أحمد و مسدد: ليس بالكاذب من أصلح بين الناس فقال خيراً أو نمى خيراً.
حدثنا الربيع بن سليمان الجيزي قال: حدثنا أبو الأسود عن نافع بن يزيد عن ابن الهاد أن عبد الوهاب بن أبي بكر حدثه عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن عن أمه أم كلثوم بنت عقبة قالت: ( ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرخص في شيء من الكذب إلا في ثلاث، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا أعده كاذباً: الرجل يصلح بين الناس يقول القول ولا يريد به إلا الإصلاح، والرجل يقول في الحرب، والرجل يحدث امرأته، والمرأة تحدث زوجها )].
استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز الطريفي - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
كتاب الطهارة [5] | 2709 استماع |
كتاب الطهارة [8] | 2689 استماع |
كتاب الترجل - كتاب الخاتم | 2318 استماع |
كتاب الصلاة [21] | 2312 استماع |
كتاب الأيمان والنذور [2] | 2305 استماع |
كتاب الطهارة [9] | 2297 استماع |
كتاب الطهارة [2] | 2222 استماع |
كتاب الطهارة [4] | 2166 استماع |
كتاب الصلاة [20] | 2130 استماع |
كتاب الصلاة [6] | 2119 استماع |