كتاب العلم


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فقد قال الإمام أبو داود رحمه الله تعالى: [بسم الله الرحمن الرحيم.

أول كتاب العلم.

حدثنا مسدد بن مسرهد قال: حدثنا عبد الله بن داود سمعت عاصم بن رجاء بن حيوة يحدث عن داود بن جميل عن كثير بن قيس قال: ( كنت جالساً مع أبي الدرداء في مسجد دمشق فجاءه رجل، فقال: يا أبا الدرداء! إني جئتك من مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم لحديث بلغني أنك تحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جئت لحاجة, قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سلك طريقاً يطلب فيه علماً سلك الله به طريقاً من طرق الجنة, وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاً لطالب العلم, وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء, وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب, وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً, ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر ).

حدثنا محمد بن الوزير الدمشقي قال: حدثنا الوليد قال: لقيت شبيب بن شيبة فحدثني به عن عثمان بن أبي سودة عن أبي الدرداء بمعناه، يعني: عن النبي صلى الله عليه وسلم.

حدثنا أحمد بن يونس قال: حدثنا زائدة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما من رجل يسلك طريقاً يطلب فيه علماً إلا سهل الله عز وجل له طريقاً إلى الجنة, ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه )].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عمرو بن عون قال: أخبرنا , وحدثنا مسدد قال: حدثنا خالد المعنى عن بيان بن بشر , قال: مسدد أبو بشر عن وبرة بن عبد الرحمن عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال: ( قلت للزبير: ما يمنعك أن تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يحدث عنه أصحابه؟ فقال: أما والله لقد كان لي منه وجه ومنزلة، ولكني سمعته يقول: من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ) ].

ولازم ذلك ومفهومه: أن من صدق على النبي صلى الله عليه وسلم وحدث عنه فليتبوأ مقعده من الجنة؛ وذلك أن العقوبة يقابلها فضل يقابل ذلك العمل.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن محمد بن يحيى أبو محمد قال: حدثنا يعقوب بن إسحاق المقرئ قال: حدثنا سهيل بن مهران قال: حدثنا أبو عمران عن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من قال في كتاب الله عز وجل برأيه فأصاب فقد أخطأ ) ].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عمرو بن مرزوق قال: أخبرنا شعبة عن أبي عقيل هاشم بن بلال عن سابق بن ناجية عن أبي سلام عن رجل خدم النبي صلى الله عليه وسلم: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا حدث حديثاً أعاده ثلاث مرات )].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن منصور الطوسي قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة، قال: ( جلس أبو هريرة إلى جنب حجرة عائشة رضي الله عنها وهي تصلي, فجعل يقول: اسمعي يا ربة الحجرة مرتين, قال: فلما قضت صلاتها قالت: ألا تعجب إلى هذا وحديثه, إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحدث الحديث لو شاء العاد أن يحصيه أحصاه ).

حدثنا سليمان بن داود المهري قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب أن عروة بن الزبير حدثه، أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: ( ألا يعجبك أبو هريرة , جاء فجلس إلى جانب حجرتي يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمعني ذلك وكنت أسبح, فقام قبل أن أقضي سبحتي, ولو أدركته لرددت عليه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يسرد الحديث سردكم )].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي قال: أخبرنا عيسى عن الأوزاعي عن عبد الله بن سعد عن الصنابحي عن معاوية : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الغلوطات ) ].

المراد بالأغلوطات، هي: المسائل التي لا يستفاد منها؛ كأسئلة التعجيز, وأسئلة الاختبار والامتحان, والتنطع, وإظهار العلم وغير ذلك, هذه من الأغلوطات المنهي عنها.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ قال: حدثنا سعيد -يعني: ابن أبي أيوب- عن بكر بن عمرو عن مسلم بن يسار أبي عثمان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من أفتى ), ح وحدثنا سليمان بن داود قال: أخبرنا ابن وهب قال: حدثني يحيى بن أيوب عن بكر بن عمرو عن عمرو بن أبي نعيمة عن أبي عثمان الطنبذي رضيع عبد الملك بن مروان قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من أفتى بغير علم كان إثمه على من أفتاه ), زاد سليمان المهري في حديثه: ( ومن أشار على أخيه بأمر يعلم أن الرشد في غيره فقد خانه ), وهذا لفظ سليمان ].

وليس هذا مسوغاً للإنسان أن يستفتي ما شاء من الناس, بل لا بد أن يحتاط لدينه, فإذا أخطأ من أفتاه فحينئذ يتحمل من أفتاه ذلك الخطأ وهو يبرأ؛ لأنه استفرغ وسعه باختيار من يسأل من أهل العلم.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد قال: أخبرنا علي بن الحكم عن عطاء عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة )].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا زهير بن حرب و عثمان بن أبي شيبة قالا: حدثنا جرير عن الأعمش عن عبد الله بن عبد الله عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( تسمعون ويسمع منكم, ويسمع ممن سمع منكم ).

حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن شعبة قال: حدثني عمر بن سليمان من ولد عمر بن الخطاب عن عبد الرحمن بن أبان عن أبيه عن زيد بن ثابت قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( نضر الله امرأ سمع منا حديثاً فحفظه حتى يبلغه, فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه, ورب حامل فقه ليس بفقيه ).

حدثنا سعيد بن منصور قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه عن سهل -يعني: ابن سعد- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( والله لأن يهدى بهداك رجل واحد خير لك من حمر النعم )].