أرشيف المقالات

المجاعة في الصومال.. والتحرك الإسلامي

مدة قراءة المادة : 9 دقائق .


اجتاحت موجهة الجفاف منطقة القرن الإفريقي كواحدة من أسوا الكوارث الطبيعية والإنسانية التي يشهدا العالم مند 60 عاماً واضعة 12 مليون شخص وجهاً لوجه مع الجوع والمرض والخوف مما دفع برئيس وزراء جمهورية الصومال، عبد الولي محمد علي إلى توجيه نداء عاجل إلى منظمة التعاون الإسلامي، ومنظمة الأمم المتحدة، وبرنامج الغذاء العالمي، والمنظمات الإنسانية الخيرية أن تهب لنجدة الشعب الصومالي مؤكداً فيه إن هؤلاء النازحين لن ينجوا من الموت إذا لم تنقذهم قدرة الله ولم تصل إليهم يد العون والمساعدة من حكومات وشعوب الدول الإسلامية.

وقدرت الأمم المتحدة الاحتياج الفعلي لدرء خطر المجاعة عن الصومال وعدد من دول القرن الإفريقي الأخرى بما لا يقل عن (1.6) مليار دولار.
وقد فاقم المشكلة في الصومال العمليات المسلحة والارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية التي وصلت إلى نسبة 400% في الأشهر الستة الماضية.
وعلى الفور واستشعاراً للواجب الذي تمليه أخوة الدين والضمير الإنساني بادرت عدة من المنظمات والهيئات الإسلامية بالتحرك لأنقاد الشعب الصومالي المسلم، وناشد عدد من الدعاة والمفتين الحكومات، والشعوب الإسلامية بالمسارعة لإغاثة وكفاية المنكوبين من الصدقات والزكوات وخاصة في هذا الشهر الفضيل.


منظمة التعاون الإسلامي:
كان من أول المبادرين الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي البروفيسور أكمل الدين إحسان أوغلو الذي أعن الصومال منطقة مجاعة وحث على الفور الأطراف الصومالية على وقف الاقتتال والسماح للمنظمات الدولية بإدخال المساعدات وتوزيعها على المتضررين.
وعقدت المنظمة اجتماعاً في اسطنبول لبحث سبل مكافحة المجاعة في الصومال وقرر المجتمعون تأسيس تحالف منظمة التعاون الإسلامي للإغاثة ومقره مكتب المنظمة للشؤون الإنسانية في مقاديشو لتنسيق الأعمال الإنسانية في الصومال أو أي بلد تتعرض لكوارث إنسانية في الوقت الحاضر.

كما أطلق المشاركون حملة إنسانية تحت مسمى " أيام العطاء" تمتد طوال شهر رمضان المبارك وبعده لجمع التبرعات والمساعدات في العالم الإسلامي وإيصالها إلى الصومال.
وتتوقع المنظمة أن تبلغ قيمة التبرعات ملايين الدولارات.

ورحب إحسان اوغلو في البيان الختامي للاجتماع بقرار السعودية تخصيص 60 مليون دولار (42 مليون يورو) لتقديم مساعدة طارئة إلى الصومال، وبهبة بقيمة عشرة ملايين دولار (سبعة ملايين يورو) قدمتها الكويت.

و بدأ وفد تابع لمنظمة التعاون الإسلامي بتوزيع المساعدات الإنسانية على النازحين في المخيمات المحيطة بالعاصمة الصومالية.

جهود إغاثية:
هيئة الإغاثة الإسلامية:
وقدّمت هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية التابعة لرابطة العالم الإسلامي مساعدات غذائية للصومال بالتعاون مع المنظمات العالمية حيث وزعت كميات متنوعة من المواد الغذائية على المتأثرين من هذه المجاعة.
وقامت مؤخراً بإرسال (235) طناً من المواد الغذائية المختلفة وزعتها من خلال مكاتبها في مقديشو وهرجيسا.
وتساهم الهيئة في توفير مياه الشرب النقية للمتضررين عن طريق من خلال حفر الآبار لهم في ظل الجفاف السائد وعدم توفر مياه شرب نقية الأمر الذي أدى إلى تفشي الأمراض والأوبئة.


الندوة العالمية للشباب الإسلامي:
كرست الندوة العالمية للشباب أنشطتها في الصومال لتقديم المواد الإغاثية للجياع والنازحين من خلال المخيمات التي أقامتها لهذا الغرض.
وأكدت الندوة أنها تستقبل التبرعات لإغاثة الصومال، نقدياً داخل مكاتبها الرئيسة أو الفروع المنتشرة لها في المملكة.
وأعلنت الندوة عن تبرعها بمبلغ أربعة ملايين ريال لصالح حملة أيام العطاء التي أطلقتها منظمة التعاون الإسلامي مطلع لمواجهة الأزمة الإنسانية الكارثية في الصومال.


غزة المحاصرة تمد يد العون:
وبهدف إظهار أن غزة المحاصرة الجريحة تشارك الأمة آلامها ومعاناتها وتسهم في رفع الظلم عن غيرها أطلق اتحاد الأطباء العرب في غزة حملة: "من غزة إلى الصومال يداً بيد لننقذ أطفال الصومال" ستستمر لما بعد شهر رمضان وقد أعلن الاتحاد عن جمع 17 ألف دولار منذ مطلع شهر رمضان من أجل المساهمة في إغاثة منكوبي المجاعة في الصومال.


وفي إطار حملات المساعدة أطلقت مؤسسة الشئون الدينية التركية حملة للتبرع بمبلغ 5 ليرات "نحو 3 دولارات" من كل مواطن عبر رسالة قصيرة عبر الهاتف الجوال باسم "أفريقيا"، كما قدمت مؤسسة حقوق الإنسان والمساعدات الانسانية "آى إتش إتش" 3 آلاف طن من الغذاء لشعب الصومال.
أما الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية بالكويت فسارعت في إرسال وفد إغاثي إلى الصومال ونفذت حزمة مشاريع بينها حفر الآبار وتقديم سلال غذائية وتنظيم قوافل طبية لفحص المرضى وتزويدهم بالأدوية والعلاج اللازم.


مناشدات إسلامية:
الشيخ سعد البريك وسلمان العودة:
وناشد فضيلة الشيخ الدكتور سعد البريك خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ولاة الأمر إلى التدخل العاجل يتبنى حملة إنقاذ للشعب الصومالي، كما دعا المسلمين إلى التحرك وبسرعة لإنهاء تلك الكارثة.
وقال البريك: "إن الشعب السعودي يتقطع حسرة وهو يرى مشاهد ما يجري في هذا البلد المسلم".
وناشد كافة المسلمين قائلاً: "يا أحبابي يا إخواني، نحن أمام كارثة، ومن يتفرج على كربة أخيه، يدفع الغرامة ضعفين".


ووصف فضيلة الشيخ سلمان بن فهد العودة الأمين العام المساعد للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أنَّ مجاعة القرن الأفريقي عار على النظام العربي والإسلامي.
ودعا الجمعيات والمؤسسات الخيريَّة لأن تُبادر للميدان وتسهل للداعمين الوصول للمحتاجين كما دعا رواد الأعمال الخيرية في الخليج خاصة لإطلاق حملة إغاثيَّة.


الشيخ محمد حسان:
ودعا الشيخ محمد حسان الداعية الإسلامي المعروف إخراج زكاة المال لأهالي الصومال معللاً ذلك بأن الاحتياج في تلك البلاد أشد من حالة احتياج فقراء المسلمين المتواجدين في بلادنا، وأن العلماء أصدروا فتوى بجواز إخراج الزكاة في بلد آخر غير بلد المزكي.


مفتي مصر ولبنان:
وجه الدكتور علي جمعة مفتي مصر نداء لأغنياء العالم الإسلامي وللمنظمات الإغاثية والخيرية في العالم الإسلامي بأن يكثفوا من جهودهم وتبرعاتهم لإغاثة إخوانهم المنكوبين في الصومال، وقال إن إغاثة وكفاية المنكوبين في الصومال في هذه الآونة من أموال الزكاة والصدقات والتبرعات هي من أهم وأولى وجوه الإنفاق.

أما الشيخ محمد رشيد قباني مفتي لبنان فأطلق حملة لإغاثة الشعب الصومالي ودعا اللبنانيين إلى تقديم كل ما أمكن لإغاثة إخوانهم في الصومال وطلب جميع خطباء وأئمة المساجد في لبنان التطرق إلى موضع دعم الشعب الصومالي في خطبة الجمعة وحث المسلمين على التبرع بما تجود به أنفسهم.

الإخوان المسلمين واتحاد علماء المسلمين:
وجاءت مناشدة جماعة الإخوان المسلمين في مصر عن طريق مرشدهم العام الدكتور محمد بديع في ندائه للمصرين والعرب والمسلمين بالتبرع لإنقاذ الملايين في الصومال واصفاً الوضع فيه بأنه كارثة تعتبر عارا في حق الإنسانية ما لم يتحمل كل فرد مسئوليته ولو اقتضى الأمر اقتسام رغيف خبز مع إخوانه في الإنسانية.

أما الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فقد ناشد المسلمين في كل مكان والمنظمات الإغاثية والخيرية والحكومات الإسلامية إلى إغاثة الشعب الصومال وإنقاذه من الجوع والمرض، كما طالب الحكومة الصومالية والمتقاتلين على ساحات الصومال أن يتقوا الله في شعبهم وأن يستعملوا قيمة المصروفات العسكرية في سد حاجيات شعبهم الجائع، وطالبهم بأن يعلنوا شهر رمضان -على الأقل- شهر مصالحة وهدنة.

ونظراً لتفاقم الأزمة في الصومال والخطر الذي يهدد آلاف السكان في تلك المناطق بالموت جوعاً وخاصة الأطفال، فإن الحاجة لا تزال ماسة إقامة حملا شعبية واسعة لإيصال المساعدات العاجلة للشعب المنكوب ودعم الجمعيات الخيرية العاملة في الساحة الصومالية وخاصة في هذا الشهر الكريم في ظل تباطؤ المجتمع الدولي وتزايد المخاطر بأن يقضي الجفاف والجوع والمرض على شتى صور الحياة المتبقية.


موقع المسلم
15/9/1432 هـ

 

شارك الخبر

ساهم - قرآن ١