كتاب البيوع [2]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فقد قال الإمام أبو داود رحمه الله تعالى: [باب: في كسب المعلم

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع وحميد بن عبد الرحمن الرواسي عن مغيرة بن زياد عن عبادة بن نسي عن الأسود بن ثعلبة عن عبادة بن الصامت قال: ( علمت ناساً من أهل الصفة الكتاب والقرآن، فأهدى إلي رجل منهم قوساً، فقلت: ليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله عز وجل, لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأسألنه, فأتيته فقلت: يا رسول الله, رجل أهدى إلي قوساً ممن كنت أعلمه الكتاب والقرآن وليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله؟ قال: إن كنت تحب أن تطوق طوقاً من نار فاقبلها ).

حدثنا عمرو بن عثمان وكثير بن عبيد قالا: حدثنا بقية قال: حدثني بشر بن عبد الله بن يسار، قال عمرو: حدثني عبادة بن نسي عن جنادة بن أبي أمية عن عبادة بن الصامت نحو هذا الخبر, الأول أتم, ( فقلت: ما ترى فيها يا رسول الله؟ فقال: جمرة بين كتفيك تقلدتها أو تعلقتها ) ].

والأفضل في ذلك أن الإنسان يتورع عن أخذ المال على العلم والقرآن والدعوة إلى الله سبحانه وتعالى؛ حياطة لدينه وبراءة لذمته, وكذلك صيانة للحق الذي أنزله الله عز وجل على عباده؛ وذلك حتى لا يميل الإنسان بالحق لأجل الدنيا, وإذا تعطلت المصالح أو عجز الإنسان عن القيام بنفسه فلا حرج عليه أن يأخذ أجراً.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في كسب الأطباء

حدثنا مسدد قال: حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن أبي المتوكل عن أبي سعيد الخدري: ( أن رهطاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم انطلقوا في سفرة سافروها, فنزلوا بحي من أحياء العرب, فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم, قال: فلدغ سيد ذلك الحي, فشفوا له بكل شيء لا ينفعه شيء, فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا بكم لعل أن يكون عند بعضهم شيء ينفع صاحبكم, فقال بعضهم: إن سيدنا لدغ فشفينا له بكل شيء فلا ينفعه شيء, فهل عند أحد منكم شيء يشفي صاحبنا؟ يعني: رقية, فقال رجل من القوم: إني لأرقي, ولكن استضفناكم فأبيتم أن تضيفونا، ما أنا براق حتى تجعلوا لي جعلاً, فجعلوا له قطيعاً من الشاء, فأتاه فقرأ عليه بأم الكتاب ويتفل حتى برئ كأنما أنشط من عقال, فأوفاهم جعلهم الذي صالحهم عليه, فقال: اقتسموا, فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنستأمره, فغدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أين علمتم أنها رقية؟ أحسنتم واضربوا لي معكم بسهم ) ].

والبعض يستدل بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله ), يستدل بذلك على أخذ الأجر على تعليم القرآن وغير ذلك, نقول: هذا ليس هو التعليم, وإنما هو التطبب والعلاج, ويظهر هذا في الترجمة في قوله: باب كسب الأطباء.

مداخلة: أليست العبرة بعموم اللفظ؟

الشيخ: نعم؟

مداخلة: اللفظ عام.

الشيخ: لا, الله عز وجل ذكر في سورة الشعراء نوحاً وهوداً وصالحاً ولوطاً وشعيباً وعن نبينا عليه الصلاة والسلام قوله جل وعلا: وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ [الشعراء:109].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أخيه معبد بن سيرين عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث.

حدثنا عبيد الله بن معاذ قال: حدثنا أبي قال: حدثنا شعبة عن عبد الله بن أبي السفر عن الشعبي عن خارجة بن الصلت عن عمه: ( أنه مر بقوم فأتوه، فقالوا: إنك جئت من عند هذا الرجل بخير فارق لنا هذا الرجل, فأتوه برجل معتوه في القيود، فرقاه بأم القرآن ثلاثة أيام غدوة وعشية، وكلما ختمها جمع بزاقه ثم تفل فكأنما أنشط من عقال فأعطوه شيئاً, فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكره له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كل, فلعمري لمن أكل برقية باطل لقد أكلت برقية حق )].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في كسب الإماء

حدثنا عبيد الله بن معاذ قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا شعبة عن محمد بن جحادة قال: سمعت أبا حازم سمع أبا هريرة قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كسب الإماء ).

حدثنا هارون بن عبد الله قال: حدثنا هاشم بن القاسم قال: حدثنا عكرمة قال: حدثني طارق بن عبد الرحمن القرشي قال: ( جاء رافع بن رفاعة إلى مجلس الأنصار، فقال: لقد نهانا نبي الله صلى الله عليه وسلم اليوم فذكر أشياء ونهى عن كسب الأمة إلا ما عملت بيدها, وقال هكذا بأصابعه نحو الخبز والغزل والنفش ) ].

وذلك أنه يشتهر في الجاهلية أنهم كانوا يتاجرون بالإماء إلى البغي, فيأخذون منهن أموالاً, فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كسب الإماء إلا ما عملت بيدها من صناعة أو حرفة أو طبخ ونحو ذلك.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا ابن أبي فديك عن عبيد الله -يعني: ابن هرير- عن أبيه عن جده رافع -هو: ابن خديج- قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كسب الأمة حتى يعلم من أين هو )].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في حلوان الكاهن

حدثنا قتيبة عن سفيان عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( أنه نهى عن ثمن الكلب, ومهر البغي, وحلوان الكاهن )].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في عسب الفحل

حدثنا مسدد بن مسرهد قال: حدثنا إسماعيل عن علي بن الحكم عن نافع عن ابن عمر قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عسب الفحل )].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في الصائغ

حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد قال: أخبرنا محمد بن إسحاق عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبي ماجدة قال: ( قطعت من أذن غلام أو قطع من أذني, فقدم علينا أبو بكر حاجاً فاجتمعنا إليه, فرفعنا إلى عمر بن الخطاب، فقال عمر: إن هذا قد بلغ القصاص, ادعوا لي حجاماً ليقتص منه, فلما دعي الحجام قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إني وهبت لخالتي غلاماً وأنا أرجو أن يبارك لها فيه, فقلت لها: لا تسلميه حجاماً ولا صائغاً ولا قصاباً ).

قال أبو داود: روى عبد الأعلى عن ابن إسحاق على ابن ماجدة.

حدثنا يوسف بن موسى قال: حدثنا سلمة بن الفضل قال: حدثنا ابن إسحاق عن العلاء بن عبد الرحمن الحرقي عن ابن ماجدة السهمي عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.

حدثنا الفضل بن يعقوب قال: حدثنا عبد الأعلى عن محمد بن إسحاق قال: حدثنا العلاء بن عبد الرحمن عن ابن ماجدة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في العبد يباع وله مال

حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من باع عبداً وله مال فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع, ومن باع نخلاً مؤبراً فالثمرة للبائع إلا أن يشترط المبتاع ).

حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع عن ابن عمر عن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بقصة العبد.

وعن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم بقصة النخل.

قال أبو داود: واختلف الزهري و نافع في أربعة أحاديث، هذا أحدها.

حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن سفيان قال: حدثني سلمة بن كهيل قال: حدثني من سمع جابر بن عبد الله يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من باع عبداً وله مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع )].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في النهي عن النجش

حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح قال: حدثنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا تناجشوا )].