كتاب الجنائز


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فقد قال الإمام أبو داود رحمه الله تعالى: [ أول كتاب الجنائز، باب الأمراض المكفرة للذنوب

حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي قال: حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق قال: حدثني رجل من أهل الشام يقال له: أبو منظور عن عمه قال: حدثني عمي عن عامر الرام أخي الخضر .

قال النفيلي: هو الخضر ولكن كذا قال, قال: ( إني لببلادنا إذ رفعت لنا رايات وألوية, فقلت: ما هذا؟ قالوا: هذا لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم, فأتيته وهو تحت شجرة قد بسط له كساء وهو جالس عليه، وقد اجتمع إليه أصحابه فجلست إليهم, فذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسقام فقال: إن المؤمن إذا أصابه السقم ثم عافاه الله منه كان كفارة لما مضى من ذنوبه، وموعظة له فيما يستقبل, وإن المنافق إذا مرض ثم أعفي كان كالبعير عقله أهله ثم أرسلوه، فلم يدر لم عقلوه ولم يدر لم أرسلوه, فقال رجل ممن حوله: يا رسول الله, وما الأسقام؟ والله ما مرضت قط, قال: قم عنا فلست منا, فبينا نحن عنده إذ أقبل رجل عليه كساء، وفي يده شيء قد التف عليه, فقال: يا رسول الله, إني لما رأيتك أقبلت فمررت بغيضة شجر، فسمعت فيها أصوات فراخ طائر فأخذتهن فوضعتهن في كسائي, فجاءت أمهن فاستدارت على رأسي فكشفت لها عنهن فوقعت عليهن معهن فلففتهن بكسائي فهن أولاء معي, قال: ضعهن عنك فوضعتهن وأبت أمهن إلا لزومهن, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: أتعجبون لرحم أم الأفراخ فراخها؟ قالوا: نعم يا رسول الله, قال: فوالذي بعثني بالحق لله أرحم بعباده من أم الأفراخ بفراخها, ارجع بهن حتى تضعهن من حيث أخذتهن وأمهن معهن, فرجع بهن ) ].

هذا الحديث لا يصح؛ لأنه مسلسل بالمجاهيل.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي وإبراهيم بن مهدي المصيصي المعنى قالا: حدثنا أبو المليح عن محمد بن خالد. قال إبراهيم السلمي: عن أبيه عن جده ( وكانت له صحبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن العبد إذا سبقت له من الله منزلة لم يبلغها بعمله ابتلاه الله في جسده أو في ماله أو في ولده - زاد ابن نفيل: ثم صبره على ذلك, ثم اتفقا - حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له من الله جل وعز )].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: عيادة النساء

حدثنا سهل بن بكار عن أبي عوانة عن عبد الملك بن عمير عن أم العلاء قالت: ( عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مريضة فقال: أبشري يا أم العلاء فإن مرض المسلم يذهب الله به خطاياه كما تذهب النار خبث الذهب والفضة ).

حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى، ح وحدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا عثمان بن عمر .

قال أبو داود: وهذا لفظ ابن بشار عن أبي عامر الخزاز عن ابن أبي مليكة عن عائشة قالت: ( قلت: يا رسول الله, إني لأعلم أشد آية في القرآن؟ قال: أي آية يا عائشة ؟ قالت: مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ [النساء:123], قال: أما علمت يا عائشة أن المؤمن تصيبه النكبة أو الشوكة فيكافئ بأسوأ عمله, ومن حوسب عذب, قالت: أليس الله يقول: فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا [الانشقاق:8], قال: ذاكم العرض يا عائشة, من نوقش الحساب عذب ).

قال أبو داود: وهذا لفظ ابن بشار قال: حدثنا ابن أبي مليكة.]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في العيادة

حدثنا عبد العزيز بن يحيى قال: حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عروة عن أسامة بن زيد قال: ( خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود عبد الله بن أبي في مرضه الذي مات فيه، فلما دخل عليه عرف فيه الموت قال: قد كنت أنهاك عن حب يهود, قال: فقد أبغضهم أسعد بن زرارة فمه؟ فلما مات أتاه ابنه فقال: يا رسول الله, إن عبد الله بن أبي قد مات فأعطني قميصك أكفنه فيه, فنزع رسول الله صلى الله عليه وسلم قميصه فأعطاه إياه ) ].

في هذا جملة من المسائل: منها: زيارة المنافق وعيادته في مرضه؛ كما زار النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أبي.

ومنها أن من أمارات المنافق أنه يحب أهل الكتاب من اليهود والنصارى, ولهذا ذكره بما عليه, فيزار ويذكر وينصح ويبين له الحق برفقه؛ تأليفاً لقلبه وكذلك إعادة له إلى دائرة الحق.

ومنها الهدية للمنافق تأليفاً لقلبه ولقلب من حوله, وأنه لا حرج في هذا.

وابن عبد الله بن أبي من كبار الصحابة ومن فضلائهم وأجلهم, ( وقد استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في قتل أبيه, وكان باراً بأبيه, وقال للنبي صلى الله عليه وسلم, قال: إن أهل المدينة يعلمون أنه ما من أحد أبر بأبيه مني, وذلك لما قدم من تبوك، فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قال مقولته في رسول الله صلى الله عليه وسلم: يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ[المنافقون:8] ), وفي هذا الحمية للدين مهما بلغ القرب؛ لأن الأخوة الإسلامية أعظم من الرحم والنسب.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: المشي في العيادة

حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يعودني ليس براكب بغل ولا برذون )].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في فضل العيادة

حدثنا محمد بن عوف الطائي قال: حدثنا الربيع بن روح بن خليد قال: حدثنا محمد بن خالد قال: حدثنا الفضل بن دلهم الواسطي عن ثابت البناني عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من توضأ فأحسن الوضوء، وعاد أخاه المسلم محتسباً، بوعد من جهنم مسيرة سبعين خريفاً, قلت: يا أبا حمزة, وما الخريف؟ قال: العام ) ].

هذا الحديث منكر, تفرد به الفضل بن دلهم الواسطي وهو منكر الحديث, ولا يثبت مشروعية الوضوء لزيارة وعيادة المريض.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا شعبة عن الحكم عن عبد الله بن نافع عن علي قال: ( ما من رجل يعود مريضاً ممسياً إلا خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يصبح، وكان له خريف في الجنة, ومن أتاه مصبحاً خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يمسي، وكان له خريف في الجنة ).

حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو معاوية قال: حدثنا الأعمش عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه لم يذكر الخريف.

قال أبو داود: رواه منصور عن الحكم كما رواه شعبة .

حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا جرير عن منصور عن الحكم عن أبي جعفر عبد الله بن نافع قال: وكان نافع غلام الحسن بن علي قال: جاء أبو موسى الحسن يعوده. وساق معنى حديث شعبة.

قال أبو داود: وأسند هذا عن علي من غير وجه صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في العيادة مراراً

حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا عبد الله بن نمير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: ( لما أصيب سعد بن معاذ يوم الخندق، رماه رجل في الأكحل، فضرب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خيمة في المسجد ليعوده من قريب )].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: العيادة من الرمد

حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي قال: حدثنا حجاج بن محمد عن يونس بن أبي إسحاق عن أبيه عن زيد بن أرقم قال: ( عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجع كان بعيني )].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: الخروج من الطاعون

حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن عبد الله بن عباس ( أن عمر بن الخطاب جاء إلى الشام حتى إذا كان بسرم لقيه أمراء الأجناد أبو عبيدة بن الجراح وغيره, فأخبروه أن الوباء قد وقع بالشام فاختلفوا عليه, فجاء عبد الرحمن بن عوف وكان متغيب في بعض حاجته, فقال: إن عندي من هذا علماً؛ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه, وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً ) ].