خطب ومحاضرات
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب المياه - حديث 1-2
الحلقة مفرغة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.
أما بعد: فالموضوع الذي سنتطرق له اليوم إن شاء الله تعالى هو البحث في كتاب الطهارة، (باب: المياه)، وسنبدأ بالحديث الأول والثاني إن شاء الله.
بسم الله الرحمن الرحيم..
[عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في البحر: ( هو الطهور ماؤه، الحل ميتته )].
وهذا الحديث له قصة، وهي: ( أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال صلى الله عليه وسلم: هو الطهور ماؤه، الحل ميتته ).
تخريج الحديث
وذكره أيضاً ابن أبي شيبة، وذلك في كتابه المصنف في الأحاديث والآثار، وذكره أيضاً مالك في الموطأ , والشافعي في السنن , وأحمد في المسند , وقد رواه غير هؤلاء الثمانية: ابن حبان وابن خزيمة والحاكم وابن الجارود والبيهقي والدارقطني وغيرهم.
ومما يجب أن يعلم أن كثرة مصادر الحديث لا تزيده قوة. فقد يكون الحديث في مصادر عديدة بإسناد واحد، فلا يستفيد من قولنا: رواه فلان وفلان قوة؛ ولذلك لابد أن يُثنى بذكر من صحح الحديث من الأئمة؛ لأننا في مجال البحث في الأحكام, ولابد أن ندرك صحة الحديث.
فقد صحح الحديث جمع من الأئمة يربو عددهم على عدد من خرجوه.
ذكر المصنف رحمه الله ممن صحح الحديث: ابن خزيمة , فقد رواه ابن خزيمة في صحيحه، وقد صححه البخاري كما ذكر الترمذي في علله , قال: سألت البخاري عن هذا الحديث؟ فقال: هو حديث صحيح, وصححه الترمذي أيضاً، والبغوي وابن منده وابن المنذر وابن حبان والحاكم وابن عبد البر، وصححه من المعاصرين الشيخ ناصر الدين الألباني .
ومدار هذا الحديث وإسناده هو على صفوان بن سليم عن سعيد بن سلمة عن المغيرة بن أبي بردة عن أبي هريرة رضي الله عنه، وهذا يؤكد لكم ما سبق من أن كثرة مخارج الحديث لا تزيده قوة بالاضطرار، فهذا الحديث في هذه المصادر مداره على صفوان بن سليم عن سعيد بن سلمة عن المغيرة بن أبي بردة، فلو كان أحد هؤلاء الرجال ضعيفاً للزم من ذلك تضعيف الحديث، ولكن هؤلاء الرجال كلهم ثقات معروفون، ولذلك صححه هذا الجمع الكبير من الأئمة.
وهذا المعنى الوارد في ماء البحر لم ينفرد بروايته أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل ورد عن جمع من الصحابة رواية هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه وسلم، فرواه أيضاً جابر بن عبد الله وأبو بكر وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن عباس , وصحابي اسمه الفراسي وأنس بن مالك رضي الله عنه.
فهؤلاء ثمانية كلهم مع أبي هريرة وهو تاسعهم رووا هذا المعنى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي كلها شواهد لحديث أبي هريرة، إلا أن حديث أنس بن مالك لا يصلح لأن يستشهد به؛ لأن فيه راوياً متروكاً, وهو أبان بن أبي عياش.
الفرق بين المتابع والشاهد
الفائدة الأولى: أن الحديث إذا ورد عن صحابي ثم ورد عن صحابي آخر كان هذا شاهداً للحديث الأول. بمعنى: إذا ورد حديث عن أبي هريرة ثم ورد نفس الحديث أو ورد الحديث نفسه عن ابن عباس أو ابن عمر سمينا حديث ابن عمر أو ابن عباس شاهداً لحديث أبي هريرة , وسمينا حديث أبي هريرة شاهداً لحديث ابن عمر.
أما لو ورد الحديث عن صحابي واحد من طريقين فالحديث مثلاً عن سهل بن سعد , ولكن رواه عن سهل بن سعد تابعيان، أو روي بإسنادين مختلفين، فهل يسمى أحدهما شاهداً للآخر؟ تقولون: لا، هذا صحيح لا يسمى شاهداً, بل يسمى متابعاً.
إذاً: إذا كان الحديث بإسنادين عن صحابي واحد فأحدهما متابع للآخر، أما إن كان بإسنادين عن صحابيين مختلفين فأحدهما شاهد للآخر. هذه الفائدة الأولى.
الأحاديث التي لا تصلح للاستشهاد بها
فإذا كان في إسناد الحديث راو متروك فهذا الإسناد لا يعبأ به, ولو جاء الحديث من عشر طرق أو أكثر في كل طريق منها راوٍ متروك ما ازداد الحديث بهذه الطرق قوة، أما لو كان في الإسناد راو ضعيف -ضعيف الحفظ- لكنه ليس كذاباً ولا متهماً بالكذب فيتقوى الحديث بكثرة طرقه.
هذا فيما يتعلق بثبوت الحديث، وبذلك تبين لكم أن الحديث ثابت بلا شك، بل ثبت بأقل من ذلك.
ذكر سبب الحديث واسم السائل عن حكم ماء البحر
إذاً: هو عبد أبو زمعة البلوي، ولا يمنع أن يصغر فيسمى عبيداً , أو يضاف فيقال: عبد الله أو عبيد الله، والخلاف في اسمه يسير؛ لأنه لا يترتب عليه كبير غناء، وإن كان ما دامت معرفته ميسورة فلا بأس بها.
فوائد الحديث
أولاً: هذه صيغة السؤال, ومنها يؤخذ فائدة في طريقة الاستفتاء، وهي: أن السائل أو المستفتي ينبغي له أن يفصل في السؤال, ويذكر كل ما يتعلق به مما يغلب على ظنه أن له تأثيراً في الحكم؛ ولذلك ذكر هذا الرجل الحال ووصفها أبلغ وصف، فذكر أنهم يركبون البحر، وكأن هذا لحاجتهم في السفر والذهاب والإياب للتجارة, أو لحمل الناس من ساحل إلى آخر، وأنهم يحملون معهم شيئاً من الماء، فلو توضئوا بهذا الماء لعطشوا ولم يجدوا ما يشربونه, فهم حينئذٍ مضطرون إلى أن يتوضئوا بماء البحر، أو أن يحملوا معهم شيئاً من التراب ليتيمموا به، فمهد للسؤال بهذه الأشياء التي ربما ظن أن لها تأثيراً في الحكم, ( أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هو الطهور ماؤه الحل ميتته ).
وها هنا سؤال: لم يجب النبي صلى الله عليه وسلم هذا الرجل بقوله: نعم. وهو الذي أوتي جوامع الكلم، بل أجابه بجواب آخر، فقال: ( هو الطهور ماؤه الحل ميتته ). فلماذا عدل النبي صلى الله عليه وسلم عن الجواب بنعم إلى هذا الجواب؟ لماذا عدل صلى الله عليه وسلم؟ نعم يا أخي!
الحكمة الأولى: لأن النبي صلى الله عليه وسلم لو قال له: (نعم) لربما فُهم من ذلك أن جواز الوضوء بماء البحر خاص بحالة الضرورة التي سأل عنها السائل, أنه يركب البحر وليس معه إلا ماء قليل، فلو توضأ به لعطش، فلا يكون عاماً في حالة الضرورة وغيرها. فلما قال: ( هو الطهور ماؤه ) دل على أن جواز الوضوء بماء البحر عام في حالة الضرورة وفي غيرها.
الحكمة أو الفائدة الثانية: حتى يكون الحكم مقروناً بعلته، فعلة جواز الوضوء بماء البحر هي الطهورية, حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم أومأ إليها حين وصف ماء البحر بأنه طهور، فقرن الحكم مع علته, فعلم من ذلك أن كل ماء طهور يجوز الوضوء به, ولا يستثنى من ذلك شيء أبداً على الإطلاق، فكل ماء طهور يجوز لك أن تتوضأ به ولو لم تكن مضطراً.
الفائدة الثالثة: أنه أراد أن يبين أن استعمال ماء البحر عام في الوضوء وفي غيره من الطهارات؛ لأن السؤال: ( أفنتوضأ )، فلو قال: نعم لربما ظن البعض أن هذا خاص بالوضوء, لكن الغسل مسكوت عنه، فلما قال: ( هو الطهور ماؤه ) دل على أن ماء البحر يمكن استعماله في الوضوء وفي غيره من الطهارات.
هذه ثلاث حكم أو أسرار؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( هو الطهور ماؤه ).
ثم قال صلى الله عليه وسلم: ( الحل ميتته ). ومعنى: ( الحل ميتته ) أي: أن ميتة البحر حلال أكلها، والمقصود بميتة البحر: الحيوانات البحرية التي لا تعيش إلا في البحر، أما حيوانات البر لو ماتت في البحر فهل تكون حلالاً؟ لا. إنما المقصود ما لا يعيش إلا في البحر من الحيوانات كالسمك وغيره.
وها هنا زاد النبي صلى الله عليه وسلم على السؤال، فالسؤال كان عن موضوع الوضوء، فأجابه بما يتعلق بالوضوء, ثم زاده أمراً قد يكون أجنبياً بعض الشيء عن موضوع السؤال، فقال: ( الحل ميتته ). فلماذا أضاف النبي صلى الله عليه وسلم هذه الفائدة للسائل؟
أضاف عليه الصلاة والسلام هذه الفائدة لأن هذا الرجل كان مظنة أن تخفى عليه، أو يخفى عليه حكمها؛ وذلك لأنه سأل عن ماء البحر، مع أن من المعلوم أن الأصل في المياه كلها الطهارة، فما دام خفي عليه حكم ماء البحر مع أن الأصل في المياه الطهارة، فمن باب أولى أن يخفى عليه حكم ميتة البحر, مع أن الأصل في الميتة التحريم, فالميتة محرمة، وميتة البحر مستثناة من ذلك.
إذاً: من خفي عليه حكم استعمال ماء البحر فمن باب أولى أن يخفى عليه حكم ميتة البحر. هذا من جهة.
ومن جهة أخرى فهو يركب البحر, وحاجته ماسة إلى معرفة حكم ميتته, فزاده النبي صلى الله عليه وسلم بذكر هذه الفائدة المتعلقة بالبحر.
ونأخذ من هذا فائدة ذكرها عدد من أهل العلم رحمهم الله، وهي: أنه يجوز للعالم أن يفتي السائل بأكثر مما سأله، بل ينبغي له ذلك إن ظن بالسائل حاجة إلى هذه الزيادة؛ ولذلك بوب الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه في آخر باب من كتاب العلم قال -رحمه الله-: باب من أجاب السائل بأكثر مما سأله، ومن المعلوم عند العلماء أن الإمام البخاري رحمه الله يتفنن في التراجم ويدقق ويذكر فيها فوائد فقهية عميقة، وهذا نموذج لها، فهو عقد هذه الترجمة ثم ساق حديث ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: ( يا رسول الله! ما يلبس المحرم من الثياب؟ فقال صلى الله عليه وسلم: لا يلبس القميص, ولا العمامة, ولا السراويل, ولا البرانس, ولا ثوباً مسه زعفران أو ورس، ومن لم يجد إزاراً فليلبس السراويل، ومن لم يجد نعلين فليلبس الخفين، وليقطعهما حتى يكونا تحت الكعبين ). البخاري رحمه الله ساق هذا الحديث ووضع له هذه الترجمة.
إذاً: المفتي قد يجيب بطريقة أخرى غير ما سأل السائل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لو أراد أن يعدد الثياب التي يلبسها المحرم لطال به المقام ولم يستوفها، لكن الأشياء الممنوعة محصورة، فذكرها حتى يعلم أن ما عداها يجوز لبسه، لكن لا زلنا نسأل من أين أخذ البخاري الفائدة من الحديث؟
الجواب: من قوله: ( ومن لم يجد إزاراً فليلبس السراويل، ومن لم يجد نعلين فليلبس الخفين وليقطعهما ). فهل ابن عمر رحمه الله أو غيره سأل عمن لم يجد؟ كلا. بل الذي ورد في السؤال: ما يلبس المحرم من الثياب؟
وكان يكفي في الإجابة أن يقال: لا يلبس كذا ولا كذا، إنما هو صلى الله عليه وسلم أضاف فائدة جديدة في حالة من لم يجد إزاراً، وفي حالة من لم يجد نعلين.
ونجد أن علماء الأصول رحمهم الله يقولون: يجب أن يكون الجواب مطابقاً للسؤال. وهذا صحيح لكن ليس معنى مطابقة الجواب للسؤال ألا يزيد عليه، وإنما المعنى أن يكون الجواب متضمناً وشاملاً للأمر المسئول عنه، فلا يكون الجواب أجنبياً عن السؤال، أو جواباً عن سؤال آخر، وهذا معلوم أن الجواب يجب أن يكون مطابقاً للسؤال، لكن وجود زيادة في الجواب على ما سأل عليه السائل لا تعارض التطابق، بل من أدب الفتيا أن يذكر المفتي إذا كان هناك مظنة توهم أو حاجة إليها عند السائل.
علاقة حديث: (هو الطهور ماؤه..) بكتاب الطهارة
الجواب: إن جماهير أهل العلم من الصحابة والتابعين والسلف والخلف مطبقون على طهورية ماء البحر, وجواز استعماله في جميع الطهارات، إلا أن الإمام ابن رشد في كتاب بداية المجتهد قال: وذُكر في هذه المسألة خلاف للصدر الأول, ويعني بالصدر الأول الصحابة. نعم. وُجد خلاف، فقد نقل عن ابن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص من الصحابة رضي الله عنهما المنازعة في الوضوء بماء البحر. والاستدلال بحديث النهي عن ركوب البحر، ( وأن تحت البحر ناراً وتحت النار بحراً إلى سبعة أنيار وسبعة أبحر ). وهذا الحديث لا يحتج به, فقد ضعفه البخاري وأبو داود والخطابي، فهو حديث ضعيف ؛ ولذلك فقد يقال أيضاً بضعف الرواية عن ابن عمر وعبد الله بن عمرو في منع الوضوء بماء البحر، وكذلك نقل هذا المذهب عن سعيد بن المسيب وعن الإمام ابن عبد البر المالكي، لكن القول الصحيح الذي يشبه الإجماع من أهل العلم هو جواز الوضوء والغسل بماء البحر؛ لأن ذلك هو الأصل، إضافة إلى ثبوت هذا الحديث الصريح في الموضوع. هذه أهم الفوائد المتعلقة بالحديث.
هذا الحديث فيما يتعلق بمخارجه ومصادره ذكر منها الحافظ رحمه الله: الأربعة، قال: [رواه الأربعة]. وسبق معنا في الدرس الماضي أن الأربعة هم أصحاب السنن، وهم: أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه .
وذكره أيضاً ابن أبي شيبة، وذلك في كتابه المصنف في الأحاديث والآثار، وذكره أيضاً مالك في الموطأ , والشافعي في السنن , وأحمد في المسند , وقد رواه غير هؤلاء الثمانية: ابن حبان وابن خزيمة والحاكم وابن الجارود والبيهقي والدارقطني وغيرهم.
ومما يجب أن يعلم أن كثرة مصادر الحديث لا تزيده قوة. فقد يكون الحديث في مصادر عديدة بإسناد واحد، فلا يستفيد من قولنا: رواه فلان وفلان قوة؛ ولذلك لابد أن يُثنى بذكر من صحح الحديث من الأئمة؛ لأننا في مجال البحث في الأحكام, ولابد أن ندرك صحة الحديث.
فقد صحح الحديث جمع من الأئمة يربو عددهم على عدد من خرجوه.
ذكر المصنف رحمه الله ممن صحح الحديث: ابن خزيمة , فقد رواه ابن خزيمة في صحيحه، وقد صححه البخاري كما ذكر الترمذي في علله , قال: سألت البخاري عن هذا الحديث؟ فقال: هو حديث صحيح, وصححه الترمذي أيضاً، والبغوي وابن منده وابن المنذر وابن حبان والحاكم وابن عبد البر، وصححه من المعاصرين الشيخ ناصر الدين الألباني .
ومدار هذا الحديث وإسناده هو على صفوان بن سليم عن سعيد بن سلمة عن المغيرة بن أبي بردة عن أبي هريرة رضي الله عنه، وهذا يؤكد لكم ما سبق من أن كثرة مخارج الحديث لا تزيده قوة بالاضطرار، فهذا الحديث في هذه المصادر مداره على صفوان بن سليم عن سعيد بن سلمة عن المغيرة بن أبي بردة، فلو كان أحد هؤلاء الرجال ضعيفاً للزم من ذلك تضعيف الحديث، ولكن هؤلاء الرجال كلهم ثقات معروفون، ولذلك صححه هذا الجمع الكبير من الأئمة.
وهذا المعنى الوارد في ماء البحر لم ينفرد بروايته أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل ورد عن جمع من الصحابة رواية هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه وسلم، فرواه أيضاً جابر بن عبد الله وأبو بكر وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن عباس , وصحابي اسمه الفراسي وأنس بن مالك رضي الله عنه.
فهؤلاء ثمانية كلهم مع أبي هريرة وهو تاسعهم رووا هذا المعنى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي كلها شواهد لحديث أبي هريرة، إلا أن حديث أنس بن مالك لا يصلح لأن يستشهد به؛ لأن فيه راوياً متروكاً, وهو أبان بن أبي عياش.
مما سبق نعلم أن هذا يفيدنا أو يذكرنا بفائدتين قد تخفيان على كثير منكم:
الفائدة الأولى: أن الحديث إذا ورد عن صحابي ثم ورد عن صحابي آخر كان هذا شاهداً للحديث الأول. بمعنى: إذا ورد حديث عن أبي هريرة ثم ورد نفس الحديث أو ورد الحديث نفسه عن ابن عباس أو ابن عمر سمينا حديث ابن عمر أو ابن عباس شاهداً لحديث أبي هريرة , وسمينا حديث أبي هريرة شاهداً لحديث ابن عمر.
أما لو ورد الحديث عن صحابي واحد من طريقين فالحديث مثلاً عن سهل بن سعد , ولكن رواه عن سهل بن سعد تابعيان، أو روي بإسنادين مختلفين، فهل يسمى أحدهما شاهداً للآخر؟ تقولون: لا، هذا صحيح لا يسمى شاهداً, بل يسمى متابعاً.
إذاً: إذا كان الحديث بإسنادين عن صحابي واحد فأحدهما متابع للآخر، أما إن كان بإسنادين عن صحابيين مختلفين فأحدهما شاهد للآخر. هذه الفائدة الأولى.
استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الوضوء - حديث 38-40 | 4761 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صلاة الجماعة والإمامة - حديث 442 | 4393 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الوضوء - حديث 57-62 | 4212 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صفة الصلاة - حديث 282-285 | 4094 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الحج - باب فضله وبيان من فرض عليه - حديث 727-728 | 4045 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صلاة التطوع - حديث 405-408 | 4019 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صفة الصلاة - حديث 313-316 | 3972 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الوضوء - حديث 36 | 3916 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب المياه - حديث 2-4 | 3898 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الحج - باب فضله وبيان من فرض عليه - حديث 734-739 | 3877 استماع |