أثر الأفلام على الشباب الإسلامي


الحلقة مفرغة

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:

فيا إخواني الكرام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

أيها الإخوة: إن الصراع بين الإسلام وخصومه صراع قديم، يبدأ منذ الخصومة الأولى بين آدم -عليه السلام- وبين إبليس، ولن ينتهي إلا بنهاية وجود الإسلام على ظهر الأرض، وذلك في آخر الزمان وقُبيل قيام الساعة، ولقد كان أعداء الإسلام يواجهون الإسلام في ميادين المعارك، فوجدوا أن هذه المعارك الطاحنة معارك خاسرة، قضت على شبابهم، وأفنت الأخضر واليابس منهم، فبدءوا بكيد الإسلام على الحيلة، كما يقول أبو حامد الغزالي رحمه الله.

من أبرز مظاهر هذا الكيد، تلك النافذة الإعلامية المتمثلة في المسلسلات والأفلام سواء أكانت أفلاماً تُعرض بواسطة أجهزة التلفزة في العالم الإسلامي، أم كانت بواسطة ما يُسمى بالفيديو.

الفارق بين التلفاز والفيديو

ولا شك أن الفارق بين التلفاز وبين الفيديو كبير، وإن كانا من فصيلة واحدة.

فنحن نلاحظ مثلاً: أن اهتمام المُخرِجِين واهتمام الدُور التي تقبع وراء هذه الأعداد الهائلة من الأفلام والمسلسلات بأفلام الفيديو يزيد على اهتمامها بالتلفاز، وذلك من حيث الجاذبية وشد نظر المُشاهد، واستخدام وسائل التشويق والتلوين، وغير ذلك.

ثم إننا نجد أن الفيديو يكون على رغبة المُشاهد، فهو يشاهد ما يشاء من الأفلام، يختار من هذه البضائع الكاسدة ما يوافق مزاجه وذوقه دون أن يتدخل أحد في تحديد ما يمكن أن يشاهده هذا الإنسان، وكذلك هو يشاهد هذه الأفلام في أي وقت يشاء، دون أن يتدخل أحد في تحديد الوقت الذي يشاهد من خلاله هذه المسلسلات، وهو يستمر على مشاهدة هذا الفيلم حتى ينتهي، بخلاف ما يحدث في أجهزة التلفاز فإن وقت هذه المسلسلات محدود وهي تُعرض على فترات في كل يوم أو أسبوع بحسب طبيعة المسلسل أو الفيلم، يُعرض جزء من هذا الفيلم، قد يستغرق عشر دقائق أو أكثر أو أقل، ثم ينقطع إلى الفترة اللاحقة، وبذلك يضعف ارتباط المشاهد نسبياً بما يشاهده بالتلفاز، وربما لا يتمكن من متابعة جميع الحلقات الماضية، وربما تكون ظروفه النفسية مختلفة حين يشاهد الحلقة الثانية والثالثة من هذه المسلسلات مثلاً، إضافة إلى أن الرقابة على الفيديو أصعب منها على التلفاز، وإذا كان من الممكن أن يوجد رقابة قوية على جهاز التلفاز تتحكم في المادة المعروضة، سواءً أكانت هذه المادة تمثيليات ومسرحيات، أم كانت مادة ثقافية أم كانت أي مادة أخرى فإن الأمر أصعب بالنسبة للفيديو.

فإن الرقابة على هذه الأعداد الهائلة من الأفلام التي تُمطر الساحة بها تلك الدور، أمرٌ يحتاج إلى جهود جادة ومستمرة، وفي هذا من الصعوبة ما فيه بالقياس إلى الواقع الذي نعيشه، لا بالقياس إلى الواجب الذي يجب أن يكون، إضافة إلى سهولة تداول الأشرطة والأفلام في المدارس ومن خلال اللقاءات، وغير ذلك، لهذا نجد أن كثيراً من الناس قد أصبحوا يسمرون أعينهم أمام الفيديو على هذه الأفلام، وربما يسهرون إلى ساعات متأخرة من الليل، في حين أن كثيراً منهم قد اصبحوا لا يشاهدون التلفاز إلا قليلاً أو في مجالات محددة، لقد أخذ الفيديو كثيراً من مشاهدي التلفاز.

بث القنوات وخطره

وهذا لا يعني أن التلفاز قد انتهى دوره إلى الأبد، فإن ما نسمعه الآن -وقد أصبح حقيقة واقعة فعلاً- من أن الدول الغربية كـأمريكا وبريطانيا وفرنسا وسائر الدول، قد أصبحت تتنافس في مجال الأقمار الصناعية، وعبر هذه الأقمار سوف تبث إلى العالم، خاصة العالم الإسلامي أعداداً هائلة، حتى إنه خلال فترة وجيزة سوف يوجد في الفضاء ما يربو على مائة وعشرين قناة، بإمكان المشاهد في كثير من بلاد العالم الإسلامي مشاهدتها والنظر إليها.

هذا الأمر ربما يجعل الفيديو هو الآخر قد رُكن، ولم يعد له الدور الذي يؤديه الآن، وأقبل الناس على التلفاز من جديد، لكن لا لمشاهدة برامج التليفزيون في البلاد الإسلامية والعربية، ولا لسماع البرامج الثقافية المفيدة إذا وُجدت، ولا لسماع الأخبار -مثلاً- أو البرامج الدينية، وإنما لالتقاط هذا البث الذي يبث من أمريكا أو فرنسا أو بريطانيا أو غيرها، وهذا خطر داهم، لا شك أنه يحتاج إلى تظافر الجهود في سبيل معالجته ووقاية المجتمعات الإسلامية من شر هذا الخطر، الذي سمته مجلة اليمامة في أحد أعدادها بالاختراق!

ضرورة الحديث عن هذا الخطر

إنه فعلاً اختراق، اختراق لأخلاقيات هذه الأمة وقيمها ودينها، حين تتسلل هذه الأفلام إلى قعر البيوت، ويصبح من الصعب التحكم فيها أو منع الناس من مشاهدتها.

إخوتي الكرام: قد يقول قائل أو يستغرب من خوض طلاب العلم في الحديث عن مثل هذه الأمور! نحن بعيدون عن مثل هذه القضايا وهذا هو الواقع! فالمتحدث إليكم، كأي واحد منكم ربما يَندُر أن يشاهد في حياته شيئاً من هذه الأشياء، لذلك فنحن لا نعيش هذا الهمَّ كما هو في الواقع. مع أننا لو ألقينا نظرة على المجتمع الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه، لوجدنا أن هذه الأفلام ذات تأثير بليغ في صياغة أخلاقيات الشباب، وعقولهم وحياتهم وسلوكهم، ولوجدنا أن كثيراً من المظاهر والظواهر والسلبيات التي نُعاني منها في المجتمع لم تنشأ من فراغ.

ومن الصعب جداً أن نتجاهل مثل هذا الأمر الخطير المؤثر في واقعنا ومجتمعاتنا وشبابنا؛ لأن طلاب العلم والناس الصالحين بعيدون عن مثل هذه الأمور.

الأفلام قاعدة واستثناء

حين أتحدث عن هذا الأمر، فإنني أقول بادئ ذي بدء إن لكل قاعدة استثناء، ونحن نقول: إن معظم الأفلام المعروضة في الساحة هي أفلام هابطة منحرفة تهدم ولا تبني، وتفسد ولا تصلح، وهذه القاعدة العامة لها استثناءات، فقد يوجد شيء منها يكون بناء ولكن هذا هو الاستثناء الذي يؤكد القاعدة ويقررها.

وهذه الأفلام البناءة أفلام معدودة على الأصابع؛ إما أن تكون أفلاماً علمية بحتة، وإما أن تكون أفلاماً تتحدث عن أوضاع معينة، وتربط المسلمين بعضهم ببعض، وإما أن تكون أشياء إرشادية ووعظية، أو ما أشبه ذلك، ويبقى السيل الذي يكتسح الساحة الفنية في هذا المجال، هو سيل تلك الأفلام الهابطة، لكن لا بد من هذا الاحتراز، حتى لا يقول قائل إن في كلامي شيئاً من التعميم.

ولا شك أن الفارق بين التلفاز وبين الفيديو كبير، وإن كانا من فصيلة واحدة.

فنحن نلاحظ مثلاً: أن اهتمام المُخرِجِين واهتمام الدُور التي تقبع وراء هذه الأعداد الهائلة من الأفلام والمسلسلات بأفلام الفيديو يزيد على اهتمامها بالتلفاز، وذلك من حيث الجاذبية وشد نظر المُشاهد، واستخدام وسائل التشويق والتلوين، وغير ذلك.

ثم إننا نجد أن الفيديو يكون على رغبة المُشاهد، فهو يشاهد ما يشاء من الأفلام، يختار من هذه البضائع الكاسدة ما يوافق مزاجه وذوقه دون أن يتدخل أحد في تحديد ما يمكن أن يشاهده هذا الإنسان، وكذلك هو يشاهد هذه الأفلام في أي وقت يشاء، دون أن يتدخل أحد في تحديد الوقت الذي يشاهد من خلاله هذه المسلسلات، وهو يستمر على مشاهدة هذا الفيلم حتى ينتهي، بخلاف ما يحدث في أجهزة التلفاز فإن وقت هذه المسلسلات محدود وهي تُعرض على فترات في كل يوم أو أسبوع بحسب طبيعة المسلسل أو الفيلم، يُعرض جزء من هذا الفيلم، قد يستغرق عشر دقائق أو أكثر أو أقل، ثم ينقطع إلى الفترة اللاحقة، وبذلك يضعف ارتباط المشاهد نسبياً بما يشاهده بالتلفاز، وربما لا يتمكن من متابعة جميع الحلقات الماضية، وربما تكون ظروفه النفسية مختلفة حين يشاهد الحلقة الثانية والثالثة من هذه المسلسلات مثلاً، إضافة إلى أن الرقابة على الفيديو أصعب منها على التلفاز، وإذا كان من الممكن أن يوجد رقابة قوية على جهاز التلفاز تتحكم في المادة المعروضة، سواءً أكانت هذه المادة تمثيليات ومسرحيات، أم كانت مادة ثقافية أم كانت أي مادة أخرى فإن الأمر أصعب بالنسبة للفيديو.

فإن الرقابة على هذه الأعداد الهائلة من الأفلام التي تُمطر الساحة بها تلك الدور، أمرٌ يحتاج إلى جهود جادة ومستمرة، وفي هذا من الصعوبة ما فيه بالقياس إلى الواقع الذي نعيشه، لا بالقياس إلى الواجب الذي يجب أن يكون، إضافة إلى سهولة تداول الأشرطة والأفلام في المدارس ومن خلال اللقاءات، وغير ذلك، لهذا نجد أن كثيراً من الناس قد أصبحوا يسمرون أعينهم أمام الفيديو على هذه الأفلام، وربما يسهرون إلى ساعات متأخرة من الليل، في حين أن كثيراً منهم قد اصبحوا لا يشاهدون التلفاز إلا قليلاً أو في مجالات محددة، لقد أخذ الفيديو كثيراً من مشاهدي التلفاز.

وهذا لا يعني أن التلفاز قد انتهى دوره إلى الأبد، فإن ما نسمعه الآن -وقد أصبح حقيقة واقعة فعلاً- من أن الدول الغربية كـأمريكا وبريطانيا وفرنسا وسائر الدول، قد أصبحت تتنافس في مجال الأقمار الصناعية، وعبر هذه الأقمار سوف تبث إلى العالم، خاصة العالم الإسلامي أعداداً هائلة، حتى إنه خلال فترة وجيزة سوف يوجد في الفضاء ما يربو على مائة وعشرين قناة، بإمكان المشاهد في كثير من بلاد العالم الإسلامي مشاهدتها والنظر إليها.

هذا الأمر ربما يجعل الفيديو هو الآخر قد رُكن، ولم يعد له الدور الذي يؤديه الآن، وأقبل الناس على التلفاز من جديد، لكن لا لمشاهدة برامج التليفزيون في البلاد الإسلامية والعربية، ولا لسماع البرامج الثقافية المفيدة إذا وُجدت، ولا لسماع الأخبار -مثلاً- أو البرامج الدينية، وإنما لالتقاط هذا البث الذي يبث من أمريكا أو فرنسا أو بريطانيا أو غيرها، وهذا خطر داهم، لا شك أنه يحتاج إلى تظافر الجهود في سبيل معالجته ووقاية المجتمعات الإسلامية من شر هذا الخطر، الذي سمته مجلة اليمامة في أحد أعدادها بالاختراق!

إنه فعلاً اختراق، اختراق لأخلاقيات هذه الأمة وقيمها ودينها، حين تتسلل هذه الأفلام إلى قعر البيوت، ويصبح من الصعب التحكم فيها أو منع الناس من مشاهدتها.

إخوتي الكرام: قد يقول قائل أو يستغرب من خوض طلاب العلم في الحديث عن مثل هذه الأمور! نحن بعيدون عن مثل هذه القضايا وهذا هو الواقع! فالمتحدث إليكم، كأي واحد منكم ربما يَندُر أن يشاهد في حياته شيئاً من هذه الأشياء، لذلك فنحن لا نعيش هذا الهمَّ كما هو في الواقع. مع أننا لو ألقينا نظرة على المجتمع الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه، لوجدنا أن هذه الأفلام ذات تأثير بليغ في صياغة أخلاقيات الشباب، وعقولهم وحياتهم وسلوكهم، ولوجدنا أن كثيراً من المظاهر والظواهر والسلبيات التي نُعاني منها في المجتمع لم تنشأ من فراغ.

ومن الصعب جداً أن نتجاهل مثل هذا الأمر الخطير المؤثر في واقعنا ومجتمعاتنا وشبابنا؛ لأن طلاب العلم والناس الصالحين بعيدون عن مثل هذه الأمور.


استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة اسٌتمع
أحاديث موضوعة متداولة 5155 استماع
حديث الهجرة 5026 استماع
تلك الرسل 4157 استماع
الصومال الجريح 4148 استماع
مصير المترفين 4126 استماع
تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة 4054 استماع
وقفات مع سورة ق 3979 استماع
مقياس الربح والخسارة 3932 استماع
نظرة في مستقبل الدعوة الإسلامية 3874 استماع
العالم الشرعي بين الواقع والمثال 3836 استماع