خطب ومحاضرات
أفحكم الجاهلية يبغون ؟!
الحلقة مفرغة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي لـه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
الحمد لله الذي أنـزل الكتاب تبياناً لكل شيء، وفصّل فيه كل شيء تفصيلاً، فما من فعل من أفعال المكلفين أو أمرٍ يُلِمُّ بهم إلا ولله تعالى فيه حكم، إما أمرٌ أو نهي أو إباحة، علم ذلك من علمه وجهله من جهله.
وكما أن كل ما يقع في الكون من الأقدار والأحداث فبإذن الله ومشيئته، فلا يقع إلا ما شاءه الله وأراده وقدره وقضاه؛ فكذلك كل ما يقع للمكلف من أمر فإنه لا يَنْفَكُّ عن شرع الله تبارك وتعالى، ولا بد لله فيه من حكمٍ ينبغي للمكلف علمه واتباعه.
هذه القضية وهي قضية شمول الشريعة لكل أفعال المكلفين من القضايا الأساسية المهمة التي يجب أن نفقهها ونعلمها ونعيها حق وعيها.
وقد يتساءل بعضهم فيقولون: إن نصوص الشرع متناهية محدودة، أما الحوادث والوقائع فهي كثيرة ومتجددة وغير متناهية، فكيف يمكن لهذه النصوص المحدودة أن تُحيطَ بهذه الأحداث والوقائع المتجددة على مدار العصور غير المتناهية؟
والجواب على هذا الاستشكال يكون من ثلاثة أوجه:
اندراج هذه الحوادث المتجددة تحت أصول سابقة بجامعٍ بينها
هذا هو الوجه الأول أن نقول: إن هذه الأفراد التي يرى الناس أنها جديدة هي في الحقيقة ليست جديدة في أصلها، بل يمكن إرجاعها إلى أصولها التي تتفرع عنها.
كثرة القواعد العامة
إذاً، دل هذا الحديث بعمومه على منع البدع والمحدثات القولية والفعلية والاعتقادية، ودل على تحريم جميع أفراد هذه البدع، ودلالته على هذه الأشياء هي دلالة طردية؛ لأن هذا هو المعنى المباشر للحديث، ولكن الحديث أيضاً يدل دلالة عكسية على أن العمل المقبول هو ما شرعه الله عز وجل؛ وجاء وِفْقَ القرآن والسنة بعد انضمام الإخلاص والنية الصالحة إلى ذلك.
فما دام كل عمل ليس عليه أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم فهو رد، إذاً فالعمل الذي يقبل هو ما كان عليه أمر الله وأمر رسولـه، وهذه القضيـة التي فهمناها من الحديث فهماً عكسياً -كما قلت من مفهوم العكس- جاءت نصوص كثيرة تدل عليها دلالة طردية صحيحة، لكنني أردت فقط أن أبين ما معنى الدلالة الطردية والدلالة العكسية.
إذاً، فالوجه الثاني الذي يبين شمول الشريعة وكمالها أن نقول: إن الشريعة جاءت بقواعد كلية وقضايا عامة تدخل تحتها أنواع وأفراد كثيرة.
تعدد المصادر المعتمدة للتشريع
وأحال النص الشرعي أيضاً على القياس، وإلحاق ما ليس بمعلوم بما هو معلوم إذا اتفقت العلة.
وكذلك من المصادر الشرعية: المصلحة المرسلة، واستصحاب الحال... وغير ذلك من المصادر الشرعية التي دل النص على اعتبارها.
إذاً فالوجه الثالث الدال على شمول الشريعة وكمالها وأنه لا تخلو حادثة من الحوادث المتعلقة بالمكلفين من حكم للشريعة فيها: أن النص الشرعي أحال على مصادر تشريعية ثَرَّة متجددة كالقياس والإجماع والاستصحاب والمصلحة المرسلة وغيرها، وهذه القضية المهمة تحدث عنها عدد كبير من علماء الإسلام، وخاصة علماء الأصول، ومن أجمل ما كتب فيها ما كتبه الشيخ الإمام/ ابن قيم الجوزية رحمه الله في كتابه: (إعلام الموقعين عن رب العالمين) في الجزء الأول حيث تكلم عن هذه المسألة، وبيَّن المذاهب فيها ووجه الحق.
الوجه الأول: أن نقول: إن هذه الحوادث والوقائع الفردية المتجددة فيما يراه الناس هي في الحقيقة فروع عن أصولٍ سابقةٍ ثابتةٍ، ويمكن ردها إلى تلك الأصول بحيث لا تصبح متجددة والحالة هذه، فمثلاً: لمّا ننظر إلى أنواع المسكرات التي جَدَّت في هذا العصر نجدها كثيرة جداً، ونجد أن الصحف والكتب المتخصصة تطالعنا في كل يوم بألوان جديدة من المخدرات لم يكن الناس يعلمونها من قبل، فهذه المسكرات والمخدرات التي جدَّت -فيما يراه الناس- نقول وإن كانت هذه الأفراد منها جديدة في اسمها أو في طريقة صنعها أو في تناولها أو في غير ذلك؛ إلا أننا نستطيع أن نقول: إنها فروع للمسكرات التي هي قديمة في الأصل، فهي لا تخرج عن كونها مسكرات، كما كان الناس يعرفون هذه المسكرات في الأزمان الماضية.
هذا هو الوجه الأول أن نقول: إن هذه الأفراد التي يرى الناس أنها جديدة هي في الحقيقة ليست جديدة في أصلها، بل يمكن إرجاعها إلى أصولها التي تتفرع عنها.
الوجه الثاني: أن نقول: إن الشريعة الإسلامية جاءت بقواعد عامة وقضايا كلية، يدخل فيها أنواعٌ وأفراد كثيرة، وتدل دلالة طردية كما تدل دلالة عكسية، والمثال يوضح هذا فمثلاً: الحديث الذي رواه البخاري، ومسلم عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد} وفي رواية: مسلم: {من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد} هذا الحديث جاء بقاعدة عامة وقضية كلية تشمل أفراداً وأنواعاً لا تتناهى من البدع والمحدثات، فتدخل فيها أنواع البدع القولية والفعلية مما أحدثه الناس على غير شرع الله، وقصدوا فيه التعبد والتقرب إلى الله جل وعلا بفعله، كما تدخل فيه أفراد البدع القولية والفعلية مثل دعاء الله سبحانه وتعالى وذكره، مثل ذكر الله بالاسم المفرد أو بالضمير، كما يفعل الصوفية حين يذكرون الله فيقولون: الله.. الله، أو يكتفون بالضمير فيقولون: هو.. هو، فنقول هذه الصورة من الذكر داخلة تحت عموم الحديث الذي يقول: {مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد} {من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد، وإن لم يأت نصٌ نبوي وقرآنيٌ بتحريم الذكر بهذه الصيغة، فإننا نقول: إن هذا الحديث العام دل على تحريمها بعمومه، ولا نحتاج مع ذلك إلى نص خاص في هذه القضية بعينها.
إذاً، دل هذا الحديث بعمومه على منع البدع والمحدثات القولية والفعلية والاعتقادية، ودل على تحريم جميع أفراد هذه البدع، ودلالته على هذه الأشياء هي دلالة طردية؛ لأن هذا هو المعنى المباشر للحديث، ولكن الحديث أيضاً يدل دلالة عكسية على أن العمل المقبول هو ما شرعه الله عز وجل؛ وجاء وِفْقَ القرآن والسنة بعد انضمام الإخلاص والنية الصالحة إلى ذلك.
فما دام كل عمل ليس عليه أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم فهو رد، إذاً فالعمل الذي يقبل هو ما كان عليه أمر الله وأمر رسولـه، وهذه القضيـة التي فهمناها من الحديث فهماً عكسياً -كما قلت من مفهوم العكس- جاءت نصوص كثيرة تدل عليها دلالة طردية صحيحة، لكنني أردت فقط أن أبين ما معنى الدلالة الطردية والدلالة العكسية.
إذاً، فالوجه الثاني الذي يبين شمول الشريعة وكمالها أن نقول: إن الشريعة جاءت بقواعد كلية وقضايا عامة تدخل تحتها أنواع وأفراد كثيرة.
الوجه الثالث: أن النص الشرعي أحال على مصادر للتشريع كثيرة متجددة، فكما أن الإنسان يأخذ من القرآن والسنة دليلاً شرعياً، فإن القرآن والسنة أيضاً يدلان على أن الإجماع دليلٌ شرعي؛ فما أجمع المسلمون على وجوبه فهو واجب، وما أجمعوا على منعه فهو ممنوع، وما أجمعوا على استحسانه فهو حسن، وما أجمعوا على كراهيته واستقباحه فهو قبيح ومكروه... وهكذا؛ فالإجماع من الأدلة الشرعية المتجددة التي يمكن أن تقع في أي عصر، وإن كان بعض العلماء حصروا الإجماع في إجماع الصحابة أو في إجماع السلف رضوان الله تعالى عليهم.
وأحال النص الشرعي أيضاً على القياس، وإلحاق ما ليس بمعلوم بما هو معلوم إذا اتفقت العلة.
وكذلك من المصادر الشرعية: المصلحة المرسلة، واستصحاب الحال... وغير ذلك من المصادر الشرعية التي دل النص على اعتبارها.
إذاً فالوجه الثالث الدال على شمول الشريعة وكمالها وأنه لا تخلو حادثة من الحوادث المتعلقة بالمكلفين من حكم للشريعة فيها: أن النص الشرعي أحال على مصادر تشريعية ثَرَّة متجددة كالقياس والإجماع والاستصحاب والمصلحة المرسلة وغيرها، وهذه القضية المهمة تحدث عنها عدد كبير من علماء الإسلام، وخاصة علماء الأصول، ومن أجمل ما كتب فيها ما كتبه الشيخ الإمام/ ابن قيم الجوزية رحمه الله في كتابه: (إعلام الموقعين عن رب العالمين) في الجزء الأول حيث تكلم عن هذه المسألة، وبيَّن المذاهب فيها ووجه الحق.
إذا علمنا جميعاً أن لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم في كل مسالةٍ أمراً أو نهياً أو إباحة؛ فإننا نريد أن نعلم ما هي مواقف الناس من هذا الشرع الكامل الذي لا يخرج عنه شيء، وما هو موقفهم من هذه الشريعة المُحْكَمة.
إن الناس انقسموا إزاء موقفهم من هذا الشرع إلى قسمين لا ثالث لهما:
موقف المسلمين من الشريعة
إذاً: الإسلام مكون من ركنين: الركن الأول: هو النية وهي عمل القلب. الركن الثاني: هو عمل الجوارح من القول والفعل، فمتى تخلَّف أحد هذين الركنين بالكلية، يكون الإنسان الذي تخلف عنه الركن كافراً بلا شك.
فمثلاً: لو أن إنساناً قال: إنني أعلم وجوب الإذعان لله والانقياد له بالطاعة، ولكنني لا أمتثل لذلك، أو قال: أعلم وسأمتثل؛ ولكنه لم يمتثل أيَّ أمرٍ من الأوامر الفعلية أو القولية على الإطلاق، فلم يقل قولاً يرضي الله، ولم يفعل فعلاً يرضي الله البتَّة؛ حينئذٍ نقول: إن هذا الإنسان قد خرج من الإسلام! لماذا؟ لأن الشهادة وهي: (أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله) هي قول اللسان، هي قول، فهي نطق، فهي فعل إذن، وقد تخلفت عن هذا اللسان؛ لأننا قلنا: إنه لم يفعل فعلاً بالكلية مما أراده الله، ثم لم يُصَلِّ، وقد ذهب كثير من العلماء إلى أن تارك الصلاة بالكلية يكفر ولو أقر بوجوبها، إذاً من تخلف عنه العمل بالكلية فهو كافر؛ لأنه تخلف عنده ركن أساس من أركان الدين والإسلام والإيمان.
كذلك لو تخلف عنده الركن الثاني وهو النية وعقد القلب، فهو كافر أيضاً ولو عمل بجوارحه، مثال ذلك: أن يقول إنسان من الناس: أنا لا أرى وجوب طاعة الله، ولا وجوب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا وجوب الإذعان والانقياد لهما، ولكنني أرى أن من المصلحة أن أمتثل الشرع -مثلاً- يرى أن صلاح المجتمعات الإسلامية مرهون باتباع الشرع؛ لأن الناس يمكن أن يذعنوا كلهم للشرع، فمن هذا المنطلق يرى اتباع الشرع، وقد تجد بعض الناس يقول لك: إنني لا أرى وجوب الصلاة -مثلاً- ولكن يصلي، لماذا يصلي وهو لا يرى وجوب الصلاة؟ لا يصلي لله ولا طلباً لما عند الله ولا خوفاً من عقاب الله، لكن يصلي؛ لأنه يقول: إن الصلاة تعطي الإنسان مكانة اجتماعية؛ فأهلك وجيرانك وأقاربك حين يرونك لا تصلي لا يهتمون بك، ولذلك أنا أصلي لهذا السبب فقط، أو يقول: إنني جربت الصلاة ووجدتها تساهم في ضبط وقت الإنسان بصورة جيدة، فيصلي حتى يحصل على هذه المصلحة، أو يصلي من أجل الرياضة، أو من أجل أي هدف آخر؛ المهم أن الباعث على فعل هذه الشعيرة أو غيرها ليس هو الباعث الديني الإيماني، إنما هو باعث آخر لا يمت إلى الإيمان بصلة، فحينئذٍ نقول: إن هذا الإنسان أيضاً غير مسلم؛ لأنه تخلف عنده الركن الآخر، وهو الأساس من أركان الدين والإيمان والإسلام، وهو انقياد القلب وطواعيته وإذعانه.
فالإسلام:
أولاً: العلم بوجوب الانقياد والإذعان والاستسلام لله عز وجل.
وثانياً: نية الانقياد والإذعان لله عز وجل.
وثالثاً: عمل الجوارح الذي هو الترجمة العملية لهذا الإذعان والانقياد المستتر في قلبك، هذا هو الإسلام.
والمسلم وإن كان مذعناً منقاداً قد يقع منه الخطأ، ولكن المسلم وهو يخطئ يعرف أنه عبد وأن الله ربه؛ فلذلك إذا بدرت منه المعصية قال: يارب! إني أذنبت ذنباً فاغفر لي، فيعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، فهو مسلم حتى وهو يعصي، ولذلك روى الإمام البخاري في صحيحه في كتاب التوحيد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إن رجلاً ممن كان قبلكم أذنب ذنباً أو قال أصاب ذنباً فقال: يا رب! إني أذنبت ذنباً أو أصبت ذنباً فاغفره لي، فقال الله عز وجل: أَعَلِمَ عبدي أن لـه رباً يغفر الذنب ويأخذ به؟ قد غفرت له! ثم مكث ما شاء الله، فوقع في الذنب مرة أخرى، فقال: يارب! إني أصبت ذنباً أو أذنبت ذنباً فاغفره لي، فقال الله عز وجل: أَعَلِمَ عبدي أن لـه رباً يغفر الذنب ويأخذ به؟! قد غفرت له، ثم مكث ما شاء الله، فأذنب مرة ثالثة، فقال: يا رب! إني أصبت ذنباً أو أذنبت ذنباً فاغفره لي، فقال الله عز وجل: أَعَلِمَ عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب؟! اعمل ما شئت فقد غفرت لك} والحديث في صحيح البخاري كما ذكرتُ.
فالمسلم لا يخرج من الإسلام حتى وهو يخطئ ما دام مقراً مذعناً منقاداً، إذا لم يقع في مُكَفِّرٍ يُخْرِجُه من الإسلام بالكلية، والمكفِّراتُ معروفةٌ، وشأنها معروفٌ، وشروطها معروفة، وهذا هو الموقف الأول من مواقف الناس تجاه هذه الشريعة المحكمة، وهو موقف الإذعان والانقياد والقبول.
الرافضون للشريعة
فمـثل هذا هـل تعتـبرونه مؤمناً بقـوله تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32]؟! هل تعتبرون مثل هذا الإنسان الذي يظهر من حاله الاستخفاف والاستحلال وعدم المبالاة بقول الله وقول رسوله؛ هل تعتبرونه مؤمناً بقوله تعالى: (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً)؟!
أقول: لا لو كان مؤمناً لما افتخر بفعلته، ولما اعتبرها من خصال الرجولة والفتوة والكمال، ولما وصم من لم يفعلها بنقص الرجولة والقوة، ولما كتب القصائد التي يتغنى فيها بأفعال اللواطة والزنا، ويمدح فاعليها ويتغزل بأهلها! ولما سجل هذه القصائد على أشرطة، ووزعها بين الناس، فأفعاله كلها تدل على أن وراء هذا الفعل الذي هو الزنا قلباً خرباً غير مؤمن بالله ولا رسوله ولا منقادٍ لأمر الله ورسوله...!
وها هنا يظهر لك جلياً أن الموقف الثاني: وهو موقف المتنكر لشرع الله الرافض لحكمه المستكبر على الانقياد، هذا الموقف عقدٌ بالقلب، يترجم أيضاً في صورة أعمال، وهذه الأعمال قد تكون كفراً لا شك فيه كالسجود لصنم، أو سب الله ورسوله، أو إهانة القرآن، وقد تكون في الأصل ليست كفراً، ولكنها صارت كفراً لما لابسها من القرائن الدالة على الاستخفاف والاستحلال وعدم المبالاة وعدم الإيمان بأصل الحكم.
ومثل هذا الإنسان لا نقول عنه: إنه فاسق أو عاصٍ، بل نقول: إنه مشرك؛ لأن القضية تعدت المعصية، وأصبحت نوعاً من التدخل في الحكم والتشريع، فهو قد عَدَلَ نفسه بالله عز وجل؛ فالله يقول عن الزنا: ِإنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32] وهو يقول غير ذلك، الله يحرم وهو يحل!
إذاً هو قد جعل نفسه نِدّاً لله عز وجل، أو جعل غيره ممن أطاعه في هذا التحليل وفي هذا العمل وفي هذا المدح - جعل هذا الغير نِدّاً لله عز وجل، وهذا هو الشرك؛ لأن الله عز وجل وصف المشركين بقوله: ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ [الأنعام:1] أي: يجعلونه شريكاً وعديلاً ونداً لله كما ذكره: مجاهد والسدي وغيرهما من أئمة المفسرين، فمن عَدَلَ بالله عز وجل غيرَه في أي أمر مِن الأمور فقد اتخذه نداً وعبده مع الله أو من دونه.
استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
أحاديث موضوعة متداولة | 5155 استماع |
حديث الهجرة | 5026 استماع |
تلك الرسل | 4157 استماع |
الصومال الجريح | 4148 استماع |
مصير المترفين | 4126 استماع |
تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة | 4054 استماع |
وقفات مع سورة ق | 3979 استماع |
مقياس الربح والخسارة | 3932 استماع |
نظرة في مستقبل الدعوة الإسلامية | 3874 استماع |
العالم الشرعي بين الواقع والمثال | 3836 استماع |