مقدمات في العلوم الشرعية [11]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

أما بعد:

فبعد أن انتهينا من المقدمات العشر المتعلقة بعلم الحديث رواية، نتكلم على قضية التصحيح والتضعيف، والتصحيح والتضعيف من الأمور الشديدة الصعبة، والتضعيف أشد وأصعب من التصحيح, ولذلك الذين يستطيعون الحكم بالتصحيح والتضعيف في الصدر الأول قلائل.

إمكانية التصحيح والتضعيف في زماننا وتجرؤ الناس عليه

واليوم في زماننا هذا بثورة التخريج تجرأ الناس على التصحيح؛ لأنه أصبح صنعة لديه فيجعلونه بمثابة مكيال يكيلون به الأمور، يقولون: هذا صحيح، وهذا ضعيف، وهذا حسن، ويصدرون هذه الأحكام العشوائية, وكثيراً ما تتناقض وتختلف، وكثيراً ما تتناقض مع أحكام العلماء الكبار, مع أن كثيراً من قواعد السابقين في التصحيح والتضعيف ليست راجعة إلى هذه المكاييل والمقاييس المعينة، بل لو طبقتها ستجد كثيراً من الأئمة تواتروا على تصحيح حديث حتى لا يبقى شك لمسلم فيه, وإذا طبقت أنت عليها هذا القواعد ستجد فيها إشكالاً.

فبعض الأحاديث مخرجة في الصحيحين لكنها من رواية بعض المدلسين، أو من لم يصرح بالسماع، أو من رواية مضعف، أو متكلم فيه وهكذا, لكن أولئك الأئمة كانوا يختارون وينتقون, والبخاري لم يكتب في صحيحه كتاباً إلا بعد أن صلى ركعتين ودعا بدعاء الاستخارة، فاستخار الله أن يكتب هذا حديثاً صحيحاً أو لا, قد اعتنوا عناية فائقة بالدقة والاختيار, ولهذا فإذا كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما فقد تجاوز القنطرة، لا يبحث في إسناده ولا في صحته, والمشكلات التي تقع في بعض الأحيان من بحث في الأسانيد في الصحيحين كلها قد تجاوزت القنطرة، الذين تكلم فيهم من رجال البخاري ثمانية وستون رجلاً, والذين تكلم فيهم كذلك من رجال مسلم مائة وثلاثة عشر، هؤلاء منهم عدد مشترك، وكذلك الأحاديث التي تعقبت مثل الأحاديث التي تعقبها الدارقطني وهي ثمانية أحاديث في كتابه الإلزامات والتتبع وغير هذا، هذه كلها قد تجاوزت القنطرة ولم تعد محلاً للبحث؛ لأن هؤلاء يختارون، وإذا جزموا بصحته فإن الأمة قد رضيت بذلك وقلدتهم فيه.

رأي ابن الصلاح والنووي في إمكانية التصحيح والتضعيف

والحافظ ابن الصلاح على تمرسه ومهارته في الحديث لم يصحح طيلة عمره إلا حديثاً واحداً, مع كل هذه المهارة وتسليم الناس في مشارق الأرض ومغاربها له بأنه محدث الدنيا ما صحح إلا حديثاً واحداً, والإمام النووي كذلك ما صحح إلا حديثاً واحداً، بل قال ابن الصلاح: التضعيف في زماننا متعذر، وذكر النووي أنه يمكن, لكن ابن الصلاح يقول: التضعيف ليس ممكناً في زماننا, قال النووي: ممكن.

وعنده التضعيف ليس يمكن في عصرنا وقال يحيى ممكن

يحيى النووي قال: يمكن.

المقصود بالصحيح والضعيف عند المحدثين

لكن الحكم بالصحة والضعف كلاهما إنما يقصد به في الظاهر فقط لا جلية الأمر وواقعه إلا الله.

لهذا قال العراقي:

وبالصحيح والضعيف قصدوا في ظاهر لا القطع

فلا يقصد القطع بالتضعيف لو ضعفه ولا بالتصحيح صححه, ولهذا فالجراءة التي تراه اليوم بادية في الناس جراءة غير طبيعية وغير موافقة لما كان عليه السلف والأئمة, بل الأئمة الكبار الذين رووا هذه الكتب ما فيهم أحد كان يقول: نخرج من سنن أبي داود مثلاً ما ليس صحيحاً, أو نخرج من سنن الترمذي ما ليس صحيحاً وهكذا، ما فعلوا هذا قط, هذا متعذر جداً من الناحية العلمية، والذين يقعون فيه من المتأخرين ما منهم أحد إلا بالإمكان أن يستدرك عليه؛ لأن الموازين التي سلكوها غير منضبطة؛ ولأن الذي وصل إلى أيديهم من كتب الحديث محصور إذا ما قورن بالكتب غير الموجود لديهم، وأيضاً الغفلة ممكنة في هذا كثيراً, وأكثر الذين يشتغلون بالتخريج أيضاً ليسوا حفاظاً ولا من أهل الرواية، ولذلك إذا حصل خطأ في الكتابة في المخطوطة أو خطأ في المطبوعة حكموا على أساسه بالتضعيف والتصحيح، كما حصل للشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله في حديث عبيد الله عن عبد الله بن عباس من سنن البيهقي ضعفه؛ لأنه كتب في المطبوعة عبيد الله بن عبد الله بن عباس قال: لا يعرف عبيد الله بن عبد الله بن عباس، فالحديث ضعيف؛ لأن فيه مجهولاً, وهذا عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أحد فقهاء المدينة السبعة وهو أثبت الناس في ابن عباس، هو الذي جاءته العلة هنا، القضية فقط قضية طباعة (ابن) بدل (عن), فالذي يجعل هذا مثالاً ويزن فيه دون تدقيق في الجزئيات هذه مشكلته، فمثال الأولين: من يأكل التمر تمرة تمرة، كل واحدة يقلبها ويعرف كل ما فيها, ومثال الآخرين: من يأكله بالمكيال ويزنه بميزان ويصبه دون أن ينظر إلى أفراده، فهذا الفرق.

وما صححه الحاكم في مستدركه لم يدققه رحمه الله وبالأخص في الجزءين الثالث والرابع، الجزءين الأول والثاني لا بأس بتدقيقه؛ لأنه يبدو أنه راجعهما, أما في الجزءين الآخرين منه ففي كثير من الأحيان تنقصه الدقة, قد يكون ذلك إيجابياً وقد يكون سلبياً, فقد أخرج بعض الأحاديث التي غفل عن أنها في الصحيحين، وهو يستدرك عليهما، فكيف يخرج الشيء فيهما؟ هذا من باب الإيجاب؛ لأنها صحيحة على كل حال, وقد يكون من باب السلب، بأن يخرج حديثاً فيزعم أنه على شرطهما وليس على شرط واحد منهما، ويكون ضعيفاً في ذاته.

وقد حاول الذهبي رحمه الله تلخيص ذلك في كتابه التلخيص، ولكنه أيضاً صرح بأنه لم يستطع إتقان ذلك، وأنه يرجو أن يقيض الله له من طلبة العلم الجادين من يستطيع أن يتقنه, ولكن ما تحققت هذه الأمنية إلى الآن، ولا أظنها تتحقق بالقدر الذي يوصل إلى أن تكون خلاصة الكتاب ملحقة بالصحيحين في الدرجة, وعموماً إذا اتفق الحاكم والذهبي على تصحيح حديث فذلك يصل إلى درجة الظن بالصحة؛ لأنه إن شهد عدلان من أئمة الحديث الحفاظ الكبار بصحته أوكل إليهما الأمر, لا يقال: الجزم بذلك، وأن يصل إلى درجة القطع؛ لأن المقصود بالتصحيح أصلاً الظن لا القطع، هذا في أغلب الأحيان، وإذا تتبع الحديث فوجدت فيه ضعفاً في أحد الرجال أو جهالة فمعناه أنهم هم قد شعروا بتلك العلة وجبروها بوجه آخر وبالأخص دقة الإمام الذهبي وطول يده في الرجال، فلا يعرف في الدنيا أحد أدرى من الذهبي بالرجال, وانظر إلى كتبه التي ألفها، وكلها محفوظة لديه، كم تجد من كتاب؟ انظر تاريخ الإسلام الكبير أكبر كتاب في التاريخ الإسلامي، سير أعلام النبلاء أربعة وعشرون مجلداً, ميزان الاعتدال أربعة مجلدات ضخام أو سبعة بطبعات أخرى، العبر أربعة مجلدات ضخام، ذيل تاريخ بغداد مجلدان, المعجم المختص مجلدان، معجم الشيوخ مجلد, المجرد في رجال ابن ماجه، المعين، تبصير المنتبه بتحرير المشتبه, كتابه في الضعفاء, كتاب الكاشف أيضاً, كتاب تذهيب التهذيب, كتاب الذين تكلم فيهم بما لا يقدح, كتاب تذكرة الحفاظ, كتب لا نهاية لها في علم الرجال فقط، وهو يحفظها حفظاً, فلذلك هل تظن أنك تجد في الدنيا اليوم من يصل إلى عشر ما عند الذهبي في علم الرجال, لا يمكن أن تصل إليه اليوم, بل إن الحافظ ابن حجر على جلالته شرب ماء زمزم عدة مرات ليكون في حفظ الذهبي للحديث، ومع ذلك تجد من يتطاول عليه، هذا عجيب جداً.

بالنسبة لجامع الأصول ومجمع الزوائد لا شك أنهما جمعا كثيراً من الأحاديث الواردة في السنن وقد حاول التاودي رحمه الله جمعهما في كتابه جمع الفوائد الجامع بين جامع الأصول ومجمع الزوائد، فتضمن كتابه سبعة عشر كتاباً من كتب الحديث, لكن لا يمكن أن يكون هذا جمعاً لكل الأحاديث المروية في الكتب، بل السيوطي رحمه الله حاول أكثر من هذا في كتابه الجامع الكبير، وكان يريد فيه جمع جميع الأحاديث الواردة في كتب السنة التي وصلت إليها يده، وقد جمع في الكتاب فعلاً أحاديث مائة وثمانية وأربعين كتاباً من كتب الحديث، وبقي عليه عدد كبير من الكتب سماها وذكرها لمن يأتي بعده، يريد إكمال الكتاب، على نفس المخطط الذي أقدم عليه, ولكن لا أحد يستطيع هذا.

السيوطي رحمه الله أن توقعه أنه إذا أكمل الكتاب وصل إلى ثلاثمائة ألف حديث دون المكررة, طبعاً فيها الصحيح، وفيها الحسن، وفيها الضعيف، وفيها الموضوعات، وفيها كل شيء، لكن جميع ذلك جميع المرويات في كتب السنة تصل إلى ثلاثمائة ألف حديث ولا تتعدى ذلك.

واليوم في زماننا هذا بثورة التخريج تجرأ الناس على التصحيح؛ لأنه أصبح صنعة لديه فيجعلونه بمثابة مكيال يكيلون به الأمور، يقولون: هذا صحيح، وهذا ضعيف، وهذا حسن، ويصدرون هذه الأحكام العشوائية, وكثيراً ما تتناقض وتختلف، وكثيراً ما تتناقض مع أحكام العلماء الكبار, مع أن كثيراً من قواعد السابقين في التصحيح والتضعيف ليست راجعة إلى هذه المكاييل والمقاييس المعينة، بل لو طبقتها ستجد كثيراً من الأئمة تواتروا على تصحيح حديث حتى لا يبقى شك لمسلم فيه, وإذا طبقت أنت عليها هذا القواعد ستجد فيها إشكالاً.

فبعض الأحاديث مخرجة في الصحيحين لكنها من رواية بعض المدلسين، أو من لم يصرح بالسماع، أو من رواية مضعف، أو متكلم فيه وهكذا, لكن أولئك الأئمة كانوا يختارون وينتقون, والبخاري لم يكتب في صحيحه كتاباً إلا بعد أن صلى ركعتين ودعا بدعاء الاستخارة، فاستخار الله أن يكتب هذا حديثاً صحيحاً أو لا, قد اعتنوا عناية فائقة بالدقة والاختيار, ولهذا فإذا كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما فقد تجاوز القنطرة، لا يبحث في إسناده ولا في صحته, والمشكلات التي تقع في بعض الأحيان من بحث في الأسانيد في الصحيحين كلها قد تجاوزت القنطرة، الذين تكلم فيهم من رجال البخاري ثمانية وستون رجلاً, والذين تكلم فيهم كذلك من رجال مسلم مائة وثلاثة عشر، هؤلاء منهم عدد مشترك، وكذلك الأحاديث التي تعقبت مثل الأحاديث التي تعقبها الدارقطني وهي ثمانية أحاديث في كتابه الإلزامات والتتبع وغير هذا، هذه كلها قد تجاوزت القنطرة ولم تعد محلاً للبحث؛ لأن هؤلاء يختارون، وإذا جزموا بصحته فإن الأمة قد رضيت بذلك وقلدتهم فيه.

والحافظ ابن الصلاح على تمرسه ومهارته في الحديث لم يصحح طيلة عمره إلا حديثاً واحداً, مع كل هذه المهارة وتسليم الناس في مشارق الأرض ومغاربها له بأنه محدث الدنيا ما صحح إلا حديثاً واحداً, والإمام النووي كذلك ما صحح إلا حديثاً واحداً، بل قال ابن الصلاح: التضعيف في زماننا متعذر، وذكر النووي أنه يمكن, لكن ابن الصلاح يقول: التضعيف ليس ممكناً في زماننا, قال النووي: ممكن.

وعنده التضعيف ليس يمكن في عصرنا وقال يحيى ممكن

يحيى النووي قال: يمكن.

لكن الحكم بالصحة والضعف كلاهما إنما يقصد به في الظاهر فقط لا جلية الأمر وواقعه إلا الله.

لهذا قال العراقي:

وبالصحيح والضعيف قصدوا في ظاهر لا القطع

فلا يقصد القطع بالتضعيف لو ضعفه ولا بالتصحيح صححه, ولهذا فالجراءة التي تراه اليوم بادية في الناس جراءة غير طبيعية وغير موافقة لما كان عليه السلف والأئمة, بل الأئمة الكبار الذين رووا هذه الكتب ما فيهم أحد كان يقول: نخرج من سنن أبي داود مثلاً ما ليس صحيحاً, أو نخرج من سنن الترمذي ما ليس صحيحاً وهكذا، ما فعلوا هذا قط, هذا متعذر جداً من الناحية العلمية، والذين يقعون فيه من المتأخرين ما منهم أحد إلا بالإمكان أن يستدرك عليه؛ لأن الموازين التي سلكوها غير منضبطة؛ ولأن الذي وصل إلى أيديهم من كتب الحديث محصور إذا ما قورن بالكتب غير الموجود لديهم، وأيضاً الغفلة ممكنة في هذا كثيراً, وأكثر الذين يشتغلون بالتخريج أيضاً ليسوا حفاظاً ولا من أهل الرواية، ولذلك إذا حصل خطأ في الكتابة في المخطوطة أو خطأ في المطبوعة حكموا على أساسه بالتضعيف والتصحيح، كما حصل للشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله في حديث عبيد الله عن عبد الله بن عباس من سنن البيهقي ضعفه؛ لأنه كتب في المطبوعة عبيد الله بن عبد الله بن عباس قال: لا يعرف عبيد الله بن عبد الله بن عباس، فالحديث ضعيف؛ لأن فيه مجهولاً, وهذا عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أحد فقهاء المدينة السبعة وهو أثبت الناس في ابن عباس، هو الذي جاءته العلة هنا، القضية فقط قضية طباعة (ابن) بدل (عن), فالذي يجعل هذا مثالاً ويزن فيه دون تدقيق في الجزئيات هذه مشكلته، فمثال الأولين: من يأكل التمر تمرة تمرة، كل واحدة يقلبها ويعرف كل ما فيها, ومثال الآخرين: من يأكله بالمكيال ويزنه بميزان ويصبه دون أن ينظر إلى أفراده، فهذا الفرق.

وما صححه الحاكم في مستدركه لم يدققه رحمه الله وبالأخص في الجزءين الثالث والرابع، الجزءين الأول والثاني لا بأس بتدقيقه؛ لأنه يبدو أنه راجعهما, أما في الجزءين الآخرين منه ففي كثير من الأحيان تنقصه الدقة, قد يكون ذلك إيجابياً وقد يكون سلبياً, فقد أخرج بعض الأحاديث التي غفل عن أنها في الصحيحين، وهو يستدرك عليهما، فكيف يخرج الشيء فيهما؟ هذا من باب الإيجاب؛ لأنها صحيحة على كل حال, وقد يكون من باب السلب، بأن يخرج حديثاً فيزعم أنه على شرطهما وليس على شرط واحد منهما، ويكون ضعيفاً في ذاته.

وقد حاول الذهبي رحمه الله تلخيص ذلك في كتابه التلخيص، ولكنه أيضاً صرح بأنه لم يستطع إتقان ذلك، وأنه يرجو أن يقيض الله له من طلبة العلم الجادين من يستطيع أن يتقنه, ولكن ما تحققت هذه الأمنية إلى الآن، ولا أظنها تتحقق بالقدر الذي يوصل إلى أن تكون خلاصة الكتاب ملحقة بالصحيحين في الدرجة, وعموماً إذا اتفق الحاكم والذهبي على تصحيح حديث فذلك يصل إلى درجة الظن بالصحة؛ لأنه إن شهد عدلان من أئمة الحديث الحفاظ الكبار بصحته أوكل إليهما الأمر, لا يقال: الجزم بذلك، وأن يصل إلى درجة القطع؛ لأن المقصود بالتصحيح أصلاً الظن لا القطع، هذا في أغلب الأحيان، وإذا تتبع الحديث فوجدت فيه ضعفاً في أحد الرجال أو جهالة فمعناه أنهم هم قد شعروا بتلك العلة وجبروها بوجه آخر وبالأخص دقة الإمام الذهبي وطول يده في الرجال، فلا يعرف في الدنيا أحد أدرى من الذهبي بالرجال, وانظر إلى كتبه التي ألفها، وكلها محفوظة لديه، كم تجد من كتاب؟ انظر تاريخ الإسلام الكبير أكبر كتاب في التاريخ الإسلامي، سير أعلام النبلاء أربعة وعشرون مجلداً, ميزان الاعتدال أربعة مجلدات ضخام أو سبعة بطبعات أخرى، العبر أربعة مجلدات ضخام، ذيل تاريخ بغداد مجلدان, المعجم المختص مجلدان، معجم الشيوخ مجلد, المجرد في رجال ابن ماجه، المعين، تبصير المنتبه بتحرير المشتبه, كتابه في الضعفاء, كتاب الكاشف أيضاً, كتاب تذهيب التهذيب, كتاب الذين تكلم فيهم بما لا يقدح, كتاب تذكرة الحفاظ, كتب لا نهاية لها في علم الرجال فقط، وهو يحفظها حفظاً, فلذلك هل تظن أنك تجد في الدنيا اليوم من يصل إلى عشر ما عند الذهبي في علم الرجال, لا يمكن أن تصل إليه اليوم, بل إن الحافظ ابن حجر على جلالته شرب ماء زمزم عدة مرات ليكون في حفظ الذهبي للحديث، ومع ذلك تجد من يتطاول عليه، هذا عجيب جداً.

بالنسبة لجامع الأصول ومجمع الزوائد لا شك أنهما جمعا كثيراً من الأحاديث الواردة في السنن وقد حاول التاودي رحمه الله جمعهما في كتابه جمع الفوائد الجامع بين جامع الأصول ومجمع الزوائد، فتضمن كتابه سبعة عشر كتاباً من كتب الحديث, لكن لا يمكن أن يكون هذا جمعاً لكل الأحاديث المروية في الكتب، بل السيوطي رحمه الله حاول أكثر من هذا في كتابه الجامع الكبير، وكان يريد فيه جمع جميع الأحاديث الواردة في كتب السنة التي وصلت إليها يده، وقد جمع في الكتاب فعلاً أحاديث مائة وثمانية وأربعين كتاباً من كتب الحديث، وبقي عليه عدد كبير من الكتب سماها وذكرها لمن يأتي بعده، يريد إكمال الكتاب، على نفس المخطط الذي أقدم عليه, ولكن لا أحد يستطيع هذا.

السيوطي رحمه الله أن توقعه أنه إذا أكمل الكتاب وصل إلى ثلاثمائة ألف حديث دون المكررة, طبعاً فيها الصحيح، وفيها الحسن، وفيها الضعيف، وفيها الموضوعات، وفيها كل شيء، لكن جميع ذلك جميع المرويات في كتب السنة تصل إلى ثلاثمائة ألف حديث ولا تتعدى ذلك.

بالنسبة للآثار: من أهم الكتب المؤلفة التي هي أكثر اشتمالاً عليها مصنف عبد الرزاق, ومصنف ابن أبي شيبة, وسنن سعيد بن منصور, وسنن البيهقي, وشرح معاني الآثار الطحاوي, والآثار لـأبي يوسف، والآثار لـمحمد بن الحسن, هذه مظنة الآثار الصحيحة, أما الآثار التي تجمع الغث والسمين فمن أكثر الكتب التي تعتني بها كتب الرجال كالطبقات لـمحمد بن سعد كاتب الواقدي، وكالكامل لـابن عدي فهذه التي تعتني بالآثار.

أما بالنسبة لسنن أبي داود فقد أراد رحمه الله أن يجردها مما ليس مروياً عن النبي صلى الله عليه وسلم، وصرح بذلك في رسالته إلى أهل مكة، وإن كان قد أورد فيها بعض الآثار، وبالأخص آثار الخلفاء الراشدين، فإنه قد أورد بعضها نادراً، وقاعدة أبي داود أنه يريد أدلة الأحكام، فإذا وجد حديثاً صحيحاً أخرجه، وإذا لم يجد إلا الضعيف أخرجه، فهو أقوى عنده من الرأي، هذا الذي قاله ابن منده:

فذاك عنده من رأي أقوى قاله ابن منده.

كما قال العراقي رحمه الله.


استمع المزيد من الشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي - عنوان الحلقة اسٌتمع
مقدمات في العلوم الشرعية [18] 3788 استماع
مقدمات في العلوم الشرعية [39] 3562 استماع
مقدمات في العلوم الشرعية [42] 3514 استماع
مقدمات في العلوم الشرعية [30] 3438 استماع
مقدمات في العلوم الشرعية [16] 3390 استماع
مقدمات في العلوم الشرعية [4] 3373 استماع
مقدمات في العلوم الشرعية [22] 3324 استماع
مقدمات في العلوم الشرعية [13] 3262 استماع
مقدمات في العلوم الشرعية [6] 3254 استماع
مقدمات في العلوم الشرعية [35] 3144 استماع