خطب ومحاضرات
توجيهات للشباب
الحلقة مفرغة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أمـا بـعـد:
أيها الإخوة! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
الشاب السالك في طريق الدعوة إلى الله جل وعلا، يحتاج إلى بصيرة في أمر دعوته، فلا ينبغي له أن يمضي قدماً في هذا الطريق دون أن يتبصر ويراجع نفسه بين الحين والحين، ويعرض نفسه على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ وليعرف ما كان به من صواب فيزداد منه، وما كان به من خلاف ذلك فيبتعد عنه ويحاذره، لأن الخطأ يسرع إلى الفرد وإلى المجتمع ما لم يكن هناك مراجعة وتصحيح واستعداد نفسي للتخلي عن الأخطاء، والتمسك بالفضائل والأشياء التي تثبت الأحداث والوقائع أنها صواب.
الطريقة المثلى لاكتساب البصيرة
النظر الأول: إلى النص الشرعي، وهو نظر تأمل وتدبر واستنباط، ليفهم النصوص ومعانيها وما تدل عليه.
والنظر الثاني: إلى الواقع الذي يعيشه، وهو نظر مراجعة وتحليل وتأمل؛ ليعرض هذا الواقع على ما فهمه من الكتاب والسنة فيصححه على ضوء ذلك الفهم.
شرط هام للاستفادة من القرآن والسنة
النصوص الشرعية لا تختص بأصحابها
وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنـزَّلْنَاهُ تَنـزِيلاً [الإسراء:106] فنـزل القرآن مفرقاً بحسب الوقائع، يقع في المجتمع حادثة، فينـزل القرآن الكريم يعالج هذه الحادثة، لكن أمد النص أوسع من الحادثة، ولذلك يقول الأصوليون: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، بمعنى أن القرآن حين ينـزل، أو توجيهات الرسول عليه الصلاة والسلام أيضاً وإن كان لها سبب محدد معروف للمجتمع المدني في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام إلا أن النص يعالج هذه الحادثة إلى يوم القيامة وإلى قيام الساعة.
ولذلك يجدر بالداعية إلى الله سبحانه وتعالى خاصة إذا كان في مثل حالكم وشأنكم من حفظة كتاب الله والحريصين على مدارسة القرآن أن يجعل من القرآن الكريم والسنة النبوية نبراساً، ويُعْمِل فيها عقله وفكره، بحيث يكون له نظران:
النظر الأول: إلى النص الشرعي، وهو نظر تأمل وتدبر واستنباط، ليفهم النصوص ومعانيها وما تدل عليه.
والنظر الثاني: إلى الواقع الذي يعيشه، وهو نظر مراجعة وتحليل وتأمل؛ ليعرض هذا الواقع على ما فهمه من الكتاب والسنة فيصححه على ضوء ذلك الفهم.
والإنسان إذا عود نفسه أن يقف عند الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ويستنبط منها الدروس والعبر، يستفيد كثيراً خاصة حين يتجرد من المقاصد الشخصية أو من الآراء المسبقة، بحيث لا يكون نظره في القرآن والسنة نظر إنسان كوّن رأياً يريد أن يبحث عن دليل له، لا! إنما نظره نظر مستسلم للنص، يريد أن يفهم ما يدل عليه النص؛ ليطبقه على الواقع.
إننا نعلم -أيها الإخوة- أن القرآن الكريم لم يكن نـزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاباً مكتملاً من أوله إلى آخره ليتلوه على الناس، بل نـزل منجماً على حسب الوقائع والأحداث:
وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنـزَّلْنَاهُ تَنـزِيلاً [الإسراء:106] فنـزل القرآن مفرقاً بحسب الوقائع، يقع في المجتمع حادثة، فينـزل القرآن الكريم يعالج هذه الحادثة، لكن أمد النص أوسع من الحادثة، ولذلك يقول الأصوليون: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، بمعنى أن القرآن حين ينـزل، أو توجيهات الرسول عليه الصلاة والسلام أيضاً وإن كان لها سبب محدد معروف للمجتمع المدني في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام إلا أن النص يعالج هذه الحادثة إلى يوم القيامة وإلى قيام الساعة.
ولذلك فإنني سوف أقف معكم في هذه الجلسة مع حديث من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، ومع نظر وتأمل في هذا الحديث من جهة، ثم نظرة إلى الواقع من جهة أخرى، وعرضه على ذلك الحديث، تطبيقاً للمبدأ الذي ذكرته قبل قليل.
فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن أعرابياً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فسأله عن الهجرة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:{ويحك! إن شأن الهجرة لشديد، فهل لك من إبل تؤدي حقها؟ قال: نعم! قال: فاعمل من وراء البحار؛فإن الله لن يترك من عملك شيئاً}.
حال الأعرابي
مكانة الهجرة
رد الرسول على الأعرابي
الوقفة التي نقفها أمام هذا الحديث هي أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان ينـزل الناس منازلهم، ويعطي كل إنسان من التوجيه بقدر طاقته، أرأيتم لو كان عند إنسان منا مصباح كهربائي، له نسبة معينة أو طاقة معينة، فربط هذا المصباح بتيار كهربائي أقوى منه، ماذا تكون النتيجة؟
النتيجة أنه يحترق! وكذلك العكس: لو ربط بتيار كهربائي أضعف منه، فإنه لا يؤدي طاقته كاملة، بل قد لا يؤدي طاقته بالكلية -أحياناً-.
معاملة الرسول للناس على قدر طاقتهم
إذاً فكل إنسان له طاقة ينبغي أن يعامل على ضوئها، فلا يزاد له فيظلم ويحمل ما لا يطيق، ولا ينقص منه فلا يؤدي ما يمكن أن يقوم به.
حديث آخر يعضد ما سبق
اختلاف الواجب من الناحية الشرعية
إنسان عنده أموال طائلة.. ملايين أو بلايين الريالات، هل مقدار الزكاة الواجبة عليه مثل مقدار الزكاة الواجبة على إنسان لا يملك إلا مبلغاً بسيطاً، هل مقدار الزكاة متفق في الحالين؟ فالزكاة تزداد بحسب كثرة المال الذي أعطاه الله للإنسان، حتى يصل الإنسان إلى حالة لا يجب عليه فيها زكاة، متى ذلك؟ إذا لم يبلغ ماله نصاباً، فلا زكاة عليه ما لم يبلغ نصاباً فمن شروط وجوب الزكاة: بلوغ النصاب.
والكلام نفسه يقال في أشياء أخرى، مثلاً: العلم، إنسان عامي لا يعرف من الدين إلا ما لا بد له منه من القضايا الكلية، هل المطلوب من هذا العامي أن يفتي ويجتهد في النوازل التي تنـزل بالأمة؟ لا! إنما لو تدخل في هذا الأمر لكان مقحماً نفسه فيما لا يصلح له وفيما ليس له بأهل، لكن لما تأتي إلى عالم آخر أعطاه الله من العلم في القرآن والسنة والفهم والبيان والقدرة والقبول ما لم يعط غيره، أليس من الواجب عليه أن يقوم بزكاة هذا العلم الذي أعطاه الله جل وعلا بالفتوى والتعليم ونفع الناس؟ لا شك أن هذا هو الواجب، فاختلف الواجب الشرعي بحسب ما أعطى الله هذا العالم من العلم.
عندك إنسان -مثلاً- أعطاه الله عقلاً وذكاءً، وآخر دون ذلك، فهل يطالبون شرعاً؟ كل إنسان يطالب بما يستطيع لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286].
هذا الرجل أعرابي من سكان البادية، ليس من السابقين الأولين، ولا المهاجرين المعروفين، ولا من الأنصار الذين تبوءوا الدار والإيمان، بل هو أعرابي من البادية جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة وكان السؤال الذي وجهه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يتعلق بشعيرة عظيمة هي الهجرة إلى الله ورسوله.
استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
أحاديث موضوعة متداولة | 5155 استماع |
حديث الهجرة | 5026 استماع |
تلك الرسل | 4157 استماع |
الصومال الجريح | 4148 استماع |
مصير المترفين | 4126 استماع |
تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة | 4054 استماع |
وقفات مع سورة ق | 3979 استماع |
مقياس الربح والخسارة | 3932 استماع |
نظرة في مستقبل الدعوة الإسلامية | 3874 استماع |
العالم الشرعي بين الواقع والمثال | 3836 استماع |