كيف نلتزم بالإسلام


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.

أما بعد:

فإن الله سبحانه وتعالى بعث الرسول صلى الله عليه وسلم على فترة من الرسل واقتراب من الساعة وجهالة من الناس فجاء بهذه الملة السمحة التي كان كل الأديان إعداداً لها، مصدقاً لما بين يديه من الحق ومهيمناً عليه وكان دينه ناسخاً لجميع الأديان التي قبله، وقد جاء صلى الله عليه وسلم بالدين الحق من عند الله فقد قال الله تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِسْلامُ[آل عمران:19]، وقال تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ[آل عمران:85].

وهذا الدين الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند الله صدقته المعجزات الظاهرة الباهرة، التي لا تدع مجالاً للشك، فقد جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الأمة الأمية التي لا تحسب ولا تكتب؛ فجاء بهذا القرآن الذي تضمن علم الأولين والآخرين، وتضمن كل ما يحتاج الناس إليه إلى قيام الساعة، وقد تعهد بحفظه، وتولى ذلك بنفسه، فقال فيه: لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ[فصلت:42]، وبين أنه تبيان لكل ما يحتاج الناس إليه فقال: تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ[النحل:89]، وقد أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يبينه للناس فقال: وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ[النحل:44] وقد بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنته القولية والفعلية، ولا يرضى الله سبحانه وتعالى لعباده إلا التمسك بما جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم فقد قامت الحجة به على الناس جميعاً؛ فلا يستطيع أحد منهم أن يقول: مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ[المائدة:19]، فكلهم مجبرون بعد ثبوت الحجة وإقامتها على الاطمئنان بصدق هذا الرسول الكريم وبصدق ما جاء به من عند الله.

ثم بعد ذلك الاتباع الذي هو فائدة القناعة؛ فإن الله سبحانه وتعالى بنى هذا الدين على أركان الإسلام التي هي الشهادتان: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ثم إقام الصلاة، ثم إيتاء الزكاة، ثم صيام رمضان، ثم حج البيت، وبعد ذلك اجتناب النواهي الكبرى التي حذر الله منها ورتب عليها حدوداً في الدنيا وعقوبة في الآخرة.

وهذه الأركان أولها الشهادتان: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، والشهادة لها أربع مقامات:

المقام الأول: العلم بمقتضاها، أن يعلم الإنسان ما يشهد به؛ فمن شهد بشيء لا يعلمه فهو كاذب مبطل، وقد قال الله تعالى: وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ[يوسف:81]، وقال تعالى: إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ[الزخرف:86]؛ فلا بد في الشهادة من تحقيق العلم أولاً.

ثم المرتبة الثانية: النطق بذلك بالإقرار به، أن ينطق الإنسان به مقراً.

ثم المرتبة الثالثة: أن يلتزم مقتضاه، أي: أن يلتزم ما تقتضيه هذه الشهادة.

ثم المرتبة الرابعة: أن يسعى لإلزام الغير بمقتضى هذه الشهادة، أي: أن يسعى لأن يلتزم الآخرون بمقتضى هذه الشهادة.

وهاتان الشهادتان العظيمتان مقتضاهما سبعة أمور؛ أما شهادة أن لا إله إلا الله فمقتضياتها أربع، هي:

العلم بربوبية الله

أولاً: أن يعلم الإنسان أنه ليس لهذا الكون مدبر خالق فاطر إلا الله وحده سبحانه وتعالى.

توحيد الألوهية والعبادة

ثم المقتضى الثاني: أن يعلم الإنسان أنه ليس في هذا الكون من يستحق أن يعبد وتعلق به الحوائج إلا الله سبحانه وتعالى وحده.

توحيد التشريع

ثم المقتضى الثالث: أن يعلم الإنسان أن هذا الكون ليس فيه أحد يستحق التشريع بالحكم بالتحليل والتحريم إلا الله وحده؛ فلا يمكن أن يحل ولا أن يحرم إلا علام الغيوب، الذي يعلم مآلات الأمور وما تصل إليها؛ أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ[الملك:14].

حب الله عز وجل

المقتضى الرابع: أن يحب الإنسان الله عز وجل حب الإلهية، وقد قال الله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا للهِ[البقرة:165]، وتحقيق محبة الله تعالى تقتضي اتباع ما أرسل به رسوله صلى الله عليه وسلم، والحرص على التقرب إليه بالأعمال الصالحة، والابتعاد عن كل ما نهى عنه؛ فهذا ما تقتضيه محبته، فمن كان يزعم حبه وهو لا يطيعه ولا يتقرب إليه ولا يريد أن يكون من عباده الذين يتصلون به؛ فهذا كاذب في دعواه المحبة.

أولاً: أن يعلم الإنسان أنه ليس لهذا الكون مدبر خالق فاطر إلا الله وحده سبحانه وتعالى.

ثم المقتضى الثاني: أن يعلم الإنسان أنه ليس في هذا الكون من يستحق أن يعبد وتعلق به الحوائج إلا الله سبحانه وتعالى وحده.

ثم المقتضى الثالث: أن يعلم الإنسان أن هذا الكون ليس فيه أحد يستحق التشريع بالحكم بالتحليل والتحريم إلا الله وحده؛ فلا يمكن أن يحل ولا أن يحرم إلا علام الغيوب، الذي يعلم مآلات الأمور وما تصل إليها؛ أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ[الملك:14].

المقتضى الرابع: أن يحب الإنسان الله عز وجل حب الإلهية، وقد قال الله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا للهِ[البقرة:165]، وتحقيق محبة الله تعالى تقتضي اتباع ما أرسل به رسوله صلى الله عليه وسلم، والحرص على التقرب إليه بالأعمال الصالحة، والابتعاد عن كل ما نهى عنه؛ فهذا ما تقتضيه محبته، فمن كان يزعم حبه وهو لا يطيعه ولا يتقرب إليه ولا يريد أن يكون من عباده الذين يتصلون به؛ فهذا كاذب في دعواه المحبة.

أما شهادة أن محمداً رسول الله؛ فهي تقتضي ثلاثة أمور:

تصديق الرسول بكل ما أخبر به عن الله

المقتضى الأول: تصديقه في كل ما أخبر به، وكل ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم مما صح عنه، فلا بد أن نصدقه فيه وأن نعلم أنه الحق، وأن نعلم أنه لا يمكن أن نشهد أنه رسول الله، ثم بعد ذلك نشكك في شيء مما جاء من عنده؛ فهذا لا يمكن أن يتم، فمن شهد أنه رسول الله معناه أن الله سبحانه وتعالى أرسله ولا يرسل الله الكذابين، ولا يختار لتبليغ رسالاته إلى عباده إلا من كان أميناً على ذلك، والله سبحانه وتعالى هو القادر على العباد جميعاً، وقد قال تعالى: وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ[الحاقة:44-47].

طاعة الرسول في كل ما أمر به

ثم بعد هذا المقتضى الثاني من مقتضيات شهادة أن محمداً رسول الله: أن يطاع في كل ما أمر به؛ فلا بد أن يستعد الإنسان لطاعة النبي صلى الله عليه وسلم في كل ما يأمر به، سواءً وافق هواه أو خالفه، فالذي يقر بأنه رسول الله ولكنه مع ذلك يأخذ بعض ما جاء به ويرد عليه بعضه لا يمكن أن يكون مصدقاً برسالته؛ لأن رسالته تقتضي طاعته كما قال الله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللهِ[النساء:64]، وهذه الطاعة لا بد أن يقع معها الاستسلام المطلق لأمره وتمام محبته؛ فقد قال الله تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا[النساء:65]، فلا بد من الاستسلام الكامل لأوامر النبي صلى الله عليه وسلم وذلك يقتضي تمام محبته؛ فإنه صلى الله عليه وسلم قال: ( والذي نفس محمد بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين )، فلا يؤمن أحد تمام الإيمان إلا بتمام محبة النبي صلى الله عليه وسلم التي من لوازمها طاعته في كل ما أمر به.

أن لا يعبد الله إلا بما جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم

المقتضى الثالث من مقتضيات شهادة أن محمداً رسول الله: أن لا يعبد الله إلا بما بلغ عنه؛ فليس لنا وسيلة للتعرف إلى مراد الله عز وجل إلا ما جاء به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من عنده، فليس في هذه الأمة رسول سواه، ولا يمكن أن يأتيها وحي إلا ما جاءه؛ فلذلك لا بد من الاقتصار على ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وعدم تعدي ذلك وتجاوزه، ومن تعدى ذلك وتجاوزه فإنما يسلك بنيات الطريق، أي: يميل عن طريق الحق يميناً أو شمالاً.

المقتضى الأول: تصديقه في كل ما أخبر به، وكل ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم مما صح عنه، فلا بد أن نصدقه فيه وأن نعلم أنه الحق، وأن نعلم أنه لا يمكن أن نشهد أنه رسول الله، ثم بعد ذلك نشكك في شيء مما جاء من عنده؛ فهذا لا يمكن أن يتم، فمن شهد أنه رسول الله معناه أن الله سبحانه وتعالى أرسله ولا يرسل الله الكذابين، ولا يختار لتبليغ رسالاته إلى عباده إلا من كان أميناً على ذلك، والله سبحانه وتعالى هو القادر على العباد جميعاً، وقد قال تعالى: وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ[الحاقة:44-47].

ثم بعد هذا المقتضى الثاني من مقتضيات شهادة أن محمداً رسول الله: أن يطاع في كل ما أمر به؛ فلا بد أن يستعد الإنسان لطاعة النبي صلى الله عليه وسلم في كل ما يأمر به، سواءً وافق هواه أو خالفه، فالذي يقر بأنه رسول الله ولكنه مع ذلك يأخذ بعض ما جاء به ويرد عليه بعضه لا يمكن أن يكون مصدقاً برسالته؛ لأن رسالته تقتضي طاعته كما قال الله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللهِ[النساء:64]، وهذه الطاعة لا بد أن يقع معها الاستسلام المطلق لأمره وتمام محبته؛ فقد قال الله تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا[النساء:65]، فلا بد من الاستسلام الكامل لأوامر النبي صلى الله عليه وسلم وذلك يقتضي تمام محبته؛ فإنه صلى الله عليه وسلم قال: ( والذي نفس محمد بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين )، فلا يؤمن أحد تمام الإيمان إلا بتمام محبة النبي صلى الله عليه وسلم التي من لوازمها طاعته في كل ما أمر به.


استمع المزيد من الشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي - عنوان الحلقة اسٌتمع
خطورة المتاجرة بكلمة الحق 4830 استماع
بشائر النصر 4289 استماع
أسئلة عامة [2] 4133 استماع
المسؤولية في الإسلام 4061 استماع
كيف نستقبل رمضان [1] 4000 استماع
نواقض الإيمان [2] 3947 استماع
عداوة الشيطان 3934 استماع
اللغة العربية 3931 استماع
المسابقة إلى الخيرات 3908 استماع
القضاء في الإسلام 3897 استماع