شرح سنن أبي داود كتاب الطهارة [13]


الحلقة مفرغة

شرح حديث: (توضئوا مما غيرت النار)

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب: الوضوء من اللبن.

حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن عقيل عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب لبناً فدعا بماء فتمضمض، ثم قال: إن له دسماً) ].

هذا الحديث رواه الشيخان والترمذي والنسائي ، وفيه دليل على استحباب المضمضة من شرب اللبن.

ولقد بين النبي صلى الله عليه وسلم العلة فقال: (إن له دسماً)، فيستحب للمسلم إذا شرب لبناً أن يتمضمض إن أراد الصلاة؛ حتى يذهب الدسم وتزول البقايا التي في الفم.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب: الوضوء من اللبن.

حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن عقيل عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب لبناً فدعا بماء فتمضمض، ثم قال: إن له دسماً) ].

هذا الحديث رواه الشيخان والترمذي والنسائي ، وفيه دليل على استحباب المضمضة من شرب اللبن.

ولقد بين النبي صلى الله عليه وسلم العلة فقال: (إن له دسماً)، فيستحب للمسلم إذا شرب لبناً أن يتمضمض إن أراد الصلاة؛ حتى يذهب الدسم وتزول البقايا التي في الفم.

شرح حديث شرب رسول الله اللبن وصلاته بعده بغير وضوء ولا مضمضة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب: الرخصة في ذلك.

حدثنا عثمان بن أبي شيبة عن زيد بن الحباب عن مطيع بن راشد عن توبة العنبري أنه سمع أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب لبناً فلم يمضمض ولم يتوضأ، وصلى).

قال زيد : دلني شعبة على هذا الشيخ ].

شعبة دله عليه؛ لأنه ثقة عنده.

وهذا فيه دليل على جواز ترك المضمضة من شرب اللبن، وأنه ليس بأمر حتم ولا بواجب، وإنما هو مستحب، فإن تمضمض فحسن، وإن ترك فلا حرج، ولا يعتبر هذا الحديث ناسخ للحديث السابق كما زعمه بعضهم، بل فعله عليه الصلاة والسلام يحمل على الاستحباب، وتركه يحمل على الجواز أحياناً.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب: الرخصة في ذلك.

حدثنا عثمان بن أبي شيبة عن زيد بن الحباب عن مطيع بن راشد عن توبة العنبري أنه سمع أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب لبناً فلم يمضمض ولم يتوضأ، وصلى).

قال زيد : دلني شعبة على هذا الشيخ ].

شعبة دله عليه؛ لأنه ثقة عنده.

وهذا فيه دليل على جواز ترك المضمضة من شرب اللبن، وأنه ليس بأمر حتم ولا بواجب، وإنما هو مستحب، فإن تمضمض فحسن، وإن ترك فلا حرج، ولا يعتبر هذا الحديث ناسخ للحديث السابق كما زعمه بعضهم، بل فعله عليه الصلاة والسلام يحمل على الاستحباب، وتركه يحمل على الجواز أحياناً.

شرح حديث جابر في قصة رمي الذي كان يحرسهم في صلاتهد

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب: الوضوء من الدم.

حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع حدثنا ابن المبارك عن محمد بن إسحاق حدثني صدقة بن يسار عن عقيل بن جابر عن جابر رضي الله عنه قال: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم -يعني في غزوة ذات الرقاع- فأصاب رجل امرأة رجل من المشركين، فحلف ألا أنتهي حتى أهريق دماً في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فخرج يتبع أثر النبي صلى الله عليه وسلم، فنزل النبي صلى الله عليه وسلم منزلاً فقال: من رجل يكلؤنا؟ فانتدب رجل من المهاجرين ورجل من الأنصار، فقال: كونا بفم الشعب، قال: فلما خرج الرجلان إلى فم الشعب اضطجع المهاجري وقام الأنصاري يصلي، وأتى الرجل فلما رأى شخصه عرف أنه ربيئة للقوم، فرماه بسهم فوضعه فيه، فنزعه حتى رماه بثلاثة أسهم، ثم ركع وسجد، ثم انتبه صاحبه، فلما عرف أنهم قد نذروا به هرب، فلما رأى المهاجري ما بالأنصاري من الدماء قال: سبحان الله! ألا أنبهتني أول ما رمى، قال: كنت في سورة أقرؤها فلم أحب أن أقطعها!) ].

الحديث من رواية صدقة بن يسار عن عقيل بن جابر ، وعقيل بن جابر مجهول، ولم يرو عنه إلا صدقة بن يسار ، ورواه محمد بن إسحاق في المغازي، ورواه أيضاً أحمد والدارقطني ، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم .

وليس في هذا الحديث دلالة على الوضوء من الدم على فرض صحته، وإنما فيه الاستمرار في الصلاة، والإنسان إذا خرج منه دم أثناء صلاته وكان مستمراً فإنه يستمر في صلاته، ويكون حكمه حكم المستحاضة التي لا ينقطع عنها دمها؛ لأنه لو قطع الصلاة فلن يفيده ذلك؛ لأن الدماء مستمرة، وكذا الإنسان إذا كان به جرح سيال فإنه يستمر في صلاته، وكذا من فيه سلسل البول، ولأن الاستمرار في الصلاة غير ابتدائها، لأنه قبل أن يبتدئ الصلاة سيعالج هذه الدماء حتى ينقطع الدم عنه، ولهذا استمر عمر رضي الله عنه في صلاته لما طعن وجرحه يثعب دماً، وإن كان قد أناب عبد الرحمن بن عوف في الصلاة، إلا أن ظاهره أنه استمر في صلاته، ويمكن التعليل أيضاً بأن الجراحات التي تصيب الغزاة والمجاهدين في الأسفار والغزوات معفو عنها من أجل المشقة، إذ قد لا يتمكن من غسلها، وليس هناك دليل واضح على نجاسة الدم، لكن جاء في قصة المستحاضة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اغسلي عنك الدم وتوضئي وصلي)، فخصه بعضهم بالدم الخارج من الفرج، أما كون الوضوء من الدم واجباً فليس هناك دليل واضح على ذلك، وينبغي التفريق بين كون الدم نجساً أو غير نجس، وبين هل هو ناقض أم لا؟ فالدم المسفوح الذي يخرج من الذبيحة نجس لقوله تعالى: أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا [الأنعام:145]، وكذلك الدم الذي يخرج من الفرج كدم الاستحاضة، وقد نقل النووي الإجماع على ذلك، أما خروج الدم هل هو من نواقض الوضوء؟ فبعض العلماء كالحافظ ابن حجر وغيره يرى أن خروج الشيء الفاحش النجس كالدماء وغيرها من النواقض، وليس هناك دليل واضح يدل على الوجوب، لكن إن توضأ الشخص فهو مستحب؛ إذ فيه الخروج من خلاف من أوجب، لاسيما إذا كان الدم كثيراً.

وفيه: دليل على مشروعية فعل الأسباب، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من يكلؤنا)، وهو رسول الله، وهو سيد المتوكلين، ومع ذلك قال: (من يكلؤنا) أي: من يحفظنا؟ أو من يحرسنا؟ فانتدب المهاجري والأنصاري.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب: الوضوء من الدم.

حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع حدثنا ابن المبارك عن محمد بن إسحاق حدثني صدقة بن يسار عن عقيل بن جابر عن جابر رضي الله عنه قال: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم -يعني في غزوة ذات الرقاع- فأصاب رجل امرأة رجل من المشركين، فحلف ألا أنتهي حتى أهريق دماً في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فخرج يتبع أثر النبي صلى الله عليه وسلم، فنزل النبي صلى الله عليه وسلم منزلاً فقال: من رجل يكلؤنا؟ فانتدب رجل من المهاجرين ورجل من الأنصار، فقال: كونا بفم الشعب، قال: فلما خرج الرجلان إلى فم الشعب اضطجع المهاجري وقام الأنصاري يصلي، وأتى الرجل فلما رأى شخصه عرف أنه ربيئة للقوم، فرماه بسهم فوضعه فيه، فنزعه حتى رماه بثلاثة أسهم، ثم ركع وسجد، ثم انتبه صاحبه، فلما عرف أنهم قد نذروا به هرب، فلما رأى المهاجري ما بالأنصاري من الدماء قال: سبحان الله! ألا أنبهتني أول ما رمى، قال: كنت في سورة أقرؤها فلم أحب أن أقطعها!) ].

الحديث من رواية صدقة بن يسار عن عقيل بن جابر ، وعقيل بن جابر مجهول، ولم يرو عنه إلا صدقة بن يسار ، ورواه محمد بن إسحاق في المغازي، ورواه أيضاً أحمد والدارقطني ، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم .

وليس في هذا الحديث دلالة على الوضوء من الدم على فرض صحته، وإنما فيه الاستمرار في الصلاة، والإنسان إذا خرج منه دم أثناء صلاته وكان مستمراً فإنه يستمر في صلاته، ويكون حكمه حكم المستحاضة التي لا ينقطع عنها دمها؛ لأنه لو قطع الصلاة فلن يفيده ذلك؛ لأن الدماء مستمرة، وكذا الإنسان إذا كان به جرح سيال فإنه يستمر في صلاته، وكذا من فيه سلسل البول، ولأن الاستمرار في الصلاة غير ابتدائها، لأنه قبل أن يبتدئ الصلاة سيعالج هذه الدماء حتى ينقطع الدم عنه، ولهذا استمر عمر رضي الله عنه في صلاته لما طعن وجرحه يثعب دماً، وإن كان قد أناب عبد الرحمن بن عوف في الصلاة، إلا أن ظاهره أنه استمر في صلاته، ويمكن التعليل أيضاً بأن الجراحات التي تصيب الغزاة والمجاهدين في الأسفار والغزوات معفو عنها من أجل المشقة، إذ قد لا يتمكن من غسلها، وليس هناك دليل واضح على نجاسة الدم، لكن جاء في قصة المستحاضة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اغسلي عنك الدم وتوضئي وصلي)، فخصه بعضهم بالدم الخارج من الفرج، أما كون الوضوء من الدم واجباً فليس هناك دليل واضح على ذلك، وينبغي التفريق بين كون الدم نجساً أو غير نجس، وبين هل هو ناقض أم لا؟ فالدم المسفوح الذي يخرج من الذبيحة نجس لقوله تعالى: أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا [الأنعام:145]، وكذلك الدم الذي يخرج من الفرج كدم الاستحاضة، وقد نقل النووي الإجماع على ذلك، أما خروج الدم هل هو من نواقض الوضوء؟ فبعض العلماء كالحافظ ابن حجر وغيره يرى أن خروج الشيء الفاحش النجس كالدماء وغيرها من النواقض، وليس هناك دليل واضح يدل على الوجوب، لكن إن توضأ الشخص فهو مستحب؛ إذ فيه الخروج من خلاف من أوجب، لاسيما إذا كان الدم كثيراً.

وفيه: دليل على مشروعية فعل الأسباب، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من يكلؤنا)، وهو رسول الله، وهو سيد المتوكلين، ومع ذلك قال: (من يكلؤنا) أي: من يحفظنا؟ أو من يحرسنا؟ فانتدب المهاجري والأنصاري.

شرح حديث ابن عمر: (في رقدتهم لانتظار الصلاة)

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب في الوضوء من النوم.

حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل حدثنا عبد الرزاق أنبأنا -وفي رواية- حدثنا ابن جريج أخبرني نافع حدثني عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شُغل عنها ليلة فأخرها حتى رقدنا في المسجد، ثم استيقظنا ثم رقدنا، ثم استيقظنا ثم رقدنا، ثم خرج علينا فقال: ليس أحد ينتظر الصلاة غيركم) ].

هذا الحديث رواه الشيخان. وقوله: (رقدنا ثم استيقظنا) يعني: نعسنا، فالمراد برقدنا النعاس، وفيه دليل على أن النعاس لا ينقض الوضوء، وكذلك خفقان الرأس، وإنما الذي ينقضه النوم المستغرق الذي يزول معه الإحساس، كما في حديث صفوان بن عسال : (أمرنا أن لا ننزع أخفافنا ثلاثة أيام إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم)، فقوله: (ولكن من غائط وبول ونوم) يعني: النوم المستغرق، وهذا هو الجمع بين الحديثين، فهذا الحديث فيه النوم والمراد به النعاس، وحديث صفوان فيه النوم والمراد به النوم المستغرق الذي يزول معه الإحساس.

وقال الألباني عن حديث ابن عمر : حديث حسن.

وقد صححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم . كذلك أيضاً أخرجه محمد بن إسحاق في المغازي.

شرح حديث: (كان أصحاب رسول الله ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رءوسهم ...)

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ حدثنا شاذ بن فياض حدثنا هشام الدستوائي عن قتادة عن أنس رضي الله عنه قال: (كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رءوسهم ثم يصلون ولا يتوضئون) ].

وهذا يبين الحديث السابق وأن المراد بالنوم هو خفقان الرأس والنعاس. وهذا الحديث رواه مسلم .

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وزاد فيه شعبة عن قتادة قال: كنا نخفق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورواه ابن أبي عروبة عن قتادة بلفظ آخر. حدثنا موسى بن إسماعيل وداود بن شبيب ، قالا: حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني أن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (أقيمت صلاة العشاء فقام رجل فقال: يا رسول الله! إن لي حاجة، فقام يناجيه حتى نعس القوم أو بعض القوم، ثم صلى بهم ولم يذكر وضوءاً) ].

هذا الحديث رواه مسلم ، ولم يذكر وضوءاً، ورواه أيضاً الشيخان عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس ، وفيه: أن الصحابة كانوا ينعسون وهم ينتظرون الصلاة فيصلون ولا يتوضئون، وأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، مما دل على أن النعاس لا يوجب الوضوء، بل لا يوجب الوضوء إلا النوم المستغرق الذي يزول معه الإحساس.

وفيه: جواز مناجاة الواحد إذا كان عنده جماعة، والمناجاة يعني: التكلم معه بخفاء وإسرار، وإنما المنهي أن يتناجى اثنان ويكون معهم ثالث فيتركونه، أو يتناجى ثلاثة معهم رابع وهكذا، وأما إذا تناجى اثنان وهناك اثنان أو ثلاثة أو أربعة فلا حرج، والعلة في المناجاة المنهي عنها أن ذلك الأمر يحزنه، كما جاء في الحديث: (إذا تناجى اثنان ومعهم ثالث فإن ذلك يحزنه) ولأنه قد يتصور أنهم يتكلمون فيه.

وفيه: أنه إذا أقيمت الصلاة وأطال الفصل فلا تعاد الإقامة، ولهذا أقيمت الصلاة وناجى النبي صلى الله عليه وسلم هذا الرجل، ثم صلى ولم يعد الإقامة، وهذا الرجل قيل: إنه رجل له شأن في الإسلام، والله أعلم.

وفيه: حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم لمناجاة هذا الرجل. وفيه: تقديم المهمات والأمور المهمة، وأن هذا لا يؤثر ولو كان بعد إقامة الصلاة.

شرح حديث ابن عباس في الوضوء من النوم حال الاضطجاع

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ حدثنا يحيى بن معين وهناد بن السري وعثمان بن أبي شيبة عن عبد السلام بن حرب ، وهذا لفظ حديث يحيى : عن أبي خالد الدالاني عن قتادة عن أبي العالية عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسجد وينام وينفخ ثم يقوم فيصلي ولا يتوضأ، فقلت له: صليت ولم تتوضأ وقد نمت، فقال: إنما الوضوء على من نام مضطجعاً) ].

هذا الحديث أوله ثابت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينام وينفخ ويصلي ولا يتوضأ؛ لأن نومه صلى الله عليه وسلم لا ينقض وضوءه، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (إنما تنام عيناي ولا ينام قلبي).

وهذا من خصائصه عليه الصلاة والسلام.

أما قوله: (إنما الوضوء على من كان مضطجعاً) هذه لفظة منكرة؛ لأنها من طريق أبي خالد الدالاني ، وأبو خالد الدالاني هذا ضعيف يروي المناكير، وهذه اللفظة منكرة، والمنكر: هو مخالفة الضعيف للثقات. والبخاري لما روى هذا الحديث عن ابن عباس لم يذكر هذه اللفظة؛ لأنها منكرة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ زاد عثمان وهناد : فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله.

قال أبو داود: قوله: (الوضوء على من نام مضطجعاً) هو حديث منكر لم يروه إلا يزيد أبو خالد الدالاني عن قتادة ، وروى أوله جماعة عن ابن عباس رضي الله عنهما ولم يذكروا شيئاً من هذا ].

وهذا الحديث فيه تدليس قتادة ، وفيه ضعف أبي خالد الدالاني ومخالفة الثقات.

أما عبد السلام بن حرب فهو ثقة حافظ له مناكير، وهذا من مناكيره.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم محفوظاً.

وقالت عائشة رضي الله عنها: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تنام عيناي ولا ينام قلبي)، وقال شعبة : إنما سمع قتادة من أبي العالية أربعة أحاديث: حديث يونس بن متى ، وحديث ابن عمر رضي الله عنهما في الصلاة، وحديث: القضاة ثلاثة، وحديث ابن عباس رضي الله عنهما: حدثني رجال مرضيون منهم عمر، وأرضاهم عندي عمر رضي الله عنهم ].

يعني: أن شعبة إنما روى عنه قتادة عن أبي العالية أربعة أحاديث وهذا الحديث ليس منها: (إنما الوضوء على من كان مضطجعاً)، فيكون منقطعاً غير ثابت.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وذكرت حديث يزيد الدالاني لـأحمد بن حنبل فانتهرني استعظاماً له ].

أي: لأنه منكر، وكأنه يقول له: لا تذكر هذا الحديث على أنه صحيح، إنما هو ضعيف.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ فقال: ما لـيزيد الدالاني يدخل على أصحاب قتادة ؟ ولم يعبأ بالحديث ].

قوله: (ولم يعبأ بالحديث) يعني: بزيادة (الوضوء على من كان مضطجعاً).

وقوله: (يدخل على أصحاب قتادة ) يعني: على شيوخه، فدل على أن هذه اللفظة منكرة لا يعول عليها.

وأخذ بعضهم بهذا وقال: إن الوضوء لا يجب إلا على من كان مضطجعاً، والنوم فيه خلاف طويل، فقال بعضهم: الوضوء مطلقاً لا ينقض، وبعضهم قال: ينقض مطلقاً حتى النعاس، وبعضهم قال: لا ينقض الوضوء إلا إذا كان راكعاً أو ساجداً، وبعضهم يقول: إذا كان مضطجعاً.

والصواب: أن النوم المستغرق الذي يزول معه الإحساس هو الذي ينقض الوضوء، وأما النعاس وخفقان الرأس فهذا لا يؤثر، وبهذا تجتمع الأدلة كما في حديث صفوان بن عسال: (ولكن من غائط وبول ونوم) قال: فالنوم ينقض الوضوء، والأحاديث الصحيحة تذكر أن الصحابة كانوا يجلسون وتخفق رءوسهم وهم ينتظرون الصلاة، ثم يقومون للصلاة ولا يتوضئون، فدل على أنه يجمع بين الحديثين بهذا. وإذا كانت في النوم رؤيا فهو مستغرق.

شرح حديث: (العينان وكاء السه، فمن نام فليتوضأ)

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ حدثنا حيوة بن شريح الحمصي في آخرين قالوا: حدثنا بقية عن الوضين بن عطاء عن محفوظ بن علقمة عن عبد الرحمن بن عائذ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وكاء السه العينان فمن نام فليتوضأ) ].

هذا الحديث رواه ابن ماجة ، والسه: الدبر، والوكاء: هو الرباط، والمعنى: أن العينين رباط للحدث ورباط للدبر، فمن كان مستيقظاً فإنه يعلم بخروج الحدث ويمنع نفسه، وأما إذا نام فإن الحدث يخرج وهو لا يشعر.

والحديث فيه بقية بن الوليد وهو كثير التدليس، وفيه الوضين بن عطاء وهو متكلم فيه، فقد وثقه أحمد وابن معين وضعفه بعضهم.

قال ابن حجر رحمه الله في التلخيص الحبير: وحسن المنذري وابن الصلاح والنووي حديث علي هذا.

والحديث أخرجه ابن ماجة والبيهقي من طريق بقية به، وأحمد والدارقطني .

وقال: وهم -يقصد من ذكر عبد الرحمن بن عائذ من الصحابة- قال: ووهم من من ذكره من الصحابة.

والحديث أخرجه ابن ماجة والبيهقي من طريق بقية وأحمد والدارقطني ، وحسن المنذري وابن الصلاح والنووي حديث علي هذا، وقال أبو زرعة : لم يسمع من علي ، وقال ابن حجر في التلخيص: وفي هذا النفي نظر؛ لأنه يروي عن عمر كما جزم به البخاري .

ومعنى قوله: (وكاء السه العينان، فمن نام فليتوضأ) أي: أن الإنسان إذا كان مستيقظاً فإنه سيعلم بخروج الحدث، وسيمنع نفسه من ذلك، وأما إذا كان نائماً فإن الحدث سيخرج منه، فالاستغراق في النوم ناقض للوضوء.