شرح سنن أبي داود كتاب الطهارة [1]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلى الله تعالى على رسوله محمد الذي جعل اتباعه سبباً لكفارة السيئات، وعلى آله وأزواجه وسائر أصحابه الذين نالوا به المنازل الرفيعة والدرجات.

أما بعد:

فيقول العبد الفقير إلى الله تعالى أبو عبد الرحمن شرف الحق الشهير بـمحمد أشرف بن أمير بن علي بن حيدر الصديقي العظيم آبادي غفر الله لهم وستر عيوبهم:

[ إن هذه الفوائد المتفرقة والحواشي النافعة على أحاديث سنن الإمام الهمام المجتهد المطلق أبي داود سليمان بن أشعث السجستاني رضي الله تعالى عنه جمعتها من كتب أئمة هذا الشأن رحمهم الله تعالى، مقتصراً على حمل بعض المطالب العالية، وكشف بعض اللغات المغلقة، وتراكيب بعض العبارات، مجتنباً عن الإطالة والتطويل، إلا ما شاء الله تعالى، وسميتها بـ(عون المعبود على سنن أبي داود ) تقبل الله مني].

قوله: (عون المعبود على سنن أبي داود ) المعبود: هو الله سبحانه وتعالى، وهذا شرح من أمثل الشروح الموجودة المطبوعة الآن، وإن كان فيه بعض النقص؛ لكن مع ضمه إلى تهذيب السنن لـابن القيم ومع مراجعة كتب الرجال تحصل الفائدة إن شاء الله.

قال رحمه الله: [ والمقصود من هذه الحاشية المباركة الوقوف على معنى أحاديث الكتاب فقط من غير بحث؛ لترجيح الأحاديث بعضها على بعض، إلا على سبيل الإيجاز والاختصار، ومن غير ذكر أدلة المذاهب المتبوعة على وجه الاستيعاب، إلا في المواضع التي دعت إليها الحاجة.

أعان الله تعالى وتبارك على إتمام هذه الحواشي، ونفع بها إخواننا أهل العلم وإياي خاصة.

وأما الجامع لهذه المهمات المذكورة من الترجيح والتحقيق، وبيان أدلة المذاهب والتحقيقات الشريفة وغير ذلك من الفوائد الحديثية في المتون والأسانيد وعللها الشرح الكبير لأخينا العلامة الأعظم الأكرم أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي المسمى بـ(غاية المقصود في حل سنن أبي داود )، وفقه الله تعالى لإتمامه كما وفقه لابتدائه، وهو شرح كبير جليل عظيم الشأن، وشارحه العلامة صرف همته إلى إتمامه، والمشغول فيه بحسب الإمكان، جزاه الله تبارك وتعالى وتقبل منه وجعله خير العقبى.

وإني استفدت كثيراً من هذا الشرح المبارك، وقد أعانني شارحه في هذه الحاشية في جل من المواضع، وأمدني بكثير من المواقع، فكيف يكفر شكره؟!

والباعث على تأييد هذه الحاشية المباركة أن أخانا الأعظم الأمجد أبا الطيب شارح السنن ذكر غير مرة في مجلس العلم والذكر أن شرحي: (غاية المقصود) يطول شرحه إلى غير النهاية، لا أدري كم تطول المدة في إتمامه، والله يعينني.

والآن لا نرضى بالاختصار؛ لكن الحبيب المكرم الشفيق المعظم جامع الفضائل والكمالات خادم سنن سيد الكونين الحاج تطلف حسين العظيم آبادي (ت 133هـ) مصر على تأليف الشرح الصغير سوى غاية المقصود، فكيف أرد كلامه؟!

فأمرني أخونا العلامة الأعظم الأكرم أبو الطيب أدام الله مجده لإبرام هذا المرام فاعتذرت كثيراً، لكن ما قبل عذري، وقال: لا بد عليك هذا الأمر، وإني أعينك بقدر الإمكان والاستطاعة، فشرعت متوكلاً على الله في إتمام هذه الحاشية، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، استغفر الله ربي من كل ذنب وأتوب إليه ].

قال الشيخ الإمام العلامة شمس الدين أبو بكر محمد بن القيم الجوزية الحنبلي غفر الله له: [ الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له رب العالمين، وإله المرسلين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين، ومحجة للسالكين، وحجة على جميع المكلفين، فرق الله برسالته بين الهدى والضلال، والغي والرشاد، والشك واليقين، فهو الميزان الراجح الذي على أقواله وأعماله وأخلاقه توزن الأخلاق والأعمال والأقوال، وبمتابعته والاقتداء به يتميز أهل الهدى من أهل الضلال، أرسله على حين فترة من الرسل فهدى به إلى أقوم الطرق، وأوضح السبل، وافترض على العباد طاعته ومحبته وتأزيره وتوقيره والقيام بحقوقه، وأغلق دون جنته الأبواب، وسد إليها الطرق، فلم يفتح إلا من طريقه، فشرح له صدره، ورفع له ذكره، ووضع عنه وزره ].

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد:

هذا فيه بيان أنه ليس هناك طريق يوصل إلى الله عز وجل إلا من طريق الرسول عليه الصلاة والسلام، ومن تعبد الله بغير الشريعة التي جاء بها الرسول عليه الصلاة والسلام فعبادته باطلة، فقد سدت الطرق التي توصل إلى الله إلا من طريق الرسول عليه الصلاة والسلام؛ فالرسول عليه الصلاة والسلام هو الواسطة بين الله وبين خلقه في تبليغ الرسالة، ولكن ليس هناك واسطة بين الله وبين خلقه في دعائه وعبادته والتضرع إليه؛ لكن الرسول عليه الصلاة والسلام واسطة بين الله وبين خلقه في تبليغ الكتاب والرسالة.

قال ابن القيم رحمه الله: [ وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره، هدى به من الضلالة، وعلم به من الجهالة، وأرشد به من الغي، وفتح به أعيناً عمياً وآذانا صماً وقلوباً غلفاً، فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق الجهاد، لا يرده عنه راد، ولا يصده عنه صاد؛ حتى سارت دعوته مسير الشمس في الأقطار، وبلغ دينه ما بلغ الليل والنهار؛ فصلى الله عليه وعلى آله الطيبين صلاة دائمة على تعاقب الأوقات والسنين، وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

فإن أولى ما صرفت إليه العناية، وجرى المتسابقون في ميدانه إلى أفضل غاية، وتنافس المتنافسون فيه، وشمر إليه العاملون: العلم الموروث عن خاتم المرسلين ورسول رب العالمين، الذي لا نجاة لأحد إلا به، ولا فلاح له في داره إلا بالتعلق بسببه، الذي من ظفر به فقد فاز وغنم، ومن صرف عنه فقد خسر وحرم؛ لأنه قطب السعادة الذي مدارها عليه، وآخية الإيمان الذي مرجعه إليه، فالوصول إلى الله وإلى رضوانه بدونه محال، وطلب الهدى من غيره هو عين الضلال، وكيف يوصل إلى الله من غير الطريق التي جعلها هو سبحانه موصلة إليه، ودالة لمن سلك فيها عليه، بعث رسوله بها منادياً، وأقامه على أعلامها داعياً وإليها هادياً، فالباب عن السالك في غيرها مسدود، وهو عن طريق هداه وسعادته مصدود، بل كلما ازداد كدحاً واجتهاداً ازداد من الله طرداً وإبعاداً؛ ذلك بأنه صد عن الصراط المستقيم، وأعرض عن المنهج القويم، ووقف مع آراء الرجال، ورضي لنفسه بكثرة القيل والقال، وأخلد إلى أرض التقليد، وقنع أن يكون عيالاً على أمثاله من العبيد، لم يسلك من سبل العلم منهاجها، ولم يرتق في درجاته معارجها، ولا تألقت في خلده أنوار بوارقه، ولا بات قلبه يتقلب بين رياضه وحدائقه، لكنه ارتضع من ثدي من لم تطهر بالعصمة لبانه، وورد مشرباً آجناً طالما كدره قلب الوارد ولسانه ].

الماء الآجن هو: الماء المتغير.

قال رحمه الله: [ تضج منه الفروج والدماء والأموال إلى من حل الحلال وحرم الحرام، وتعج منه الحقوق إلى منزل الشرائع والأحكام ].

يتكلم الشيخ رحمه الله عن هؤلاء المنحرفين الذين أحلوا ما حرم الله، وحرموا ما أحل الله.

قال رحمه الله: [ فحق على من كان في سعادة نفسه ساعياً، وكان قلبه حياً واعياً، أن يرغب بنفسه عن أن يجعل كده وسعيه في نصرة من لا يملك له ضراً ولا نفعاً، وألا ينزلها في منازل الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً؛ فإن لله يوماً يخسر فيه المبطلون، ويربح فيه المحقون: وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا [الفرقان:27].. يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا [الإسراء:71]، فما ظن من اتخذ غير الرسول إماماً، ونبذ سنته وراء ظهره، وجعل خواطر الرجال وآراءها بين عينيه وأمامه، فسيعلم يوم العرض أي بضاعة أضاع، وعند الوزن ماذا أحضر من الجواهر أو خرثي المتاع ].

يعني: هل أحضر شيئاً نفيساً، أو شيئاً سافلاً تافهاً ؟!

قال رحمه الله: [ فصل: ولما كان كتاب السنن لـأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني رحمه الله، من الإسلام بالموضع الذي خصه الله به؛ بحيث صار حكماً بين أهل الإسلام، وفصلاً في موارد النزاع والخصام، فإليه يتحاكم المنصفون، وبحكمه يرضى المحققون، فإنه جمع شمل أحاديث الأحكام ورتبها أحسن ترتيب، ونظمها أحسن نظام مع انتقائها أحسن انتقاء واطراحه منها أحاديث المجروحين والضعفاء.

وكان الإمام العلامة الحافظ تقي الدين أبو محمد عبد العظيم المنذري رحمه الله تعالى قد أحسن في اختصاره وتهذيبه، وعزو أحاديثه وإيضاح علله وتقريبه، فأحسن حتى لم يكد يدع للإحسان موضعاً، وسبق حتى جاء من خلفه له تبعاً، جعلت كتابه من أفضل الزاد، واتخذته ذخيرة ليوم المعاد، فهذبته نحو ما هذب هو به الأصل، وزدت عليه من الكلام على علل سكت عنها أو لم يكملها، والتعرض إلى تصحيح أحاديث لم يصححها، والكلام على متون مشكلة لم يفتح مقفلها، وزيادة أحاديث صالحة في الباب لم يشر إليها، وبسطت الكلام على مواضع جليلة؛ لعل الناظر المجتهد لا يجدها في كتاب سواه، فهي جديرة بأن تثنى عليها الخناصر، ويعض عليها بالنواجذ، وإلى الله الرغبة أن يجعله خالصاً لوجهه، موجباً لمغفرته، وأن ينفع به من كتبه أو قرأه أو نظر فيه أو استفاد منه، فأنا أبرأ إلى الله من التعصب والحمية، وجعل سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تابعة لآراء الرجال، منزلة عليها مسوقة إليها، كما أبرأ إليه من الخطأ والزور والسهو، والله سبحانه عند لسان كل قائم وقلبه، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب ].

شرح حديث: (كان إذا ذهب المذهب أبعد)

قال المؤلف رحمه الله: [ كتاب الطهارة.

باب التخلي عند قضاء الحاجة.

حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي قال: حدثنا عبد العزيز -يعني: ابن محمد - عن محمد -يعني: ابن عمرو - عن أبي سلمة عن المغيرة بن شعبة : (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ذهب المذهب أبعد) ].

وهذا فيه بيان استحباب البعد عند قضاء الحاجة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذهب لقضاء الحاجة أبعد؛ حتى لا تراه العيون ولا يسمع له صوت، ولهذا لما كان يوم تبوك تأخر النبي صلى الله عليه وسلم وذهب معه المغيرة وقضى حاجته، ثم جعل المغيرة يصب عليه الماء، وتأخر عن الصحابة في صلاة الفجر، فقدموا عبد الرحمن بن عوف وصلى بهم ركعة ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم والمغيرة .

وهذا يدل على أنه عليه الصلاة والسلام أبعد المذهب، فالسنة أن الإنسان أذا أراد قضاء حاجته في البرية أو الصحراء أنه يبعد ويتوارى عن الناس؛ حتى لا ترى له عورة ولا يسمع له صوت.

والحديث لا بأس بسنده، وهو في الصحيح.

فإن قال قائل: هل هناك فرق بين البول والغائط، فيبعد في الغائط ولا يبعد في البول؟

أقول: لا شك أن الغائط أولى بالاستتار من غيره، والمهم أن يكون الإنسان عنده شيء يتقي به ويستتر به.

شرح حديث: (كان إذا أراد البراز انطلق حتى لا يراه أحد)

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد بن مسرهد أخبرنا عيسى بن يونس ، حدثنا إسماعيل بن عبد الملك عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد البراز انطلق؛ حتى لا يراه أحد) ].

البراز بالفتح المراد به: الخلاء، يعني: قضاء الحاجة، وأصله اسم للصحراء البارزة، ثم أطلق على قضاء الحاجة، وأما البراز بالكسر: فهو من المبارزة.

قال الخطابي : البراز مفتوحة الباء: اسم للفضاء الواسع من الأرض، كنوا به عن حاجة الإنسان كما كنوا بالخلاء عنه، يقال: تبرز الرجل إذا تغوط، وهو أن يخرج إلى البراز، كما قيل: تخلى إذا سار إلى الخلاء، وأكثر الرواة يقولون: البراز بكسر الباء وهو غلط، إنما البراز مصدر: بارزت الرجل في الحرب مبارزة وبرازاً.

والحديث فيه عنعنة أبي الزبير وهو مدلس، لكن الحديث له شواهد.

قال المؤلف رحمه الله: [ كتاب الطهارة.

باب التخلي عند قضاء الحاجة.

حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي قال: حدثنا عبد العزيز -يعني: ابن محمد - عن محمد -يعني: ابن عمرو - عن أبي سلمة عن المغيرة بن شعبة : (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ذهب المذهب أبعد) ].

وهذا فيه بيان استحباب البعد عند قضاء الحاجة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذهب لقضاء الحاجة أبعد؛ حتى لا تراه العيون ولا يسمع له صوت، ولهذا لما كان يوم تبوك تأخر النبي صلى الله عليه وسلم وذهب معه المغيرة وقضى حاجته، ثم جعل المغيرة يصب عليه الماء، وتأخر عن الصحابة في صلاة الفجر، فقدموا عبد الرحمن بن عوف وصلى بهم ركعة ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم والمغيرة .

وهذا يدل على أنه عليه الصلاة والسلام أبعد المذهب، فالسنة أن الإنسان أذا أراد قضاء حاجته في البرية أو الصحراء أنه يبعد ويتوارى عن الناس؛ حتى لا ترى له عورة ولا يسمع له صوت.

والحديث لا بأس بسنده، وهو في الصحيح.

فإن قال قائل: هل هناك فرق بين البول والغائط، فيبعد في الغائط ولا يبعد في البول؟

أقول: لا شك أن الغائط أولى بالاستتار من غيره، والمهم أن يكون الإنسان عنده شيء يتقي به ويستتر به.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد بن مسرهد أخبرنا عيسى بن يونس ، حدثنا إسماعيل بن عبد الملك عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد البراز انطلق؛ حتى لا يراه أحد) ].

البراز بالفتح المراد به: الخلاء، يعني: قضاء الحاجة، وأصله اسم للصحراء البارزة، ثم أطلق على قضاء الحاجة، وأما البراز بالكسر: فهو من المبارزة.

قال الخطابي : البراز مفتوحة الباء: اسم للفضاء الواسع من الأرض، كنوا به عن حاجة الإنسان كما كنوا بالخلاء عنه، يقال: تبرز الرجل إذا تغوط، وهو أن يخرج إلى البراز، كما قيل: تخلى إذا سار إلى الخلاء، وأكثر الرواة يقولون: البراز بكسر الباء وهو غلط، إنما البراز مصدر: بارزت الرجل في الحرب مبارزة وبرازاً.

والحديث فيه عنعنة أبي الزبير وهو مدلس، لكن الحديث له شواهد.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب الرجل يتبوأ لبوله ].

يعني: يختار لبوله مكاناً رخواً كما سيأتي، فلا يبول في أي مكان؛ لأنه إذا بال في أرض صلبة يرتد عليه البول أو شيء من رشاش البول، فلا بد أن يتبوأ ويرتاد لبوله مكاناً رخواً؛ حتى لا يرتد إليه البول أو يصيبه شيء من رشاش البول.

شرح حديث: (إذا أراد أحدكم أن يبول فليرتد لبوله موضعاً)

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل أخبرنا حماد أخبرنا أبو التياح حدثني شيخ قال: لما قدم عبد الله بن عباس البصرة فكان يحدث عن أبي موسى فكتب عبد الله إلى أبي موسى يسأله عن أشياء، فكتب إليه أبو موسى : (إني كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فأراد أن يبول، فأتى دمثاً في أصل جدار فبال، ثم قال صلى الله عليه وسلم: إذا أراد أحدكم أن يبول فليرتد لبوله موضعاً) ].

هذا الحديث ضعيف فيه مبهم، وهو الشيخ الذي يروي عن ابن عباس ، لكن معناه صحيح.

والإنسان يرتاد لبوله مكاناً دمثاً، يعني: لا يبول على شيء صلب؛ لأنه إذا بال على شيء صلب جاءه شيء من رشاش البول، وكذلك أيضاً إذا بال في مكان مرتفع ارتد إليه البول، وإنما يرتاد مكاناً منخفضاً أو أرضاً مستوية ليست صلبة، والحديث رجاله كلهم ثقات ما عدا الشيخ المبهم، فـموسى بن إسماعيل ثقة، وحماد : هو ابن سلمة ، وأبو التياح : روى له البخاري .

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل أخبرنا حماد أخبرنا أبو التياح حدثني شيخ قال: لما قدم عبد الله بن عباس البصرة فكان يحدث عن أبي موسى فكتب عبد الله إلى أبي موسى يسأله عن أشياء، فكتب إليه أبو موسى : (إني كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فأراد أن يبول، فأتى دمثاً في أصل جدار فبال، ثم قال صلى الله عليه وسلم: إذا أراد أحدكم أن يبول فليرتد لبوله موضعاً) ].

هذا الحديث ضعيف فيه مبهم، وهو الشيخ الذي يروي عن ابن عباس ، لكن معناه صحيح.

والإنسان يرتاد لبوله مكاناً دمثاً، يعني: لا يبول على شيء صلب؛ لأنه إذا بال على شيء صلب جاءه شيء من رشاش البول، وكذلك أيضاً إذا بال في مكان مرتفع ارتد إليه البول، وإنما يرتاد مكاناً منخفضاً أو أرضاً مستوية ليست صلبة، والحديث رجاله كلهم ثقات ما عدا الشيخ المبهم، فـموسى بن إسماعيل ثقة، وحماد : هو ابن سلمة ، وأبو التياح : روى له البخاري .

شرح حديث أنس فيما يقال عند دخول الخلاء

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء.

حدثنا مسدد بن مسرهد حدثنا حماد بن زيد وعبد الوارث عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء قال -عن حماد- قال: اللهم إني أعوذ بك -وقال عن عبد الوارث- قال أعوذ بالله من الخبث والخبائث).

قال أبو داود : رواه شعبة عن عبد العزيز : (اللهم إني أعوذ بك)، وقال مرة: (أعوذ بالله)، وقال وهيب : (فليتعوذ بالله) ].

هذا الحديث فيه استحباب قول هذا الذكر عند دخول الخلاء، وهو قول: (اللهم أني أعوذ بك من الخبث والخبائث) وهذا الحديث رواه الشيخان وغيرهما، ويقال خُبُث وخُبْث بضم الباء وبإسكانها والخُبْثُ والخبائث: ذكران الشياطين وإناثهم، وهذا الذكر فيه تعوذ من ذكران الجن والشياطين وإناثهم، قال: (اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث) .

قوله: (إذا دخل الخلاء) يعني: إذا أراد دخول الخلاء كما في قوله عز وجل: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ [النحل:98]، يعني: إذا أردت قراءة القرآن، وهنا إذا دخل الخلاء، يعني: إذا أراد دخول الخلاء قال هذا الدعاء؛ لأنه حال قضاء الحاجة لا يذكر الله، وأما قول: باسم الله فهذه جاءت في حديث ضعيف، ولكن أخذاً بالأدلة العامة فلا بأس، فالمرء يقول: باسم الله عند دخول البيت، وعند الخروج منه، وعند دخول المسجد، وقولك عند دخول الخلاء: (اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث) استعاذة بالله، أعوذ يعني: ألوذ وألتجئ وأعتصم بك يا ألله من الخبث -ذكران الشياطين- والخبائث -إناثهم-.

وقال الحافظ : وقد روى العمري من طريق عبد العزيز بن مختار عن عبد العزيز بن صهيب بلفظ الأمر قال: (إذا دخلتم الخلاء فقولوا: باسم الله، أعوذ بالله من الخبث والخبائث) إسناده على شرط مسلم .

إذاً: قول باسم الله عند دخول الخلاء مشروعة.

قال: [ حدثنا الحسن بن عمرو -يعني: السدوسي - قال: حدثنا وكيع عن شعبة عن عبد العزيز -هو ابن صهيب - عن أنس بهذا الحديث قال: (اللهم إني أعوذ بك) وقال شعبة وقال مرة: (أعوذ بالله).

شرح حديث: (إن هذه الحشوش محتضرة ...)

قال المؤلف رحمه الله تعالى : [ حدثنا عمرو بن مرزوق أخبرنا شعبة عن قتادة عن النضر بن أنس عن زيد بن أرقم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن هذه الحشوش محتضرة، فإذا أتى أحدكم الخلاء فليقل: أعوذ بالله من الخبث والخبائث) ].

وهذا فيه بيان الحكمة من شرعية هذا الدعاء: أن هذه الحشوش محتضرة، والحشوش: جمع حش، وهو مكان قضاء الحاجة، (محتضرة) يعني: تحضرها الشياطين: (فإذا أتى أحدكم الخلاء فليقل: أعوذ بالله الخبث والخبائث) يعني: أعوذ وألوذ وألتجئ وأعتصم بك يا ألله من الخبث والخبائث، من ذكران الشياطين وإناثهم.