خطب ومحاضرات
من أسباب عذاب القبر .. الديون والنياحة [11]
الحلقة مفرغة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن نبينا محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصبحه وسلم تسليماً كثيراً.
وبعد:
فلقد بث الله عز وجل في هذا الكون المنظور، وأنزل في كتابه الكريم المقروء، وأقام من الحجج الباهرات والدلائل الواضحات ما يقيم به الحجة على الناس بمعرفة الطريق إليه رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ [النساء:165].
بصائر الله حجج على عباده
الحق شمس والعيون نواظر لكنها تخفى على العميان |
الأعمى لا يرى الشمس، ولا يضر الشمس عدم رؤية الأعمى لها، ليس عيباً في الشمس ألا يراها الأعمى، فهي شمس يستفيد منها العالمين وإن لم يرها الأعمى.
الحق شمس والعيون نواظر لكنها تخفى على العميان |
ويقول الآخر:
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد وينكر الفم طعم الماء من سقم |
هذه البصائر يقول فيها الله عز وجل في سورة الأنعام: قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ [الأنعام:104] أي: قد قامت عليكم الحجج، ووصلتكم البراهين، فهي بصائر، وليست بصيرة واحدة.
أولاً: فطركم الله على الإيمان، يقول الله عز وجل: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا [الروم:30].
تركيبة الإنسان تركيبة تتلاءم مع هذا الدين، ولهذا يقول أحد السلف : من تأمل خلقة الإنسان يرى أنه مفصل للعبادة. أي: للركوع والسجود والقيام والقعود، كل هذه التفصيلات لتتلاءم وتتوافق مع عملية العبادة التي شرعها الله في هذا الدين.
فالله فطركم على الإيمان، ودائماً الإنسان إذا لبس اللباس المفصل على قدره يرتاح فيه، فالله فطر الإنسان وخلقه وهو الذي شرع هذا الدين وأنزله، فكأن هذا الدين لباس مصمم على مقاسات هذه الفطرة وهذا الإنسان، فإذا لبس الإنسان لباس الفطرة وهو الإسلام عاش سعيداً، وإذا لبس لباساً ليس له لا شك أنه يتضايق، مثاله لو لبست حذاءً ورجلك مقاسها [43] ولبست [40] هل ستشعر بضيق وعدم راحة؟ بدون شك ستشعر بعدم راحة؛ لأن رجلك ستكون محصورة ومتضايقة، أو لبست حذاء مقاس [47] فلا تستطيع أن تمشي لأنك تخبط فيها، لماذا؟ لأنك أعطيت رجلك غير المقاس الذي يصلح لها.
وكذلك اليوم الناس حينما يرفضون دين الله وشريعته وهدايته وكأنهم يلبسون ألبسة ليست مفصلة على حجمهم، فلا يسعدون أبداً، بل يعيشون في عذاب وضيق، ولكن الفطرة التي فطر الله عز وجل الناس عليها، يقول الله عز وجل: أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك:14] بلى، يعلم تبارك وتعالى هذه الخلقة، والتركيبة، والفطرة التي فطر الناس عليها، يوائمها ويوافقها ويناسبها هذا الدين، فإذا جاء الدين وفق هذه الفطرة استراح الإنسان، وشعر بالسعادة والأنس والأمن والطمأنينة في الدنيا والجزاء العظيم في الآخرة بإذن الله، وإذا أعطاها لباساً غير لباسها لا يصلح، ولو حاول أن يغالط نفسه، مهما كان هذا اللباس، من دنيا، أو الملايين لا يشعر الناس بالسعادة؟ لأنهم يموتون بالعذاب، فهذه الملايين تكون سبباً في موتهم، يقول الله عز وجل: فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا [التوبة:55] بالملايين وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ [التوبة:55].
هل الأولاد لباس، بدلاً من أن يعيش الإنسان لنفسه فإنه يعيش لأولاده وزوجته؟ لا. يقول الله: إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ [التغابن:14] .. إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ [التغابن:15] فما هو البديل؟ هل المناصب أو الإمارة والجاه والسلطة بديل؟ لا، ليست ببديل، ربما تكون هذه سبيل عذاب على الإنسان في الدنيا قبل الآخرة.
إذاً: ما هو البديل الصحيح؟
إنه الإيمان والدين، فهذه بصيرة وهداية، بعد ذلك نزل الله كتاباً، وأرسل رسلاً، وجعل في الكون دلالات عليه، من أصغر جزء في المادة وهي الذرة، إلى أكبر جزء في الدنيا وهي المجرة، كلها دلالات على الله.
وفي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد |
هذا الشعر الذي ينبت في رأسك الآن، لماذا شعر رأسك هذا ينبت ويطول، وشعر حاجبيك هذا يقف عند حد معين من علم الشعرة أن تقف عند حد معين؟ ومن علم الشعر أنها تطول إلى حد معين؟ من علم الشعرة التي في الأجفان أن تصل إلى هذه المرتبة واحد سنتيمتر أو سنتيمتر إلا ربع أو نصف سنتيمتر وتقف، لو امتد شعر عيونك وصار طويلاً، ما رأيك كيف تكون؟ لا تستطيع أن تعيش.
إذاً: من هدى هذه الشعرة وعلمها أن تصل إلى هذا المستوى وتقف، وهذا الشعر يطول إلى مستوى أبعد من ذلك من هو؟ إنه الله الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى [طه:50].
من الذي هدى هذه الأسنان، الأسنان التي تصعد وتنشأ في الفك العلوي وتنزل إلى تحت، لماذا لم تطلع إلى فوق، ومن الذي علم الأسنان في الفك السفلي أن تطلع إلى فوق؟ وبعد ذلك من علم هذا السن أنه يستمر في النمو إلى درجة معينة ويتوقف، فلا يطلع أبداً ولا يزيد هذا على هذا، كلها سواء، ما رأيك لو بقي السن على كيفه -مثل ما يقولون: إن الطبيعة خلقته- وطلع السن واستمر في النزول إلى أن يصبح السن في بطنك، والسن الثاني في رأسك، كيف تفعل؟ تظل تنشر أسنانك كل يوم، وكلما نشرته نبت لك سن، لا إله إلا الله!
من علم السن هذا أنه ينبت، لا تطلع ثنية إلا وتحتها ثنية، وبعد ذلك ناب ويطلع تحته ناب، وبعد ذلك ضرس وتحته ضرس، لماذا؟ من أجل أن تستفيد منها، إذ لو طلع لك فوق الضرس وتحته ناب لا تستطيع أن تطحن الطعام، بل تخرب فقط ولا يطحن طعاماً أبداً، لو طلع من فوق قاطع -وهو الثنية- وتحتها ضرس تذهب لتقطع لا يمكن، لكن هذه تقطع وهذه تخرق وهذه تطحن، وبعد ذلك هذا الفك متقدم، ولذلك عندما تنظر إلى سنك تجد أن الفك متقدم على الثاني، لماذا؟ من أجل أن تقص مثل المقص، المقص يجب أن يختلف حداه، لو جئت إلى المقص وتركت السنتين سواء فإنه لا يقص.
وأوجد لك داخل هذا الفم هذا اللسان مثل المحرك، يأخذ الطعام ويقلبه ويطلعه وينزله، وهنا غدد تفرز اللعاب على الطعام بقدر الطعام، ولا يمكن لأحد أبداً أن يعض لسانه، كم لك تأكل من يوم خلقت؟ هل جاء يوم من الأيام -لعله نادر- غلطت بسبب نهم منك أو جشع، أو أكثرت من الأكل فعضيت لسانك، فإذا عضيته قلت: آه، ولا تذوق الزاد ذلك اليوم.
فما رأيك لو أنك كلما أكلت لقمة عضيت لسانك، لكان لسانك قد تقطع، من علم اللسان أن يتحرك هذه الحركة، ويمضغ ويبلع ويهضم ويقضم ولا يعضه سن؟ إنه الله الذي لا إله إلا هو، كل شيء في الكون لو تفكرت فيه لوجدت أن فيه دلالة على الله عز وجل: قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ [الأنعام:104].
وجوب الاكتفاء بالكتاب والسنة في التشريع
أما كتاب الله فيقول الله فيه من أول آية من القرآن: الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ [البقرة:2] ليس فيه شك، تحدٍ صارخ لا شك فيه أبداً، وهاهو القرآن منذ ألف وأربعمائة سنة إلى يومنا هذا، وسيبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ولا يوجد فيه أبداً آية تعارض الأخرى، يقول الله عز وجل: وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً [النساء:82].
الآن الأمم والدول تشرع تضع أنظمة وقوانين على مستويات كثيرة، ولكن لا يمر على التطبيق سنة، إلا ويدخلون تحسينات، وتعديلات، وتفسيرات، والمقصود من المادة كذا وكذا، والمقصود من الباب كذا، لماذا؟ لأنه من خلال التطبيق يتضح الخطأ، لكن من تطبيق كلام الله في حياة البشر لم يتضح ولن يتضح، يقول الله عز وجل: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً [الإسراء:88].. كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ [ص:29] كتاب لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصلت:42].
ولهذا رب العالمين يقول للناس: أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ [العنكبوت:51] وهو دليل واضح على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، كتاب كريم، مائة وأربعة عشر سورة، اشتمل على جميع ما في الأرض (فيه خبر ما قبلكم، وحكم ما بينكم، ونبأ ما بعدكم، هو الفصل ليس بالهزل، ما تركه من جبار إلا قصمه الله) هذا واقع، ومن ابتغى الهدى من غيره أضله الله (هو حبل الله المتين، والذكر الحكيم، والصراط المستقيم، من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم) هذا الكتاب العظيم الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، يقول فيه الإمام الصنعاني في بائيته :
أما آن عما أنت فيه متاب وهل لك من البعاد إياب |
تقضت بك الأعمار في غير طاعة سوى أمل ترضاه وهو وسراب |
ثم قال:
ولم يبق للراجي سلامة دينه سوى عزلة فيها الجليس كتاب |
كتاب حوى كل العلوم وكل ما حواه من العلم الشريف صواب |
فإن رمت تاريخاً رأيت عجائبا ترى آدماً مذ كان وهو تراب |
وشاهدت قابيل قتيل شقيقه يواريه لما أن أراه غراب |
ثم قال بعدها:
ففيه الدواء من كل داء فثق به فوالله ما عنه ينوب كتاب |
جزاء الاعتصام بكتاب الله وعاقبة العمى عنه
أما أن تتعامى هنا عن الله، وتتجاهل دين الله، وتمشي على طريق الشيطان، تنظر وتسمع وتأكل وتسير في الحرام، وتبطش وتزني كل ذلك بالحرام، وتتقاعس عن الطاعات، وترفض دين الله، وبعد ذلك تريد من الله عز وجل أن يقول لك يوم القيامة: عفوت عنك، لا. كن كما يريد الله هنا يكون الله لك كما تريد هناك، كن كما لا يريد الله هنا يكون الله لك يوم القيامة كما لا تريد، والجزاء من جنس العمل، والله يكيل لك يوم القيامة بمكيالك هنا، إن وفيت يوفي لك، وإن طففت فما في الآخرة إلا ويل وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ [المطففين:1] هذه الآية عامة، في المطففين في الماديات والمعنويات، الذي يطفف في المكيال مادياً -أيضاً- هذا يطفف عليه، والذي يطفف في مكياله في العمل الصالح -أيضاً- يطفف عليه، قال عز وجل: قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ [الأنعام:104].
الحافظ لأعمالكم المسجل لخطراتكم هو الله، لستم بمفلوتين، وإنما كل شيء يحصى عليكم ويسجل، حتى الخردلة من العمل وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ [الأنبياء:47] حتى مثاقيل الذر يجزي بها، يقول الله عز وجل: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ [الزلزلة:7-8]. فلا تحسبن -يا أخي- أنك متروك، ولكنك محفوظ ومسجل، فإن حفظت حفظك الله، وإن ضيعت ضعت في الدنيا والآخرة، نعوذ بالله وإياكم من الضياع والضلال.
ما زال الكلام متصلاً حول أسباب عذاب القبر، وقد ذكرنا في الماضي في عشر حلقات الأسباب التي ثبتت الأدلة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها تسبب لصاحبها والواقعِ فيها عذابَ القبر، أي: الفترة البرزخية الواقعة ما بين الموت إلى البعث، هذه فترة لا يعلمها إلا الله، لا نستطيع أن نتحكم فيها، ولا يقدِّر عددها إلا الله عز وجل فهو يعلمها، والناس في قبورهم إما أن يعذبوا وإما أن ينعموا، فالذين يعذبون هم الذين وقعوا في شيء من هذه الكبائر التي ذكرناها، مثل: عدم التنزه من البول، والنميمة، والربا، والزنا، والكذب، وغيرها من الجرائم التي وردت الأدلة أنها تورد الإنسان العذاب ومثل: الذي ينام عن القرآن، والصلاة المكتوبة ويهجر القرآن، هؤلاء يعذبون في قبورهم إلى أن يقوموا من قبورهم، ويكمل لهم العذاب -أعاذنا الله وإياكم من ذلك- وأيضاً هناك أناس ينجيهم الله من العذاب بأسباب تنجي من عذاب القبر، بمجرد ما يتمسك بهذه الأسباب يأتي القبر آمناً، إذا اجتنب الأسباب المعذبة وأتى بالأسباب المنجية، فإنه في قبره في روضة من رياض الجنة.
ولهذا مر علي رضي الله عنه على المقابر فقال: [إن ظاهرها تراب، وباطنها حسرات أو عذاب] وكان يقول: [يا أهل المقابر! السلام عليكم دار قوم مؤمنين -وبعدما يسلم يقول لهم:- أما الديار فقد سكنت، وأما الأموال فقد قسمت، وأما النساء فقد تزوجت، هذه أخبارنا فما أخباركم] يقول: ليس عندنا جديد، ماذا في الدنيا من جديد؟ إذا مات الشخص ماذا يحدث لماله؟ القسمة، ولبيته؟ السكن، وزوجته أن تتزوج، هذه الأخبار الجديدة، ليس هناك جديد عليها، يقول: هل عندكم من جديد؟ ثم يسكت ويجيب عليهم ويقول: [أما والله لو تركوا -يعني: لو أرادوا أن يتكلموا وتركت لهم فرصة للكلام- لقالوا: وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى [البقرة:197]] لا تتزودوا بالمال، فالمال إذا كان من الحرام كان زاداً إلى النار -والعياذ بالله- تزودوا من طاعة الله تبارك وتعالى، فإن خير الزاد التقوى.
بصائر وأنوار وهدايات لكن لا يراها إلا أهل الإيمان، وأهل العيون التي فتحها الله عز وجل على نوره وهدايته.
الحق شمس والعيون نواظر لكنها تخفى على العميان |
الأعمى لا يرى الشمس، ولا يضر الشمس عدم رؤية الأعمى لها، ليس عيباً في الشمس ألا يراها الأعمى، فهي شمس يستفيد منها العالمين وإن لم يرها الأعمى.
الحق شمس والعيون نواظر لكنها تخفى على العميان |
ويقول الآخر:
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد وينكر الفم طعم الماء من سقم |
هذه البصائر يقول فيها الله عز وجل في سورة الأنعام: قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ [الأنعام:104] أي: قد قامت عليكم الحجج، ووصلتكم البراهين، فهي بصائر، وليست بصيرة واحدة.
أولاً: فطركم الله على الإيمان، يقول الله عز وجل: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا [الروم:30].
تركيبة الإنسان تركيبة تتلاءم مع هذا الدين، ولهذا يقول أحد السلف : من تأمل خلقة الإنسان يرى أنه مفصل للعبادة. أي: للركوع والسجود والقيام والقعود، كل هذه التفصيلات لتتلاءم وتتوافق مع عملية العبادة التي شرعها الله في هذا الدين.
فالله فطركم على الإيمان، ودائماً الإنسان إذا لبس اللباس المفصل على قدره يرتاح فيه، فالله فطر الإنسان وخلقه وهو الذي شرع هذا الدين وأنزله، فكأن هذا الدين لباس مصمم على مقاسات هذه الفطرة وهذا الإنسان، فإذا لبس الإنسان لباس الفطرة وهو الإسلام عاش سعيداً، وإذا لبس لباساً ليس له لا شك أنه يتضايق، مثاله لو لبست حذاءً ورجلك مقاسها [43] ولبست [40] هل ستشعر بضيق وعدم راحة؟ بدون شك ستشعر بعدم راحة؛ لأن رجلك ستكون محصورة ومتضايقة، أو لبست حذاء مقاس [47] فلا تستطيع أن تمشي لأنك تخبط فيها، لماذا؟ لأنك أعطيت رجلك غير المقاس الذي يصلح لها.
وكذلك اليوم الناس حينما يرفضون دين الله وشريعته وهدايته وكأنهم يلبسون ألبسة ليست مفصلة على حجمهم، فلا يسعدون أبداً، بل يعيشون في عذاب وضيق، ولكن الفطرة التي فطر الله عز وجل الناس عليها، يقول الله عز وجل: أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك:14] بلى، يعلم تبارك وتعالى هذه الخلقة، والتركيبة، والفطرة التي فطر الناس عليها، يوائمها ويوافقها ويناسبها هذا الدين، فإذا جاء الدين وفق هذه الفطرة استراح الإنسان، وشعر بالسعادة والأنس والأمن والطمأنينة في الدنيا والجزاء العظيم في الآخرة بإذن الله، وإذا أعطاها لباساً غير لباسها لا يصلح، ولو حاول أن يغالط نفسه، مهما كان هذا اللباس، من دنيا، أو الملايين لا يشعر الناس بالسعادة؟ لأنهم يموتون بالعذاب، فهذه الملايين تكون سبباً في موتهم، يقول الله عز وجل: فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا [التوبة:55] بالملايين وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ [التوبة:55].
هل الأولاد لباس، بدلاً من أن يعيش الإنسان لنفسه فإنه يعيش لأولاده وزوجته؟ لا. يقول الله: إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ [التغابن:14] .. إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ [التغابن:15] فما هو البديل؟ هل المناصب أو الإمارة والجاه والسلطة بديل؟ لا، ليست ببديل، ربما تكون هذه سبيل عذاب على الإنسان في الدنيا قبل الآخرة.
إذاً: ما هو البديل الصحيح؟
إنه الإيمان والدين، فهذه بصيرة وهداية، بعد ذلك نزل الله كتاباً، وأرسل رسلاً، وجعل في الكون دلالات عليه، من أصغر جزء في المادة وهي الذرة، إلى أكبر جزء في الدنيا وهي المجرة، كلها دلالات على الله.
وفي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد |
هذا الشعر الذي ينبت في رأسك الآن، لماذا شعر رأسك هذا ينبت ويطول، وشعر حاجبيك هذا يقف عند حد معين من علم الشعرة أن تقف عند حد معين؟ ومن علم الشعر أنها تطول إلى حد معين؟ من علم الشعرة التي في الأجفان أن تصل إلى هذه المرتبة واحد سنتيمتر أو سنتيمتر إلا ربع أو نصف سنتيمتر وتقف، لو امتد شعر عيونك وصار طويلاً، ما رأيك كيف تكون؟ لا تستطيع أن تعيش.
إذاً: من هدى هذه الشعرة وعلمها أن تصل إلى هذا المستوى وتقف، وهذا الشعر يطول إلى مستوى أبعد من ذلك من هو؟ إنه الله الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى [طه:50].
من الذي هدى هذه الأسنان، الأسنان التي تصعد وتنشأ في الفك العلوي وتنزل إلى تحت، لماذا لم تطلع إلى فوق، ومن الذي علم الأسنان في الفك السفلي أن تطلع إلى فوق؟ وبعد ذلك من علم هذا السن أنه يستمر في النمو إلى درجة معينة ويتوقف، فلا يطلع أبداً ولا يزيد هذا على هذا، كلها سواء، ما رأيك لو بقي السن على كيفه -مثل ما يقولون: إن الطبيعة خلقته- وطلع السن واستمر في النزول إلى أن يصبح السن في بطنك، والسن الثاني في رأسك، كيف تفعل؟ تظل تنشر أسنانك كل يوم، وكلما نشرته نبت لك سن، لا إله إلا الله!
من علم السن هذا أنه ينبت، لا تطلع ثنية إلا وتحتها ثنية، وبعد ذلك ناب ويطلع تحته ناب، وبعد ذلك ضرس وتحته ضرس، لماذا؟ من أجل أن تستفيد منها، إذ لو طلع لك فوق الضرس وتحته ناب لا تستطيع أن تطحن الطعام، بل تخرب فقط ولا يطحن طعاماً أبداً، لو طلع من فوق قاطع -وهو الثنية- وتحتها ضرس تذهب لتقطع لا يمكن، لكن هذه تقطع وهذه تخرق وهذه تطحن، وبعد ذلك هذا الفك متقدم، ولذلك عندما تنظر إلى سنك تجد أن الفك متقدم على الثاني، لماذا؟ من أجل أن تقص مثل المقص، المقص يجب أن يختلف حداه، لو جئت إلى المقص وتركت السنتين سواء فإنه لا يقص.
وأوجد لك داخل هذا الفم هذا اللسان مثل المحرك، يأخذ الطعام ويقلبه ويطلعه وينزله، وهنا غدد تفرز اللعاب على الطعام بقدر الطعام، ولا يمكن لأحد أبداً أن يعض لسانه، كم لك تأكل من يوم خلقت؟ هل جاء يوم من الأيام -لعله نادر- غلطت بسبب نهم منك أو جشع، أو أكثرت من الأكل فعضيت لسانك، فإذا عضيته قلت: آه، ولا تذوق الزاد ذلك اليوم.
فما رأيك لو أنك كلما أكلت لقمة عضيت لسانك، لكان لسانك قد تقطع، من علم اللسان أن يتحرك هذه الحركة، ويمضغ ويبلع ويهضم ويقضم ولا يعضه سن؟ إنه الله الذي لا إله إلا هو، كل شيء في الكون لو تفكرت فيه لوجدت أن فيه دلالة على الله عز وجل: قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ [الأنعام:104].
هذا القرآن مملوء بالبصائر، من أول آية بدأ فيه التحدي الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ [البقرة:1-2] لا يوجد إنسان في الدنيا، يؤلف كتاباً ويظل فيه أعواماً حتى يتمه إلا ويقول: نعتذر على التقصير، ونرجو من القارئ الكريم أن يغض الطرف عن الخلل، وإذا لاحظ شيئاً فعليه أن ينبهنا، فإن أحسنت فمن الله وإن أخطأت فمني ومن الشيطان، هذا كله جهد البشر.
أما كتاب الله فيقول الله فيه من أول آية من القرآن: الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ [البقرة:2] ليس فيه شك، تحدٍ صارخ لا شك فيه أبداً، وهاهو القرآن منذ ألف وأربعمائة سنة إلى يومنا هذا، وسيبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ولا يوجد فيه أبداً آية تعارض الأخرى، يقول الله عز وجل: وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً [النساء:82].
الآن الأمم والدول تشرع تضع أنظمة وقوانين على مستويات كثيرة، ولكن لا يمر على التطبيق سنة، إلا ويدخلون تحسينات، وتعديلات، وتفسيرات، والمقصود من المادة كذا وكذا، والمقصود من الباب كذا، لماذا؟ لأنه من خلال التطبيق يتضح الخطأ، لكن من تطبيق كلام الله في حياة البشر لم يتضح ولن يتضح، يقول الله عز وجل: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً [الإسراء:88].. كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ [ص:29] كتاب لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصلت:42].
ولهذا رب العالمين يقول للناس: أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ [العنكبوت:51] وهو دليل واضح على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، كتاب كريم، مائة وأربعة عشر سورة، اشتمل على جميع ما في الأرض (فيه خبر ما قبلكم، وحكم ما بينكم، ونبأ ما بعدكم، هو الفصل ليس بالهزل، ما تركه من جبار إلا قصمه الله) هذا واقع، ومن ابتغى الهدى من غيره أضله الله (هو حبل الله المتين، والذكر الحكيم، والصراط المستقيم، من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم) هذا الكتاب العظيم الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، يقول فيه الإمام الصنعاني في بائيته :
أما آن عما أنت فيه متاب وهل لك من البعاد إياب |
تقضت بك الأعمار في غير طاعة سوى أمل ترضاه وهو وسراب |
ثم قال:
ولم يبق للراجي سلامة دينه سوى عزلة فيها الجليس كتاب |
كتاب حوى كل العلوم وكل ما حواه من العلم الشريف صواب |
فإن رمت تاريخاً رأيت عجائبا ترى آدماً مذ كان وهو تراب |
وشاهدت قابيل قتيل شقيقه يواريه لما أن أراه غراب |
ثم قال بعدها:
ففيه الدواء من كل داء فثق به فوالله ما عنه ينوب كتاب |
يقول الله: وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [آل عمران:101] هذه دلائل واضحة، لكن هذه الدلالات من يستفيد منها؟ أهل الأبصار والعيون، أما الأعمى يقول الله عز وجل فيه: وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ [التوبة:124-125] -والعياذ بالله- قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ [فصلت:44] أي: مخرقة لا يسمعون وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمىً [فصلت:44] نعوذ بالله أن يكون علينا القرآن عمى فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [الحج:46].. قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ [الأنعام:104] الذي يفتح عينيه على الله، وعلى كتاب الله، وقلبه لدين الله، وتوجه إلى الله فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ [الأنعام:104] أنت لا تعمل للجماد ولا للقبيلة، وإنما تعمل لنفسك، وإذا عييت قال: وَمَنْ عَمِيَ [الأنعام:104] لم يبصر الطريق؛ لأنه كلما قيل له اسلك الطريق المستقيم قال: لا. لا يريد الله، لا يريد طريق الله عز وجل، قال: فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا [الأنعام:104] دعه أعمى، ومن عاش في هذه الدنيا أعمى فهو في الآخرة أعمى، لا تتصور أنك تعيش هنا أعمى عن الدين وأن الله يفتح بصرك عليه يوم القيامة؟ لا. افتح بصرك وبصيرتك هنا على دين الله، يفتح الله بصرك وبصيرتك في الجنة إن شاء الله.
أما أن تتعامى هنا عن الله، وتتجاهل دين الله، وتمشي على طريق الشيطان، تنظر وتسمع وتأكل وتسير في الحرام، وتبطش وتزني كل ذلك بالحرام، وتتقاعس عن الطاعات، وترفض دين الله، وبعد ذلك تريد من الله عز وجل أن يقول لك يوم القيامة: عفوت عنك، لا. كن كما يريد الله هنا يكون الله لك كما تريد هناك، كن كما لا يريد الله هنا يكون الله لك يوم القيامة كما لا تريد، والجزاء من جنس العمل، والله يكيل لك يوم القيامة بمكيالك هنا، إن وفيت يوفي لك، وإن طففت فما في الآخرة إلا ويل وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ [المطففين:1] هذه الآية عامة، في المطففين في الماديات والمعنويات، الذي يطفف في المكيال مادياً -أيضاً- هذا يطفف عليه، والذي يطفف في مكياله في العمل الصالح -أيضاً- يطفف عليه، قال عز وجل: قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ [الأنعام:104].
الحافظ لأعمالكم المسجل لخطراتكم هو الله، لستم بمفلوتين، وإنما كل شيء يحصى عليكم ويسجل، حتى الخردلة من العمل وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ [الأنبياء:47] حتى مثاقيل الذر يجزي بها، يقول الله عز وجل: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ [الزلزلة:7-8]. فلا تحسبن -يا أخي- أنك متروك، ولكنك محفوظ ومسجل، فإن حفظت حفظك الله، وإن ضيعت ضعت في الدنيا والآخرة، نعوذ بالله وإياكم من الضياع والضلال.
ما زال الكلام متصلاً حول أسباب عذاب القبر، وقد ذكرنا في الماضي في عشر حلقات الأسباب التي ثبتت الأدلة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها تسبب لصاحبها والواقعِ فيها عذابَ القبر، أي: الفترة البرزخية الواقعة ما بين الموت إلى البعث، هذه فترة لا يعلمها إلا الله، لا نستطيع أن نتحكم فيها، ولا يقدِّر عددها إلا الله عز وجل فهو يعلمها، والناس في قبورهم إما أن يعذبوا وإما أن ينعموا، فالذين يعذبون هم الذين وقعوا في شيء من هذه الكبائر التي ذكرناها، مثل: عدم التنزه من البول، والنميمة، والربا، والزنا، والكذب، وغيرها من الجرائم التي وردت الأدلة أنها تورد الإنسان العذاب ومثل: الذي ينام عن القرآن، والصلاة المكتوبة ويهجر القرآن، هؤلاء يعذبون في قبورهم إلى أن يقوموا من قبورهم، ويكمل لهم العذاب -أعاذنا الله وإياكم من ذلك- وأيضاً هناك أناس ينجيهم الله من العذاب بأسباب تنجي من عذاب القبر، بمجرد ما يتمسك بهذه الأسباب يأتي القبر آمناً، إذا اجتنب الأسباب المعذبة وأتى بالأسباب المنجية، فإنه في قبره في روضة من رياض الجنة.
ولهذا مر علي رضي الله عنه على المقابر فقال: [إن ظاهرها تراب، وباطنها حسرات أو عذاب] وكان يقول: [يا أهل المقابر! السلام عليكم دار قوم مؤمنين -وبعدما يسلم يقول لهم:- أما الديار فقد سكنت، وأما الأموال فقد قسمت، وأما النساء فقد تزوجت، هذه أخبارنا فما أخباركم] يقول: ليس عندنا جديد، ماذا في الدنيا من جديد؟ إذا مات الشخص ماذا يحدث لماله؟ القسمة، ولبيته؟ السكن، وزوجته أن تتزوج، هذه الأخبار الجديدة، ليس هناك جديد عليها، يقول: هل عندكم من جديد؟ ثم يسكت ويجيب عليهم ويقول: [أما والله لو تركوا -يعني: لو أرادوا أن يتكلموا وتركت لهم فرصة للكلام- لقالوا: وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى [البقرة:197]] لا تتزودوا بالمال، فالمال إذا كان من الحرام كان زاداً إلى النار -والعياذ بالله- تزودوا من طاعة الله تبارك وتعالى، فإن خير الزاد التقوى.
إن مما يحدث العذاب والحبس في القبر للميت: الدين، وهو يضر بالميت في قبره.
حرصه صلى الله عليه وسلم على قضاء دين الميت
وبعد ذلك فوق هذا عذاب، إذا كنت باراً بأبيك أو أخيك أو قريبك فأول شيء تفكر فيه بعد موته ديونه، اسأل، اعلن، اتصل بمن تعرف أنه يتعامل معهم، هل عليه لهم دين إما أن يسامحه، أو تتحمله، أو تقضيه إذا كان هناك شيء موجود، المهم أن تسارع في قضاء دينه.
قال: (فاقض عنه، قال: فذهبت فقضيت عنه ثم جئت، وقلت: يا رسول الله! قد قضيت عنه إلا دينارين، ادعتهما امرأة) يقول: كل شيء قضيته إلا دينارين ادعت امرأة أن الدينارين عنده ديناً لها.
قال: (وليست لها بينة) لم تأت بدليل ولا بينة من كتاب أو شهود، على أن لها هذين الدينارين.
فقال صلى الله عليه وسلم: (أعطها فإنها صادقة) صلوات الله وسلامه عليه، تزكية الرسول لها بناء على الوحي، أوحي إليه بأنها صادقة في دعواها، ولهذا قال: أعطها.
وروى البخاري في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن نفس المؤمن معلقة بدينه).ولكن بم يفسر هذا الحبس؟ ما نوع الحبس في القبر؟
يفسره الحديث الآخر الذي ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والحديث رواه أبو داود والنسائي والحاكم والبيهقي وهو صحيح على شرط الشيخين، هذا الحديث يرويه سمرة بن جندب ، قال: (إن النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى على جنازة، فلما انصرف قال: أهاهنا من آل فلان أحد؟ فسكت القوم)، وكان إذا ابتدأهم بشيء سكتوا، لم يكونوا مستعجلين، أن هذا رسول نبي، لا يتكلم الواحد منهم بكلمة إلا وقد وثق منها. (فسكت القوم، فقال ذلك ثلاث مرات، هل هنا من آل فلان أحد؟ -لم يتكلم أحد- فقام رجل فقال: هأنذا، فقام يجر إزاره من مؤخرة الناس، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما منعك في المرتين الأوليين أن تكون أجبتني؟ -سألت مرتين ولم تجب، لماذا لم تجب إلا في الثالثة؟- أما إني لم أنوه باسمك إلا لخير، ثم قال: إن فلاناً -وهو رجل من أقارب هذا الرجل، من الأسرة، من آل فلان- مأسور بدينه عن الجنة -محبوس عن النعيم في القبر وعن الجنة بسبب دينه- فإن شئتم فافدوه، وإن شئتم فأسلموه إلى عذاب الله) لأنه لا يوجد في القبر إلا نعيم أو عذاب، فهذا الدين حجبه وحجزه وحبسه عن نعيم الله والجنة، وبالتالي ماذا يصير له؟ لا يجلس بين الدارين، لا يوجد في الآخرة إلا دار في الجنة أو دار في النار، فأسلموه إلى عذاب الله، قال الرواي سمرة : (فلو رأيت أهله وهم يتحرون أمره؛ قاموا فقضوا عنه حتى لا يطلبه أحد بشيء).
التوسع في الديون يرهق الورثة عند قضائها
ليس من حقك أن تستدين على حساب غيرك، فهذا لا ينبغي، ولهذا جاء في الحديث أن من ضمن الثلاثة الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم: (عائل مستكبر). أي: فقير ويتكبر بحق الناس، ودائماً لا تراه إلا يتوسع في كل شيء، السيارات كل سنة يقوم بتغييرها، والبيت يغيره كل سنة، الموكيت من الدرج إلى الحمامات، وكذلك المجلس يغير فراشه الوثير، ويغير ذهب المرأة، يبيع الأول ويشتري بدلاً منه بزيادة أموال يدفعها من أجل أن تقول: الله يطيل في عمرك يا أبا فلان! وتظل تنفخه بهذه الدعاوي الكاذبة، من أجل أن توقعه في الديون، وإذا ذهب إلى القبر قالت: الله يلهب عظامك، من الذي قال لك تفعل كذا، وهو الذي كان يضعها في موكيتات وثلاجات وذهب وملابس، لكن لما مات ما اهتمت به؛ لأنه لم يرحم نفسه حتى ترحمه امرأته، وما رباها على الإيمان والدين، ولا ربها على الاقتصاد والتدبير، وإنما ربها على التصرف الغير لائق.
وبعد ذلك ليس عنده شيء، ماذا يفعل يذهب ويستدين، إما أن يستقرض من البنوك بأرباح ربوية فيهلك نفسه في الدنيا والآخرة، وأما أن يذهب فيأخذ له ألف كيس أرز، سعر الكيس الأرز مائة وخمسون ريالاً، ويبيع الكيس بمائة ريال، يعني: اشترى ألفاً بمائة وخمسين ألفاً سجلت كديون عليه، وباعها بمائة ألف، وأخذ مائة ألف ريال في يده، وقال: يا شيخ! الآن نتصرف وكل شيء يهون والقضاء من الرواتب، وصار مديوناً بمائة وخمسين ألفاً، يرهن فيها بيته أو مزرعته وبعضهم -والعياذ بالله- لو جاز أن يرهن أولاده لرهنهم، ويأخذ المائة ويذهب يشتري بها سيارة، قال: والله أنا أريد (جمس) من أجل أن يوسع على عياله، يتوسعون لا مانع لو كان عندك شيء، لكن لماذا توسع على العيال وتصبح مديوناً، امش على رجلك، صبرك على نفسك ولا صبر الناس عليك.
بعضهم يستدين ليأخذ أهله في عطلة الربيع، شخص قال لي: إنه ذهب في عطلة الربيع وخسر في جدة أكثر من خمسة وعشرين ألفاً، أخذ بيتاً لوحده، أجرته باليوم ألف ريال، استأجرها مدة أربعة عشر يوماً بأربعة عشر ألفاً، على شاطئ البحر يقول: من أجل الأولاد يفرحون، قلت: من أين الأموال؟ قال: والله دين أتينا بها من هنا ومن هنا ويفرجها ربك، أربعة عشر ألفاً، وأحد عشر ألفاً هذه قيمة الأكل، بعض الليالي لا يتعشى هو وعياله إلا بخمسمائة (طلب خاص) وهو جالس بالشقة، يتصل بأرقى المطاعم، يقول: هاتوا لنا عشاء، متى؟ الساعة الثانية عشر ليلاً، يتعشى وبعد العشاء ينامون إلى الظهر، فلا يصلون الفجر ولا الظهر ولا العصر، وليس معهم شيء.
راتبه في المرتبة الثامنة، أظن راتبه ستة أو سبعة آلاف ريال، لا تعمل له شيئاً، وبعد ذلك البيت الذي يسكنه ليس له وإنما بالإيجار، والديون وراء ظهره.
هذا -يا إخواني- سفيه، إي نعم. سفيه في تصرفه وفي طريقة حياته، لا توقع نفسك في الدين، مد أرجلك على قدر فراشك، إن كان فراشك طويلاً فتمدد، وإن كان فراشك قصيراً فتكفكف؛ لأنك إذا مددتها بردت، أو تأتي عقرب فتلسعها، أو يأتي ثعبان يلتقمها، فالإنسان يبقى مستوراً في دائرة دخله، وإذا منّ الله عليك بالرزق ووسع عليك تبني لعيالك بيتاً واسعاً، لا مانع من هذا، وتفرش فراشاً طيباً من الحلال لا مانع، بدون ديون، المهم الدين، نم وأنت ليس عليك دين، والله لو نمت في عريش، ولو لبست كيساً، وخرقت له من يدك ورجلك ورقبتك، والله لا أحد يقول لك شيئاً، وعلى ذلك تنام وأنت آمن قرير العين، ولو مشيت حافياً، لكن لو تمشي في سيارتك، وتسكن في فلة وملابس وأنت مديون ملاحق ما الفائدة؟ بعض الناس لا يفصل الثوب إلا بستمائة أو بسبعمائة، والحذاء يشتريه بثلاثمائة (إيطالي) بإمكانه أن يأخذ بالثلاثمائة عشرة أنواع من الأحذية تكفيه إلى أن يموت، لكن سوء التدبير -والعياذ بالله- يوقع الناس في مثل هذه المعضلات، فيهلكون أنفسهم في الدنيا، ويثقلون على أولادهم بعد موتهم، ويحرمون أنفسهم من نعيم الجنة، ويوقعون أنفسهم في عذاب النار بسبب هذه التصرفات الغير مسئولة، والغير معقولة ولا مقبولة.
وجوب الاحتراز من الوقوع في الدين
باختصار: وفر، وبعد ذلك إذا زاد شيء أنفقه في أمور الآخرة، بدلاً من أن تتعشى بثلاثمائة ريال، تعشى في بيتك والثلاثمائة هذه قم بإرسالها للإخوان المجاهدين، تطعم بها مائة مجاهد، هذا أفضل أم لا؟ والله أفضل، لكن ما أكرمنا على بطوننا وما أبخلنا في وجوه الخير، أما على البطون ما شاء الله، ترى بعض الناس يذبح ثلاثة أو أربعة كباش ويجمعها وبعد ذلك يرميها، وإذا قيل له: تبرع بعشرة من الريالات، وهذه الثلاثة أو الأربعة الخرفان ليست لله، يقول: الزاد للعيون، أي: للرياء والنفاق والكذب، لا. العيون لا تأكل، وإنما الزاد للبطون، ضع للضيف بقدر حاجته، لا تزد فوق حاجته، فإنك إن زدت فقد أسرفت، وإن أنقصت فقد بخلت، والإسراف والبخل ممقوت، وطريق الشرع الكرم وهو: إعطاء الضيف ما يكفيه، أما أن تعطيه أكثر مما يكفيه، فهذا إسراف، والله يقول: وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ [الإسراء:29].
وقال: وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً [الفرقان:67] فما يشهده الناس اليوم شيء -والله- يحزن، لا يوجد شخص مستريح، لماذا؟ لأن طموحات الناس وأهدافهم لم تتوقف عند حد، وإنما كل شخص يبحث عن الآخر، يعني: تطاحن وتسابق من أجل التوسع في الدنيا، حتى ولو عن طريق الحرام، تجد الموظف يؤخر المعاملات ويطلب إضافات لماذا؟ يريد أن يقابل زيادة المصاريف، تجده يتحايل على النظام ويريد أي مهمة، يترك المعاملات ويريد انتداباً، ولو كان إضافات في يوم قال: لا أستطيع أن أنتهي منه في يوم، هذه مهمة طويلة وعريضة تحتاج وتحتاج، ويأخذ عليها أسبوعاً، وبعد ذلك يقضيها في يوم ويذهب لينام مع امرأته ستة أيام، ويقدم بياناً بالانتداب ووثيقة المهمة، ويأخذ أجرة سبعة أيام حراماً، المهمة تحتاج إلى يوم إن كان صادقاً، لماذا تأخذ حراماً؟ لا حول ولا قوة إلا بالله!
فهذه -أيها الأخوة- أسباب توسع الناس في الدين، وينبغي أن نقابل هذه الأسباب بالرفق، وأن نتوسع في حاجياتنا وفي أمور معيشتنا على قدر إمكانياتنا، فمن وسع الله عليه فليوسع على نفسه وأطفاله في دائرة الحلال، وبغير إسراف ولا تبذير؛ لأن الإسراف والتبذير نهى عنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو كنت تتوضأ من البحر، البحر لا ينقص من وضوئك، لكن الإسلام يربي فينا الاقتصاد والتدبير، ولا يربي فينا الإسراف أبداً ولا التبذير؛ لأن الإسراف والتبذير من أخلاق الشياطين إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ [الإسراء:27] أما المؤمن مقتصد، ينفق على قدر ما ينبغي، يلبس ثوباً لا مانع، لكن يلبس ثوباً بثلاثين، بأربعين، بستين، بمائة لا مانع، أما أن يلبس ثوباً بستمائة فلا، يلبس أحذية بعشرين بأربعين لا مانع، لكن لماذا بثلاثمائة؟ لا. عليك أن تقتصد في حدودٍ معينة، والباقي إذا كان عندك زيادة أنفقها لمن يحتاجها، وإذا لم يكن عندك شيء فتبقى في دائرة حاجتك، هذا هو الأمر الأول الذي يعذب الإنسان ويحبس عن الجنة بسببه وهو الدين.
وبعد ذلك فالدين كما يقول العلماء: الدين هم بالليل ومذلة بالنهار، تلاحظ المدين يتقلب في الليل وهو يحسب الدين الذي عليه، وإذا خرج بالنهار تراه يتشرد كلما رأى صاحب الدين، أبعد السيارة منه، وهرب، لماذا؟ قال: والله لا أستطيع أن أخرج إلى السوق، لماذا؟ قال: والله كل واحد يطلبني، وإذا أمسكوا به أوصلوه إلى الحقوق المدنية وأتوا به إلى السجن وقالوا: هات الأموال أو اقعد في السجن، قال: من فضلكم أمهلوني أبحث لي عن كفيل.. مذلة. وأتوه بجندي يسحبه، ذهب إلى هذا قال: اكفلني. قال: والله لا أستطيع أن أكفلك أنا موظف والكفالة لا يقبلونها، ذهب إلى ذلك قال: والله لا أستطيع، صحيح إني أعرفك وبيني وبينك صداقة، لكن افرض أنك غداً لم تسدد فإنهم سيجعلونني في مكانك، لا والله أنت تبقى مكانك، لم يقل لك أحد أن توقع نفسك، وتريد أن تضعني مكانك، الكفالة ندامة الآن وفيما بعد، اتركني وإياك على ما كنا عليه، وإذا أنا غداً مكانك وإذا بك تكرهني وأكرهك، أنا الآن أحبك وتحبني لكن من بعيد!
لماذا تورط الناس؟ لماذا تظل تحرج الناس؟ من أجل أغراض زوجتك ومطالب أبنائك وتوسعاتك على الديون؟ لا. لا تتوسع ولا تحاول أن تشتري شيئاً، إذا كنت تريد أن تشتري سيارة فاشتر سيارة بالأموال التي معك، معك ثمانية آلاف خذ موديل (81)، أو (80) أو (79)، أو أي (موديل)، ما دام أنها صالحة فخذها، لكن بعض الناس يكون معه (8000) ريال وقال: والله أريد (89)، وذهب ليشتريها وأتى بشخص يكفله في (40000) ريال، وظل يثقل كاهله هذا الدين سنوات طوال، وكلها سواء، (موديل تسعة وثمانين) (وموديل ثمانين) كلها صالحة للسير في الأرض، لكن ضحكوا علينا (بالموديلات) وإلا كلها سواء، بل القديم أحسن من الجديد، وإذا خربت في القديم قطعة بدل قطعة بقطعة، إذا كنت لا تريد أن تبدل السيارة كلها، إذا كانت (الفرامل) لا تمسك بدل لها (قماشاً) بثمانين ريالاً، إذا احترقت (طرنبة) البنزين بدل لها (طرنبة) بمائة ريال، إذا (المكينة) تلفت اعمل لها إصلاحات بألف وخمسمائة ريال، لماذا تغير الجرم والهيكل كله، قال: والله يا أخي (موديل 89) ممتازة جداً، ما هي علامة الجودة؟ قال: (الطيس تولع)، وقال: وفيها مرايات في الجنب، (واصطبات) أمام السيارة فهذا شيء عظيم، ذهب يطمئن نفسه أنه سيجمع خمسين أو ستين ألفاً من أجل المرايات و(طيس) السيارة خطين، وبعد ذلك من أعلمهم بأن عقولنا خفيفة وطائشة، ليست ثابتة وقوية، سيضحكون علينا حتى بالألوان بالخطوط، أي: (موديل 88) وضعوا خطين أصفر وأحمر، جاءت (89) وضعوا خطوط جديدة، وهي هي نفس السيارة، فيذهب يبيع سيارته التي فيها خط أحمر وأصفر ويأخذ سيارة بخيط أخس لكن (89)، إذا عندك استمارة لا تقرأها (88)، اقرأها (90)، إذا عندك استمارة سيارة وموديلها (85) اقرأها (90) والرقم واحد فقط لا تغير في الاستمارة من أجل لا تصير مخالفة مرورية، لكن إذا أتيت تقرأها اجعلها (1995)، هذا السبب الأول.
استمع المزيد من الشيخ سعيد بن مسفر - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
من أسباب عذاب القبر الحلقة [7] 1،2 | 2792 استماع |
من أسباب عذاب القبر | 2063 استماع |
من أسباب عذاب القبر [3] | 2057 استماع |
من أسباب عذاب القبر .. أكل الربا [10] | 1940 استماع |
من أسباب عذاب القبر الحلقة [2] | 1784 استماع |
من أسباب عذاب القبر الحلقة [6] 1،2 | 1030 استماع |