خطب ومحاضرات
من أسباب عذاب القبر الحلقة [6] 1،2
الحلقة مفرغة
إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونتوب إليه، ونؤمن به ونتوكل عليه، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله وخيرته من خلقه وصفيه وخليله صلوات الله عليه وسلامه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
وبعـد:
ما أعظم نعمه! وما أكثر مننه! وما أجل آلائه! فله الحمد بكل نعمةٍ أنعم بها علينا من قديمٍ أو حديثٍ أو شاهدٍ أو غائبٍ أو حيٍ أو ميت، اللهم لك الحمد بالإسلام، ولك الحمد بالإيمان، ولك الحمد بالقرآن، ولك الحمد بالأمن في الأوطان، ولك الحمد بالعافية في الأبدان، ولك الحمد بالأرزاق جلبتها لنا رغداً من كل مكان، لك الحمد بكل النعم، ولك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد بعد الرضا، كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أنه يقول والحديث في السنن : (اللهم ما أمسى بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر).
المتأمل في النعم التي تترادف على الإنسان يرى أن فضل الله عليه كبير، وكان فضل الله عليك كبيراً: وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ [النحل:53].. وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا [النحل:18].. إِنَّ الْأِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ [إبراهيم:34] نعمٌ. لا نستطيع لها حداً، ولا نستطيع لها عداً، نعمٌ كثيرة أهمها وأعظمها وأجلها نعمة الإيمان التي امتن الله بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ [الشرح:1] شرح الصدر كما يعبر عنه العلماء هو: عملية الانفتاح القلبي على الدين، أي: ينفتح قلبك وتنشرح أساريرك وتقبل بكلك وجميع إمكانياتك على الله، فتستسلم بين يدي الله، وتخضع لكل أوامر الله، ثم لا ترفع رأسك أبداً من أي أمر، ولا تتردد في تنفيذ أي طلب، ولا تستطيع أن تقدم على أي نهي؛ لأن الله شرح صدرك، وضد الانشراح الانغلاق، أن يغلق قلب الإنسان ضد الدين وينفتح على الشر، فيتقبل كل باطل، ويثقل عليه كل حق، ويحب كل شر، ويكره كل خير، يكره المساجد، يكره القرآن، يكره الصلاة، يكره العلماء، يكره مجالس الذكر، يكره الخير في كل صوره وأشكاله، ويحب أضدادها، هذا -والعياذ بالله- منغلقٌ قلبه، مقفول منكوس، والمنكوس لا حيلة فيه، لو أتيت بما في الأرض من ماء وأردت أن تصبه في إناءٍ منكوس لما دخل فيه قطرة واحدة؛ لأنه مقلوب ليس عنده قابلية للاستيعاب.
أما الذي شرح الله صدره ونوَّر قلبه فهذا يعيش على نورٍ من الله عز وجل، يقول الله عز وجل: أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ [الزمر:22] ضلال واضح لا غبش فيه، ضلال هائل ضخم جداً؛ لأن الله عز وجل شرح صدورهم ورفضوا إلا أن يسيروا في الخط المعاكس؛ فقست قلوبهم عن ذكر الله وعن دينه، فتوعدهم الله بويل: فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ [الزمر:22].
شرح الله لصدر نبيه محمد صلى الله عليه وسلم
ومع هذا الظرف القاسي أيضاً كان صدره مشروحاً، ويعود صلوات الله وسلامه عليه وفي الطريق يقول له جبريل رسولاً من رب السماوات والأرض: (هذا ملك الجبال إن شئت أن يطبق عليهم الأخشبين فعل) ولكن لو كان ضيق الصدر، ومحدود النظر، وفردي النزعة، أو أناني النظرة لانتقم لنفسه وقال: نعم. هؤلاء لا خير فيهم كما يصنع بعضنا الآن، من الدعاة من إذا كذب أو رد أو قيل فيه شيء أرغى وأزبد ولا يتحمل أبداً، يريد أن يكون داعية بدون تحمل، لا يمكن أبداً، يريد أن يدعو الناس وإذا قال له أحد شيئاً ضاربه، لا يا أخي! ليست هذه دعوة، هذا الذي تدعوه مريض .. جاهل .. سقيم وأنت طبيب، أما ترى الطبيب إذا دخل على المريض، المريض يشتمه والطبيب يبتسم له؟ المريض ينفر منه ويدقه ويقول: اتركني لا أريد، لكن يقول: لا من أجل خاطري خذ هذه الحبة .. الإبرة .. المرهم .. العلاج، لماذا؟ لأنه طبيب فأنت طبيب، أتريد من كل من تدعوه أن يقول لك: جزاك الله خيراً، والله ويبارك فيك، وعلى الرأس والعين، وإلا قامت الدنيا وقعدت في نظرك، وقلبت للناس ظهر المجن، وكلت لهم الصاع صاعين، ولماذا تفعلونه، ولماذا تقولون؟ لا. ليس هذا أسلوب الدعوة، أسلوب الدعوة أن تحلم وتعفو، وألا تنتقم لنفسك بأي حالٍ من الأحوال؛ لأنك تضع نفسك في سبيل ربك فيهون عليك كل شيء.
فلو كان صلى الله عليه وسلم بشرياً في هذه الناحية ولم يكن ربانياً لقال: نعم. هؤلاء لا خير فيهم، دعوتهم وعددت لهم الأساليب، ونوعت لهم الطرق فرفضوا، أطبق عليهم الأخشبين، لكنه قال: (لا. ولكني أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبده) نظرة الرسول صلى الله عليه وسلم نظرة بعيدة، يقول: إذا كان هؤلاء قد تحجرت قلوبهم وجبست رءوسهم فما يدريك لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله، وكان حقاً أن أخرج الله من أصلاب هؤلاء الكفار صناديد من كبار الصحابة ومن قواد الإسلام: خالد بن الوليد بن المغيرة وعمرو بن العاص من العاص بن وائل، وعكرمة بن أبي جهل من أبي جهل وعلي بن أبي طالب من أبي طالب، يعني كبار الصحابة كلهم من أولاد الكفار، صلوات الله وسلامه على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
شرح الله صدره وهو في الغار يطارد ويهدد بالاستئصال وبالقتل، ويجعل صناديد مكة وكفارها مئات الإبل لمن يأتِ به حياً أو ميتاً أو يدل عليه أو يأتي بخبره، ولكن عنده من الطمأنينة والوثوق بربه ما لو قسم على أهل الأرض لكفاهم، حتى أبو بكر يقول له: (يا رسول الله! والله لو نظر أحدهم إلى قدمه لرآنا، فيقول له: لا تحزن إن الله معنا).. إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا [التوبة:40]ويقول: (ما ظنك باثنين الله ثالثهما) ثقة عظيمة، من أين جاءت الثقة بالله؟ من انشراح الصدر.
شرح الله صدره وهو يسجن في الشعب ويحاصر ويقاطع ثلاث سنوات، لا يباع معه ولا مع أصحابه ولا مع بني هاشم ولا يشترى، مقاطعة كلية، محاربة كاملة، وبالرغم من هذا أكلوا ورق الشجر وتقرحت أشداقهم، وساروا يُخرجون كما تُخرج الإبل؛ لأنهم لا يأكلون إلا ورق الشجر، ومع هذا شرح الله صدره صلوات الله وسلامه عليه.
فإذا شرح الله صدرك أقبلت عليك الخيرات من كل جانب، وإذا أغلقت الموجة عليك، وضيق الله على العبد أقبلت عليه النحوس من كل جانب والعياذ بالله.
شرح الله لصدر نبيه موسى عليه السلام
شرح الله صدر نبيه صلى الله عليه وسلم فعاش أعظم وأكمل عيشةٍ عرفها البشر على وجه الأرض، وأوتي أعظم نصيب من شرح الصدر في الدنيا حتى قال الله فيه: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4] شرح الله صدره رغم أن الإمكانيات المادية التي كانت تحيط به لا تدعو إلى شرح الصدر، شرح الله صدره وهو يصعد إلى الطائف ويدعوهم ويرفضون دعوته بعد أن كان عمه أبو لهب يلاحقه -عليه من الله ما يستحق- كان يطارده، فأعرف الناس بالرجل أهله وذويه، فلما انتهى من خطبته وهو يعظ الناس ويدعوهم إلى لا إله إلا الله وقف الخبيث بجواره وقال: من هذا؟ قالوا: هذا ابن أخيك، قال: ومن أنا؟ قالوا: وأنت عمه، قال: أنا أعرف به، والله لو كان صادقاً لكنت أول من صدقه، فإنه كذاب فكذبوه كلهم، وما رجموه هم وما طردوه وإنما أغروا به السفهاء، حتى أدموا عقبيه الشريفة صلى الله عليه وسلم، يطارده الصبيان في أزقة الطائف وبين بساتينها حتى أدموا رجليه وهو صلوات الله عليه وسلامه عليه صابرٌ محتسب منشرح الصدر، وما أعظم ممن يكذب وهو صادق! ما أعظم منه أن تكون صادقاً وتأتي تقول كذا، ويقولون: لا. كذاب، ومن يكذبك؟ ألصق الناس بك، وبعد ذلك يجلس صلوات الله وسلامه عليه عند حائط من حيطان العنب، وهو يشكو أمره إلى الله ويقول: (اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، أنت رب المستضعفين إلى من تكلني؟ إلى بعيدٍ يتجهمني أم إلى قريبٍ ملكته أمري، إن لم يكن بك غضبٌ عليَّ فلا أبالي غير أن عافيتك أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح به أمر الدنيا والآخرة أن ينزل بي سخطك، أو أن ينزل بي عذابك، لك العتبى حتى ترضى ولك العتبى بعد الرضا) صلوات الله وسلامه عليه.
ومع هذا الظرف القاسي أيضاً كان صدره مشروحاً، ويعود صلوات الله وسلامه عليه وفي الطريق يقول له جبريل رسولاً من رب السماوات والأرض: (هذا ملك الجبال إن شئت أن يطبق عليهم الأخشبين فعل) ولكن لو كان ضيق الصدر، ومحدود النظر، وفردي النزعة، أو أناني النظرة لانتقم لنفسه وقال: نعم. هؤلاء لا خير فيهم كما يصنع بعضنا الآن، من الدعاة من إذا كذب أو رد أو قيل فيه شيء أرغى وأزبد ولا يتحمل أبداً، يريد أن يكون داعية بدون تحمل، لا يمكن أبداً، يريد أن يدعو الناس وإذا قال له أحد شيئاً ضاربه، لا يا أخي! ليست هذه دعوة، هذا الذي تدعوه مريض .. جاهل .. سقيم وأنت طبيب، أما ترى الطبيب إذا دخل على المريض، المريض يشتمه والطبيب يبتسم له؟ المريض ينفر منه ويدقه ويقول: اتركني لا أريد، لكن يقول: لا من أجل خاطري خذ هذه الحبة .. الإبرة .. المرهم .. العلاج، لماذا؟ لأنه طبيب فأنت طبيب، أتريد من كل من تدعوه أن يقول لك: جزاك الله خيراً، والله ويبارك فيك، وعلى الرأس والعين، وإلا قامت الدنيا وقعدت في نظرك، وقلبت للناس ظهر المجن، وكلت لهم الصاع صاعين، ولماذا تفعلونه، ولماذا تقولون؟ لا. ليس هذا أسلوب الدعوة، أسلوب الدعوة أن تحلم وتعفو، وألا تنتقم لنفسك بأي حالٍ من الأحوال؛ لأنك تضع نفسك في سبيل ربك فيهون عليك كل شيء.
فلو كان صلى الله عليه وسلم بشرياً في هذه الناحية ولم يكن ربانياً لقال: نعم. هؤلاء لا خير فيهم، دعوتهم وعددت لهم الأساليب، ونوعت لهم الطرق فرفضوا، أطبق عليهم الأخشبين، لكنه قال: (لا. ولكني أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبده) نظرة الرسول صلى الله عليه وسلم نظرة بعيدة، يقول: إذا كان هؤلاء قد تحجرت قلوبهم وجبست رءوسهم فما يدريك لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله، وكان حقاً أن أخرج الله من أصلاب هؤلاء الكفار صناديد من كبار الصحابة ومن قواد الإسلام: خالد بن الوليد بن المغيرة وعمرو بن العاص من العاص بن وائل، وعكرمة بن أبي جهل من أبي جهل وعلي بن أبي طالب من أبي طالب، يعني كبار الصحابة كلهم من أولاد الكفار، صلوات الله وسلامه على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
شرح الله صدره وهو في الغار يطارد ويهدد بالاستئصال وبالقتل، ويجعل صناديد مكة وكفارها مئات الإبل لمن يأتِ به حياً أو ميتاً أو يدل عليه أو يأتي بخبره، ولكن عنده من الطمأنينة والوثوق بربه ما لو قسم على أهل الأرض لكفاهم، حتى أبو بكر يقول له: (يا رسول الله! والله لو نظر أحدهم إلى قدمه لرآنا، فيقول له: لا تحزن إن الله معنا).. إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا [التوبة:40]ويقول: (ما ظنك باثنين الله ثالثهما) ثقة عظيمة، من أين جاءت الثقة بالله؟ من انشراح الصدر.
شرح الله صدره وهو يسجن في الشعب ويحاصر ويقاطع ثلاث سنوات، لا يباع معه ولا مع أصحابه ولا مع بني هاشم ولا يشترى، مقاطعة كلية، محاربة كاملة، وبالرغم من هذا أكلوا ورق الشجر وتقرحت أشداقهم، وساروا يُخرجون كما تُخرج الإبل؛ لأنهم لا يأكلون إلا ورق الشجر، ومع هذا شرح الله صدره صلوات الله وسلامه عليه.
فإذا شرح الله صدرك أقبلت عليك الخيرات من كل جانب، وإذا أغلقت الموجة عليك، وضيق الله على العبد أقبلت عليه النحوس من كل جانب والعياذ بالله.
يقول موسى وهو يكلف بهذه المهمة العظيمة مهمة هداية البشرية في عهده عن طريق أعلى قمة في العالم آنذاك وهو فرعون الذي كان يقول: أنا ربكم الأعلى، ويقول الله له: اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى [طه:43] فيقول: ربِّ هذه مسئولية ورسالة صعبة جداً، من يستطيع يقف أمام فرعون؟ من يستطيع يذهب إليه؟ قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى [طه:45]، طاغية جبار، كيف نقول له: تؤمن بالله وهو يدعي أنه هو الله، هذا ليس عنده إلا السيف والقتل: قَال لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى [طه:46] فيقول وهو يستعين بالله على أداء هذه الرسالة الضخمة: قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي * وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً * وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً * إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيراً [طه:25-35] والله يقول: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ [الأنعام:125].
شرح الصدور أيها الإخوة! نعمة يمن الله بها على من يشاء من عباده، وتأتي هذه النعمة بأسباب المبادرات التي يأتي بها العبد، فالمبادرة الأولى أن تطلب من الله هذه النعمة كما طلبها النبي صلى الله عليه وسلم، وكما طلبها موسى، وكما يطلبها كل الصالحين دائماً تقول: ربِّ شرح لي صدري، نوَّر قلبي، حبب إليًَّ الإيمان، كره إليَّ الكفر والفسوق والعصيان، حبب إليَّ أهل الخير؛ لأن الضراعة إلى الله تدل على صدق الطلب، فعندما تلح على واحد بطلب مهما كان قلبه قاسياً لا بد أن يراعي ظرفك، لماذا؟ لأنه يتصور أن عندك حاجة، وعندما تأتي إلى شخص وتقول: أعطني إن شاء الله وقال لك: ما عندي ومشيت خلاص اكتفيت، لكن عندما يقول: ما عندي، وتقول: لا تكفي، طيب! أقول لك: ما عندي، ويذهب من عندك ويعود اليوم الثاني فيقول: أنا أتيتك أمس وطلبتك ورفضت، فتقول: لكن والله يا أخي! عندي حاجة تكفي، مهما كان هذا الإنسان إذا كررت الطلب عليه مرة ومرتين وثلاثاً وأربعاً وخمساً لابد أن يجيب طلبك ولو بشيءٍ بسيط، هذا البشر فكيف برب البشر الكريم الذي يستحي أن يرد سائلاً، والذي تبارك وتعالى يجيب دعوة المضطر، فإذا تضرعت إلى الله في صدقٍ وتذللٍ وفي إظهارٍ للحاجة أن يشرح صدرك، شرح الله صدرك، فمن أسباب شرح الصدر الضراعة والدعاء إلى الله عز وجل.
والأسبابٌ كثيرة ليس هذا مجال لذكرها، ولكن من الأسباب ترك مساخط الله، ترك المعاصي، الابتعاد عن الذنوب؛ لأن الذنوب ظلمة، الذنوب حجاب بينك وبين الله، الذنوب سور وعقبة بينك وبين الهداية، فما عليك إذا أردت الهداية وإذا أردت أن يشرح الله صدرك إلا أن تبتعد عن الذنوب.
وإن من الذنوب العظيمة والفواحش الكبيرة التي حرمها الله في كتابه وحرمها رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته فاحشة الزنا -أجارنا الله وإياكم منها- فاحشة لفظها فحش وهي ما فحش في القلوب وعظم، وقد سبق أن قلنا في الماضي: إنها من أسباب عذاب القبر، وبعض الذنوب والمعاصي والكبائر مختصةٌ بأن صاحبها ومرتكبها يعذب في قبره منذ أن يموت حتى يبعث الله عز وجل من في القبور، ثم ينتقل من قبره في العذاب ليكمل العذاب في دار المعذبين، في دار الدمار، في دار النكال أعاذنا الله وإياكم من ذلك.
استمع المزيد من الشيخ سعيد بن مسفر - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
من أسباب عذاب القبر الحلقة [7] 1،2 | 2791 استماع |
من أسباب عذاب القبر .. الديون والنياحة [11] | 2591 استماع |
من أسباب عذاب القبر | 2060 استماع |
من أسباب عذاب القبر [3] | 2054 استماع |
من أسباب عذاب القبر .. أكل الربا [10] | 1937 استماع |
من أسباب عذاب القبر الحلقة [2] | 1782 استماع |