وفرحوا بالحياة الدنيا [1،2]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.

أيها الإخوة في الله! هذه الحياة التي نعيشها ونقضيها على ظهر الأرض ذات هدف، والذي يبدو من تصرفاتنا على ظهرها أننا ما عرفنا الغرض منها، ودائماً الحكم على الشيء فرع عن تصوره، تصورك للشيء وفهمك له يبعثك على الحكم عليه، فإذا كان التصور صحيحاً والفهم صحيحاً كان الحكم صحيحاً، فهذه قاعدة عند العقلاء كلهم، وإذا كان التصور خاطئاً والفهم خاطئاً ترتب على ذلك أن يكون الحكم خاطئاً، هذه الحياة فُهمت من قبل الكثير من الناس على غير مراد الله منها.

تصورات خاطئة للحياة الدنيا عند الناس

هناك قوم ظنوها فرصة للعد من الشهوات، وللاستكثار من الملذات، فهم يتنافسون على الرغيف، ويتطاحنون في سبيل الريال، ويعضون ويستغرقون في مطالب البطن والفرج، لا يشبعون بشيء ولا يقنعون من شيء؛ لأن تصوراتهم أنها فرصة، ما دامت فرصة للشهوات: لماذا لا يلبس؟ ولماذا لا يأكل؟ ولماذا لا ينكح؟ ولماذا لا يتمتع؟ ولماذا ولماذا؟ يريد ألا يخرج من هذه الدنيا إلا وقد استغرق بكل شهواتها، فجمعوا في سبيل تحقيق هذه الشهوات الأموال، وظنوا أنهم بهذه الأموال يستطيعون أن يحققوا السعادة التي توفرها لهم هذه الإمكانيات والقدرات، وعند التطبيق العملي لهذه الفكرة الخاطئة فوجئوا بالحقيقة المرة التي تضعهم في المواجهة الصعبة في أن السعادة ما حققت بالمال، بل كان المال سبباً رئيسياً في شقائهم، يقول الله عز وجل: فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ [التوبة:55] سبحان الله! المال عذاب يُعَذِّبَهُمْ بِهَا [التوبة:85] نعم عذاب، عذاب في جمعه وتنميته وتثميره، وعذاب عند مفارقته والابتعاد عنه، فهو عذاب في البداية وفي الوسط وفي النهاية، عذاب في عذاب في عذاب..

والإنسان في الأصل ما جمع المال إلا ليرتاح ولكن بالمال شقي:

ولست أرى السعادة جمع مال     ولكن التقي هو السعيد

وقوم ظنوا هذه الدنيا أو هذه الحياة مركزاً ورتبة ومنصباً وجاهاً ووظيفة، فقضوا الأعمار والسنوات الطوال في سبيل التحصيل حتى تسلموا أعلى المناصب وارتقوا إلى أعلى الرتب، وإذا بهم بالمناصب والرتب يشقون لا يسعدون.

وقوم ظنوها بكثرة الأولاد وكثرة العيال وكثرة الزوجات وإذا بالأولاد والزوجات يتحولون إلى عذاب فوق عذاب.

إن الثمار والنتائج كانت شيئاً طبيعياً لتصورات الناس، وإذا رأيتم الآن أصحاب الأموال الذين يستغرقون حياتهم في تثميرها ويتطاحنون عليها لا ترون عندهم نعيماً أبداً، هل يأكل التاجر (صاحب الأموال) ورقاً؟ يطبخ ورقاً أبو خمسمائة من أجل أن يأكل أحسن من الفقير؟ هل يفصل ثوباً قيمته خمسمائة؟ أو يلبس بشتاً مفصلاً من ورق؟ هل يسكن عمارة مبنية بالذهب؟ لا. بل يأكل كما يأكل الفقير، ويشرب كما يشرب الفقير، وينام كما ينام الفقير، ويركب كما يركب الفقير لكن هو فقير في ذاته، الأموال خلف ظهره وليس في عينيه إلا الفقر كما جاء في الحديث، يقول عليه الصلاة والسلام: (من أصبح والدنيا همه -مفتوح قلبه فقط على جمع المال من أين يأتي بالمال- جعل الله فقره بين عينيه) فلا يرى إلا الفقر، البنوك ممتلئة، والأرصدة مرتفعة، والمخازن كثيرة، والمحطات كثيرة، والأراضي كثيرة، والعمارات كثيرة، لكن كلها وراء ظهره وليس بين عينيه إلا الفقر فأينما ذهب فالفقر بين عينيه، وإذا سألته: كيف الأحوال؟ كيف الأمور؟ قال: والله يا أخي! الأمور متأزمة، والسيولة النقدية غير متوفرة، والعالم متخبط اقتصادياً، ونخشى أن يحصل زعزعة في المال. وهو مسكين فقير.. لماذا؟ لأن الفقر بين عينيه. (من أصبح والدنيا همه فرق الله عليه شمله) أول شيء، فرق الله عليه شمله: أي شتت عليه أمره، فتراه يسعى ولا يدرك، من الصباح إلى المغرب وإذا جئت تسأله: ماذا صنعت؟ ماذا عملت؟ قال: والله ما قضيت لي غرضاً، ذهبت البلدية وعقّدوها، ذهبت مكتب العمل وما أفلحت، وذهبت الجوازات وعلى الله أن يمشوا معاملتي، وذهبت الإمارة والله لم أجد أحداً يمشي المعاملة، لماذا؟ لأن أمره مشتت ومفرق؛ لأنه اهتم بالدنيا ولم يهتم بالآخرة. (وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له) والله لا الدنيا تأتي بالطلب والحرص، ولا الفقر يأتي بالكسل، وإنما الأرزاق مقسومة والأسباب مشروعة، والله يقول: نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ [الزخرف:32].

هناك قوم ظنوها فرصة للعد من الشهوات، وللاستكثار من الملذات، فهم يتنافسون على الرغيف، ويتطاحنون في سبيل الريال، ويعضون ويستغرقون في مطالب البطن والفرج، لا يشبعون بشيء ولا يقنعون من شيء؛ لأن تصوراتهم أنها فرصة، ما دامت فرصة للشهوات: لماذا لا يلبس؟ ولماذا لا يأكل؟ ولماذا لا ينكح؟ ولماذا لا يتمتع؟ ولماذا ولماذا؟ يريد ألا يخرج من هذه الدنيا إلا وقد استغرق بكل شهواتها، فجمعوا في سبيل تحقيق هذه الشهوات الأموال، وظنوا أنهم بهذه الأموال يستطيعون أن يحققوا السعادة التي توفرها لهم هذه الإمكانيات والقدرات، وعند التطبيق العملي لهذه الفكرة الخاطئة فوجئوا بالحقيقة المرة التي تضعهم في المواجهة الصعبة في أن السعادة ما حققت بالمال، بل كان المال سبباً رئيسياً في شقائهم، يقول الله عز وجل: فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ [التوبة:55] سبحان الله! المال عذاب يُعَذِّبَهُمْ بِهَا [التوبة:85] نعم عذاب، عذاب في جمعه وتنميته وتثميره، وعذاب عند مفارقته والابتعاد عنه، فهو عذاب في البداية وفي الوسط وفي النهاية، عذاب في عذاب في عذاب..

والإنسان في الأصل ما جمع المال إلا ليرتاح ولكن بالمال شقي:

ولست أرى السعادة جمع مال     ولكن التقي هو السعيد

وقوم ظنوا هذه الدنيا أو هذه الحياة مركزاً ورتبة ومنصباً وجاهاً ووظيفة، فقضوا الأعمار والسنوات الطوال في سبيل التحصيل حتى تسلموا أعلى المناصب وارتقوا إلى أعلى الرتب، وإذا بهم بالمناصب والرتب يشقون لا يسعدون.

وقوم ظنوها بكثرة الأولاد وكثرة العيال وكثرة الزوجات وإذا بالأولاد والزوجات يتحولون إلى عذاب فوق عذاب.

إن الثمار والنتائج كانت شيئاً طبيعياً لتصورات الناس، وإذا رأيتم الآن أصحاب الأموال الذين يستغرقون حياتهم في تثميرها ويتطاحنون عليها لا ترون عندهم نعيماً أبداً، هل يأكل التاجر (صاحب الأموال) ورقاً؟ يطبخ ورقاً أبو خمسمائة من أجل أن يأكل أحسن من الفقير؟ هل يفصل ثوباً قيمته خمسمائة؟ أو يلبس بشتاً مفصلاً من ورق؟ هل يسكن عمارة مبنية بالذهب؟ لا. بل يأكل كما يأكل الفقير، ويشرب كما يشرب الفقير، وينام كما ينام الفقير، ويركب كما يركب الفقير لكن هو فقير في ذاته، الأموال خلف ظهره وليس في عينيه إلا الفقر كما جاء في الحديث، يقول عليه الصلاة والسلام: (من أصبح والدنيا همه -مفتوح قلبه فقط على جمع المال من أين يأتي بالمال- جعل الله فقره بين عينيه) فلا يرى إلا الفقر، البنوك ممتلئة، والأرصدة مرتفعة، والمخازن كثيرة، والمحطات كثيرة، والأراضي كثيرة، والعمارات كثيرة، لكن كلها وراء ظهره وليس بين عينيه إلا الفقر فأينما ذهب فالفقر بين عينيه، وإذا سألته: كيف الأحوال؟ كيف الأمور؟ قال: والله يا أخي! الأمور متأزمة، والسيولة النقدية غير متوفرة، والعالم متخبط اقتصادياً، ونخشى أن يحصل زعزعة في المال. وهو مسكين فقير.. لماذا؟ لأن الفقر بين عينيه. (من أصبح والدنيا همه فرق الله عليه شمله) أول شيء، فرق الله عليه شمله: أي شتت عليه أمره، فتراه يسعى ولا يدرك، من الصباح إلى المغرب وإذا جئت تسأله: ماذا صنعت؟ ماذا عملت؟ قال: والله ما قضيت لي غرضاً، ذهبت البلدية وعقّدوها، ذهبت مكتب العمل وما أفلحت، وذهبت الجوازات وعلى الله أن يمشوا معاملتي، وذهبت الإمارة والله لم أجد أحداً يمشي المعاملة، لماذا؟ لأن أمره مشتت ومفرق؛ لأنه اهتم بالدنيا ولم يهتم بالآخرة. (وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له) والله لا الدنيا تأتي بالطلب والحرص، ولا الفقر يأتي بالكسل، وإنما الأرزاق مقسومة والأسباب مشروعة، والله يقول: نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ [الزخرف:32].

قال: (ومن أصبح والآخرة همه) أصبح وفي قلبه مثل النار تشتعل من خوفه من الله، ومن خوفه من لقاء الله، ينام على الفراش الوثير الطويل العريض ولكن هذا الفراش في غرفة النوم الواسعة لا تنسيه ضيق القبر، ويعيش على الأنوار الساطعة وفي العمارات الشاهقة ولكن هذه الأنوار وهذه السقوف المنقشة والمطلية لا تنسيه ظلمة القبر، يعيش مع زوجته وأولاده وأسرته وأقاربه ولكنه لا ينسى ظلمة القبر ووحشته، فهو يعيش هنا بجسده وقلبه في الآخرة، مسافر إلى الله بقلبه، جسده في الأرض وروحه عند الله عز وجل.

يفكر! من حين أن يصبح وقلبه معلق بالآخرة: كيف يعمل الصالحات؟ كيف ينجو من السيئات؟ كيف يتقرب إلى الله؟ كيف يسلك الطرق الموصلة إلى الله؟ ينفذ إلى الله من كل باب، ويصل إلى الله من كل طريق، بالخطوة يمشي إلى الله، بالأذن والكلمة يسمع فيمشي إلى الله، باللسان يتكلم به في الخير ويعمل به الخير فيصل إلى الله، باليد يمشي إلى الله، المهم رجل ينتهز الفرص، متاجر مع الله، لا يحقر من المعروف شيئاً ولو أن يتبسم في وجه أخيه المسلم، إذا لقي أخاه يبدأه بالسلام ويقول: السلام عليكم، الله يصبحك بالخير، كيف حالك يا أخي؟! يريد أن ينال أجراً بهذا السبب رغم أنه لن يخسر شيئاً، يقول عليه الصلاة والسلام: (تبسمك في وجه أخيك صدقة) ويقول: (لا يحقرن أحدكم من المعروف شيئاً ولو أن يلقى أخاه بوجه طلِق) وفي رواية أخرى: (طلي) وفي رواية أخرى: (طلْ).

المهم أن هذا هو المتاجر، وهذا هو الموفق الذي يريد أن يعيش لله يحول حياته كلها ويصبغها بصبغة الدين، موظف ولكنه موظف مؤمن فيدخل على الله ويصل من باب الوظيفة، يأتي مبكراً ويلقى المراجعين بأسلوب طيب ووجه بشوش، يقدم لهم الخدمات ويسهل لهم الأمور، ويفتح لهم الثغرات، ويجد لهم الطرق التي تمشي أمورهم وتقضي حوائجهم وفق الأنظمة، ولا يرى طريقاً يسيرة إلا سار بها بين الناس، وبعد ذلك إذا لم يجد فرصة اعتذر إليهم بوجه طيب وقال لهم: يا إخواني! أنا والله أتمنى أن أخدمكم ولكن النظام كما تعرفون يحتم علينا أن نعمل هكذا وهكذا وقد بحثت لكم عن إمكانية لقضاء اللازم لكن لم أستطع فلا تؤاخذوني، فما ظنكم بهذا الرجل؟ ماذا يقول الناس عنه؟ يقولون: جزاك الله خيراً وبارك الله فيك، والله كأنك قد عملت لنا المعاملة كلها.

لكن بغير الأسلوب هذا يمكن أن يفتح الإنسان على نفسه طريقاً إلى العذاب والنار -والعياذ بالله- بأسلوبه السيئ، لا يأتي إلا متأخراً، وإذا دخل غرفته أغلق الباب عليه، وإذا جاء المراجع نهره وقال: ما الذي أتى بك؟ اخرج، امسك طابور، اذهب هناك، أنا مشغول الآن .. والمراجع ساكت لا يتكلم مع أن كل مراجع معه لسان، وكل مراجع معه يد يستطيع أن يضارب ويستطيع أن يصفعه، لكن يخاف أن يتكلم فتتوقف المعاملة، يخاف أن يمد يده فيصل في مكان ليس جيداً؛ ولذا يسكت ويتحمل ويقول: طيب، جزاك الله خيراً، أبشر، ندخل في الطابور كأنه شحات على بابه، فإذا جاء الله قال: عندك رقم؟ قال: لا. ليس عندي رقم، أنا مسكين لا أعرف الأرقام. قال: اذهب، ماذا تريد مني؟ أقلب لك في الدفاتر هذه كلها؟ أنا موظف لك لوحدك، اذهب واحضر برقم أو لا تأت عندي ولا تراجعني! لا إله إلا الله!

فإذا خرج هذا المراجع من عند الموظف المخذول، فما رأيكم ماذا يقول؟ يدعو عليه، يقول: الله أكبر عليك ما هذا العفريت! من أين جاءنا هذا الجني؟ الله لا يوفقه، الله يجعلها في وجهه، وفعلاً يستجيب الله؛ لأن الناس شهداء الله في أرضه، إذا أجمع الناس على حب رجل؛ لأنه يقدم لهم الخير ويعمل لهم الخير أحبه الله، وإذا أجمع الناس على كراهية إنسان؛ لأنه شرير -والعياذ بالله- كرهه الله عز وجل.

الهم الأخروي يورث قناعة في القلب

قال: (من أصبح والآخرة همه جمع الله له شمله) أي: يسر له أموره، لا يسير في طريق إلا وربنا ييسرها له، كل أمر ييسره الله له لماذا؟ لأنه جعل همه الله، وجعل همه الآخرة فقضى الله عنه دنياه وشئون دنياه. (جمع الله له شمله، وجعل غناه في قلبه) يقول في الحديث: (ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس) فقد تجد إنساناً فقير نفس وهو مليونير، وتجد غني نفس وهو فقير ليس عنده ريال واحد لكن اسأله عن حاله يقول: في نعمة والحمد لله، ولو سألته: هل معك في جيبك شيء؟ قال: ليس عندي شيء، ولكن عندي فضل الله، وأنا معافى، وآمن، ومتزوج، ومعي أطفال، ومعي البيت الذي يكفيني أنا وأولادي، معنا رزقنا الذي ييسره الله، الحمد لله على كل حال، وهذا هو الغني حقيقةً (ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس).

شكا رجل إلى أحد الصالحين قال له: إني أشكو إليك قلة المال، وضياع العيال، وليس عندي شيء.

قال له: أتبيعني عينك؟

قال: لا.

قال: أتبيعني إياها بمائة ألف دينار؟

قال: لا. والله لو أعطيتني مليوناً، والله لو أعطيتني الدنيا من أولها إلى آخرها ما أبيعها.

قال: حسناً .. معك عينان بعني واحدة فقط.

قال: لا. لا أقبل في واحدة منها شيئاً.

قال: أتبيعني أذنك؟

قال: لا.

قال: أعطيك فيها مائة ألف دينار.

قال: والله لا أعطيك.

قال: واحدة لك وواحدة بعها.

قال: لا أبيعك شيئاً.

قال: أتبيعني لسانك؟

قال: لا.

قال: أتبيعني شفة من شفتيك؟

قال: لا.

قال: أتبيعني يدك.

قال: لا... المهم عدد له النعم فكانت بقيمة مليون.

قال: كيف تشكو الفقر وعندك سلع قيمتها مليون ريال؟ بالله الذي عنده هذه السلع فقير؟! والله ليس فقيراً أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ [البلد:8-9].

الآن من فضل الله ورحمته حينما خلق الله للإنسان هذه الأجهزة زوده من كل جهاز مهم وضروري للإنسان ونافع اثنان لي يكون هناك احتياط، فإذا تعطلت عين عملت الأخرى، وإذا تعطلت أذن كأن تنحرف الطبلة بقيت الأخرى تعمل وكذلك الشفتان والأسنان واليدان والرجلان، لكن الأشياء الضارة والتي منها خراب كثير والتي تدخل صاحبها النار واحدة فقط.

خلق الله للإنسان فماً ولساناً، فما رأيك لو أن شخصاً معه لسانين؟ كان والله لا يدخل الجنة -استغفر الله- لأن أكثر ما يدخل الناس النار الفم والفرج، والآن الشخص معه فرج واحد ولا يستطيع أن يضبط نفسه فكيف لو معه اثنان؟! لأحرق الدنيا بشهوته، فالنافع جعله اثنين اثنين، والضار جعله واحداً، وبعد ذلك أمر الله أن تضبط هذا الواحد، يقول عليه الصلاة والسلام: (من يضمن لي ما بين لحييه وما بين فخذيه أضمن له الجنة) ويقول في الحديث -والحديث في جامع السيوطي وهو صحيح- يقول عليه الصلاة والسلام: (إذا تزوج العبد أو المرء فقد استكمل نصف دينه فليتق الله في النصف الآخر) كثير من الشراح يعرف معنى هذا الحديث إلا أن بعضهم وهو ابن القيم رحمه الله إنسان متخصص في معرفة مقاصد الشرع ومعرفة أسرار الحديث النبوي فيقول: إن الحديث يقول: (إذا تزوج العبد بقي نصف دينه) بقي النصف الثاني ما هو؟ الدين حفظه على شيئين: نصف حفظ الفرج، ونصف حفظ اللسان، فإذا تزوجت استكملت نصف الدين، يعني: حفظت فرجك، فاتق الله في النصف الثاني -في لسانك- لأن أكثر ما يدخل الناس النار الفم والفرج.

قال: (وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة) أجل.

قال: (من أصبح والآخرة همه جمع الله له شمله) أي: يسر له أموره، لا يسير في طريق إلا وربنا ييسرها له، كل أمر ييسره الله له لماذا؟ لأنه جعل همه الله، وجعل همه الآخرة فقضى الله عنه دنياه وشئون دنياه. (جمع الله له شمله، وجعل غناه في قلبه) يقول في الحديث: (ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس) فقد تجد إنساناً فقير نفس وهو مليونير، وتجد غني نفس وهو فقير ليس عنده ريال واحد لكن اسأله عن حاله يقول: في نعمة والحمد لله، ولو سألته: هل معك في جيبك شيء؟ قال: ليس عندي شيء، ولكن عندي فضل الله، وأنا معافى، وآمن، ومتزوج، ومعي أطفال، ومعي البيت الذي يكفيني أنا وأولادي، معنا رزقنا الذي ييسره الله، الحمد لله على كل حال، وهذا هو الغني حقيقةً (ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس).

شكا رجل إلى أحد الصالحين قال له: إني أشكو إليك قلة المال، وضياع العيال، وليس عندي شيء.

قال له: أتبيعني عينك؟

قال: لا.

قال: أتبيعني إياها بمائة ألف دينار؟

قال: لا. والله لو أعطيتني مليوناً، والله لو أعطيتني الدنيا من أولها إلى آخرها ما أبيعها.

قال: حسناً .. معك عينان بعني واحدة فقط.

قال: لا. لا أقبل في واحدة منها شيئاً.

قال: أتبيعني أذنك؟

قال: لا.

قال: أعطيك فيها مائة ألف دينار.

قال: والله لا أعطيك.

قال: واحدة لك وواحدة بعها.

قال: لا أبيعك شيئاً.

قال: أتبيعني لسانك؟

قال: لا.

قال: أتبيعني شفة من شفتيك؟

قال: لا.

قال: أتبيعني يدك.

قال: لا... المهم عدد له النعم فكانت بقيمة مليون.

قال: كيف تشكو الفقر وعندك سلع قيمتها مليون ريال؟ بالله الذي عنده هذه السلع فقير؟! والله ليس فقيراً أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ [البلد:8-9].

الآن من فضل الله ورحمته حينما خلق الله للإنسان هذه الأجهزة زوده من كل جهاز مهم وضروري للإنسان ونافع اثنان لي يكون هناك احتياط، فإذا تعطلت عين عملت الأخرى، وإذا تعطلت أذن كأن تنحرف الطبلة بقيت الأخرى تعمل وكذلك الشفتان والأسنان واليدان والرجلان، لكن الأشياء الضارة والتي منها خراب كثير والتي تدخل صاحبها النار واحدة فقط.

خلق الله للإنسان فماً ولساناً، فما رأيك لو أن شخصاً معه لسانين؟ كان والله لا يدخل الجنة -استغفر الله- لأن أكثر ما يدخل الناس النار الفم والفرج، والآن الشخص معه فرج واحد ولا يستطيع أن يضبط نفسه فكيف لو معه اثنان؟! لأحرق الدنيا بشهوته، فالنافع جعله اثنين اثنين، والضار جعله واحداً، وبعد ذلك أمر الله أن تضبط هذا الواحد، يقول عليه الصلاة والسلام: (من يضمن لي ما بين لحييه وما بين فخذيه أضمن له الجنة) ويقول في الحديث -والحديث في جامع السيوطي وهو صحيح- يقول عليه الصلاة والسلام: (إذا تزوج العبد أو المرء فقد استكمل نصف دينه فليتق الله في النصف الآخر) كثير من الشراح يعرف معنى هذا الحديث إلا أن بعضهم وهو ابن القيم رحمه الله إنسان متخصص في معرفة مقاصد الشرع ومعرفة أسرار الحديث النبوي فيقول: إن الحديث يقول: (إذا تزوج العبد بقي نصف دينه) بقي النصف الثاني ما هو؟ الدين حفظه على شيئين: نصف حفظ الفرج، ونصف حفظ اللسان، فإذا تزوجت استكملت نصف الدين، يعني: حفظت فرجك، فاتق الله في النصف الثاني -في لسانك- لأن أكثر ما يدخل الناس النار الفم والفرج.

قال: (وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة) أجل.

الذي يلزمنا كعقلاء أن نتعرف في الدرجة الأولى وفي أول أمرنا على هذه الحياة: ما هذه الحياة؟ هذا السؤال المهم، ولماذا جئنا إليها؟ وإلى أين ننتقل منها؟ هذه الأسئلة المحيرة حارت في فهمها العقول في القديم والحديث، والذي يعرف الإجابة الصحيحة عليها هو خالقها أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك:14] أعرف الناس بالصنعة من؟ صانعها، وإذا تعطلت الآلة تأخذها إلى من؟ إلى من صنعها حتى يصلحها؛ لأنه أعرف الناس بأسرارها، فإذا تعطلت وذهبنا إلى غير صانعها زادها عطلاً، إذا توقفت الساعة فأين تذهب بها؟ إلى الوكالة، لكن لو ذهبت بها إلى صاحب (البنشر) وقلت له: يا (بنشري!) أصلح لي الساعة، قال: هاتها. وعبأها زيتاً وشحمها، ما رأيك تصلح أو تتعطل أكثر؟ إذا تعطل المسجل أو الراديو أين تذهب به؟ إلى مصلح الراديو، عند الوكالة، قطع الغيار عندهم والأسرار و(الكتلوج) لكن إذا ذهبت به عند النجار وقلت له: الراديو معطل لا يعمل. قال: هاته. وضرب له مسماراً، ودقه (بالقدوم) ونشره وقال: تفضل، فما رأيك يصلح أو يخرب؟ يخرب لماذا؟ لأنك ترد الصنعة إلى غير صانعها، الله خالقك أيها الإنسان! والله خالق هذه الحياة، والله منـزل القرآن، إذا أردت أن تسير سيراً صحيحاً اعمل بتعليمات الخالق، واعمل بتعليمات الذي أرسله الله لتشغيل هذا الإنسان وهو القرآن: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ [ص:29].

اللجوء إلى غير الله نتيجته الفشل

لماذا فشلت البشرية اليوم؟ لماذا تريد أن تداوي عللها فتفسد نفسها؟ لأنها كلما أرادت أن تصلح رجعت إلى غير الله ففسدت، ويوم أن تعود إلى الله وتتعالج من أدوائها بأدوية القرآن والسنة وتسير على المنهج الصحيح تصلح كما صلحت في زمن من الأزمان وفي فترة من الفترات، يوم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الأرض وكانت القلوب غلفاً والآذان صماً والأعين عمياً، لا يعرفون معروفاً ولا ينكرون منكراً، كانت العرب تزني بحليلة الجار، وتشرب الخمر، وتزني، وتلعب الميسر، وتقتل النفس، وتئد البنت، وكانت أخلاق شيطانية إلى أبعد الدرجات، فلو أنك أتيت بشخص من هؤلاء العرب الذين كانوا قبل الإسلام لا تجد فيه خصلة صالحة أبداً، لقد كان عمر بن الخطاب يعبد صنماً من تمر فإذا جاع أكله، أكل ربه! وكان يدفن ابنته، يكسر ظهرها ويضعها في الأرض ويدسها، فتصوروا قسوة قلبه كيف وصل إلى هذه الدرجة؟!

ولما ردت الآلة إلى صانعها، لما عاد العرب بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله، وعملوا بتعليمات الكتاب والسنة، كيف صلح الناس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟! كيف انفتقت المواهب؟! كيف خرجت الطاقات وتحولت النفوس تحولاً رأسياً رأساً على عقب!

التحول العجيب في حياة عمر عندما رجع إلى الله

عمر بن الخطاب الذي كان هذا قلبه وهذه قسوته يقول عبد الرحمن بن عوف : [مررت أنا وأمير المؤمنين وهو يعس] يعس: أي يقوم بتفقد أحوال المسلمين في الليل، مسئول عن المسلمين، لا ينام الليل، كان يشعر بعظم المسئولية ويقول: [والله لو عثرت بغلة في العراق لكنت مسئولاً عنها يوم القيامة: لم لم أمهد لها الطريق]؟

ويقول للمرأة التي مر عليها في الليل وهي تغلي الماء وتضع فيه حجارة والصبية حولها يتضاغون جوعاً قال: [يا أمة الله! ماذا تعملين؟ قالت: أولادي جياع وليس عندي طعام، فأنا أشعل النار على القدر وفيه ماء وحجارة، وأحرك في الحجارة والماء وأقول للأولاد: اصبروا اصبروا .. حتى يغلبهم النوم، قال لها: أنا آتيك بطعام، فرجع وهو يبكي، ودخل بيت المال وأتى لها بدقيق وسمن وأعطاها، فأبعدت الحجارة ووضعت الدقيق والسمن وأيقظت الأولاد وأشبعتهم، فلما أكملت قالت: والله إنك أفضل من عمر ، ولم تعلم أنه عمر ، قال لها: يا أمة الله! وما يعلم عمر عنك؟ هلا ذهبت إليه حتى يعطيك. قالت: لا يعلم عني وهو أمير المؤمنين؟! كيف يلي ويكون مسئولاً عن إمارة المسلمين ولا يعلم عني حتى آتيه؟! قال: والله إن الناس كلهم أفقه من عمر حتى هذه المرأة].

يقول عبد الرحمن: [كنت معه وهو يعس في الليل] لا ينام الليل كما روت السنن والسير أنه لم يكن له فراش، وكان النوم يسبقه ويسرقه إما تحت ظل شجرة، أو تحت حائط، أو في المسجد، المهم كلما غلبه النوم نام قليلاً وقام، فقيل له: [يا أمير المؤمنين! ألا نتخذ لك فراشاً؟ قال: لا. ما لي وللنوم، إن نمت في الليل أضعت نفسي، وإن نمت في النهار أضعت رعيتي] يقول: أنا لا أنام، الليل لربي أصلي، والنهار للرعية أرعى أمورهم.

يقول: [فكنت معه، فمررنا على بيت فيه صبي يبكي، ثم عدنا والصبي لا يزال يبكي، فدق الباب -لم يتحمل عمر أن يسمع صراخ الصبي ولا يعرفه، لكن قلبه رقيق، القلب القاسي بالكفر أصبح رقيقاً، رقة متناهية في الإسلام- فدق الباب قال: يا أمة الله! أسكتي غلامك فإنك أم سوء -يقول: ألا ترحمين هذا الولد الذي يبكي طوال الليل؟ أسكتيه- قالت: كيف أسكته وعمر يفرض للفطيم خراجاً فأنا فطمته قبل الموعد من أجل أن يكتب له خراجاً من بيت مال المسلمين، قال: أرضعيه وسنكتب له خراجاً] يقول عبد الرحمن : [فوالله ما عرفنا قراءته في صلاة الفجر من كثرة نحيبه وبكائه! ثم نادى في اليوم الثاني مناد أن عمر يكتب خراجاً لكل مولود في الإسلام، فلا تفطم المرأة ولدها قبل الموعد وإنما له خراج منذ أن يخرج من بطن أمه] هذا عمر ، وهذه رقته.

أما عقليته المتحجرة التي كانت تأكل الصنم بعد أن تعبده فكيف كانت عقلية عمر بعد ذلك في الإسلام؟

كان يقترح على النبي صلى الله عليه وسلم فلا يوافقه الرسول فحسب وإنما يوافقه القرآن، وقد عد العلماء أن عمر وافقه القرآن في واحد وعشرين موضعاً، إذا قال كلاماً نزل الوحي يصدق عمر.

قال: [لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى للرسول صلى الله عليه وسلم] فأنزل الله قوله: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً [البقرة:125].

وقال: [يا رسول الله! لو خاطبنا نساءك من وراء حجاب] فأنزل الله قوله: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53].

وقال في غزوة بدر عندما انتهت المعركة وقبض على الأسرى استشار النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في الأسرى يقتلهم أو يفدون، أو ماذا يصنع بهم؟ فأشار أبو بكر رضي الله عنه فقال: (يا رسول الله! أبناؤك وإخوانك وأبناء إخوانك لماذا تقتلهم؟ ولكن يفدون أنفسهم فنحن بحاجة إلى المال. قال: وأنت يا عمر. قال: لا يا رسول الله! أعداؤك وأعداء دينك قاتلوك وأخرجوك، اقطع رقابهم) قوي في دين الله! فالنبي صلى الله عليه وسلم مال إلى رأي أبي بكر ؛ لأنه رحمة على العالمين، (ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما) صلوات الله وسلامه عليه لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128] والله يقول: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [الأنبياء:107] رحمة -صلوات الله وسلامه عليه- على العالمين، رحمة على الإنس، والجن، والطير، والحيوانات، وعلى كل شيء، حتى أنه مر ليلة من الليالي صلوات الله وسلامه عليه على قوم في البادية وعندهم خيمة، وإذا بوسط الخيمة ظبية مربوطة، وإذا بها تبكي وتهز رأسها، فقال لهم صلوات الله وسلامه عليه: (أتدرون ما تقول هذه؟ قالوا: لا. قال: إنها تقول: إنها تركت طفلين لها، وطلبت مني أن أشفع لها عندكم فهل تسمحون لها تذهب ترضعهم وترجع؟ قالوا: إن كانت ترجع يا رسول الله! فلا مانع؟ قال: ترجعين؟ -يخاطبها وهم لا يفهمون الكلام- فأشارت برأسها، قال: أطلقوها. فلما أطلقوها ذهبت وأرضعتهم وإذا بها تأتي تسلم نفسها! فقالوا: يا رسول الله! هي لله عز وجل، فأطلقها رسول الله صلى الله عليه وسلم) أرسل رحمة للعالمين صلوات الله وسلامه عليه.

ولما جاءت القمرة تبكي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (من فزعها بفرخيها. قال شخص: أنا يا رسول الله! قال: ردها) فهو رحمة على كل شيء صلوات الله وسلامه عليه.

ولكن كان أمر عمر عند الله أفضل، اختيار عمر بقتلهم عند الله أفضل، قال الله: مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ [الأنفال:67] ثم قال: لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [الأنفال:68] يقول صلى الله عليه وسلم بعدها: (والله لو نزلت نار من السماء لاحترق هذا الوادي بمن فيه ولما نجا منها إلا عمر ).

لماذا فشلت البشرية اليوم؟ لماذا تريد أن تداوي عللها فتفسد نفسها؟ لأنها كلما أرادت أن تصلح رجعت إلى غير الله ففسدت، ويوم أن تعود إلى الله وتتعالج من أدوائها بأدوية القرآن والسنة وتسير على المنهج الصحيح تصلح كما صلحت في زمن من الأزمان وفي فترة من الفترات، يوم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الأرض وكانت القلوب غلفاً والآذان صماً والأعين عمياً، لا يعرفون معروفاً ولا ينكرون منكراً، كانت العرب تزني بحليلة الجار، وتشرب الخمر، وتزني، وتلعب الميسر، وتقتل النفس، وتئد البنت، وكانت أخلاق شيطانية إلى أبعد الدرجات، فلو أنك أتيت بشخص من هؤلاء العرب الذين كانوا قبل الإسلام لا تجد فيه خصلة صالحة أبداً، لقد كان عمر بن الخطاب يعبد صنماً من تمر فإذا جاع أكله، أكل ربه! وكان يدفن ابنته، يكسر ظهرها ويضعها في الأرض ويدسها، فتصوروا قسوة قلبه كيف وصل إلى هذه الدرجة؟!

ولما ردت الآلة إلى صانعها، لما عاد العرب بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله، وعملوا بتعليمات الكتاب والسنة، كيف صلح الناس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟! كيف انفتقت المواهب؟! كيف خرجت الطاقات وتحولت النفوس تحولاً رأسياً رأساً على عقب!




استمع المزيد من الشيخ سعيد بن مسفر - عنوان الحلقة اسٌتمع
كيف تنال محبة الله؟ 2924 استماع
اتق المحارم تكن أعبد الناس 2921 استماع
وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً 2800 استماع
أمن وإيمان 2672 استماع
حال الناس في القبور 2671 استماع
توجيهات للمرأة المسلمة 2596 استماع
فرصة الرجوع إلى الله 2568 استماع
النهر الجاري 2472 استماع
دور رجل الأعمال في الدعوة إلى الله 2464 استماع
مرحباً شهر الصيام 2394 استماع