شرح زاد المستقنع باب صفة الصلاة [4]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

يقول المصنف رحمه الله تعالى: [ثم يخر مكبراً ساجداً ].

الخرور: هو السقوط من أعلى إلى أسفل، ومنه قوله تعالى: فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ [النحل:26]، ولذلك قال بعض العلماء: إنه إذا قرأ الإنسان آية السجدة وكان جالساً فليقف حتى يأتسي بداود عليه السلام في خروره؛ لأنه لما كان الخرور من أعلى إلى أسفل فإنه يقف لكي يسجد. ويُفهم من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه الميل إليه، وإن فعله الإنسان فحسن، لكن الأقوى واختيار الجماهير أنه يسجد على حالته.

والمراد بهذا الخرور تحصيل الركن البعدي، وهو مرحلة الانتقال من ركن الرفع بعد الركوع إلى ركن السجود، وهذا الركن الذي يَخِرُّ إليه عبر عنه بقوله: (مكبراً ساجداً) أي: حال كونه مكبراً قائلاً: الله أكبر، وقد تقدم أن هذا التكبير يسميه العلماء رحمة الله عليهم تكبير الانتقال؛ لأنه ينتقل فيه من ركنٍ إلى ركن، ما عدا تكبيرة الإحرام.

فقوله: (ثم يخر مكبراً) أي: قائلاً: (اللهُ أكبر) كما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم.

والسنة أن يوافق تكبيره الفعل كما تقدم معنا غير مرة، لأنه إذا وُجِد من لا يراه ويسمع صوته فإنه يساويه في الفعل ولا يسبقه، ومن يراه ولا يسمع صوته كذلك أيضاً يساويه في الفعل، فحينما يوافق تكبيره خروره فإن ذلك أنسب لحصول ائتمام الناس به إذا كان إماماً.

أدلة وجوبه ومعناه

أمر الله بهذا السجود فقال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا [الحج:77]، وأجمع العلماء على أنه ركنٌ من أركان الصلاة.

والسجود: أصله التذلل والخضوع، ويتضمن إظهار الحاجة لله عز وجل بما يشتمل عليه من الأذكار من التسبيح والتحميد والتمجيد لله عز وجل، ولذلك ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: (سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي)، وهذا السجود أمر به النبي صلى الله عليه وسلم المسيء صلاته فقال: (ثم اسجد)، فأمره بالسجود، ولذلك قلنا بلزومه ووجوبه، وسيأتي أنه من أركان الصلاة.

وهذا الخرور بين فيه المصنف صفةً معينة هي من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، على أحد القولين عند العلماء وسيأتي بيانها.

وجوب السجود على سبعة أعضاء

قال رحمه الله تعالى: [ساجداً على سبعة أعضاءٍ: رجليه، ثم ركبتيه، ثم يديه، ثم جبهته مع أنفه]

هذه السبعة الأعضاء ثبت فيها الحديث عن ابن عباس رضي لله عنهما في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أمرتُ أن أسجد على سبعة أعظم) ثم ذكرها، وابتداء المصنف بذكر الرجلين لأن المصلي ثابت عليهما، والسجود على الرجلين ليس المراد به أن يرفع ويعود، وإنما لبكونه ينتقل إلى الخرور فيضطر إلى ميل الرجلين، فكأنه سجد على الرجلين، وهو في الحقيقة ساجد؛ لأن السنة لمن سجد أن يستقبل بأصابع الرجلين القبلة كما هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ومن حرص على أن تستقبل أصابع رجليه القبلة فإنه يتمكن من السجود أكثر، ولذلك تجد الأعضاء قد تمكنت من الأرض، وهذا أبلغ ما يكون في الذِّلَّة لله عز وجل بالسجود، فحينما يستشعر الإنسان أن أعضاءه جميعها مستغرقة للسجود، وأنه متذلل لله عز وجل، فذلك أبلغ ما يكون في التذلل والخضوع لله سبحانه وتعالى، وهذا هو المقصود من الصلاة، فيستقبل بأطراف أصابعه القبلة، كما جاء في الحديث، وكذلك ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رصّ العقبين، فلم تكن مفرجة، وإنما كان يرص قدميه صلوات الله وسلامه عليه، فيبتدئ بالرجلين مستقبلاً بهما القبلة، فإذا انحنت الرجلان فقد سجدتا؛ لأنه قد تحصل بهما السجود من جهة الاعتماد.

كيفية الهوي للسجود

قوله: [ثم ركبتيه] هذا على القول بأنه يقدِّم الركبتين على اليدين، وهو أحد الوجهين عند العلماء رحمة الله عليهم، وقال طائفة من أهل العلم: يقدم اليدين على الركبتين. والسبب في ذلك: حديث أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يبرك الرجل كما يبرك البعير، قال عليه الصلاة والسلام: (إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه) أخرجه أبو داود.

ففي روايةٍِ: (يضع ركبتيه قبل يديه)، وفي رواية: (يضع يديه قبل ركبتيه)، فنظراً لهذا الاختلاف في الروايات اختلف العلماء رحمهم الله:

فمنهم من رجّح أن يقدِّم الركبتين كما درج عليه المصنف رحمه الله، واحتجوا برواية أبي هريرة التي تدل عليه، وكذلك حديث وائل بن حجر رضي الله عنه وأرضاه وأنه: (قدّم ركبتيه على يديه) لهذا قالوا: إنه يقدم الركبتين على اليدين.

وقالت طائفة: يقدم اليدين على الركبتين، وذلك لرواية في حديث أبي هريرة، وهي عند أبي داود في سننه بسندٍ صحيح، وفيها تقديم اليدين على الركبتين.

وقالوا: إن رواية وائل بن حجر مطعونٌ فيها من جهة الثبوت. ثم قالوا: إن صدر الحديث يدل على ترجيح هذه الرواية، وذلك من جهة أن البعير يقدِّم ركبتيه على يديه حال بروكه، ولذلك إذا رأيت البعير أراد أن يبرك فإنه يقدم الركبتين قبل تقديمه لرجليه، ومن ثم قالوا: إنه من السنة أن يقدم اليدين، فإذا قلنا بتقديم الركبتين شابه البعير، وإلا تناقض صدر الحديث مع عجزه. وللشيخ ناصر الدين رحمه الله في الإرواء بحث جيد في هذا يُرجع إليه، وكذلك أشار إلى شيء منه في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم.

والحقيقة أن هذا القول هو أعدل الأقوال وأولاها إن شاء الله بالصواب، وهو أنه يقدم اليدين، ولو ترجح عند الإنسان تقديم الركبتين على اليدين فليقدِّم الركبتين على اليدين ولا حرج عليه، فكلٌ على خير، فمن ترجَّح عنده تقديم الركبتين فليقدم، ومن ترجح عنده تقديم اليدين فليقدم، لكن الخلط بين الروايتين باطل؛ إذ يقول بعض طلاب العلم: نجمع بين الروايتين بأن نفعل هذا تارة وهذا تارة. فليس الخلاف هنا من خلاف التنوع الذي يسوغ فيه الجمع بين الصفات، وذلك لورود النهي عن بعضها، فبالإجماع أنه منهيٌ عن واحدةٍ منها، فإذا فعلت هذا تارة وهذا تارة فقد وقعت في المحظور، ولذلك إما أن يأخذ الإنسان برواية أبي داود الثابتة في تقديم اليدين على الركبتين، إضافةً إلى أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يفعل ذلك، وهذا يترجح أيضاً بما جاء عن السلف، كما قال الأوزاعي وهو فقيه الشام، ومنزلته ومكانته لا تخفى: (أدركتهم يقدمون اليدين على الركبتين) أي: إذا سجدوا.

فإذا ترجح عند إنسان هذا القول عمل به، وإن ترجح عنده غيره عمل به.

وليتأكد من أن أهل اللغة يقولون: إن ركبتي البعير في مقدمته. فهذا يُرجع ويحتكم إليه عند الخلاف؛ لأنه إذا ثبت قولهم: إن ركبتي البعير في يديه فحينئذٍ يُقدِّم المصلي الركبتين على اليدين، وإن قيل: إن الركبتين في موضعهما كما يُفهم من قول صاحب اللسان، وهو الذي اعتمده غير واحد من أهل اللغة فحينئذٍ يترجح القول بتقديم اليدين على الركبتين، وهذا هو الذي تميل إليه النفس، وهو قول طائفة من السلف كما ذكرنا.

قالوا: إن مما يؤكد هذا القول أن النزول على اليدين أرفق بالإنسان، وخاصةً إذا كان مع الضعف؛ فإن الغالب فيه أنه إذا خرّ يحتاج للاعتماد على اليدين أكثر من اعتماده على الركبتين، ولذلك تجده يتحامل عند تقديمه للركبتين على اليدين، وهو أرفق وأولى بالاعتبار من هذا الوجه.

حكم الحائل بين أعضاء السجود والأرض

قال رحمه الله تعالى: [ولو مع حائل ليس من أعضاء سجوده]

ذكرنا أن هذه السبعة الأعضاء يُسجد عليها، وهذا على سبيل الوجوب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها، خلافاً لمن قال بعدم وجوب السجود عليها.

وبناءً على ذلك فمن سجد فإنه يراعي في سجوده سجود الرجلين بالصفة التي ذكرناها، وكذلك سجود الركبتين بالتصاقهما بالأرض، وسجود الكفين، وذلك بالتصاقهما بالأرض، وسجود الجبهة والأنف، وذلك بوضعهما على الأرض، فلو سجد ورفع رجليه فإنه يُعتبر آثماً، ولا يصح سجوده في قول طائفة من أهل العلم رحمةُ الله عليهم، لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالسجود على هذا الوجه، وكذلك لو رفع إحدى الركبتين متعمداً دون حاجةٍ فإنه يأثم ولا يصح سجوده في قول من ذكرنا.

فإن وضع أعضاءه على الأرض، ووجد الحائل بينها وبين الأرض، سواء في مقدمة الإنسان أم في مؤخرته، فإن الحائل في القدمين والركبتين يكاد يكون بالإجماع أنه لا يؤثر، وتوضيح ذلك: لو صلَّى في نعليه، فإنه سيكون اعتماده على النعلين، وهذا مع وجود حائلٍ متصل، فقالوا: لا يؤثر. وكذلك الحال بالنسبة للركبتين، فإنه لو صلّى سيصلي بثوبه، وبناءً على ذلك فالحائل المتصل بالإنسان في هذين الموضعين بالإجماع لا يؤثر، وقد كان عليه الصلاة والسلام يصلي في نعليه وخفيه، ومن المعلوم أن الخف والنعل يحول بين الإنسان وبين إلصاقه العضو بالأرض مباشرة.

أما بالنسبة لليدين والجبهة فإن كان على حصيرٍ أو سجاد أو خمرة فإنه بالإجماع لا يؤثر، فقد ثبت في الصحيح من حديث أنس رضي الله عنه وأرضاه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاهم عند أم حرام بنت ملحان رضي الله عنها وأرضاها قال: فقال لنا: (قوموا فلأصل لكم)، قال أنس : فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس، فنضحته بماء، فقام عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصففت أنا واليتيم وراءه، والعجوز من ورائنا، وهذا الحديث في صحيح مسلم، قالوا: إنه صلى على حصير.

وفي الصحيحين قال عليه الصلاة والسلام لـعائشة رضي الله عنها : (ناوليني الخمرة، قالت: إني حائض، قال: إن حيضتك ليست في يدك) والخمرة: أصلها من خمّر الشيء إذا غطاه، وهي قطعة توضع لكي تحول بين الوجه وبين الأرض يُسجد عليها وتكون من قماش، كالسجادة الصغيرة، وكالقطعة التي تسع مقدم الإنسان، أو تسع غالب أجزائه.

فهذا يدل على أن الحائل بالسجاجيد لا يؤثر، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرده ولم يعتبره مؤثراً في سجوده. والسنة أن الإنسان إذا كانت أعضاؤه على الأرض أن تلي الأرض، فإن وُجِد هذا الحائل الذي لا يؤثر فلا إشكال. لكن لو أن إنساناً قصد وضع الحائل للحاجة إلى ذلك، كأن يكون في حرٍ شديد، فلو سجد ربما أضر بجبهته وأنفه فيؤثر عليه، فهل له أن يبسط طرف الثوب مثل كمه أو طرف الرداء، ويجعله تحته إذا سجد لكي يكون أرفق به؟

الجواب: ثبت الحديث عن الصحابة رضوان الله عليهم أنهم كانوا إذا أرادوا أن يسجدوا بسط أحدُهم طرف ثوبه فسجد عليه من شدة الحر في صلاتهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا حرج أن يكون ما يسجد عليه حائلاً، ولو بحائل متصل، وهذا الذي دعا المصنف إلى أن يقول: (ولو مع حائل) إشارةً إلى هذا الأصل الذي دلت السنة عليه.

السجود مع الحائل إذا لم توجد إليه حاجة فهو ممنوع، وشدد بعض العلماء فقال: إنه إذا احتاج إلى حركة وأفعالٍ من أجل الحائل فإنه لا يبعد أن يأثم، كأن يسحب شيئاً من أجل أن يسجد عليه، فيتكلف دون وجود الحاجة، ومن أمثلة ذلك أن يصلي المصلي فتنقلب سجادته، ويكون بإمكانه أن يسجد على الأرض، فلا ينبغي له أن يشتغل بقلب السجادة؛ لأنها حركة زائدة، خاصةً في الفريضة، ومن مشايخنا رحمة الله عليهم من كان يشدد في ذلك، خاصةً طلاب العلم، لمقام الهيبة والوقوف بين يدي الله عز وجل، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (إن في الصلاة لشغلا)، فكونه لا توجد الحاجة ويشتغل بقلب السجادة وردها، خاصةً إذا كان هناك هواء وريح، فإنه اشتغالٌ بما لا تأثير له في الصلاة، وليس من جنس أفعال الصلاة، فليتركها على حالها، ويتفرغ لطاعته لله عز وجل بالسجود على الأرض، بل أبلغ وأعظم قربةٍ إلى الله عز وجل أن يعفِّر الإنسانُ جبينه بالسجود لله سبحانه وتعالى.

وقد ثبت عن خير خلق الله، وحبيب الله صلى الله عليه وسلم أنه سجد على الطين حتى رئي أثر الماء والطين في جبهته صلوات الله وسلامه عليه، وهذا من أبلغ ما يكون من الذلة، ولذلك لما أثنى الله على أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم وزكّاهم قال سبحانه: سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ [الفتح:29].

فلذلك كلما سجد على الأرض وتذلّل لله عز وجل كان أبلغ، ولا ينبغي -كما قلنا- تكلف وجود الحائل، خاصة مع الحركات في الصلاة، أما قبل الصلاة فلو وضع الحائل فلا بأس.

وهنا مسألة يخشى فيها على دين الإنسان، وقد أشار إليه بعض أهل العلم وهي أن بعض المصلين يتتبع المواضع الحارة للصلاة فيها، حتى تحترق جبهته، ليكون شعار الصلاح في وجهه نسأل الله السلامة والعافية (خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين) لأنه يريد الرياء ويريد ما عند الناس من التزكية والثناء، فلا يجوز للإنسان أن يبالغ في سجوده في المواضع التي يترتب على السجود فيها حصول الأثر، وهكذا الضغط على الجبين حتى يظهر في وجهه أثر السجود، فهذا لا ينبغي، إنما ينبغي أن يترك الأمر على ما هو عليه دون تقصُّد.

وكان السلف الصالح رضوان الله عليهم يخافون من ظهور الخير من الإنسان فضلاً عن أن يطلبوا أمارات الصلاح رضي الله عنهم وأرضاهم، وكان الرجل منهم إذا اطُّلع على عبادته ربما بكى وأشفق على نفسه من الفتنة، فنسال الله السلامة والعافية، فالمبالغة في وضع الجبهة على مكان السجود حتى تؤثر في الجبين، أو تؤثر في مارِن الأنف كل ذلك مما ينبغي للإنسان أن يحذره، وأن يتقي الله في عبادته، وأن يجعلها لله، فإن الله وصف أهل النفاق بأنهم: وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا [النساء:142]، فنسأل الله أن يعيذنا من أخلاقهم، وأن يرزقنا الإخلاص في الأقوال والأعمال.

مجافاة العضدين حال السجود

قال رحمه الله تعالى: [ويجافي عضديه عن جنبيه]

المجافاة: أصلها البعد، وجفاه: إذا قلاه وابتعد عنه، أو امتنع من كلامه والقرب منه، والمجافاة بين العضد والجنب هي أن لا يقرِّب عضده من جنبه؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث وائل ، وكذلك في الأحاديث الصحيحة عنه أنه جافى، وثبت في حديث البراء قال: (إن كنا لنأوي لرسول الله صلى الله عليه وسلم من شدة ما يجافي)، فكان إذا سجد جافى حتى يرى بياض إبطيه صلوات الله وسلامه عليه.

وهذه المجافاة تعين على تمكن أعضاء الإنسان من السجود، بخلاف ما إذا طبّق بينها أو افترش افتراش السبع، فإن هذه الحالة لا تكون أبلغ في سجوده وتمكن أعضائه من الموضع.

فالمجافاة سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا ينبغي للإنسان أن يؤذي جاره إذا كان في الصف، فهي سنةٌ لمن تيسر له ذلك، فإذا كان بجواره من يزعجه ويضايقه حين يجافي فإنه في هذه الحالة يجافي بقدر معين؛ لأنه كما أنك تريد تحصيل السنة، كذلك هو يريد تحصيل السنة، فلو ذهب كل منكما يجافي فإنه يضر بالآخر، ولذلك يجافي الإنسان عند الإمكان، واستثنى أهل العلم مَن كان في الصف، ولذلك قالوا: تأتَّى لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يتأت لغيره، وذلك لكونه إماماً؛ فإن الإمام يتمكن من السجود أكثر، ويتمكن من المجافاة أكثر.

مجافاة البطن عن الفخذ حال السجود

قال رحمه الله: [وبطنه عن فخذيه]

فلا يجعل الفخذين حاملين للبطن، وهذا من السنة وهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، والإنسان مع هذه المجافاة يجد نوعاً من المشقة، ولكنها طاعةٌ وقربة، ولذلك يُحس بأثر هذا السجود، ولعله عند سجوده وحصول نوعٍ من الأثر عليه يُحس بالسجود بين يدي الله، لكنه لو ارتفق ربما ارتاح لذلك فأنست نفسه، ولذلك قال بعض العلماء: إن المجافاة تُشعر الإنسان بالسجود بين يدي الله. وجرِّب ذلك، فإنك كلما جافيت وحرصت على أن يكون هناك مجافاة بين وسطك وبين العضدين والجنب فإنك تجد أنك تُحس بالسجود وثقله عليك، وهذا أدعى لاستشعار الإنسان مقامه بين يدي الله عز وجل، وذلك أدعى لحضور قلبه وخشوعه.

قال رحمه الله تعالى: [ويفرق ركبتيه]

أي: يفرِّق الركبتين، فليس من السنة التصاقهما، ولذلك يرص العقبين ويفرِّق بين الركبتين، وهذا إذا كان رجلاً، كما سيأتي.

قول: (سبحان ربي الأعلى) في السجود

قال رحمه الله تعالى: [ويقول: سبحان ربي الأعلى]

بعد أن فرغ رحمة الله عليه من بيان صفة السجود الفعلية بدأ بما ينبغي على المكلف أن ينتبه له من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم القولي، فقد كانت للنبي صلى الله عليه وسلم أذكارٌ وأدعية في سجوده، فيُسن للإنسان أن يتأسى برسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، وهذا الموضع من أبلغ المواضع ذِلةً لله سبحانه وتعالى، وقال بعضهم: إنه من أشرف مواضع الصلاة.

ولذلك ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه من مواطن الإجابة فقال: (أقرب ما يكون العبد من ربه إذا كان ساجداً)، وقال عليه الصلاة والسلام في هذا الموضع: (فقمنٌ أن يستجاب لكم) أي: حريٌ أن يستجاب لكم من الله عز وجل، وذلك لما فيه من بالغ الذلة لله سبحانه وتعالى.

فيقول: (سبحان ربي الأعلى)، وهذا التسبيح يُعتبر من أذكار السجود الواجبة فيه، ولذلك لما نزل قوله تعالى: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1] قال عليه الصلاة والسلام: (اجعلوها في سجودكم).

ولما نزل قوله تعالى : فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ [الواقعة:74] قال: (اجعلوها في ركوعكم)، وثبت في الحديث الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام أنه كان إذا سجد قال: (سبحان ربي الأعلى)، وهذا من الدعاء بالمناسبة، فهو في أدنى ما يكون ذلَّة لله، فقابلها بما يكون من صفة العلو لله سبحانه وتعالى، فقال: (سبحان ربي الأعلى)، وفيه ردٌ على من ينفي جهة العلو لله سبحانه وتعالى، وسيأتي إن شاء الله أن هذا الذكر من واجبات الصلاة.

وله أن يدعو بالأدعية التي يريدها من خيري الدنيا والآخرة، فلا مانع أن يسأل الله العظيم من فضله سواء أكان في نافلةٍ أم فريضة.

وقد جاء في الحديث الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام أنه افتقدته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها، قالت: (فجالت يدي) أي: في حجرتها، وكانت حجرة النبي صلى الله عليه وسلم من الضيق بمكان؛ لأن الله اختار له الآخرة، ولم يختر له الدنيا، كان إذا أراد أن يسجد لا يستطيع أن يسجد حتى تقبض عائشة رجليها من أمامه، فتقول: (افتقدته فجالت يدي فوقعت على رجله ساجداً يقول: يا مقلب القلوب! ثبت قلبي على دينك) فكان من أجمع الدعوات وأفضلها وأعزها وأكرمها أن يسأل الله الثبات على دينه، فجعله في هذا الموضع، فكونه ساجداً بين يدي الله، وكونه في ظلمات الليل التي هدأت فيها العيون، وسكنت فيها الجفون يدل على شرف هذا الموضع، فاختار له هذه الدعوة العظيمة وهي الثبات على الدين، وكان من هديه أن يقول: (يا مقلب القلوب: ثبت قلبي على دينك)، وفي رواية: (صرّف قلبي في طاعتك).

المقصود أن من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم الدعاء في السجود، فعلى الإنسان أن يدعو ويسأل الله من فضله.

صفة الجلوس بين السجدتين

قال رحمه الله: [ثم يرفع رأسه مكبراً]

أي: إذا فرغ من السجود رفع رأسه مكبراً، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الرفع، كما في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه في حديث المسيء صلاته، حيث قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (ثم ارفع)، فأمره بالرفع من السجود لكي ينتقل إلى الركن البعدي، وهو الجلوس بين السجدتين.

قال رحمه الله تعالى: [ويجلس مفترشاً يسراه ناصباً يمناه]

أي: يجلس حال كونه مفترشاً يسراه، فيقلبها لكي تكون حائلاً بين الإلية والأرض، ولما صارت حائلاً بين إليته والأرض فإنها تعتبر بمثابة الفراش الذي يحول بين البدن وبين الأرض، فمن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يفترش رجله اليسرى كما في حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في صفة صلاته صلوات الله وسلامه عليه، فيفترش اليسرى ويجعلها بمثابة الفراش، ثم ينصب يمناه.

دعاء الجلوس بين السجدتين

قال رحمه الله تعالى: [ويقول: رب اغفر لي]

أي: يستقبل بأطراف أصابعه اليمنى القبلة كما هو هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول: رب اغفر لي. وهو الدعاء الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان يقول: (رب اغفر لي. رب اغفر لي)، وكان يقول عليه الصلاة والسلام دعاءه المأثور في السنن: (اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني وارفعني واهدني وعافني وارزقني)، وهذه أدعية تجمع خيري الدنيا والآخرة للعبد، فسأل الله عز وجل خير دينه، وذلك بسؤاله الرحمة والمغفرة، وقال: (اجبرني وارفعني) وهذا للدين والدنيا والآخرة، فإنه جبر لأمور الدين والدنيا، ورفعة في أمور الدين والدنيا، وقال بعد ذلك عليه الصلاة والسلام: (وعافني وارزقني) فهذا أيضاً من خير الدنيا؛ فإن الإنسان إذا عُوفي فقد تمت عليه نعمة الله عز وجل بالنسبة لأمور الدنيا؛ لأن أكثر المصائب في الدنيا إنما تقع بسبب زوال عافية الله عز وجل عن العبد، وإذا سُلب العبد العافية فقد هلك، كما قال صلى الله عليه وسلم: (يا عم رسول الله سل الله العافية).

فكان يسأل عليه الصلاة والسلام بين السجدتين العافية، ويكون هذا الموضع موضع دعاء، وللعلماء في ذلك وجهان:

قال بعضهم: هو موضع دعاء فيشرع أن يدعو الإنسان بما يتخير من أمور دنياه وأخراه، وقال بعضهم: يُتقيد بالوارد. وهذا أقوى، ولكن إذا لم يحفظ، كأن يكون عامياً فلا بأس أن يدعو بما تيسر له.

والسبب في أنه يدعو بما تيسر له أن السنة أمران، الأمر الأول: دعاء، والثاني: لفظٌ مخصوص، فإن تعذر عليه اللفظ المخصوص فالسنة أن يسأل، وهو قول الجماهير كما نسبه غير واحدٍ إليهم، فإذا كان لا يستطيع أن يحفظ الوارد، أو كان يجهله ودعا بما تيسر له، كدعائه له ولوالديه فلا حرج، والأفضل والأكمل أن يدعو بالدعاء المأثور، وفرقٌ بين قولنا: الأفضل، وبين أن يقال: إن هذا حرامٌ وبدعة. فلا يسوغ للإنسان أن يحرِّم، إنما يكون التحريم في ألفاظ الذكر المخصوصة، فكون النبي صلى الله عليه وسلم يسكت عن الصحابة، ولم يأمرهم بلفظ مخصوص بين السجدتين يدل على أن الأمر واسع، وهذا قول جماهير أهل العلم رحمة الله عليهم، وينبه على أن الحكم بالبدعة يحتاج إلى دليل، والأصل في الأذكار التوقيف، لكن إذا كان المحل محل تمجيد، أو دعاء، أو أُثر فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء فإن لمن دعا فيه -كأن يدعو له ولوالديه- وجه من السنة، وإن قال: أنا لا أدعو بذلك؛ لأني لا أراه، فله أن يقول ذلك، أما أن يُقال لمن دعا: ابتدعت، ويُحرم عليه، ويحكم بكونه آثماً في صلاته فهذا يحتاج إلى نظر، ولذلك قال بعض العلماء: يدعو لوالديه لتعذر ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه نُهي عن الدعاء لوالديه صلوات الله وسلامه عليه، ولذلك يبقى غيره على الأصل من أمر الله عز وجل له بالدعاء ولوالديه، فلا حرج عليه أن يدعو، لكن السنة والأفضل والأكمل للإنسان أن يتقيد بالوارد.

قال رحمه الله: [ويسجد الثانية كالأولى]

أي: يسجد السجدة الثانية، ويفعل فيها ما فعل في الأولى من الهدي العملي والقولي.

أمر الله بهذا السجود فقال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا [الحج:77]، وأجمع العلماء على أنه ركنٌ من أركان الصلاة.

والسجود: أصله التذلل والخضوع، ويتضمن إظهار الحاجة لله عز وجل بما يشتمل عليه من الأذكار من التسبيح والتحميد والتمجيد لله عز وجل، ولذلك ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: (سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي)، وهذا السجود أمر به النبي صلى الله عليه وسلم المسيء صلاته فقال: (ثم اسجد)، فأمره بالسجود، ولذلك قلنا بلزومه ووجوبه، وسيأتي أنه من أركان الصلاة.

وهذا الخرور بين فيه المصنف صفةً معينة هي من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، على أحد القولين عند العلماء وسيأتي بيانها.

قال رحمه الله تعالى: [ساجداً على سبعة أعضاءٍ: رجليه، ثم ركبتيه، ثم يديه، ثم جبهته مع أنفه]

هذه السبعة الأعضاء ثبت فيها الحديث عن ابن عباس رضي لله عنهما في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أمرتُ أن أسجد على سبعة أعظم) ثم ذكرها، وابتداء المصنف بذكر الرجلين لأن المصلي ثابت عليهما، والسجود على الرجلين ليس المراد به أن يرفع ويعود، وإنما لبكونه ينتقل إلى الخرور فيضطر إلى ميل الرجلين، فكأنه سجد على الرجلين، وهو في الحقيقة ساجد؛ لأن السنة لمن سجد أن يستقبل بأصابع الرجلين القبلة كما هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ومن حرص على أن تستقبل أصابع رجليه القبلة فإنه يتمكن من السجود أكثر، ولذلك تجد الأعضاء قد تمكنت من الأرض، وهذا أبلغ ما يكون في الذِّلَّة لله عز وجل بالسجود، فحينما يستشعر الإنسان أن أعضاءه جميعها مستغرقة للسجود، وأنه متذلل لله عز وجل، فذلك أبلغ ما يكون في التذلل والخضوع لله سبحانه وتعالى، وهذا هو المقصود من الصلاة، فيستقبل بأطراف أصابعه القبلة، كما جاء في الحديث، وكذلك ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رصّ العقبين، فلم تكن مفرجة، وإنما كان يرص قدميه صلوات الله وسلامه عليه، فيبتدئ بالرجلين مستقبلاً بهما القبلة، فإذا انحنت الرجلان فقد سجدتا؛ لأنه قد تحصل بهما السجود من جهة الاعتماد.

قوله: [ثم ركبتيه] هذا على القول بأنه يقدِّم الركبتين على اليدين، وهو أحد الوجهين عند العلماء رحمة الله عليهم، وقال طائفة من أهل العلم: يقدم اليدين على الركبتين. والسبب في ذلك: حديث أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يبرك الرجل كما يبرك البعير، قال عليه الصلاة والسلام: (إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه) أخرجه أبو داود.

ففي روايةٍِ: (يضع ركبتيه قبل يديه)، وفي رواية: (يضع يديه قبل ركبتيه)، فنظراً لهذا الاختلاف في الروايات اختلف العلماء رحمهم الله:

فمنهم من رجّح أن يقدِّم الركبتين كما درج عليه المصنف رحمه الله، واحتجوا برواية أبي هريرة التي تدل عليه، وكذلك حديث وائل بن حجر رضي الله عنه وأرضاه وأنه: (قدّم ركبتيه على يديه) لهذا قالوا: إنه يقدم الركبتين على اليدين.

وقالت طائفة: يقدم اليدين على الركبتين، وذلك لرواية في حديث أبي هريرة، وهي عند أبي داود في سننه بسندٍ صحيح، وفيها تقديم اليدين على الركبتين.

وقالوا: إن رواية وائل بن حجر مطعونٌ فيها من جهة الثبوت. ثم قالوا: إن صدر الحديث يدل على ترجيح هذه الرواية، وذلك من جهة أن البعير يقدِّم ركبتيه على يديه حال بروكه، ولذلك إذا رأيت البعير أراد أن يبرك فإنه يقدم الركبتين قبل تقديمه لرجليه، ومن ثم قالوا: إنه من السنة أن يقدم اليدين، فإذا قلنا بتقديم الركبتين شابه البعير، وإلا تناقض صدر الحديث مع عجزه. وللشيخ ناصر الدين رحمه الله في الإرواء بحث جيد في هذا يُرجع إليه، وكذلك أشار إلى شيء منه في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم.

والحقيقة أن هذا القول هو أعدل الأقوال وأولاها إن شاء الله بالصواب، وهو أنه يقدم اليدين، ولو ترجح عند الإنسان تقديم الركبتين على اليدين فليقدِّم الركبتين على اليدين ولا حرج عليه، فكلٌ على خير، فمن ترجَّح عنده تقديم الركبتين فليقدم، ومن ترجح عنده تقديم اليدين فليقدم، لكن الخلط بين الروايتين باطل؛ إذ يقول بعض طلاب العلم: نجمع بين الروايتين بأن نفعل هذا تارة وهذا تارة. فليس الخلاف هنا من خلاف التنوع الذي يسوغ فيه الجمع بين الصفات، وذلك لورود النهي عن بعضها، فبالإجماع أنه منهيٌ عن واحدةٍ منها، فإذا فعلت هذا تارة وهذا تارة فقد وقعت في المحظور، ولذلك إما أن يأخذ الإنسان برواية أبي داود الثابتة في تقديم اليدين على الركبتين، إضافةً إلى أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يفعل ذلك، وهذا يترجح أيضاً بما جاء عن السلف، كما قال الأوزاعي وهو فقيه الشام، ومنزلته ومكانته لا تخفى: (أدركتهم يقدمون اليدين على الركبتين) أي: إذا سجدوا.

فإذا ترجح عند إنسان هذا القول عمل به، وإن ترجح عنده غيره عمل به.

وليتأكد من أن أهل اللغة يقولون: إن ركبتي البعير في مقدمته. فهذا يُرجع ويحتكم إليه عند الخلاف؛ لأنه إذا ثبت قولهم: إن ركبتي البعير في يديه فحينئذٍ يُقدِّم المصلي الركبتين على اليدين، وإن قيل: إن الركبتين في موضعهما كما يُفهم من قول صاحب اللسان، وهو الذي اعتمده غير واحد من أهل اللغة فحينئذٍ يترجح القول بتقديم اليدين على الركبتين، وهذا هو الذي تميل إليه النفس، وهو قول طائفة من السلف كما ذكرنا.

قالوا: إن مما يؤكد هذا القول أن النزول على اليدين أرفق بالإنسان، وخاصةً إذا كان مع الضعف؛ فإن الغالب فيه أنه إذا خرّ يحتاج للاعتماد على اليدين أكثر من اعتماده على الركبتين، ولذلك تجده يتحامل عند تقديمه للركبتين على اليدين، وهو أرفق وأولى بالاعتبار من هذا الوجه.




استمع المزيد من الشيخ محمد بن محمد مختار الشنقيطي - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح زاد المستقنع كتاب البيع [4] 3698 استماع
شرح زاد المستقنع باب الرجعة [1] 3616 استماع
شرح زاد المستقنع باب ما يختلف به عدد الطلاق 3438 استماع
شرح زاد المستقنع باب صلاة التطوع [3] 3370 استماع
شرح زاد المستقنع واجبات الصلاة 3336 استماع
شرح زاد المستقنع باب الإجارة [10] 3317 استماع
شرح زاد المستقنع باب التيمم [1] 3267 استماع
شرح زاد المستقنع باب صوم التطوع [2] 3223 استماع
شرح زاد المستقنع باب شروط القصاص 3183 استماع
شرح زاد المستقنع باب نفقة الأقارب والمماليك [6] 3163 استماع