يا شباب


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أيها الإخوة: هذا هو الدرس الثاني والتسعون لهذه الليلة ليلة الإثنين السابع من شهر صفر من سنة (1414هـ) وعنوان هذا الدرس: يا شباب!

إلهي كيف أدعوك وأنا أسير الذنوب رهين المعاصي، وكيف لا أدعوك وأنت رب العالمين!

إلهي لا تعذبني فإني     مقر بالذي قد كان مني

وما لي حيلة إلا رجائي     وعفوك إن عفوت وحسن ظني

فكم من زلة لي في البرايا     وأنت علي ذو فضلٍ ومنِّ

إذا فكرت في ندمي عليها     عضضت أناملي وقرعت سني

يظن الناس بي خيراً وإني     لشر الناس إن لم تعفُ عني

أجن بزهرة الدنيا جنوناً     وأفني العمر فيها بالتمني

وبين يدي محتبسٌ ثقيلٌ      كأني قد دعيت له كأني

اللهم إنا نخاطبك بألسنٍ أثقلتها الأوزار، وندعوك بقلوبٍ سودتها الذنوب، فيا من لا يعاجل بالعقوبة! ويا من شيمته الصفح! أنـزل علينا من بركاتك، وفيض جودك، ما تمن به علينا بالهداية، وترفعنا به عندك درجات يا أرحم الراحمين!

قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنـزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ * أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ * بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ * وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ * وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [الزمر:53-61].

يا شبـاب! لقد بت الليالي والأيام الماضية حزيناً مهموماً، لأنني سأخاطبكم بكلامٍ أحتاجه أكثر مما تحتاجونه، فلعمر الله إني لأحوج إلى الوعظ منكم، ولكن المودة في قلبي جعلتني أتجرع هذا الحديث إليكم، ولسان حالي يقول:

يا أيها الرجل المعلم غيره     هلا لنفسك كان ذا التعليمُ

تصف الدواء لذي السقام وذي الظنا     كيما يصح به وأنت سقيمُ

ابدأ بنفسك فانهها عن غيها     فإذا انتهت عنه فأنت حكيمُ

فهناك يقبل ما وعظت ويقتدى     بالقول منك وينفع التعليمُ

لا تنه عن خلقٍ وتأتي مثله          عارٌ عليك إذا فعلت عظيمُ

يا شباب! إنها كلمات ألقيها عليكم من غير ترقيم ولا تبويب، ولكنها -إن شاء الله- حديث الروح إلى الروح، وهتاف القلب إلى القلب، وأؤمل ألا تكون ثقيلة على مسامعكم، بل هي بستان أخضر ننتقل منه كالطائر من غصن إلى غصن، ومن زهرة إلى زهرة، وتسرح طرفك وعيونك في هذه الخضرة الكافية، والماء الجاري، والمنظر البديع.

ولقد حاولت جهدي -أيها الأحبة- أن أقدم لكم شيئاً جديداً مفيداً في هذه الكلمات واللحظات، فاعذرني أخي الشاب! إذا كان أسلوبي لا يلائمك، أو كانت بعض المعلومات غير مهمة، أو حتى غير مقبولة بالنسبة لك، فإني لا أخاطبك أنت بالذات، وإنما أخاطب شريحة من الشباب.

احتجاج أمريكي على الفساد الإعلامي

نحن ساخطون! ولن نتحمل المزيد، هذه عريضة جماعية إلى أعضاء مجلس إدارة شركات الإنتاج: إنتاج الأفلام، وتوزيع الأغاني.

تقول هذه العريضة: ساعدونا للحصول على مليون توقيع فقط على هذه العريضة، وعنوانها: نحن ساخطون ولن نتحمل المزيد.

نعم. نحن مجموعة من الأمهات والآباء والأجداد المواطنين، ساخطون من الأفلام وبرامج التلفاز التي تظهر في الفيديو وضررها بالنسبة لأبنائنا وعائلاتنا وبلدنا.

نحن مرعوبون! حيث إن أكثر من مليون فتاة بين الأعمار: خمس عشرة، وتسع عشرة، تحمل سنوياً من سفاحٍ لا من نكاح!

نحن مذهولون! حيث نعلم أن ثلثي الولادة التي تتم للبنات بين خمس عشرة، وتسع عشرة سنة، تتم خارج قانون الزواج!

نحن متخوفون! من طريقة انتشار العنف والجريمة في كل مكان، التي أصبحت تهدد عائلاتنا وبيوتنا، فعار على المسئولين في هوليود، هذه السلسلة الطويلة من الأفلام المملوءة بالكلام البذيء والعري والجنس والعنف والقتل.

فمثلاً: هناك فلم أنتج مؤخراً، ظهرت فيه لقطة لعملية قتل خلال عملية جنسية، وبذلك يضربون مقياساً جديداً للانحراف، حتى على المستوى الرديء في الأفلام الموجودة اليوم.

عار على مخرجي برامج التلفاز، لسماحهم للطفل أن ينظر من خلال التلفاز إلى ما معدله مائة ألف لقطة عنف، وثلاثة وثلاثين ألف جريمة قتل، وذلك منذ بدأ يشاهد إلى أن بلغ السادسة عشرة من عمره فقط، مع علم أولئك المخرجين أن العنف الذي يظهر في التلفاز هو المسئول عن (22%) من جرائم الأطفال، وعن نصف حالات الانتحار في أمريكا.

عار على مخرجي الأفلام الذين توقفوا منذ زمن بعيد عن إظهار القيم المثلى لأكثر العائلات، لسماحهم بإلغاء تصنيف الأفلام إلى أشياء يشاهدوها الأطفال، وأشياء يمنعون من مشاهداتها.

نحن نقول: إن الثمن المأساوي الذي يدفعه أبناؤنا، وعائلاتنا، وبلدنا، يدعو إلى فعل شيء لوقف ما يحدث، ولكن لا نستطيع أن نوقفها لوحدنا، إنما نعتقد أننا السبب لكل هذا الجنس، والعنف، والقذارة، أن ذلك هو بسبب المخرجين والمغنين والممثلين.

نستطيع أن نتحكم بهم وكل ما في الأمر أن يأمرهم مجلس إدارة شركات الإنتاج بالتوقف عن هذه الأشياء، وهذه نحن جميعاً نستطيع أن نفعلها، ونطلب من كل قارئ لهذا الإعلان أن يساعدنا في نشره في كل أمريكا، وإرسال هذه العريضة كل شهرين بالتكرار، لكل عضوٍ من أعضاء مجلس إدارة شركات إنتاج الأفلام والأغاني مع عدد الموقعين عليها لكي يعلموا أن العائلات الأمريكية ساخطة.

أيها العاملون في صناعة الأفلام! وفروا على أنفسكم خطب التحذير من المرأة، ونحن لا نطالبكم بالاحتشام، كل ما نريده منكم أن تجعلوا شركات الأفلام، والتلفاز، وإنتاج الأغاني، تتصرف بمسئولية.

إن أطفالنا وعائلاتنا وبلادنا تتضرر بسكوتنا، الآن أرسل العريضة الموجودة بأسفل هذا الإعلان، ونرجو أن ترسل تبرعاً مخصوماً من ضرائبك لمساعدتنا في دفع تكاليف إعلان مماثل، ونحن نقوم بالباقي.

وهذا الإعلان ينشر في أمريكا.

إنه تعبير من الآباء، والأمهات، والأجداد، والجيل السابق، عن خطورة مثل تلك الأفلام، وأشرطة الأغاني الهابطة، على مستقبل الأولاد والبنات في أمريكا، وإنه شعور جماعي بالمسئولية، والواجب في محاسبة المسئولين عن تلك الشركات ومخاطبتهم بصورة جماعية، ودعوتهم إلى احترام القيم والمثل والأخلاق المتوارثة في ذلك المجتمع.

أفيكون أولئك القوم أدرى بضرر هذه الأشياء وخطرها، أكثر من أولئك المؤمنين المسلمين الفاهمين، القارئين للقرآن!

نحن ساخطون! ولن نتحمل المزيد، هذه عريضة جماعية إلى أعضاء مجلس إدارة شركات الإنتاج: إنتاج الأفلام، وتوزيع الأغاني.

تقول هذه العريضة: ساعدونا للحصول على مليون توقيع فقط على هذه العريضة، وعنوانها: نحن ساخطون ولن نتحمل المزيد.

نعم. نحن مجموعة من الأمهات والآباء والأجداد المواطنين، ساخطون من الأفلام وبرامج التلفاز التي تظهر في الفيديو وضررها بالنسبة لأبنائنا وعائلاتنا وبلدنا.

نحن مرعوبون! حيث إن أكثر من مليون فتاة بين الأعمار: خمس عشرة، وتسع عشرة، تحمل سنوياً من سفاحٍ لا من نكاح!

نحن مذهولون! حيث نعلم أن ثلثي الولادة التي تتم للبنات بين خمس عشرة، وتسع عشرة سنة، تتم خارج قانون الزواج!

نحن متخوفون! من طريقة انتشار العنف والجريمة في كل مكان، التي أصبحت تهدد عائلاتنا وبيوتنا، فعار على المسئولين في هوليود، هذه السلسلة الطويلة من الأفلام المملوءة بالكلام البذيء والعري والجنس والعنف والقتل.

فمثلاً: هناك فلم أنتج مؤخراً، ظهرت فيه لقطة لعملية قتل خلال عملية جنسية، وبذلك يضربون مقياساً جديداً للانحراف، حتى على المستوى الرديء في الأفلام الموجودة اليوم.

عار على مخرجي برامج التلفاز، لسماحهم للطفل أن ينظر من خلال التلفاز إلى ما معدله مائة ألف لقطة عنف، وثلاثة وثلاثين ألف جريمة قتل، وذلك منذ بدأ يشاهد إلى أن بلغ السادسة عشرة من عمره فقط، مع علم أولئك المخرجين أن العنف الذي يظهر في التلفاز هو المسئول عن (22%) من جرائم الأطفال، وعن نصف حالات الانتحار في أمريكا.

عار على مخرجي الأفلام الذين توقفوا منذ زمن بعيد عن إظهار القيم المثلى لأكثر العائلات، لسماحهم بإلغاء تصنيف الأفلام إلى أشياء يشاهدوها الأطفال، وأشياء يمنعون من مشاهداتها.

نحن نقول: إن الثمن المأساوي الذي يدفعه أبناؤنا، وعائلاتنا، وبلدنا، يدعو إلى فعل شيء لوقف ما يحدث، ولكن لا نستطيع أن نوقفها لوحدنا، إنما نعتقد أننا السبب لكل هذا الجنس، والعنف، والقذارة، أن ذلك هو بسبب المخرجين والمغنين والممثلين.

نستطيع أن نتحكم بهم وكل ما في الأمر أن يأمرهم مجلس إدارة شركات الإنتاج بالتوقف عن هذه الأشياء، وهذه نحن جميعاً نستطيع أن نفعلها، ونطلب من كل قارئ لهذا الإعلان أن يساعدنا في نشره في كل أمريكا، وإرسال هذه العريضة كل شهرين بالتكرار، لكل عضوٍ من أعضاء مجلس إدارة شركات إنتاج الأفلام والأغاني مع عدد الموقعين عليها لكي يعلموا أن العائلات الأمريكية ساخطة.

أيها العاملون في صناعة الأفلام! وفروا على أنفسكم خطب التحذير من المرأة، ونحن لا نطالبكم بالاحتشام، كل ما نريده منكم أن تجعلوا شركات الأفلام، والتلفاز، وإنتاج الأغاني، تتصرف بمسئولية.

إن أطفالنا وعائلاتنا وبلادنا تتضرر بسكوتنا، الآن أرسل العريضة الموجودة بأسفل هذا الإعلان، ونرجو أن ترسل تبرعاً مخصوماً من ضرائبك لمساعدتنا في دفع تكاليف إعلان مماثل، ونحن نقوم بالباقي.

وهذا الإعلان ينشر في أمريكا.

إنه تعبير من الآباء، والأمهات، والأجداد، والجيل السابق، عن خطورة مثل تلك الأفلام، وأشرطة الأغاني الهابطة، على مستقبل الأولاد والبنات في أمريكا، وإنه شعور جماعي بالمسئولية، والواجب في محاسبة المسئولين عن تلك الشركات ومخاطبتهم بصورة جماعية، ودعوتهم إلى احترام القيم والمثل والأخلاق المتوارثة في ذلك المجتمع.

أفيكون أولئك القوم أدرى بضرر هذه الأشياء وخطرها، أكثر من أولئك المؤمنين المسلمين الفاهمين، القارئين للقرآن!

أخي الشاب! هلاَّ شكرت نعمة الله عليك، لقد أنعم عليك بالصحة، وأنت تعلم من أصيب بالجلطة أو السرطان أو الإيدز.

هلاَّ شكرت نعمته عليك بشبابك، وأنت تعرف شيوخاً هرموا وشابوا، وسقطت حواجبهم على أعينهم من الكبر، وهم ممددون على فرشهم، ينتظرون الموت صباحاً أو مساءً وقد غسلوا أيديهم من الدنيا، بل قل: غسلت الدنيا أيديها منهم.

هلاَّ شكرت نعمته عليك بغناك، وأنت تعرف وربما ترى بعينك من يقلبون صناديق القمامة، يبحثون عن كسرة خبزٍٍ، أو لقمة عيش.

استمع إلى الزهاد

شرب ابن عمر رضي الله عنه يوماً ماءً بارداً فبكى، واشتد بكاؤه، فقيل له: [[يرحمك الله ما يبكيك؟ قال: ذكرت قوله عز وجل: وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ[سبأ:54] أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ[الأعراف:50]]].

وكان أبو الدرداء رضي الله عنه يقول: [[أين الذين أملوا بعيداً، وجمعوا كثيراً، وبنوا مشيداً، فأصبح أملهم غروراً، وجمعهم بوراً، وبيوتهم قبوراً]].

قال أبو حنيفة رحمه الله: كفى حزناً أن لا حياة هنيئة، ولا عمل صالح يرضى به الله، قال الله تعالى: ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ [التكاثر:8].

شرب النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر وعمر كأساً من الماء البارد، وأكلوا من التمر، وقعدوا في الظل، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: {ماءٌ بارد، وظلٌ ظليلٌ، ورطبٌ طيب، والله لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة} ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ [التكاثر:8].

زهد جاهلي

شرب ابن عمر رضي الله عنه يوماً ماءً بارداً فبكى، واشتد بكاؤه، فقيل له: [[يرحمك الله ما يبكيك؟ قال: ذكرت قوله عز وجل: وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ[سبأ:54] أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ[الأعراف:50]]].

وكان أبو الدرداء رضي الله عنه يقول: [[أين الذين أملوا بعيداً، وجمعوا كثيراً، وبنوا مشيداً، فأصبح أملهم غروراً، وجمعهم بوراً، وبيوتهم قبوراً]].

قال أبو حنيفة رحمه الله: كفى حزناً أن لا حياة هنيئة، ولا عمل صالح يرضى به الله، قال الله تعالى: ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ [التكاثر:8].

شرب النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر وعمر كأساً من الماء البارد، وأكلوا من التمر، وقعدوا في الظل، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: {ماءٌ بارد، وظلٌ ظليلٌ، ورطبٌ طيب، والله لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة} ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ [التكاثر:8].

أخي أيها الشاب! هل أنت ممن يسهر الليل على الهاتف؟

يعاكس هذه، ويسخر من تلك، ويتبادل ألفاظ الحب والغرام مع كل فتاة تطاوعه، أو تسكت له!

أما خشيت دعوة من إنسان صالح أزعجته في هدأة الليل، أو أيقظته من هجعة الفراش، أو أفسدت عليه بنته، أو خربت عليه ولده وفلذة كبده!

أما استحييت من الملك القاعد عن يمينك أو عن شمالك، لا يغادرك في يقظة، ولا يفارقك في منام؟

إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق:17-18].

وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ [الانفطار:10-12].

إياك والغفلة

هل أنت ممن يسهر الليل على مشاهدة المسلسلات والأفلام، التي هي في الغالب مدارس لتعليم الانحلال، وغرس الرذيلة، وقتل الحياة، وتدمير العفاف؟

ألم يخطر في بالك يوماً ما إذ بليت بهذا، أن تشاهد على الأقل المآسي المفجعة التي يعيشها إخوانك المسلمون في البوسنة والهرسك، أو فلسطين، أو الصومال، أو في أي مكان آخر من الأرض؟!

أم تراك ممن يسمع صرير (كفراتهم) وأصوات سياراتهم على بعد بضع كيلو مترات، وهم يستعرضون ويعتقدون أن هذه هي الفتوة والقوة، وهي المجال المناسب لكسب إعجاب الكثير وتصفيقهم أو ضحكاتهم، وربما صلى الناس الفجر وهم ساهرون سادرون، فلم يجيبوا داعي الله: حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح. هل هان الله تعالى في عينك إلى هذا الحد؟!!

يا من أغراه قرناء السوء بتعاطي الدخان أولاً، ثم الخمر بعد ذلك، ثم المخدرات! إن باب التوبة مفتوح، فسارع قبل الفوات، قبل أن يختم لك بخاتمة السوء، فإن الطريق الذي تسلكه طريق النار، قال صلى الله عليه وسلم:{وحفت النار بالشهوات}.

لا أشرب الخمر والنيران تعقبها     لا خير في لذةٍ من بعدها النارُ<

أيها الغافلون اعتبروا

قيل لـإبراهيم بن أدهم رحمه الله تعالى ما بالنا ندعو فلا يستجاب لنا؟!

قال: [[لأنكم عرفتم الله تعالى فلم تطيعوه، وعرفتم الرسول صلى الله عليه وسلم فلم تتبعوا سنته، وعرفتم القرآن فلم تعملوا به، وعرفتم نعم الله تعالى فلم تؤدوا شكرها، وعرفتم الجنة فلم تطلبوها، وعرفتم النار فلم تهربوا منها، وعرفتم الشيطان فلم تحاربوه وتعادوه، وعرفتم الموت فلم تستعدوا له، ودفنتم فلم تعتبروا بذلك، وتركتم عيوبكم واشتغلتم بعيوب الناس، فبهذه الأشياء العشرة ماتت قلوبكم، فلا ينفع فيها وعظٌ ولا تذكير!!]]

قال مالك بن دينار:

أتيت القبور فناديتها     أين المعظم والمحتقر

وأين المدل بسلطانه     وأين العزيز إذا ما افتخر

تفانوا جميعاً فلا مخبر      وماتوا جميعاً ومات الخبر

تروح وتغدو بنات الثرى     فتمحو محاسن تلك الصور

فيا سائلي عن أناس مضوا      أما لك فيما ترى معتبر

أيها الغافلون عن الموت اعتبروا! قال صلى الله عليه وسلم:{أكثروا من ذكر هاذم اللذات} أي: الموت، فكل لذة في الدنيا إلى انقطاع، ولو طالت فالموت غايتها، إلا لذة العبادة، والطاعة والتقوى والدعوة والجهاد والبر والقرب من الله تعالى، فهي لذات باقيات إلى يوم المعاد.

كم من فتاة مثل ليلى وفتى كـابن الملوح

أنفقا الساعات في الشاطئ تشكو وهو يشرح

كلما حدث أصغت      وإذا قالت ترنح

فإذا الموت ينقض سريعاً كالعقاب

ولقد قلت لنفسي وأنا بين المقابر     هل رأيت الأمن والراحة إلا في الحفائر

فأشارت فإذا للدود عيث في المحاجر     واختفى الحزن رهيناً بين أطباق الترابِ

انظري كيف تساوى الكل في هذا المكان          وتلاشى في بقايا العبد رب الصولجان

والتقى العاشق والقالي فما يفترقان          أدركوا أن اللذاذات سرابٌ في سراب

أيها القبر تكلم أخبرينا يا رمام     من هو الميت من عامٍ ومن مليون عام

من هو الميت من عام ومن خمسين عام     كلهم ينظر وعداً صادقاً يوم الحسابِ<

احذروا رسائل الغرام

يا شباب! إن كلمات الحب والغرام التي يوزعها الإنسان بالمجان، مرة عن طريق رسالة بالبريد، لفتاةٍ تعرف عليها عن طريق الإذاعة، أو الجريدة أو المجلة، ومرة أخرى عبر الهاتف، ومرة ثالثة يغامر ويلقيها على فتاة يبصرها في الشارع أو السوق أو الحديقة، أو خارجةً من بيتها أو مدرستها، هذه الكلمات قد ترضي رغبتها، أو توافق هواها، لولا أن فيها عيوباً ثلاثة:

العيب الأول: أنها قلق في الدنيا، فإن حصلت على ما تريد فأنت تقلق للشعور بالخطيئة، وإن لم تحصل على ما تريد تقلق بسبب فوات شيء كنت ترغبه وتتمناه.

العيب الثاني: عذاب في القبر، وعذاب في الدار الآخرة، قال الله تعالى: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق:18] وقال: إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ [الطارق:4].

وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم: {أن الرجل يدخل الجنة بكلمة، أو يدخل النار بكلمة} افترض أنك تكلم فتاة، وأنها تسجل عليك ما تقول، وأنها تريد فضيحتك، ونشر صوتك وهو معروف؛ لغرض أو لآخر، كم كان يزعجك أن ينشر خبرك بين الناس، وأن يتسامع القاصي والداني بأن فلاناً يغازل أو يعاكس أو يتكلم بالفحش والسوء! أفلا تخاف أن ينشر هذا الخزي؟!

وهو مسجل يقيناً من قبل الملك: لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا [الكهف:49] وربما نشر عارك أو خزيك بين الأشهاد يوم القيامة: وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ [هود:18].

ومن الممكن أن تكون هذه الكلمات وقوداً تعذب بها في جهنم وبئس المصير.

العيب الثالث: أنها تدمر مخزون الحب الحقيقي في قلبك الذي وزعته بالمجان على كل أحد، فكلمة: أحبك، أو كلمة: الغرام، أو كلمة: أنا ساهر أتقلب في فراشي، أو كلمة: صورتك في مخيلتي لا تفارقني، أو كلمة: أنا لا أهنأ بعيش ولا طعام ولا شراب، فهذه الكلمات التي تقولها صادقاً أحياناً وكاذباً أحياناً أخرى، إنها تدمر مخزونك من الحب الحقيقي، فإذا احتجته لتحب زوجتك التي أحل الله لك لم تجدْ، أو أن تحب ولدك لن تجد ذلك، وأصبح التعبير عن مشاعر الحب أثقل عليك من جبل أحد.

أيها الشاب أمتك كلها جراح

أيطيب لك -أيها الأخ الشاب- أن تعيش في حياة لاهية، وأنت تسمع الحقائق التالية:

نشرت صحيفة بريطانية اسمها "اند بندنت" أن محامياً كرواتياً يحتفظ بوثائق خطيرة عن تعذيب المسلمين في يوغسلافيا السابقة، وفي إحدى هذه الوثائق، أنه تم تجميع حوالي أربعة آلاف مسلم في ورش عمل، وتم قتل تسعين منهم، ليس بواسطة الرصاص، بل بواسطة وضع رقابهم تحت المناشير الكهربائية، التي تقطع بها الأخشاب السميكة، ثم ووروا تحت التراب!

أتدري من هؤلاء؟

إنهم من أهل لا إله إلا الله، إخوانك الذين يستغيثون بك ويستصرخون.

وهناك آخرون قتلوا عن طريق صب محلول الأسيد على رءوسهم، وتحتوي هذه الوثائق على أساليب بشعة لقتل ما يزيد على عشرين ألف ضحية من المسلمين، وتدمير ما يزيد على مائة وسبعين قرية بالكامل، وهدم مئات المساجد والمدارس والمؤسسات!!

مثلٌ آخر:بلغ عدد المسلمات المغتصبات الحوامل من الزنا بالقهر والإكراه، من قبل جنود الصرب، ما يقارب ستين ألف فتاة مسلمة، منهن مجموعة كبيرة ما بين سن السادسة عشرة إلى سن الثلاثين، وقد أنجبت بعض هؤلاء المسلمات أطفالاً سمينهم أطفال العار!!

أتسبى المسلمات بكل ثغر     وعيش المسلمين إذاً يطيبُ

أما لله والإسلام حقُ      يدافع عنه شبانٌ وشيبُ

فقل لذوي البصائر حيث كانوا     أجيبوا الله ويحكمُ أجيبوا

سبع مسلمات هجم عليهن جنود الصرب فلذن بالفرار، فحاصروهن إلى النهر، وأمسكوا باثنتين منهن لفعل الفاحشة، أما الخمس الباقيات فقد آثرن الموت غرقاً، وألقين بأنفسهن في وسط المياه، وابتلعهن الماء، وكان هذا أهون عليهن، وأرحم بهن من أن يقبضهن جنود الصرب، فيتبادلونهن ويتعاقبون عليهن في الليلة الواحدة مرات، لا لشيء إلا لأن الواحدة منهن مسلمة، تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله!

أفيطيب لك عيش هنيء، حتى بالحلال فضلاً عن الحرام، وأنت ترى وتسمع ما تعانيه أخواتك المسلمات هنا أو هناك؟!

صحيفة اسمها التايمز اللندنية تذكر مآسي مفزعة عن الاغتصاب، هذه أحدها: مسلمة في الثلاثين من عمرها، اسمها صفا، خرجت من محنة الاغتصاب بعدما تعاقب عليها جنود الصرب الكفرة بوحشية بالغة وقسوة لا حدود لها، لكنها خرجت من هذه المحنة إلى محنة أعظم منها وأطم، حيث تحمل بين أحشائها جنيناً تكرهه كل الكره، لأنه جاء سفاحاً من أعدائها الكفرة، الذين دنسوا شرفها وانتهكوا عرضها.

يقول المراسل: عندما تشعر صفا بحركة الطفل، الذي لم يولد بعد، وهو في رحمها، وهو يحرك أطرافه في بطنها، تعود إليها الذكريات المريرة، التي كابدتها في محنةٍ استمرت معها طيلة خمسة أشهر في سجون الصرب، تلاحقها الذكريات وتطاردها بلا رحمة، هذا الجنين تقول: ليس جزءاً مني، إنه أشبه بحجرٍ أحمله داخل جسمي، وبمجرد أن ألده يجب أن يأخذه الأطباء، لا أطيق رؤيته لحظةً واحدةً من نهار، هكذا تقول المسلمة صفا.

تشير آخر إحصائية وصلت إلىَّ اليوم من أجهزة الأمن في البوسنة أن سكان البوسنة عام (1991م)، كانوا أربعة ملايين وأربعمائة ألف تقريباً، أما اليوم فبسبب القتل والإجلاء لم يبق منهم داخل بلادهم إلا حوالي مليون وستة آلاف إنسان فقط، أما البقية فهم ما بين قتيل وفار بدينه إلى هذا البلد أو ذاك.

قامت القوات الصربية بقصف مستشفى للمتخلفين عقلياً، يقطنه عشرات من الأطفال ذكوراً وإناثاً، ممن ليس لديهم عقول ولا تفكير ولا قدرة على أن يتصرفوا، إنما يقوم عليهم أطباء وحاضنات ومشرفون، ولما قصف ذلك المستشفى هرب الأطباء، وهرب المشرفون، وبقي هؤلاء الأطفال الصغار الأبرياء، يقلبون أعينهم ويديرون رءوسهم، ويخرجون إلى الشوارع عراة، ويأكلون التراب، ولا يملكون أن يصنعوا شيئاً، والعالم كله يشاهد ذلك ويتفرج عليه!!

أتدري من هؤلاء؟!

إنهم إخوانك المسلمون، وأولاد إخوانك المسلمين!

إلى من كان له قلب

احذروا التقليد والأغاني

يا شباب! لماذا يستطيع شباب الصين، واليابان، أن يتعلموا ويبتكروا ويخترعوا ويصنعوا، ويحققوا التقدم لبلادهم وهم وثنيون أو بوذيون أو لا دينيون، أو شيوعيون، ويبقى شباب الإسلام لا يحسنون إلا التقليد، حتى في قصات الشعر، وموضات الأزياء، وطرق الغواية، لا يحسنون إلا التقليد، لما يشاهدونه في الأفلام والإعلام؟!

يا شباب! لماذا يفلح شباب الصرب في إقامة صربيا الكبرى، ويفعلون الأفاعيل، وينتصرون؟!

ويعجز شباب المسلمين حتى عن متابعة ما يجري لإخوانهم، أو إرسال دعوة صادقة، أو تبرع سريع إليهم يكون عوناً لهم!

يا شباب! شريط الغناء الذي تسمعه، عربياً كان أو أجنبياً، وقد رأيت من إخوانك من يستمع أشرطة غناء أجنبية هندية، أو إنجليزية، وهو لا يجيد لغتهم، وإنما حب التقليد، أو التعلق بمغنٍ معين، أو مغنيةٍ معينة.

مَن هؤلاء المغنون؟

أتدري ما هي سيرهم الذاتية؟

ما هي حياتهم الخاصة؟

ما هي أوضاعهم الشخصية؟

ما نوع علاقاتهم التي يديرونها؟

سوف أنبئك طرفاً من أخبارهم بعد قليل.

ماذا قدم هؤلاء لبلدهم؟

بل ماذا قدموا لأنفسهم؟

ماذا قدموا لأسرهم؟

ماذا قدموا لزوجاتهم أو أطفالهم؟

إن معظم الأغاني التي تحفظها وترددها تدور حول الحب والغرام، ولا شيء آخر بعد ذلك.

أتغضب مني لو قلت لك: إن بعض إخواننا، وأحبائنا من الشباب، جل ثقافتهم هي عبارة عن مقاطع من أغانٍ، يرددونها بعد ما سمعوها في شريط التسجيل، أو عبر الأثير؟!

في مكان ما يخلطون الأغاني مع مجموعة أو كلمات ملتقطة من محاضرات، أو مقاطع من خطب إسلامية، فتسمع صوت الموسيقى والغناء، ثم تسمع بعد ذلك صوت الواعظ أو الخطيب، فأي سخريةٍ هذه!

أغانٍ أجنبية فاجرة توجد عند الشباب، وبعضها أغاني عندي مكتوبةٌ على ورق، من قبل بعض الإخوة الشباب، وهي أغانٍ تتحدث عن لحظة الجنس الحيوانية البهيمية، وتطالب بالإباحية، وتتحدث عن المجتمع، والأخلاق، والقيم، وضرورة الثورة عليها وتحديها، وهي أغانٍ تتمرد على الفضيلة والعفاف ولا تتعدى ما بين السرة والركبة، وكلماتها ساقطةٌ بذيئةٌ تختصر الحياة كلها في خلوةٍ فاجرةٍ، والدنيا كلها في مضجع أو مخدعٍ، يفوح منه رائحة الحشيش والأفيون، وتختصر قوة الإنسان كلها وطاقاته في قدرته الجنسية فحسب!!

إنها دعوة صارخة إلى البغاء والفساد للشباب والفتيات، ما هذا الشيء الذي تحويه -مثلاً- أغاني الراقصة الأمريكية المعروفة مادونا، والتي تباع في كل مكان بدون استثناء، وقد منعتها الصين الشيوعية من الزيارة، أتدري لماذا؟

لأنها تقوم بحركات خليعة وإباحية، مرفوضة في المجتمع الصيني، وإباحية، وكلماتها بذيئة، أما في بلاد الإسلام الحبيبة فإن أشرطتها تباع.

هل أنت ممن يسهر الليل على مشاهدة المسلسلات والأفلام، التي هي في الغالب مدارس لتعليم الانحلال، وغرس الرذيلة، وقتل الحياة، وتدمير العفاف؟

ألم يخطر في بالك يوماً ما إذ بليت بهذا، أن تشاهد على الأقل المآسي المفجعة التي يعيشها إخوانك المسلمون في البوسنة والهرسك، أو فلسطين، أو الصومال، أو في أي مكان آخر من الأرض؟!

أم تراك ممن يسمع صرير (كفراتهم) وأصوات سياراتهم على بعد بضع كيلو مترات، وهم يستعرضون ويعتقدون أن هذه هي الفتوة والقوة، وهي المجال المناسب لكسب إعجاب الكثير وتصفيقهم أو ضحكاتهم، وربما صلى الناس الفجر وهم ساهرون سادرون، فلم يجيبوا داعي الله: حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح. هل هان الله تعالى في عينك إلى هذا الحد؟!!

يا من أغراه قرناء السوء بتعاطي الدخان أولاً، ثم الخمر بعد ذلك، ثم المخدرات! إن باب التوبة مفتوح، فسارع قبل الفوات، قبل أن يختم لك بخاتمة السوء، فإن الطريق الذي تسلكه طريق النار، قال صلى الله عليه وسلم:{وحفت النار بالشهوات}.

لا أشرب الخمر والنيران تعقبها     لا خير في لذةٍ من بعدها النارُ<

قيل لـإبراهيم بن أدهم رحمه الله تعالى ما بالنا ندعو فلا يستجاب لنا؟!

قال: [[لأنكم عرفتم الله تعالى فلم تطيعوه، وعرفتم الرسول صلى الله عليه وسلم فلم تتبعوا سنته، وعرفتم القرآن فلم تعملوا به، وعرفتم نعم الله تعالى فلم تؤدوا شكرها، وعرفتم الجنة فلم تطلبوها، وعرفتم النار فلم تهربوا منها، وعرفتم الشيطان فلم تحاربوه وتعادوه، وعرفتم الموت فلم تستعدوا له، ودفنتم فلم تعتبروا بذلك، وتركتم عيوبكم واشتغلتم بعيوب الناس، فبهذه الأشياء العشرة ماتت قلوبكم، فلا ينفع فيها وعظٌ ولا تذكير!!]]

قال مالك بن دينار:

أتيت القبور فناديتها     أين المعظم والمحتقر

وأين المدل بسلطانه     وأين العزيز إذا ما افتخر

تفانوا جميعاً فلا مخبر      وماتوا جميعاً ومات الخبر

تروح وتغدو بنات الثرى     فتمحو محاسن تلك الصور

فيا سائلي عن أناس مضوا      أما لك فيما ترى معتبر

أيها الغافلون عن الموت اعتبروا! قال صلى الله عليه وسلم:{أكثروا من ذكر هاذم اللذات} أي: الموت، فكل لذة في الدنيا إلى انقطاع، ولو طالت فالموت غايتها، إلا لذة العبادة، والطاعة والتقوى والدعوة والجهاد والبر والقرب من الله تعالى، فهي لذات باقيات إلى يوم المعاد.

كم من فتاة مثل ليلى وفتى كـابن الملوح

أنفقا الساعات في الشاطئ تشكو وهو يشرح

كلما حدث أصغت      وإذا قالت ترنح

فإذا الموت ينقض سريعاً كالعقاب

ولقد قلت لنفسي وأنا بين المقابر     هل رأيت الأمن والراحة إلا في الحفائر

فأشارت فإذا للدود عيث في المحاجر     واختفى الحزن رهيناً بين أطباق الترابِ

انظري كيف تساوى الكل في هذا المكان          وتلاشى في بقايا العبد رب الصولجان

والتقى العاشق والقالي فما يفترقان          أدركوا أن اللذاذات سرابٌ في سراب

أيها القبر تكلم أخبرينا يا رمام     من هو الميت من عامٍ ومن مليون عام

من هو الميت من عام ومن خمسين عام     كلهم ينظر وعداً صادقاً يوم الحسابِ<

يا شباب! إن كلمات الحب والغرام التي يوزعها الإنسان بالمجان، مرة عن طريق رسالة بالبريد، لفتاةٍ تعرف عليها عن طريق الإذاعة، أو الجريدة أو المجلة، ومرة أخرى عبر الهاتف، ومرة ثالثة يغامر ويلقيها على فتاة يبصرها في الشارع أو السوق أو الحديقة، أو خارجةً من بيتها أو مدرستها، هذه الكلمات قد ترضي رغبتها، أو توافق هواها، لولا أن فيها عيوباً ثلاثة:

العيب الأول: أنها قلق في الدنيا، فإن حصلت على ما تريد فأنت تقلق للشعور بالخطيئة، وإن لم تحصل على ما تريد تقلق بسبب فوات شيء كنت ترغبه وتتمناه.

العيب الثاني: عذاب في القبر، وعذاب في الدار الآخرة، قال الله تعالى: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق:18] وقال: إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ [الطارق:4].

وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم: {أن الرجل يدخل الجنة بكلمة، أو يدخل النار بكلمة} افترض أنك تكلم فتاة، وأنها تسجل عليك ما تقول، وأنها تريد فضيحتك، ونشر صوتك وهو معروف؛ لغرض أو لآخر، كم كان يزعجك أن ينشر خبرك بين الناس، وأن يتسامع القاصي والداني بأن فلاناً يغازل أو يعاكس أو يتكلم بالفحش والسوء! أفلا تخاف أن ينشر هذا الخزي؟!

وهو مسجل يقيناً من قبل الملك: لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا [الكهف:49] وربما نشر عارك أو خزيك بين الأشهاد يوم القيامة: وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ [هود:18].

ومن الممكن أن تكون هذه الكلمات وقوداً تعذب بها في جهنم وبئس المصير.

العيب الثالث: أنها تدمر مخزون الحب الحقيقي في قلبك الذي وزعته بالمجان على كل أحد، فكلمة: أحبك، أو كلمة: الغرام، أو كلمة: أنا ساهر أتقلب في فراشي، أو كلمة: صورتك في مخيلتي لا تفارقني، أو كلمة: أنا لا أهنأ بعيش ولا طعام ولا شراب، فهذه الكلمات التي تقولها صادقاً أحياناً وكاذباً أحياناً أخرى، إنها تدمر مخزونك من الحب الحقيقي، فإذا احتجته لتحب زوجتك التي أحل الله لك لم تجدْ، أو أن تحب ولدك لن تجد ذلك، وأصبح التعبير عن مشاعر الحب أثقل عليك من جبل أحد.


استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة اسٌتمع
أحاديث موضوعة متداولة 5155 استماع
حديث الهجرة 5026 استماع
تلك الرسل 4157 استماع
الصومال الجريح 4148 استماع
مصير المترفين 4126 استماع
تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة 4054 استماع
وقفات مع سورة ق 3979 استماع
مقياس الربح والخسارة 3932 استماع
نظرة في مستقبل الدعوة الإسلامية 3874 استماع
العالم الشرعي بين الواقع والمثال 3836 استماع