وسائل الاتصال القطعية.. والمخاطر الصحية (2-2) - أروى العظم
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
بالإضافة إلى ما سبق من قطع الصّلات الأسرية للتواصل مع الأبعد.. فإنني أرى أن لهذه الوسائل مخاطر صحية لا تُحمد!
حيث بتّ أعتقد ان أمراض العيون ستنتشر بشكل كبير خلال السنين القادمة، فبعد أن كان من المفترض أن نقلّل ساعات مشاهدة التلفاز أضفنا إليها شاشات اللّاب، وكذا ألعاب الأتاري، ثم الآي بود، ثم الآي باد وأخواتهم، فلم تعد (كان وإنّ وغيرهم) فقط لهم أخوات وإنما لحق بهم الآيباد، وأتمنّى أن يجروا تحديدا للنسل في هذا المجال، إذ لم نعد نستطيع مجاراة كل الأنواع والأصناف..
وأّدّعي أننا قد نضطر لوضع نظارة تكنولوجية على غرار النظارة الطبية لحماية أعيننا من الإشعاع، كما ظهرت النظّارة الثلاثية الأبعاد، رغم أننا نعاني جميعًا من قصر النظر في المدى البعيد، ومقدار الفائدة من أي شيء جديد! وكما يقولون الحب ّ أعمى، وحب التكنولوجيا هكذا أيضًا، والحمد لله أن حبّنا بنظارات وليس حبًا أعمى وفقدًا للبصر بالتّمام!
أما أمراض: (الأذن والمخّ) من جرّاء استخدام الجوالات، فهي واضحة من علو الأصوات، وكثرة النسيان وانتشار المعتوهين والأغبياء في الحياة، وحصريًا على القنوات! أما أمراض المفاصل وبخاصة في الأصابع فقد تصيب الشباب قبل الكبار، أو بنفس المقدار! وأنا عن نفسي فقد فقدت بصمة إصبعي السبابة، من كثرة الكتابة، ومن المؤسف حقًا أنني لو ارتكبت جريمة فلن يصلوا لي بحال!
السمنة أيضًا! ستتمحور وتتكثف في طور الجلوس على الشاشات وأكل المكسّرات، ولقد رأيت بأمّ عيني، شاب يجلس بالساعات على النتّ وهو يسلّي نفسه بالطعام، باحثًا في الشبكة العنكبوتية عن أفضل جراحات خفض الأوزان!ةشكرًا للتطوّر ولعمليات التحوير وقص المعدة والشفط وحزام المعدة..
وقريبًا (حمّالات) بدل الحزام!
برنامج الاتجاه المعاكس أيضًا أصبح يوميًا وكارثيًا داخل المجموعات، وهكذا يحدث في تلك البرامج، حيث تضع إحداهنّ مقالاً من ذلك النوع الذي يُجبرك على دعاء محدّد أو تلاوة لآيات معينة، لا يعجب أخرى فتقول بدعة، ثم تظهر من تدافع عن وجهة النظر الأولى فتقول فكرة جميلة ومعقولة للحث على العبادة، وتظهر من تعينها وتتقمّص وجهة نظرها وتقول ما المانع من عمل به ثواب بل وتشكرها، ثم تظهر أخريات لا يقنعن بالحوار ويبدأن بالجدال، حتى تظهر من لديها الدليل وتسكت القال والقيل!
أما أكبر مصيبة فهي بمن تضع لنا بدعًا من القول ومن ثم تحلف وتقسم علينا الأيمان أن ننشرها..! والأدهى أنها تدّعي أنه سيصيبنا شرّ إذا لم ننشرها، وأنه سيأتينا خير لو نشرناها وعملنا بما جاء بها! هذا ولقد اختلفوا في قضية رأس السنة الهجرية، ثم تلتها الميلادية هل نبارك وهل نشارك! وأتحفونا بآراء فقهية بدعية، كالصلاة في العام الجديد كافتتاحية، وبعضهم قال رأس السنة به قمل وقشرة! وتفاخر بمن ولدت في رأس السنة ومن في صدرها، وحزن ممن ولدت في قدمها! وكأنّ السّنة تشبه شخصًا في هيأتها!
لكنني لا أنكر فضل هذه الوسائل التكنولوجية في تخفيف عبء الزيارات وزحمة المواصلات، وتوفير الجهد والمال في تقديم الضيافات، حيث أصبح واجب الضيافة خفيفًا نظيفًا، فالكلّ يصوّر طبخاته ويضعها لنا، وهكذا يجعلونك تشتهي تلك الأكلة، بينما قد لا تتوفر لديك، أو تقضي على الحمية، يضعون صور فناجين، ثم يدّعون أنهم قدموا لك قهوة!
لا أدري إن كانت فوائد هذه الوسائل أكثر من مساوئها، ولا أدري إن كنّا نُحسن استخدامها، لكنني أتمنّى أن نفكّر كثيرًا بكمّ الوقت الذي نصرفه عليها، ونفكّر كيف يستخدمها أولادنا، ونعي ما يخطط له أعداؤنا، من أجل التجسس علينا وإفساد أجيالنا!