أرشيف المقالات

(45) إلى الجامِية والمَداخلة، ومَن شذَّ شُذوذَهم - قضايا الحاكمية تأصيل وتوثيق - أبو فهر المسلم

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
إلى الجامِية والمَداخلة، ومَن شذَّ شُذوذَهم، بدِّعُوا هؤلاء، "وقولوا خوارج؛ إن كنتم صادقين".
عن أبي جعفر قال: "كان الحسنُ بن علي، يسُبُّ مروان -ولي الأمر- في وجهه، وهو على المنبر" (أخرجه ابن أبي شيبة رحمه الله؛ بإسناده في مُصنَّفه).
ورُوي أن معاوية رضي الله عنه حبسَ العطاء، فقام إليه أبو مسلم الخولاني فقال له: "يا معاوية؛ إنه ليس من كدِّك، ولا من كدِّ أبيك، ولا من كدِّ أمك"، قال: فغضب معاوية، ونزل عن المنبر، وقال لهم: مكانكم، وغاب عن أعينهم ساعةً، ثم خرج عليهم وقد اغتسل، فقال: إن أبا مسلم كلَّمني بكلامٍ أغضبَني، وإني دخلتُ فاغتسلتُ، وصدق أبو مسلم؛ أنه ليس من كدِّي، ولا من كدِّ أبي، فهَلمُّوا إلى عطائكم".
الغزالي رحمه الله؛ في الإحياء؛ وهذا قول حطيط الزيَّات رحمه الله، لمَّا سألَه الحج َّاج: قال: "فما تقول فيَّ؟ قال: أقول إنك من أعداء الله في الأرض، تَنتهكُ المحارم، وتَقتل بالظِّنَّة، قال: فما تقول في أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان؟ قال: أقول إنه أعظم جُرمًا منك، وإنما أنت خطيئةٌ من خطاياه" (الغزالي رحمه الله؛ في الإحياء)
وقال الإمام أحمد رحمه الله في المأمون: "وأي بلاءٍ كان أكبر من الذي كان أحدثَ عدوُّ الله، وعدوُّ الإسلام من إماتةٍ للسُّنة"، وكان إذا ذكَر المأمونَ، يقول: "كان لا مأمون" (أبو يعلى رحمه الله؛ في الأحكام السلطانية)
وقال الضياء المَقدسي، متحدثًا عن الحافظ عبد الغني المقدسي:
"وسمعتُ أبا بكر بن أحمد الطحان قال: كان في دولة الأفضل بن صلاح الدين، قد جعلوا الملاهي عند درج جيرون، فجاء الحافظ فكَسَّر شيئًا كثيرًا منها، ثم جاء فصعد المنبر يقرأ الحديث، فجاء إليه رسولٌ من القاضي يأمره بالمشي إليه، يقول حتى يُناظره في الدُّف والشبابة، فقال الحافظ: ذلك عندي حرام، وقال: أنا لا أمشي إليه، إن كان له حاجة؛ فيجيء هو، ثم قرأ الحديث، فعاد الرسول فقال: قد قال لا بدَّ من المَشي إليه، أنت قد بَطلتَ هذه الأشياء على السلطان، فقال الحافظ: ضرب الله رقبتَه، ورقبةَ السلطان، قال: فمضَى الرسولُ، وخِفنا أن تجري فتنة، قال: فما جاء أحدٌ بعد ذلك" (ابن رجب رحمه الله؛ في ذيل طبقات الحنابلة)
قلتُ: "يرحم اللهُ الأئمةَ الأعلام؛ وكان اللهُ على الخائنين اللِّئام، وماذا عساهم يقولون؛ هؤلاء المداخلةُ السفهاء، والجاميةُ الأغبياء، هل يَجرؤون على تبديع هؤلاء الأعلام؟! هل يَطردون ها هنا؛ غُلوَّهم في قاعدة الخروج باللسان؟!
فهَا هُم أئمة السلف والسُّنة؛ قد صدَر عنهم مثلُ الذي رأيتَ، وما علِمنا أن أحدًا من السلف قد طعنَ عليهم لذلك، أو حتى عابَهم، ففرقٌ ضخمٌ جدًّا، يَعِيه كلُّ عاقلٍ مسلم مستقيم الفطرة؛ بين تشجيع الناس وتحريضهم على قتل الحاكم الشرعي العدْل، وتأليب العامَّة عليه بالسلاح والحرب؛ وهذا ممَّا عدَّه بعضُ العلماء نوعًا من الخروج، وبين الأخذ على يد الظالم، والنهي عن المنكر، وإغلاظ القِول للمُبطِل؛ ولو كان حاكمًا، أفيضيع شرعُ الله ودينُه الحقّ؛ لأجل حاكمٍ بشَر لا يضُرّ ولا ينفع، فماذا بقي لله إذًا، فكيف إذا لم يكن الحاكمُ؛ لا شرعيًّا ولا عدْلًا؛ بل هو للكفر أقرب منه للإيمان.
اللهم استنقذ المسلمين؛ من جهل الجاهلين، وانتحال المُبطِلين.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢