مسئوليتنا عن انحراف الشباب


الحلقة مفرغة

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وحبيبه وخليله، وخيرته من خلقه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً… أما بعد:

موعدنا هذه الليلة مع عنوان أو موضوع وهو (مسئوليتنا عن انحراف الشباب)، ولكنني أود قبل الدخول فيه أن أعلق تعليقاً خفيفاً على الأسلوب الذي تمت به معالجة الحدث الذي تكلمت عنه في الحلقتين الماضيتين، وذلك لأن الذي لا يستفيد من أخطاءه فإنه سوف يكرر أخطائه بنفسه، ولا شك أن المسلمين عاشوا مشاعر عصيبة في تلك الأيام الماضية، ومع هذا فإني أود أن ألفت النظر إلى عدد من الأمور وأهمها:

وجوب الحذر من الشائعات

أولاً: وجوب الحذر من الشائعات، فإننا لاحظنا في الأيام الماضية كيف أن الشائعات تعمل بطريقة غريبة، ويتناقلها الناس على كافة المستويات، وقد ينسبونها لأشخاص معروفين مرموقين، وبعد التبيين، والتثبت، يظهر أن هذه الإشاعات ليس لها أي رصيد من الصحة، وهذا يعطينا درساً لوجوب التثبت من الأخبار بكل وسيلة، وألا ينشر الإنسان خبراً بمجرد أنه سمعه وقيل له، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث عائشة رضي الله عنها: {كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع} وقد سبق أن تكلمت عن هذا الموضوع.

جواز التشهير بأعداء الدين

الملاحظة الثانية: أن عدداً من الناس غير قليل يتناقلون هذه الأوراق التي فيها معلومات عن الحدث، ومن قام به، وتفاصيله، إلى أشياء أخرى في هذا الموضوع، ولاشك أن أسئلة كثيرة وردت إليّ، تسأل: هل يجوز التشهير بمثل هؤلاء؟ والجواب على هذا بأن أقول: إن التشهير مطلوب بمن نعتقد أنهم يسعون إلى خراب وفساد في المجتمع، وقد كان سلف هذه الأمة يشهرون بمن هم أقل خطراً على الإسلام من هؤلاء، كما تكلم علماء أهل السنة والجماعة -مثلاً- في أهل البدع والضلال، وسموهم بأسمائهم، وحذروا منهم، وكما تكلم علماء السنة، وعلماء الحديث، عن الرواة جرحاً وتعديلاً فيقولون: فلان كذاب، وفلان ضعيف، وفلان سيئ الحفظ، حتى يحذر الناس الرواية عنهم، لكن هذا كله يجب أن يكون بعد التثبت والتحري والدقة، يجب أن يكون بعد التتبع، فإنه ربما انتشر بين الناس معلومات، وأسماء وعلاقات، وأشياء ليست على وجه الدقة، بل فيها ما هو صحيح وفيها ما هو غير دقيق، ولاشك أننا الآن في معركة مع الباطل، ومع أعداء الله ورسله، ولذلك فهنالك من يتربص ويبحث عن أي خطأ يقع في هؤلاء، حتى يقول: إن هذا الكلام غير دقيق، ويعطي صورة سيئة، ربما كان سبباً لفقد الثقة في المستقبل، ولهذا فحري بنا وجدير أن نكون على غاية من التثبت والتحري، فيما نقول، وفيما ننقل، وفيما تنداول، من أسماء، أو معلومات، أو حقائق، أو أخبار، أو غيرها، ووسائل التثبت والحمد لله ممكنة، وليس بالضروري أن نوفر معلومات كافيه وواسعة ومفصلة عن كل شيء، فينبغي أن نتفطن لذلك ونتحرى.

تحذير من التعليقات الضعيفة

الأمر الثالث: أن كثيراً من الإخوة من فرط غيرتهم وحماسهم، يعلقون تعليقات على بعض الأوراق تعليقات ليس لها لزوم، بل هي تعبر أحياناً عن ضعف المستوى العلمي، والعجلة، والحماس، وما أشبه ذلك، وقد وقفت في بعض الأوراق على تعليقات -على أشخاص أو على مؤسسات، أو معاهد، أو غيرها- في الواقع لا يسرنا أن تنقل عنا ولا عن الطيبين الصالحين الملتزمين، فعلى الإنسان أن يعلم أن ما تكلم به، أو كتبه، لا يتكلم به في مجلس فيه عشرة أو عشرين، قد ينتقده نصفهم، أو يوافقه نصفهم، لا،إنه حين يكتب ورقه، أو يتكلم بكلام يتناقله الناس في المشرق والمغرب فيكون سبباً في سوء الظن بهؤلاء، أو بهذا الذي كتب، أو يكون سبباً في سوء الظن بجملة من الناس الطيبين، فعلى الإنسان أن يدرك أنه مسئول عما يقول، أو يكتب، أو يفعل، أو يعلق.

وأضرب لذلك مثلاً: قد يكتب كاتب قصيدة، هذه القصيدة من حيث المعاني رديئة وسيئة، ومعانيها مذمومة، لكن القصيدة من حيث البيان والبلاغة والكلمات جميلة، فإذا قرأها إنسان قال: هذا شعر لفظه حسن، ومعناه قبيح! فإذا أتيت أنت وعلقت على هذا الشعر مثلاً، الذي يستجيد الناس لفظه، ويستقبحون معناه، علقت عليه بألفاظ بذيئة، أو كلمة سيئة، استهجن الناس مثل هذا الأمر وذموه وعابوه، وقالوا: هذا يدل على ضعف المستوى العلمي والثقافي لمن كتب مثل هذه الأشياء.

قيادة المرأة للسيارة ليست مسألة وقت

الأمر الرابع: أننا قرأنا في الصحف، وسمعنا في الإذاعات، عدداً من المقالات والكتابات، والمقابلات الإذاعية، من أناس لهم وزنهم، وغالب ما قرأت وما سمعت يدور حول نقطة واحدة لها خطورتها، إنها مسألة قيادة المرأة للسيارات، وأنها مسألة آتية لا ريب فيها، وإنما هي كما يقولون: مسألة وقت، بسبب رفض رجال الدين، أو رفض المجتمع، وكما أن المجتمع بالأمس رفض اللاسلكي، أو المذياع، أو مدارس البنات، أو رفض التلفاز، فإنه يرفض هذه الأشياء اليوم، ويرفض تحرير المرأة اليوم، لكنه سوف يقبل ذلك ويوافق عليه غداً

وهذا المنطق في الواقع سمعته وقرأته من كثيرين، وهو منطق خطير، لأن معنى ذلك أننا لا نميز بين الأمر الذي يرفضه المجتمع لأنه يخالف أصولاً شرعية أو أحكاماً شرعية، وبين الأمر الذي يرفضه المجتمع لأنه يخالف عادات وتقاليد، فنحن حين نتحدث عن القضية السابقة وخطورتها، ننطلق من منطلق الشرع، وننطلق من منطلق المخاطر التي تهدد واقع المرأة، وننطلق من منطلق ما وراء قيادة المرأة للسيارة، كما أسلفت في المحاضرة الأولى (قيادة المرأة للسيارة) إن القضية ليست أن تقود المرأة السيارة أو لا تقود فقط، بل الأمر أكبر من ذلك، إذاً فقضية تحرير المرأة واختلاط المرأة بالرجل، وعمل المرأة، وغير ذلك من الأشياء التي ينادي بها العلمانيون في مجتمعنا، لسنا نقول: إنها مسألة وقت، بل إننا نقول: إن الله سوف يحمي هذه البلاد من مثل هذه اللوثات، وسيظل أهلها أوفياء لهذا الدين.

بلاد أعزتها جيوش محمد     فما عذرها ألا تعز محمداً

فينبغي أن ننطلق من منطلق الثقة، وأن ندرك أن هؤلاء الذين يقولون: إن المسألة مسألة وقت، ونحن نؤيد قيادة المرأة للسيارة، وإن رفضها رجال الدين، أن هؤلاء يعبرون عن فساد في قلوبهم، ومرض في نفوسهم، وتمنيات ورجاء، (وكم دون ما يبغون لله من سر!) فإننا نسأل الله عز وجل -وهو الذي عودنا كل خير وحمى بلاده من شياطين الجن والإنس، حماها من أبرهة الذي غزاها بجيشه: وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ [الفيل:3-5]، وحماها من الاستعمار، الذي غطى على بلاد العالم الإسلامي كله، إلا هذه البلاد فإنها سلمت منه، وحماها من المسيح الدجال الذي لا يدخل المدينة ولا مكة، وحماها من جيوش الغزاة المحتلين، نسأل الله عز وجل أن يحميها من كيد أعدائها الداخليين والخارجيين، نسأل الله أن يحمها من كيدهم، وأن يجعلها قلعة حصينة للإسلام في كل وقت وفي كل حين.. أما بعد:

فموضوع هذا اليوم: هو مسئوليتنا عن انحراف الشباب، وهو موضوع يطول، أتحدث عن هذا الموضوع في عدة نقاط:

1- العوامل الداخلية لانحراف الشباب.

2- أسباب انحراف الشباب.

3- دور الأسرة.

4- دور الدعاة وطلبة العلم.

5- دور الإعلام.

أولاً: وجوب الحذر من الشائعات، فإننا لاحظنا في الأيام الماضية كيف أن الشائعات تعمل بطريقة غريبة، ويتناقلها الناس على كافة المستويات، وقد ينسبونها لأشخاص معروفين مرموقين، وبعد التبيين، والتثبت، يظهر أن هذه الإشاعات ليس لها أي رصيد من الصحة، وهذا يعطينا درساً لوجوب التثبت من الأخبار بكل وسيلة، وألا ينشر الإنسان خبراً بمجرد أنه سمعه وقيل له، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث عائشة رضي الله عنها: {كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع} وقد سبق أن تكلمت عن هذا الموضوع.

الملاحظة الثانية: أن عدداً من الناس غير قليل يتناقلون هذه الأوراق التي فيها معلومات عن الحدث، ومن قام به، وتفاصيله، إلى أشياء أخرى في هذا الموضوع، ولاشك أن أسئلة كثيرة وردت إليّ، تسأل: هل يجوز التشهير بمثل هؤلاء؟ والجواب على هذا بأن أقول: إن التشهير مطلوب بمن نعتقد أنهم يسعون إلى خراب وفساد في المجتمع، وقد كان سلف هذه الأمة يشهرون بمن هم أقل خطراً على الإسلام من هؤلاء، كما تكلم علماء أهل السنة والجماعة -مثلاً- في أهل البدع والضلال، وسموهم بأسمائهم، وحذروا منهم، وكما تكلم علماء السنة، وعلماء الحديث، عن الرواة جرحاً وتعديلاً فيقولون: فلان كذاب، وفلان ضعيف، وفلان سيئ الحفظ، حتى يحذر الناس الرواية عنهم، لكن هذا كله يجب أن يكون بعد التثبت والتحري والدقة، يجب أن يكون بعد التتبع، فإنه ربما انتشر بين الناس معلومات، وأسماء وعلاقات، وأشياء ليست على وجه الدقة، بل فيها ما هو صحيح وفيها ما هو غير دقيق، ولاشك أننا الآن في معركة مع الباطل، ومع أعداء الله ورسله، ولذلك فهنالك من يتربص ويبحث عن أي خطأ يقع في هؤلاء، حتى يقول: إن هذا الكلام غير دقيق، ويعطي صورة سيئة، ربما كان سبباً لفقد الثقة في المستقبل، ولهذا فحري بنا وجدير أن نكون على غاية من التثبت والتحري، فيما نقول، وفيما ننقل، وفيما تنداول، من أسماء، أو معلومات، أو حقائق، أو أخبار، أو غيرها، ووسائل التثبت والحمد لله ممكنة، وليس بالضروري أن نوفر معلومات كافيه وواسعة ومفصلة عن كل شيء، فينبغي أن نتفطن لذلك ونتحرى.

الأمر الثالث: أن كثيراً من الإخوة من فرط غيرتهم وحماسهم، يعلقون تعليقات على بعض الأوراق تعليقات ليس لها لزوم، بل هي تعبر أحياناً عن ضعف المستوى العلمي، والعجلة، والحماس، وما أشبه ذلك، وقد وقفت في بعض الأوراق على تعليقات -على أشخاص أو على مؤسسات، أو معاهد، أو غيرها- في الواقع لا يسرنا أن تنقل عنا ولا عن الطيبين الصالحين الملتزمين، فعلى الإنسان أن يعلم أن ما تكلم به، أو كتبه، لا يتكلم به في مجلس فيه عشرة أو عشرين، قد ينتقده نصفهم، أو يوافقه نصفهم، لا،إنه حين يكتب ورقه، أو يتكلم بكلام يتناقله الناس في المشرق والمغرب فيكون سبباً في سوء الظن بهؤلاء، أو بهذا الذي كتب، أو يكون سبباً في سوء الظن بجملة من الناس الطيبين، فعلى الإنسان أن يدرك أنه مسئول عما يقول، أو يكتب، أو يفعل، أو يعلق.

وأضرب لذلك مثلاً: قد يكتب كاتب قصيدة، هذه القصيدة من حيث المعاني رديئة وسيئة، ومعانيها مذمومة، لكن القصيدة من حيث البيان والبلاغة والكلمات جميلة، فإذا قرأها إنسان قال: هذا شعر لفظه حسن، ومعناه قبيح! فإذا أتيت أنت وعلقت على هذا الشعر مثلاً، الذي يستجيد الناس لفظه، ويستقبحون معناه، علقت عليه بألفاظ بذيئة، أو كلمة سيئة، استهجن الناس مثل هذا الأمر وذموه وعابوه، وقالوا: هذا يدل على ضعف المستوى العلمي والثقافي لمن كتب مثل هذه الأشياء.

الأمر الرابع: أننا قرأنا في الصحف، وسمعنا في الإذاعات، عدداً من المقالات والكتابات، والمقابلات الإذاعية، من أناس لهم وزنهم، وغالب ما قرأت وما سمعت يدور حول نقطة واحدة لها خطورتها، إنها مسألة قيادة المرأة للسيارات، وأنها مسألة آتية لا ريب فيها، وإنما هي كما يقولون: مسألة وقت، بسبب رفض رجال الدين، أو رفض المجتمع، وكما أن المجتمع بالأمس رفض اللاسلكي، أو المذياع، أو مدارس البنات، أو رفض التلفاز، فإنه يرفض هذه الأشياء اليوم، ويرفض تحرير المرأة اليوم، لكنه سوف يقبل ذلك ويوافق عليه غداً

وهذا المنطق في الواقع سمعته وقرأته من كثيرين، وهو منطق خطير، لأن معنى ذلك أننا لا نميز بين الأمر الذي يرفضه المجتمع لأنه يخالف أصولاً شرعية أو أحكاماً شرعية، وبين الأمر الذي يرفضه المجتمع لأنه يخالف عادات وتقاليد، فنحن حين نتحدث عن القضية السابقة وخطورتها، ننطلق من منطلق الشرع، وننطلق من منطلق المخاطر التي تهدد واقع المرأة، وننطلق من منطلق ما وراء قيادة المرأة للسيارة، كما أسلفت في المحاضرة الأولى (قيادة المرأة للسيارة) إن القضية ليست أن تقود المرأة السيارة أو لا تقود فقط، بل الأمر أكبر من ذلك، إذاً فقضية تحرير المرأة واختلاط المرأة بالرجل، وعمل المرأة، وغير ذلك من الأشياء التي ينادي بها العلمانيون في مجتمعنا، لسنا نقول: إنها مسألة وقت، بل إننا نقول: إن الله سوف يحمي هذه البلاد من مثل هذه اللوثات، وسيظل أهلها أوفياء لهذا الدين.

بلاد أعزتها جيوش محمد     فما عذرها ألا تعز محمداً

فينبغي أن ننطلق من منطلق الثقة، وأن ندرك أن هؤلاء الذين يقولون: إن المسألة مسألة وقت، ونحن نؤيد قيادة المرأة للسيارة، وإن رفضها رجال الدين، أن هؤلاء يعبرون عن فساد في قلوبهم، ومرض في نفوسهم، وتمنيات ورجاء، (وكم دون ما يبغون لله من سر!) فإننا نسأل الله عز وجل -وهو الذي عودنا كل خير وحمى بلاده من شياطين الجن والإنس، حماها من أبرهة الذي غزاها بجيشه: وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ [الفيل:3-5]، وحماها من الاستعمار، الذي غطى على بلاد العالم الإسلامي كله، إلا هذه البلاد فإنها سلمت منه، وحماها من المسيح الدجال الذي لا يدخل المدينة ولا مكة، وحماها من جيوش الغزاة المحتلين، نسأل الله عز وجل أن يحميها من كيد أعدائها الداخليين والخارجيين، نسأل الله أن يحمها من كيدهم، وأن يجعلها قلعة حصينة للإسلام في كل وقت وفي كل حين.. أما بعد:

فموضوع هذا اليوم: هو مسئوليتنا عن انحراف الشباب، وهو موضوع يطول، أتحدث عن هذا الموضوع في عدة نقاط:

1- العوامل الداخلية لانحراف الشباب.

2- أسباب انحراف الشباب.

3- دور الأسرة.

4- دور الدعاة وطلبة العلم.

5- دور الإعلام.

أما فيما يتعلق بالنقطة الأولى وهي: العوامل الداخلية، فإننا في كثير من الأحيان نحاول أن نلقي بمسئولية انحراف الشباب على العوامل الخارجية، فمثلاً نتكلم عن خطط اليهود، ودورهم في إفساد الشباب، وهذه الخطط لا شك أنها صحيحه، لكن لا يعني أن هذه هي الوسيلة الأولى، ولا أنها هي السبب الأكبر، أو نتحدث عن عصابات المخدرات والفساد مثلاً، التي أصبحت تغزو بلاد المسلمين، وتسعى سعياً حثيثاً إلى إيقاع الشباب في حبائلها وشراكها، أو نتحدث عن أوكار الرذيلة، وما يمكن أن نسميه الفساد بالمراسلة، وقد نشرت الصحف كثيراً من المؤسسات، والمدارس، والأوكار، التي تراسل الشباب في العالم الإسلامي، وتزودهم بالصور الخليعة، والأفلام المنحطة، والمعلومات الخاطئة، وتشككهم في دينهم، وتعطيهم عناوين للاتصال والمراسلة، وتحاول أن تسهل لهم الفساد بكل وسيلة.

نتحدث عن الصحف الخارجية، وما أكثر هذه الصحف التي تعد بالمئات! وقد دخلت في يوم من الأيام في إحدى المكتبات في الرياض، فوجدت فيها مكاناً ضخماً جداً، وفيه صُفّت ألوان المجلات من أنحاء الدنيا، كل هذه المجلات تدور حول أمر واحد وهو المتاجرة بصورة المرأة، قائمة وقاعدة وعلى جنب! وتحاول أن تغري الشباب بالصورة عن أي أمر آخر، وهذه لا شك لها دور كبير في الإفساد أيضاً، لكنها ليست هي السبب الأكبر أو الأول، قد نتحدث أحياناً عن العناصر المندسة في مجتمعنا من الجنسيات غير المسلمة، التي كثيراً ما يقبض عليها من قبل الهيئات -هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو غيرها- يقبض عليها متورطة في مخدرات وترويجها، أو في تصنيع الخمور وبيعها مثلاً، أو في تنظيم الدعارة، أو في بيع الأفلام الخليعة، إلى غير ذلك، وهذه الأشياء كلها لها دور في انحراف الشباب، لا أعتقد أننا نختلف عليه، لكنني أقول: لم تكن هذه الأشياء لتفعل فعلها، وتؤدي دورها في الشباب، لولا أن الجبهة الداخلية في مجتمعنا نفسه أصبحت مفككة وضعيفة، بمعنى أن الأسباب الداخلية تأثيرها أكبر وأعظم من الأسباب الخارجية، ولذلك لا بد أن نتساءل: ما هي الأسباب الداخلية لانحراف الشباب؟

إهمال الآباء للأبناء

السبب الأول: هو إهمال الآباء، فإن كثيراً من الآباء أصبحوا مشغولين بالعمل، سواء أكان في دكان، أم وظيفة، أم مزرعة، أم غير ذلك، أم مشغولاً بالزوجة الثانية، وهذه مشكلة أخرى، فإن بعض الآباء بعد أن يتزوج زوجة أخرى، تجد أنه ينغمس معها وينسى بيته الأول وأهله الأولين، وينسى أولاده، حتى ربما تمر به الأيام وهو لا يمر عليهم، وإن مر لا يلتفت إليهم، وأصبح الأبناء ليسوا له في حساب.

وقد يكون إهمال الأب أحياناً بسبب ضعف الشخصية، فإن فاقد الشيء لا يعطيه، فإن بعض الآباء أحياناً لا يستطيع أن يأمر أولاده بشيء، أو ينهاهم عن شيء، لأنه أضعف من ذلك، لأنه ليس له شخصية قوية أمام أولاده، وبعضهم يملك شخصية قوية لكن عنده شيء من عدم المبالاة، لا يبالي ولا يهتم، وكم هو مزعج ومحزن ومزرٍ أن نجد في مجتمعنا اليوم آباءً إذا أتيت إلى أحدهم وقلت له: إن ولدك مع شباب مراهقين وفساق، وقد حصل كذا وكذا، قد يصل الأمر أحياناً إلى الفاحشة والعياذ بالله فتظن حين تتحدث مع الأب - وأنت تتحدث معه بالتدريج وبهدوء لئلا ينصدم- تظن أن الأب سوف يغمى عليه إذا سمع مثل هذا الكلام، فإذا انتهيت من ما عندك فإذا بالأب بكل برودة، وبساطة ولا مبالاة، يقول: يكبر ويهتدي! أو هكذا الشباب! أو ما أشبه هذه العبارات التي تدل على عدم المبالاة، فهذا من أهم الأسباب وهو إهمال الآباء.

مصاحبة قرناء السوء

السبب الثاني: هو قرناء السوء، وقرناء السوء إذا ارتبطوا بالشباب فإنهم يجرونه إلى الجنس، والفاحشة، يجرونه إلى المغامرات التي لا يدري ما عواقبها، وإلى المخدرات، والوقوع في عصاباتها وتهريجها وترويجها، بل وتصنيعها أحياناً، يجرونه إلى السفر إلى الخارج، وأقل ما يميلونه إليه هو التدخين، فإنه لا بد أن يوافقهم على ذلك، حتى يثبت لهم أنه رجل، يدخن مثلهم، أو (التفحيط) أو تضييع الوقت فيما لا فائدة فيه.

وفيما يتعلق بقرناء السوء، قضية تلك التجمعات الفاسدة، تجمعات الشوارع، والأحياء، والمطاعم، وغيرها، فإنها تجمع من هب ودب من هؤلاء الشباب، وتربط بينهم، وتكون سبباً في إقامة العلاقات، وتبادل الخبرات في مجال الشر والفساد، ولعل من الطريف أنه وقعت في يدي وريقة صغيرة لأحد المطاعم، مكتوب في الوجه الأول من هذه الورقة "جدول الحصص الدراسية"، وتحته "من طلب العلا سهر الليالي" أما إذا قلبت الورقة فإنك تجد دعاية لهذا المطعم: (وجبات الكناري) (نعمل حتى أذان الفجر) إذاً من طلب العلى سهر الليالي، إذاً سهر الليالي أين يكون؟! يكون في المطاعم حتى أذان الفجر!

فساد الإعلام

السبب الثالث: الإعلام لا شك أنه يمارس دوراً كبيراً في انحراف الشباب، وذلك لأنه يصور لهم مباهج الحياة المتحللة، حتى يرسخ في ذهن الشاب، أن الدنيا كلها تجارة وكأس وغانية، وهذا غاية ما يطمع إليه، أو ما يتطلع إليه! حتى الطفل الصغير، فيما يسمى بأفلام الكرتون، كثيراً ما تدور أحداثه حول هذا الأمر، ولعل أكثر الشباب شاهدوا الفلم الذي يسمى (عدنان ولينا)، حيث كل الأطفال يحبون هذا الفلم، وهو عبارة عن بطل يتسلق المباني الشاهقة التي تتحرك كهربائياً، حتى يصل إلى معشوقته وحبيبته، وقد يسجن في سبيل ذلك ويضرب، ويقطع لها المحيطات الطويلة بسرعة، وتحت الماء، ويركب السفن، وكل ذلك من أجل هذه المرأة التي يحبها، حتى إذا وصل إليها، ولو في قاع البحر، فإنه يكون لباساً لها وتكون لباساً له، وقل مثل ذلك كثير، لكن هذا الفلم من أشهر الأفلام، حتى ربما تقرءون اسمه أحياناً في بعض الجدران، وبعض المدارس.

أما فيما يتعلق بالصحف والمجلات، وهي لا شك من الإعلام، وقد أشرت إلى جزء من دورها، وحتى الصحف الداخلية، تبث دعايات للعطر، أو دعايات للملابس النسائية أو غيرها، بصور نساء جميلات، وبصور ملونة، ولو قرأت جريدة الرياض مثلاً، أو جريدة عكاظ، أو غيرها من الجرائد، لوجدت أنها أصبحت تتجرأ شيئاً فشيئاً على نشر صور النساء بصور ملونة، دعاية لعطور، أو ملابس، أو حتى دعاية لسيارات، أو أي شيء، المهم أن تحضر صورة المرأة، بمناسبة وبغير مناسبة! وكذلك الحال في المجلات، ولعل من أسوأ المجلات التي ينبغي إعلان الحرب عليها المجلة التي يسمونها سيدتي، وقد عتب عليَّ بعض الإخوة لماذا أنطق اسمها كما هو مكتوب على غلافها، وأنا أقول لكم: العتبى، فإنها b= 4000368مجلة سيدتهم! هذه المجلة بصراحة تتاجر بصورة المرأة الجميلة، وقد دفع إلي اليوم بعد العصر أحد الإخوة الأكارم عددين من هذه المجلة تصفحتها على عجل، فوجدت أن هذه المجلة ليس فيها شيء إلا صور النساء الجميلات، امرأة على اليمين وامرأة على اليسار، هذه قائمة، وهذه مضطجعة، وهذه قد ظهرت ساقها، وهذه قد ظهر شعرها، وهذه فنانه، وهذه مطربة، وهذه ممثلة، وهذه وهذه! وأبشع من ذلك كله أن في أحد العددين صوراً عن اغتصاب النساء من قبل الجنود العراقيين، وقد رسم باليد صورة رجل قد جلس بين شعبها الأربع، إلى هذا الحد، وأعتقد أنه كما يقال: بلغ السيل الزبى، وإذا لم نستطع أن نقاطع هذه المجلة، ونعلن للمسلمين كلهم وجوب الحرب عليها، بل ومقاطعة من يبيعونها، فإننا لا شك ضعفاء.

أما الفيديو فحدث ولا حرج، ولن أتكلم عن الأفلام الممنوعة، فإن هذه الأفلام الممنوعة تعرض كل شيء، تعرض كيفية صناعة المخدرات، تعرض الجنس والرذيلة والشذوذ والفاحشة، ولكن حتى الأفلام غير الممنوعة فيها أشياء كثيرة مما يثير غرائز الشباب، ولا شك أن الشاب يجد فارقاً كبيراً بين المجتمع الذي يعيش فيه، والذي يجد المرأة محجبة من رأسها إلى قدميها، وبين ما يشاهد من صور النساء في هذه الأفلام الهابطة، التي أهم ما تغري به الشباب المرأة الجميلة، فهذه الأجهزة التي يعبر عنها بالإعلام هي من أهم وسائل إفساد الشباب.

المؤسسات غير الملتزمة

السبب الرابع: المؤسسات التي لا تلتزم بشرع الله عز وجل، ولا شك أن هذه المؤسسات كثيرة، وهي آخذة في الازدياد، فكم من مؤسسة تظهر فيها صورة المرأة وهي كاسية عارية! قد لبست أحسن ثيابها، وقد وضعت المكياج على خديها وشفتيها، وسرحت شعرها وكشفته، وهي تحادث الرجال وتضاحكهم وتمازحهم، وضحكاتها تتعالى، تشق الفضاء، وهي تمزح مع الغادين والرائحين، والمراجعين لهذا الطبيب أو ذاك! وكم من مؤسسة تهتم بجانب واحد فقط من الشباب، بل تهتم بفئة واحدة فقط، ولو نظرنا على سبيل المثال الجهود المبذولة فيما يتعلق بالشباب، لوجدنا أن الذين يستفيدون من هذه الجهود عدد قليل، أعني يستفيدون منها في تنمية أجسامهم فقط، فكم الذين يلعبون الكرة؟ عدد محدود، أما الجماهير الغفيرة فإنها جالسة على هذه المدرجات على أعصابها، تشتغل بالتصفير وتوجه همها وعنايتها وتركيزها على من يفوز، هذا أو ذاك، مع الصراخ والتصفيق وغير ذلك، حتى في مجال تربية الأجسام، المستفيدون منه قليل، وليس المهم أن نربي أجساماً فقط، ما قيمة الأجسام إذا لم يكن هناك أخلاق، وإذا لم يكن هناك عقيدة صحيحة، وإذا لم يكن هناك دين قوي؟!

يا خادم الجسم كم تشقى بخدمته           أتعبت نفسك فيما فيه خسران

أقبل على الروح واستكمل فضائلها      فأنت بالروح لا بالجسم إنسانُ

لو كان الإنسان كرمه وشرفه بجسمه، لكان الفيل والأسد أشرف وأكرم منه، ولو كان بجماله لكان الطاوس أجمل منه، ولو كان لقوته على الجنس، لكان العصفور -كما يقول بعضهم- أقوى منه، وهكذا.

إذا الإنسان كماله وقوته ورجولته، في خُلُقه ودينه وكرمه، وعقيدته، ليس في جسمه فقط.

نشرت جريدة الجزيرة قبل سنوات مقالاً عنوانه: "ضحايا الكرة"، وتحدثت فيه عن عدد ممن ماتوا في سبيل الكرة! منهم تاجر كبير، كان في نادٍ أو ملعب يقال له ملعب الزمالك في مصر، فلما جاء هدف لصالح الفريق الذي يشجعه قفز من شدة الفرح، وسقط جثة هامدة! وبعد قليل جاء هدف آخر على الفريق وانتهت المباراة بالتعادل، فذهبت حياة هذا الإنسان خسارة، نسأل الله العفو والعافية، وبعضهم من الطيش يسمى هؤلاء شهداء، فيقول: شهداء الكرة، ماتوا في الملاعب في سبيل هذه الكرة!

السبب الأول: هو إهمال الآباء، فإن كثيراً من الآباء أصبحوا مشغولين بالعمل، سواء أكان في دكان، أم وظيفة، أم مزرعة، أم غير ذلك، أم مشغولاً بالزوجة الثانية، وهذه مشكلة أخرى، فإن بعض الآباء بعد أن يتزوج زوجة أخرى، تجد أنه ينغمس معها وينسى بيته الأول وأهله الأولين، وينسى أولاده، حتى ربما تمر به الأيام وهو لا يمر عليهم، وإن مر لا يلتفت إليهم، وأصبح الأبناء ليسوا له في حساب.

وقد يكون إهمال الأب أحياناً بسبب ضعف الشخصية، فإن فاقد الشيء لا يعطيه، فإن بعض الآباء أحياناً لا يستطيع أن يأمر أولاده بشيء، أو ينهاهم عن شيء، لأنه أضعف من ذلك، لأنه ليس له شخصية قوية أمام أولاده، وبعضهم يملك شخصية قوية لكن عنده شيء من عدم المبالاة، لا يبالي ولا يهتم، وكم هو مزعج ومحزن ومزرٍ أن نجد في مجتمعنا اليوم آباءً إذا أتيت إلى أحدهم وقلت له: إن ولدك مع شباب مراهقين وفساق، وقد حصل كذا وكذا، قد يصل الأمر أحياناً إلى الفاحشة والعياذ بالله فتظن حين تتحدث مع الأب - وأنت تتحدث معه بالتدريج وبهدوء لئلا ينصدم- تظن أن الأب سوف يغمى عليه إذا سمع مثل هذا الكلام، فإذا انتهيت من ما عندك فإذا بالأب بكل برودة، وبساطة ولا مبالاة، يقول: يكبر ويهتدي! أو هكذا الشباب! أو ما أشبه هذه العبارات التي تدل على عدم المبالاة، فهذا من أهم الأسباب وهو إهمال الآباء.

السبب الثاني: هو قرناء السوء، وقرناء السوء إذا ارتبطوا بالشباب فإنهم يجرونه إلى الجنس، والفاحشة، يجرونه إلى المغامرات التي لا يدري ما عواقبها، وإلى المخدرات، والوقوع في عصاباتها وتهريجها وترويجها، بل وتصنيعها أحياناً، يجرونه إلى السفر إلى الخارج، وأقل ما يميلونه إليه هو التدخين، فإنه لا بد أن يوافقهم على ذلك، حتى يثبت لهم أنه رجل، يدخن مثلهم، أو (التفحيط) أو تضييع الوقت فيما لا فائدة فيه.

وفيما يتعلق بقرناء السوء، قضية تلك التجمعات الفاسدة، تجمعات الشوارع، والأحياء، والمطاعم، وغيرها، فإنها تجمع من هب ودب من هؤلاء الشباب، وتربط بينهم، وتكون سبباً في إقامة العلاقات، وتبادل الخبرات في مجال الشر والفساد، ولعل من الطريف أنه وقعت في يدي وريقة صغيرة لأحد المطاعم، مكتوب في الوجه الأول من هذه الورقة "جدول الحصص الدراسية"، وتحته "من طلب العلا سهر الليالي" أما إذا قلبت الورقة فإنك تجد دعاية لهذا المطعم: (وجبات الكناري) (نعمل حتى أذان الفجر) إذاً من طلب العلى سهر الليالي، إذاً سهر الليالي أين يكون؟! يكون في المطاعم حتى أذان الفجر!


استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة اسٌتمع
أحاديث موضوعة متداولة 5155 استماع
حديث الهجرة 5026 استماع
تلك الرسل 4157 استماع
الصومال الجريح 4148 استماع
مصير المترفين 4126 استماع
تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة 4054 استماع
وقفات مع سورة ق 3979 استماع
مقياس الربح والخسارة 3932 استماع
نظرة في مستقبل الدعوة الإسلامية 3874 استماع
العالم الشرعي بين الواقع والمثال 3836 استماع