أرشيف المقالات

التذمر

مدة قراءة المادة : 8 دقائق .
التذمر قال تعالى: {فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا} [الإسراء من الآية:23]، فكلمة أف كلمة تستخدم للتذمر، ولكن هناك بعض الكلمات والجمل تستخدم ككلمة للتأفف وبديلة لها رغم معناها المختلف عن كلمة أف كليًا فهي ستصبح ككلمة أف رغم اختلاف طريقة التعبير، فكلمة أف هي بداية العقوق والشرارة الأولى له وبما أن للأفعال قوانين مشتركة فمثلما كانت أف هي بداية العقوق فهي ستكون كذلك في كل الأفعال وهذا معلوم ومشاهد، فستجد أن التذمر هو الشرارة الأولى لأي فعل سيىء، فهي تشمل حياتنا كلها، فعندما تبدأ أي عمل بأف ستضع اعتقادًا أن ما ستفعله في المستقبل سيكون ناقصًا وستتوقع لنفسك السوء أي انك بدأت من لحظة التذمر بالتفكير السيىء السلبي وهذا يجعلك تصطدم بقوانين الله وتحس بالاكتئاب لبعدك عن الله.. 
التذمر هو أول العملية السلبية، وأول مراحل السيئة التذمر، فانتبه عندما تقول هذه الكلمات المتأففة، لأنها ستقودك إلى خمسة أشياء سيئة: (المماطلة، واللوم، والنقد، والمقارنة، والشكوى) وهذه ستقودك إلى الشك والحسد والغش، وهذه ستجذب الخوف والخوف سيزيدك في التأجيل والتسويف والمماطلة في حق الأخرين، والاستعجال في طلب حقك وهذا سيقودك إلى لوم الأخرين وانتقادهم، ومقارنة أحوالك بمن هم أعلى منك، وستكون كثير الشكوى وستخاف من الإقدام والمبادرة، وستدخل مرحلة الاكتئاب وكلها بدأت بكلمة تذمر واحدة، وأثرت هذا التأثير، فكيف لو كان لديك أكثر من كلمة تذمر؟! 
قد تكون الأف بالجوارح وليس بالكلام، فعندما تقول لهما أف –أي أبويك- المرحلة القادمة أن تنهرهما، أي أن الفعل السيىء سيجر معه أفعال سيئة أخرى لتتحول الأفعال إلى أعمال، وسنحاسب عن أعمالنا كبيرها وصغيرها، وسيقودك كثرة التأفف لمرحلة التخلي عن المسئولية، أو جزء كبير منها، ويكون طبعك اللامبالاة بشعور وأحاسيس الأخرين، وكلما تعمقت أكثر كلما فعلت أشياء سيئة أكثر، وقادتك لمرحلة الكذب والكذب يهدي إلى النار ، فهل هذا ما تريده؟! 
والتذمر أخطر شيء على الأمة، فجميع المنظمات الإرهابية وكل المعادين للإسلام يبدؤون خططهم من الأناس المتذمرين فيدعمونهم ويقوونهم، ليكونوا الشرارة الأولى للطعن في بلد الإسلام عن طريق أبنائه، لعلمهم أن المتذمر سهل السيطرة عليه، وسواء يعلم أو لا يعلم سيتم توجيهه للطريق الخاطئ بسهولة وبدون مقاومة كبيرة؛ لعلمهم أن التذمر هو أول السيئات، وإذا وصل الإنسان لمرحلة التذمر فهو يكون قد تعدى المرحلة الأولى، وسهل لأعدائه إتمام باقي المهمة في غسل دماغه بطريقة سهلة وميسرة، ملخصها أن يوجدوا كل رغبة لديه ليشبعوها من حلال وحرام، حتى لا يصبح يفرق بين الحلال والحرام لينقلوه لمرحلة المصالح وتغليب مصالح النفس ، أو كما يقال عنه ديننا باتباع الهوى، لأن هذا سيقوده للكبر، والكبر سيقوده لكره الحق ولظلم الناس وللحسد والحقد، وهذا يقود إلى الخوف والخوف سيقوده للظلم وقسوة القلب .. 
والظلم سيقوده للجرأة على الحق، وستقوده إلى المقاومة بعقيدة فاسدة، لا تعرف حلالاً ولا حرامًا، ومنحرفة في كل شيء تعتقد به وتفعله وكان أول أسبابها التذمر، أي عمل يبدأ بالأف فإنك لن تتقنه وسيكون ناقصًا فالأف يقابلها الإخلاص ، وهو سر الإتقان للتذمر، كلمات كثيرة تبدأ بكلمة أف، أو تستخدم كلمة أو جملة كبديل لكلمة أف، وتنطق بطريقة تدل على التأفف، ويصاحبها حركات الجسد وتعبيرات الوجه والكلمات الدنية، وتنطق بطريقة تدل على التأفف ويصاحبها حركات الجسد، وتعبيرات الوجه تدل أيضًا على التأفف.. 
لا إله إلا الله: يقولها وهو يجز على أسنانه دليلاً على تأففه.
أستغفر الله: يقولها مع تمطيط كلمة أستغفر الله للدلالة على التأفف. 
أعوذ بالله: يتعوذ أولاً من أي كلام سيقال له على سبيل التأفف. 
لا حول ولا قوه إلا بالله: وأحيانًا كلمة لا حول لوحدها مع التأفف. 
يا ربي منكم كل شيء علي: أو يا ربي فقط مع تعبيرات وجه متأففة. 

يا لله منكم: أو يا الله فقط يقولها وكأنه يطلب منه إعادة نفس العمل مرات كثيرة متأففًا. 
حرام عليكم: بعد فترة من التأفف سيحس أن حقوقه تنتهك، ولا يعرف غير هذه الكلمة ليعبر بها عن تأففه. 
هذا ظلم: عندما تطول الفترة وهو يتأفف سيحس بالظلم، فتجده أصبح لوامًا لأنه أصبح يحس بأنه ضحية، وتكثر لديه الانتقادات والشكوى. 
ارحموني: إحساس بالظلم الشديد كلما طالت فترة التأفف. 
اللعن والدعاء: مثلاً يلعن أبو الحالة التي أعيشها، يصل لمرحلة قد يدعو على نفسه أو يلعنها. 
والرسول صلى الله عليه وسلم علمنا أن لا ندع أنفسنا حتى تصل لمرحلة اللعن والدعاء على النفس، فقال صلى الله عليه وسلم: «لا تدعوا على انفسكم ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكُم، ولا تدعوا على أموالكُم -تساءل وأنت تقرأ الحديث، لماذا يا رسول الله؟!- لا تُوَافِقوا من اللهِ ساعةً يُسألُ فيها عطاءٌ فيُستجابُ لكم» (صحيح الجامع:7267)، علة النهي أي: لئلا توافقوا وتُصَادِفُوا ساعة إِجابة وَنَيْل فَتُسْتجاب دَعوتُكُم السُّوء، فهل هذا هو الشعور الذي تريد أن تحس به؟ شعور الإحساس بالذنب، وهو شعور سيلازمك طويلاً. 
الكلمات العادية دائمًا ما تلقون إلا أنا، هذه ما هي عيشة، ما عندكم غيري، أنا لست شغال عندكم، وش ها لمصيبة كله أنا "يا للمصيبة كل شيء تريدون عمله أكون أنا"، اش ها الطفش "ما هذا السأم"، اش أسوي لكم "ماذا تريدون أن أعمل لكم"، ما هو شغلي "ليس بعملي"، دائم تشغلونا بالطلبات "إنكم ترهقونا بالطلبيات"، خير "بدل كلمة نعم وأشد حدة"، إش تبغون "ماذا تريدون"، ما عندكم إلا إزعاجي "أليس لديكم عمل غير إزعاجي"، ماني فاضي "لست فارغًا"، جبتوا لي الصداع "تسببتم لي بالصداع"، هديتوا حيلي "أتعبتم جسمي"، جبتوا لي الجنون "أحضرتم لي الجنون"، خلاص فهمنا "لقد فهمتك أسكت"، طيب خلاص "حاضر فقط أسكت"، هلكتموني "أتعبتموني"، طفشتوني ما تتركون أحد لوحده "لا تتركون أحدًا بمفرده"، أوووه تعبتونا "أوووه جلبتم لنا التعب"، وععع "كلمة تستعمل أحيانًا للتأفف"، وغيرها الكثير من الكلمات والجمل التعبيرية حسب المنطقة التي تعيش فيها الحركات التعبيرية "لغة الجسد وتعبيرات الوجه". 
لوي الفم: حتى ولو قليلاً فهو دليل سريع لمعرفة التأفف. 
رفع الأنف: يرفع الأنف ويضم الشفتين متأففًا كأنه يشم شيئًا سيئًا. 
تقطيب الحاجبين: فعل يصاحب كل حركة تأفف. 
التحدث بصوت مرتفع: حتى يؤثر في من يسمع بدلالة على التأفف. 
هز الأكتاف: وقد تكون هزة سريعة أو هزة متعمدة لإيضاح التأفف. 
الحركة السريعة للجسم: ان يتحرك سريعًا في أي اتجاه، أو يضرب بقدمه الأرض دليل على التذمر. 
رمي اليدين إلى الأمام: يقذف بيديه إلى الأمام بقوة، وقد لا يقول شيئًا إنما هو فقط يعبر عن التأفف. 
مسك القبضة: يمسك بقبضته أثناء الحديث دليل أخر على التأفف. 
التلويح باليد فوق الرأس: يفعلها وهو ذاهب لتدل على تأففه من الفعل. 
الجز على الأسنان: يتكلم وهو مطبق على أسنانه بقوة دليل التذمر. 
تكتيف اليدين: الرغبة في عدم المشاركة أو سماع ما تقول وكأن الأمر لا يهمه، وليس مسئولاً عنه. 
نعم بصوت عالي: فيها تحدي للطرف الأخر أن لا يقول شيئًا يتذمر منه. 
حديث النفس: عندما تحدث نفسك تتخيل، وعندما تتخيل قد تتذكر مواقف فيها تذمر ترجعك إلى الشعور بالتذمر، وعندما تفكر فيها تتسع وتنتشر وترى أشياء تشبهها، وتتراكم في عقلك لتزيد من تذمرك، وقد يزيد ليصبح الشخص يقولها بصوت مسموع يقربه كثيرًا للاكتئاب. 
 
كتبه لكم: محمد عبد العزيز الفقيه الغامدي

شارك الخبر

ساهم - قرآن ١