خطب ومحاضرات
لقاء مع منسوبي الرعاية الصحية
الحلقة مفرغة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
أما بعــد:
أيها الإخوة:
يشرِّفُ إدارة الرعاية الصحية الأولية بـالقصيم، أن تتشرف باستضافة هذا الجمع المبارك، والمتمثل بلقاءٍ مع فضيلة الشيخ الداعية سلمان بن فهد العودة فجزاه الله خيرًا على تجشمه الصعاب، ومجيئه إلينا في هذا الوقت, ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلها في ميزان حسناته يوم أن نلقى الله, وأول ما نبدأ به هذا اللقاء المبارك، هو القرآن الكريم ومع الأخ خالد الحسين فليتفضل جزاه الله خيرًا.
آيات من الذكر الحكيم
أما بعد أيها الإخوة!
فنبقى مع الفقرة الثانية من هذا اللقاء الطيب المبارك، ومع كلمةٍ ترحيبية لسعادة الدكتور/ طلال البياري، مدير عام الشئون الصحية بمنطقة القصيم, فليتفضل مشكورًا جزاه الله خيرًا.
كلمة الشيخ/ طلال البياري
الحمد لله، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله نبينا محمد, فضيلة الشيخ سلمان العودة, الإخوة الزملاء, وضيوفنا الأفاضل, السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرحب بفضيلة الشيخ، وأتقدم له بالشكر على تفضله بقبول الدعوة والمجيء لهذا اللقاء المبارك، وهو اللقاء الثاني خلال هذا الأسبوع, وأدعو الله سبحانه وتعالى أن يثيب الشيخ على هذا الإقدام الطيب, وأن يجعل في نصائحه وكلماته الطيبة كل البركة, لرفع المعنويات لدى الزملاء.
ولا أشك أن هذه اللقاءات الطيبة والخيرة فيها ترويحٌ للنفس, وفيها أيضًا رفعٌ للمشاعر والمعنويات لدى الزملاء والعاملين في الشئون الصحية, وأعتقد جازمًا، أننا نحتاج لمثل هذه الجلسات الطيبة، حتى ترتقي المعنويات، ويزيد الالتزام والانتماء والحب فيما بيننا، ولأهدافنا السامية التي نعمل من أجلها, ألا وهى الخدمات الصحية, وأن نرتقي بهذه الخدمات للمستوى الذي يرضينا ويرضى الله سبحانه وتعالى عنا, ويلبي احتياج المواطن، وأيضًا يرتقي إلى المستويات التي تنشدها الدولة رعاها الله, فلعلَّ في هذه الاجتماعات ما يروح عن نفوسكم, وما يرفع المعنويات ويزيد الانتماء إلى أهدافكم السامية النبيلة, والتي تلتقي بإذن الله مع أهداف الأمة الإسلامية جمعاء.
وبودي أن أشكر كافة الزملاء في إدارة الرعاية الصحية الأولية، يتقدمهم الأخ عبد الرحمن البليهي، وهو الذي فكر في هذا الاجتماع مع زملائه العاملين، ومع الدكتور عصام الحركة، وبقية الزملاء الذين هيئوا لهذا الاجتماع الطيب المبارك, وأرجو الله سبحانه وتعالى أن يثيبهم الثواب الحسن على هذا الإقدام, وكذلك أشكر الإخوة منسوبي الشئون الصحية من الحاضرين, والضيوف الذين أحبوا أن يشاركونا هذا اللقاء الطيب المبارك, وأدعو الله سبحانه وتعالى أن يثيب شيخنا، وأن يوفقه في تقديم ما ينفعنا في دنيانا وأخرانا وما يزيد -كما ذكرتُ- من رفع معنوياتنا، والتزامنا وحبنا والتصاقنا بعملنا، وما يقدمنا إلى الأمام بإذن الله, أشكركم مرةً أخرى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قصيدة ترحيبية
عفوًا أيها الإخوة! هذه القصيدة ليست لي وإنما هي للزميل إبراهيم السمحان، الذي جادت قريحته بهذه الكلمات، وهي قصيدة نبطية أبى إلا أن يشارك بها, فلنستأذن فضيلة الشيخ بإلقائها بين يديه.
بسم الله والحمد لله، فضيلة الشيخ سلمان بن فهد العودة أيها الجمع الكريم! أحييكم بتحية الإسلام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
الواقع أن بضاعتي مزجاة, ولكن طمعًا في الوقوف أمام هذه الوجوه الطيبة، كانت القصيدة، فأستميحكم عذرًا لإلقائها، والقصيدة بعنوان "قصيدة القلب":
قصيدة القلب كيف الحبر يكتبها ويش لون بحر الورق يقوى مراكبها |
بحر شواطيه جفت واختفى المينا والموج راكب وموج النفس يتعبها |
وابحرت مجدافي الكلمة ومعناها زادي وقدامى الحكمة وكاسبها |
الحكمة التي غدت ويش لو نلقاها في مهمه الطيش ساق الحبل غاربها |
وبديت تقليد ديوان أمة ثكلى قريت خلف السطور وذي مصايبها |
نسأل على الغرب يهزمها ويهزمنا وعن الليالي لنا تعقد حواجبها |
نسأل عن الحرب تستوطن بعالمنا وعوالم الكفر ويش فيها تجنبها |
نسأل عن الجوع الاكبر عن تناحرنا وعن هتكة العرض والتهجير جالبها |
وعن كسرة الخبز تغرق ساحة البوسنة وعن عدة الحرب تعطى غير طالبها |
وعن مسجد البابري عن هيبة المقدس يا كيف الأنجاس تفتل به شواربها |
واحنا علينا البكاء ويا كثر ما نبكي وأخطر قراراتنا ننكر ونشجبها |
نسأل وكل الإجابة بعدنا السافر عن ديننا لا حظوظٍ بس نندبها |
قصيدة القلب طالت بس ما طالت أشجاراً بخاطري تصفق جوانبها |
والمعذرة منك يا سلمان ذا جهدي قليل والقلب عذر النفس مشجبها |
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته....
والآن أيها الأحبة.. مع اللقاء المنتظر مع العالم العامل! مع الداعية المعروف, مع قائد من قواد هذه الصحوة الطيبة المباركة, مع فضيلة الشيخ سلمان العودة.
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ * وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ * وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ * مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ * يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ * مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ * أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ * وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ * وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ [إبراهيم:13-23].
أما بعد أيها الإخوة!
فنبقى مع الفقرة الثانية من هذا اللقاء الطيب المبارك، ومع كلمةٍ ترحيبية لسعادة الدكتور/ طلال البياري، مدير عام الشئون الصحية بمنطقة القصيم, فليتفضل مشكورًا جزاه الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله نبينا محمد, فضيلة الشيخ سلمان العودة, الإخوة الزملاء, وضيوفنا الأفاضل, السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرحب بفضيلة الشيخ، وأتقدم له بالشكر على تفضله بقبول الدعوة والمجيء لهذا اللقاء المبارك، وهو اللقاء الثاني خلال هذا الأسبوع, وأدعو الله سبحانه وتعالى أن يثيب الشيخ على هذا الإقدام الطيب, وأن يجعل في نصائحه وكلماته الطيبة كل البركة, لرفع المعنويات لدى الزملاء.
ولا أشك أن هذه اللقاءات الطيبة والخيرة فيها ترويحٌ للنفس, وفيها أيضًا رفعٌ للمشاعر والمعنويات لدى الزملاء والعاملين في الشئون الصحية, وأعتقد جازمًا، أننا نحتاج لمثل هذه الجلسات الطيبة، حتى ترتقي المعنويات، ويزيد الالتزام والانتماء والحب فيما بيننا، ولأهدافنا السامية التي نعمل من أجلها, ألا وهى الخدمات الصحية, وأن نرتقي بهذه الخدمات للمستوى الذي يرضينا ويرضى الله سبحانه وتعالى عنا, ويلبي احتياج المواطن، وأيضًا يرتقي إلى المستويات التي تنشدها الدولة رعاها الله, فلعلَّ في هذه الاجتماعات ما يروح عن نفوسكم, وما يرفع المعنويات ويزيد الانتماء إلى أهدافكم السامية النبيلة, والتي تلتقي بإذن الله مع أهداف الأمة الإسلامية جمعاء.
وبودي أن أشكر كافة الزملاء في إدارة الرعاية الصحية الأولية، يتقدمهم الأخ عبد الرحمن البليهي، وهو الذي فكر في هذا الاجتماع مع زملائه العاملين، ومع الدكتور عصام الحركة، وبقية الزملاء الذين هيئوا لهذا الاجتماع الطيب المبارك, وأرجو الله سبحانه وتعالى أن يثيبهم الثواب الحسن على هذا الإقدام, وكذلك أشكر الإخوة منسوبي الشئون الصحية من الحاضرين, والضيوف الذين أحبوا أن يشاركونا هذا اللقاء الطيب المبارك, وأدعو الله سبحانه وتعالى أن يثيب شيخنا، وأن يوفقه في تقديم ما ينفعنا في دنيانا وأخرانا وما يزيد -كما ذكرتُ- من رفع معنوياتنا، والتزامنا وحبنا والتصاقنا بعملنا، وما يقدمنا إلى الأمام بإذن الله, أشكركم مرةً أخرى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أيها الإخوة! نشكر لسعادة الدكتور هذه الكلمات المباركة إن شاء الله, والفقرة الثالثة وقبل الأخيرة، نبقى مع قصيدة للأخ عبد الرحمن البليهي فليتفضل.
عفوًا أيها الإخوة! هذه القصيدة ليست لي وإنما هي للزميل إبراهيم السمحان، الذي جادت قريحته بهذه الكلمات، وهي قصيدة نبطية أبى إلا أن يشارك بها, فلنستأذن فضيلة الشيخ بإلقائها بين يديه.
بسم الله والحمد لله، فضيلة الشيخ سلمان بن فهد العودة أيها الجمع الكريم! أحييكم بتحية الإسلام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
الواقع أن بضاعتي مزجاة, ولكن طمعًا في الوقوف أمام هذه الوجوه الطيبة، كانت القصيدة، فأستميحكم عذرًا لإلقائها، والقصيدة بعنوان "قصيدة القلب":
قصيدة القلب كيف الحبر يكتبها ويش لون بحر الورق يقوى مراكبها |
بحر شواطيه جفت واختفى المينا والموج راكب وموج النفس يتعبها |
وابحرت مجدافي الكلمة ومعناها زادي وقدامى الحكمة وكاسبها |
الحكمة التي غدت ويش لو نلقاها في مهمه الطيش ساق الحبل غاربها |
وبديت تقليد ديوان أمة ثكلى قريت خلف السطور وذي مصايبها |
نسأل على الغرب يهزمها ويهزمنا وعن الليالي لنا تعقد حواجبها |
نسأل عن الحرب تستوطن بعالمنا وعوالم الكفر ويش فيها تجنبها |
نسأل عن الجوع الاكبر عن تناحرنا وعن هتكة العرض والتهجير جالبها |
وعن كسرة الخبز تغرق ساحة البوسنة وعن عدة الحرب تعطى غير طالبها |
وعن مسجد البابري عن هيبة المقدس يا كيف الأنجاس تفتل به شواربها |
واحنا علينا البكاء ويا كثر ما نبكي وأخطر قراراتنا ننكر ونشجبها |
نسأل وكل الإجابة بعدنا السافر عن ديننا لا حظوظٍ بس نندبها |
قصيدة القلب طالت بس ما طالت أشجاراً بخاطري تصفق جوانبها |
والمعذرة منك يا سلمان ذا جهدي قليل والقلب عذر النفس مشجبها |
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته....
والآن أيها الأحبة.. مع اللقاء المنتظر مع العالم العامل! مع الداعية المعروف, مع قائد من قواد هذه الصحوة الطيبة المباركة, مع فضيلة الشيخ سلمان العودة.
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذريته، وأتباعه إلى يوم الدين, وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعـد:
أيها الأحبة.. فالسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
وإنني -بادئ ذي بدءٍ- أشكر سعادة مدير الشئون الصحية بـالقصيم, كما أشكر جميع إخوانه العاملين معه, وزملائه الذين كانوا سببًا في ترتيب مثل هذا اللقاء, والذين حضروا إلى هذا اللقاء أيضًا, وأشكركم جميعًا وأدعو الله تعالى لكم بكل خير, وأقول لكم: إنني أحبكم في الله تعالى, وأسأل الله تعالى أن يجعلنا جميعًا من المتحابين فيه, وأن يظلنا في ظله يوم لا ظل إلا ظله, وأن يجمعنا جميعًا في دار كرامته إنه على كل شيءٍ قدير؛ ثم أما بعد أيضًا:
فإن مثل هذه اللحظات هي لحظات نفيسة حقًا, فإن الحديث إلى مثلكم أنتم بالذات، أيها الأحبة.. حديث شيق, وحديثٌ طويل، وفي النفس خواطر, أحببت أن أقدمها بين أيديكم الآن.
أول هذه الخواطر، نقول: إننا جميعاً نعيش في خندقٍ واحد, ونحمل هماً واحداً, وإن اختلفت المهمات وتنوعت المسئوليات وتعددت المواقع, إلا أن الهدف يجب أن يظل واحدًا.
قيمة الانتماء إلى هذا الدين وفضله
فهذا الاسم الرباني الإلهي: تاجٌ على رأسي وعلى رأسك, وشرفٌ لا يقدِّر أحدٌ قدره, إلا الله عز وجل.
إنه علامة على كل معاني الخير والكمال, فكل خيرٍ أو كمالٍ فهو في الإسلام, وكل ضررٍأو نقصٍ أو عيبٍ فهو مما جاء الإسلام بذمه والنهى عنه.
إذاً: هذا الاسم الشريف العظيم الكبير الرباني، الإسلام هو التاج الذي نكلل به رؤوسنا, ونفتخر بالنسبة إليه, فليس فخرنا لأننا عرب, فإن العروبة بحد ذاتها قد يدخل فيها من هم حطب جهنم.
لعمرك ما الإنسان إلا ابن سعيه فلا تترك التقوى اتكالاً على النسب |
فقد رفع الإسلام سلمان فارسٍ وقد وضع الشرك النسيب أبا لهب |
ليس فخرنا بالعروبة بذاتها، فإن العروبة بذاتها لا تكفي؛ ما لم يكن الإسلام سرها, وليس فخرنا أيضًا بتاريخ نردده؛ فإن أجدادنا الذين مضوا, مضوا بمفاخرهم, ومضوا بجهادهم, ومضوا بصدقهم, وكتب التاريخ لهم أروع الصحائف, في كل المجالات، في العلم, وفي العمل, وفي الدعوة, وفي الجهاد, وفي الإخلاص, وفي النـزاهة, وفي كل الكمالات مضوا بها, ولا ينفعك أن تكون أنت من أحفادهم فتكتفي بترديد مآثرهم, فتصبح إنسانًا كنتياً، أي: يتكلم أن أجدادنا كانوا وكانوا وكانوا.
كن ابن من شئت واكتسب أدبًا يغنيك محمـوده عن النسب |
إن الفتى من يقـول هـأنذا ليس الفتى من يقول كان أبي |
والنار -أحياناً- تخلف الرماد كما هو معروف, فإذا كان أجدادنا السابقون نارًا تضيء وتشرق، وفيها تدفئة, وخير, ونور, فقد يكون من أحفادهم من انقلب وتحول إلى رمادٍ تذروه الرياح, وقد لاحظ هذا المعنى شاعر الهند محمد إقبال فقال:
أرى نارًا قد انقلبت رمادًا سوى ظل مريض من دخان |
فليس فخرنا لأننا أبناء رجال, وأحفاد رجال, الفخر هو بما يقدمه الإنسان وينجزه، سواءً في الدنيا أو في الآخرة, فأما في الدنيا فإن العالم اليوم لا يحترمك احترامًا تاريخيًا, إنما يحترم القوة, ويحترم العمل, ويحترم الإنجاز, وماذا ينفعنا إذا صرَّح متحدثٌ رسمي أو غير رسمي في الشرق، أم في الغرب بأننا نحترم الإسلام ونقدره، ونعتبره دينًا تاريخيًا له فضلٌ على الحضارة الإنسانية؟
ماذا يقدم هذا وماذا يؤخر؟
لا ينفع شيئًا.
إنها مجرد إبرة للتخدير, لكن الذي ينفع هو الذي يملك قوة، ولا أعني بالقوة فقط قوةُ السلاح, بل كل ألوان القوة, حتى القوة العلمية, والفنية, والإدارية, والعملية, قوةُ وحدةِ الكلمة واجتماع الصف, كل ألوان القوة هي التي أصبح العالم اليوم يحترمها.
وكذلك الحال في الدار الآخرة: يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلىً عَنْ مَوْلىً شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ [الدخان:41].. لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً [البقرة:48].. لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئاً [لقمان:33] ومن حكمة الله تعالى أن يعلن الله تعالى لنا في القرآن أن بعض أقارب الأنبياء كانوا من الكافرين, ومن المعذبين بالنار أيضًا, كما هي الحال بالنسبة لإبراهيم عليه الصلاة والسلام، كان والده من أهل النار, كما صرح بذلك القرآن الكريم، فقال تعالى:وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً [الأنعام:74] وفي الآية الأخرى: وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ [التوبة:114] وفي الصحيح : {. إن إبراهيم يلقى أباه يوم القيامة وعليه غَبَرة وَقَترة, فيقول له: يا أبت! ألم آمرك فعصيتني؟ فيقول: الآن لا أعصيك, فيذهب إبراهيم وكأنه يريد أن يشفع فيه, فيقول الله تعالى له: يا إبراهيم إني حَرمتُ الجنة على الكافرين
إذاً: العبرة في الدنيا وفى الآخرة ليست بالأمجاد الغابرة, ولا بالتاريخ الماضي أو بالنسب أو بالأرض, إذ أن ولادة الإنسان في هذه الأرض أو تلك، لم يكن باختياره، وليس له فيه يد, كما أن العبرة لا تكون بلون الإنسان ولا بأي صفةٍ أخرى من الصفات الشكلية الذاتية التي قد لا يكون للإنسان أصلاً يدٌ في اختيارها, إنما العبرة بعمل الإنسان.
فعمل الإنسان هو الذي يحدد موقعه في الدنيا, وهو الذي يحدد مستقره في الدار الآخرة, فإذا انتسبنا نحن إلى الإسلام؛ كانت هذه النسبة الحقيقة التي اختارها الإنسان ورضيها لنفسه، ثم لم يكتف بمجرد أن يكون انتسابه للإسلام وراثياً, كون أبيه أو أمه مسلمين؛ بل حقق هذه النسبة التي ورثها بالتطبيق العملي لهذا الانتساب, وأن يصدق هو في تطبيق هذا الدين والعمل به، والدعوة إليه, حتى يعرف أن كونه مسلمًا ليس أمراً عفوياً, أو أمراً وراثياً, أو أمراً بيئياً, وإنما هو أمرٌ رضيه الإنسان لنفسه، واختاره وارتضاه وآمن به, وصدق بفعله ما وجده في واقعه أو في بيئته.
استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
أحاديث موضوعة متداولة | 5157 استماع |
حديث الهجرة | 5026 استماع |
تلك الرسل | 4157 استماع |
الصومال الجريح | 4148 استماع |
مصير المترفين | 4126 استماع |
تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة | 4054 استماع |
وقفات مع سورة ق | 3979 استماع |
مقياس الربح والخسارة | 3932 استماع |
نظرة في مستقبل الدعوة الإسلامية | 3874 استماع |
العالم الشرعي بين الواقع والمثال | 3836 استماع |