خطب ومحاضرات
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 73
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 73
همم تناطح السحاب
الحلقة مفرغة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
عباد الله! يختلف الناس في مطالبهم.. في أهدافهم.. في غاياتهم، وهم كذلك يختلفون في أمر آخر، يختلفون في الهمم التي توصلهم إلى تلك الأهداف وتلك المقاصد وتلك المطالب، فهم يختلفون في المطالب والمقاصد، ويختلفون في الهمم التي توصلهم إلى أهدافهم، فمن الناس من يتكلم عن أهداف عالية ومقاصد سامية، ولكن أفعالهم لا تصدق أقوالهم، قال أهل العلم: هذا متمنٍ مغرور، فما نيل المطالب بالتمني.
وآخرون لا يتكلمون ولكن أفعالهم تدل على أنهم أصحاب همم عالية، إذا ناداهم منادي الله لبوا وأجابوا وما ترددوا ولا تكاسلوا ولا تهاونوا.
ومن يخطب الحوراء لم يغها المهر.
فالناس تتفاوت في غاياتها وأهدافها، وتتفاوت في هممها التي توصلها إلى تلك الأهداف.
لاحظ الفرق بين همة هذا وهمة ذاك، أعرابي يعترض النبي صلى الله عليه وسلم في طريقه فيقول: (يا محمد! أعطني من مال الله الذي أعطاك، فإنه ليس بمالك ولا بمال أبيك)، وتخيل همة ربيعة بن كعب الأسلمي وهو يأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بوضوئه ليلة، ثم يقول له النبي صلى الله عليه وسلم: ( اسأل ما تريد، قال: أتمنى رفقتك في الجنة يا رسول الله!) فشتان بين من يطلب الجنة ومن يطلب توافه الأمور.
جاءت غنائم للنبي صلى الله عليه وسلم فأخذ يوزعها بين أهل الصفة وبين المحتاجين، وأبو هريرة يرقب المنظر وهو من أهل الصفة لا يجد مكاناً يؤويه ولا لباساً يواريه ولا طعاماً يملأ بطنه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم وهو أعلم بحاجته: (يا
أهل الدنيا وأهل الهمم الدنية يطلبون ما يواري جلودهم وما يملئون به بطونهم، أما أهل الهمم العالية فلا يرضون بدون الله تبارك وتعالى، قال: أنا أسألك أن تعلمني مما علمك الله، فقال صلى الله عليه وسلم: (أوَ غير ذلك؟ قال: هو ذاك)، يعلم أن الله يرفع أهل العلم درجات، يعلم أنه ما تقرب متقرب إلى الله بأفضل من طلب العلم الذي يوصله إلى أعالي الدرجات.
فبالعلم يعبد الله ويوحد، بالعلم يقدس الله ويمجد، يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ [المجادلة:11] طريق الجنة طريق العلم (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سلك الله به طريقاً إلى الجنة).
قال أبو هريرة رضي الله عنه: (فأخذ نمرة كانت على ظهري فوضعها بيني وبينه، حتى أني أرى دبيب النمل عليها، ثم أخذ يحدثني ويحدثني ويحدثني حتى قال: صرها إليك، فصررتها فأصبحت لا أسقط حرفاً واحداً من كلامه)، راوي الحديث الأول من؟ أبو هريرة رضي الله عنه وأرضاه، ناقل السنة الصحيحة هو أبو هريرة رضي الله عنه وأرضاه.
أهل الدنيا يطلبون الدنيا وأهل الهمم العالية يطلبون ما عند الله تبارك في علاه.
أبو هريرة رضي الله عنه في آخر حياته يبكي ويقول: آه من قلة الزاد وطول السفر، روى أكثر من ستة آلاف حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم ثم يشكو قلة الزاد وطول السفر.
تفاوت الهمم، وأثر ذلك في طلب الجنة وطلب الدنيا
جاءت مجموعة من الشباب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، كل منهم يطلب حاجته، هذا يريد شفاعة، وهذا يطلب مالاً، وهذا يريد قضاء حاجة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقضي حوائجهم، إلا واحداً منهم قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أنا أريدك في أمر بيني وبينك، فلما انتهى النبي صلى الله عليه وسلم من قضاء حوائج هؤلاء الشباب التفت إلى صاحب الهمة العالية، فقال: وما شأنك أنت؟ قال: أنا لا أريد مالاً ولا أريد حاجة من حوائج الدنيا، أنا أريد طلباً واحداً، فقال صلى الله عليه وسلم: وما هو؟ قال: أريد مرافقتك في الجنة -فدلّه على الطريق- فقال صلى الله عليه وسلم: أعني على نفسك بكثرة السجود، فإنك ما سجدت لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة، وحط عنك بها خطيئة).
إن الهمم هي التي تحرك الرجال، لاحظ الفرق بين فلان وفلان، لماذا يستطيع هذا أن يترك فراشه في البرد القارس والبرد الشديد وينطلق ملبياً لنداء الله؟ ما الذي دفعه حتى ترك شهوته وفراشه مجيباً نداء ربه تبارك وتعالى، في حين لم يستطع فلان أن يتحرك من مكانه وهو يسمع منادي الله ينادي: الصلاة خير من النوم! بل هو يعلم أن تخلفه عن الصلاة يجعله في عداد المنافقين.
ما الذي يجعل فلاناً من الناس لا يقبل على درهم حرام؟ ويجعل فلاناً آخر لا يبالي أمن حلال أم حرام يأكل؟ ما الذي دفع هذا وما الذي أوقع ذاك؟ ما الذي ردع هذا وجعل ذاك يقع في الحرام؟ إنها الهمم العالية التي لا ترضى بدون الجنة ثمناً.
لذلك قال ابن الجوزي رحمه الله: إن العمر غال، فلا تقبل للعمر ثمناً إلا الجنة
الناس على نوعين لا ثالث لهما: منكم من يريد الدنيا، ومنكم من يريد الآخرة، يعرف هؤلاء كما يعرف أولئك، فالأفعال أبلغ أثراً من الأقوال.
قال أحد المربيين لأحد أبنائه: إياك ثم إياك أن يكون همك المأكل والمشرب والمسكن والمنكح، فهذا هم النفس، فأين هم القلب، إن همك ما أهمك، فليكن همك الله والدار الآخرة.
همة عمر بن عبد العزيز
تساءلوا فيما بينهم: كيف استطاع ابن عبد العزيز عمر أن يحقق ما حقق؟ فقالوا: والله ما خطا خطوة إلا ونيته لله. جعل الحياة وقفاً لله تبارك وتعالى، فحقق في فترة قصيرة ما لم يحققه أقوام في سنوات طوال.
قبل أن يتولى الإمارة كان يقول لزوجه فاطمة : يا فاطمة إن لي نفساً تواقة تشتاق إلى الإمارة. فتولاها، فلما تولاها ارتفعت الهمم، فقال لها: يا فاطمة إن لي نفساً تواقة تشتاق للخلافة. فتولاها، فأصبح أميراً على المسلمين، أميراً على أكثر من أربعين بلداً من بلاد الإسلام والمسلمين، دانت مشارق الأرض ومغاربها تحت إمارته.
فلما بلغ الخلافة ارتفعت الهمة فقال لها: يا فاطمة إن لي نفساً تواقة تشتاق إلى الجنة. فسعى من أجل الجنة وعمل من أجلها، ولما كان في ساعات احتضاره في نهار العيد أمر الناس بالخروج فخرجوا من عنده فسمعوا قارئاً يقرأ: تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [القصص:83].
لله دره، جعل الهم هماً واحداً، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من جعل الهموم هماً واحداً -يعني: هم الآخرة- كفاه الله هم الدنيا وهم الآخرة).
يقول ابن القيم رحمه الله: ووالله ما أعظم الهمم وما أشد تفاوتها، فهمم معلقة بالعرش، وهمم تدور حول الحش.
جاءت مجموعة من الشباب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، كل منهم يطلب حاجته، هذا يريد شفاعة، وهذا يطلب مالاً، وهذا يريد قضاء حاجة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقضي حوائجهم، إلا واحداً منهم قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أنا أريدك في أمر بيني وبينك، فلما انتهى النبي صلى الله عليه وسلم من قضاء حوائج هؤلاء الشباب التفت إلى صاحب الهمة العالية، فقال: وما شأنك أنت؟ قال: أنا لا أريد مالاً ولا أريد حاجة من حوائج الدنيا، أنا أريد طلباً واحداً، فقال صلى الله عليه وسلم: وما هو؟ قال: أريد مرافقتك في الجنة -فدلّه على الطريق- فقال صلى الله عليه وسلم: أعني على نفسك بكثرة السجود، فإنك ما سجدت لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة، وحط عنك بها خطيئة).
إن الهمم هي التي تحرك الرجال، لاحظ الفرق بين فلان وفلان، لماذا يستطيع هذا أن يترك فراشه في البرد القارس والبرد الشديد وينطلق ملبياً لنداء الله؟ ما الذي دفعه حتى ترك شهوته وفراشه مجيباً نداء ربه تبارك وتعالى، في حين لم يستطع فلان أن يتحرك من مكانه وهو يسمع منادي الله ينادي: الصلاة خير من النوم! بل هو يعلم أن تخلفه عن الصلاة يجعله في عداد المنافقين.
ما الذي يجعل فلاناً من الناس لا يقبل على درهم حرام؟ ويجعل فلاناً آخر لا يبالي أمن حلال أم حرام يأكل؟ ما الذي دفع هذا وما الذي أوقع ذاك؟ ما الذي ردع هذا وجعل ذاك يقع في الحرام؟ إنها الهمم العالية التي لا ترضى بدون الجنة ثمناً.
لذلك قال ابن الجوزي رحمه الله: إن العمر غال، فلا تقبل للعمر ثمناً إلا الجنة
الناس على نوعين لا ثالث لهما: منكم من يريد الدنيا، ومنكم من يريد الآخرة، يعرف هؤلاء كما يعرف أولئك، فالأفعال أبلغ أثراً من الأقوال.
قال أحد المربيين لأحد أبنائه: إياك ثم إياك أن يكون همك المأكل والمشرب والمسكن والمنكح، فهذا هم النفس، فأين هم القلب، إن همك ما أهمك، فليكن همك الله والدار الآخرة.
سئلوا عن عمر بن عبد العزيز الذي بلغ بهمته العالية مبلغ الرجال حتى عد خامس الخلفاء الراشدين في خلافة قصيرة لم تتجاوز السنتين والخمسة أشهر وأياماً معدودة، ولكنه حقق فيها من الإنجازات ما الله به عليم، كيف استطاع؟
تساءلوا فيما بينهم: كيف استطاع ابن عبد العزيز عمر أن يحقق ما حقق؟ فقالوا: والله ما خطا خطوة إلا ونيته لله. جعل الحياة وقفاً لله تبارك وتعالى، فحقق في فترة قصيرة ما لم يحققه أقوام في سنوات طوال.
قبل أن يتولى الإمارة كان يقول لزوجه فاطمة : يا فاطمة إن لي نفساً تواقة تشتاق إلى الإمارة. فتولاها، فلما تولاها ارتفعت الهمم، فقال لها: يا فاطمة إن لي نفساً تواقة تشتاق للخلافة. فتولاها، فأصبح أميراً على المسلمين، أميراً على أكثر من أربعين بلداً من بلاد الإسلام والمسلمين، دانت مشارق الأرض ومغاربها تحت إمارته.
فلما بلغ الخلافة ارتفعت الهمة فقال لها: يا فاطمة إن لي نفساً تواقة تشتاق إلى الجنة. فسعى من أجل الجنة وعمل من أجلها، ولما كان في ساعات احتضاره في نهار العيد أمر الناس بالخروج فخرجوا من عنده فسمعوا قارئاً يقرأ: تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [القصص:83].
لله دره، جعل الهم هماً واحداً، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من جعل الهموم هماً واحداً -يعني: هم الآخرة- كفاه الله هم الدنيا وهم الآخرة).