خطب ومحاضرات
فاتخذوه عدواً
الحلقة مفرغة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
عباد الله! لقد حذرنا الله تبارك وتعالى من الشيطان، وأخبرنا أنه عدو لنا، فالمطلوب منا أن نتخذه عدواً، فإذا كان عدواً لنا فلا بد أن نعرفه تمام المعرفة، ونعرف أساليبه، ونعرف طرقه في إضلال البشرية؛ حتى نكون على حذر منه، وحتى نكون على أهبة الاستعداد إذا هاجمنا بأي وسيلة من وسائله.
فحين تسأل الزاني: لماذا زنيت؟ فإنه يقول: إن السبب هو الشيطان، وحين تسأل السارق: لماذا سرقت؟ فإنه يقول: إن السبب هو الشيطان، وحين تسأل القاتل: لماذا قتلت؟ فإنه يقول: إن السبب هو الشيطان، وحين تسأل الذي طلق زوجته: لماذا طلقتها؟ فإنه يقول: إن السبب هو الشيطان، فهو عدونا الأول الذي هدفه إغواء البشرية وإضلالها حتى يدخلها معه في النار: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ [فاطر:6].
فالشيطان يقول: عجباً لبني آدم يدّعون أنهم يحبون الله ويعصونه، ويدعون أنهم يكرهونني ثم يطيعوني.
إن الشيطان من الجن، وقد كان يعبد الله في بداية أمره، وسكن السماء مع الملائكة، ودخل الجنة، ثم عصا ربه عندما أمره بالسجود لآدم؛ استكباراً وعلواً وحسداً، فطرده الله من رحمته.
والشيطان في لغة العرب: يطلق على كل عاص ومتمرد، وهو مأخوذ من (شَطَنَ)، أي: بعد عن الحق وتمرد عليه، وقد أطلق عليه هذا الاسم لعتوه وتمرده وتكبره على أوامر الله تبارك وتعالى، كما يطلق عليه لفظ الطاغوت، وهو الطاغوت الأكبر كما قال الله: الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا [النساء:76].
واسم الشيطان معلوم عند غالبية أمم الأرض بنفس الاسم، فهو يسمى بنفس الاسم في كل لغات أهل الأرض، وسمي طاغوتاً لتجاوزه حده، وتمرده على ربه، وتنصيبه نفسه إلهاً يعبد من دون الله، فكل من رضي أن يعبد من دون الله كان طاغوتاً.
وسمي بإبليس ليأسه من رحمة الله تبارك وتعالى.
وأما أصله: فقد اختلف المتقدمون والمتأخرون في أصله، فمن قائل: هو من الملائكة، ومن قائل: هو من الجن، وهذا هو الراجح والصحيح لأدلة كثيرة منها: أن القرآن نص على أنه من الجن، كما قال الله: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ الكهف:50].
وقال سبحانه: أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا [الكهف:50] فله ذرية، والمعروف أن الملائكة ليس لها ذرية، والشياطين تتوالد وتتكاثر.
وقد ثبت بالنص الصحيح أن الجن غير الملائكة في خلقهم، وغير الإنس أيضاً، وقد أخبر صلى الله عليه وسلم -كما في صحيح مسلم - (أن الملائكة خلقوا من نور، وأن الجن خلقوا من نار، وأن آدم خلق من طين).
ولقد قال الله على لسان إبليس: أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ [الأعراف:12].
وقال سبحانه: وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ [الحجر:27].
وقال سبحانه: وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ [الرحمن:15].
فعلى هذا يكون خلقه مغايراً لخلق الملائكة، فالملائكة خلقوا من نور وهو وذريته خلقوا من نار.
قال صاحب (الظلال): قال الله عن الملائكة: لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6]، وهو حين أُمر عصى وتكبر وتمرد، فلو كان من الملائكة ما عصى أوامر الله تبارك وتعالى، فالراجح والأصح أنه من الجن وليس من الملائكة.
وحديثنا ليس عن الشياطين بشكل عام، ولكن عن شيطانهم الأكبر، فمتى بدأ كيد الشيطان؟ تعالوا نستمع لهذه الآيات، ونتدبر فيها، ونرى أساليب الشيطان المتنوعة في إضلال البشرية، وكيف نجح في إخراج آدم من الجنة التي فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
قال الله تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ [الأعراف:11]، فقد خالف الأوامر، والملائكة لا تعصي لله أمراً: قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ [الأعراف:12]، فافتخر بأصله، قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ [الأعراف:13]، فكان التكبر أول ذنب عُصي به الله تبارك وتعالى، ودافع ذلك هو الحسد أعاذنا الله وإياكم من ذلك، فقد حسد إبليس آدم فتكبر على أوامر الله جل في علاه، قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ * قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ * قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [الأعراف:12-14].
فهنا سأل إبليس الله سؤالاً فأعطاه إياه، وليس ذلك لكرامته على الله؛ بل لهوانه على الله تبارك وتعالى،قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ [الأعراف:14-15].
ثم تعهد إبليس وتوعد: قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ [الأعراف:16-17].
وهو يقصد بهذا التوعد والتهديد البشرية أجمعين، فقال: لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ ، وصدق حين قال: وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ، فصدق وهو الكذوب، ولا تجد أكثرهم شاكرين، فسأجلس لهم على صراطك المستقيم، فإن أراد أحدهم الصلاة أو الصيام أو القيام، أو أراد الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر، أو أراد طاعتك؛ خذلته عن الطاعات، وقدته إلى المعاصي والمنكرات.
قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ [الأعراف:18]، فخرج وطُرد من الجنة.
ثم بدأ كيده لآدم في وسط الجنة، قال الله: وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ [الأعراف:19].
فإذا عصيت فأنت ظالم، وإذا خالفت الأوامر فأنت ظالم؛ ولذلك فكل عاص لله ظالم لنفسه.
فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ [الأعراف:20]، وهذا هو أسلوبه، فهو لم يجبر الناس إجباراً، ولم يضربهم على أيديهم، ولا قادهم إلى المنكرات بالسلاح، وإنما وسوس إليهم، والوسوسة هي: الصوت الخفي، أو هي حديث النفس، فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ إما بحديث النفس أو بإدخال الحية في الجنة -كما قيل- فبدأت توسوس لآدم، وهدفه من ذلك: لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا ، يريد أن ينتشر التعري والتفسخ بين البشرية؛ حتى تنتشر الفاحشة والرذيلة، وهذه هي أسرع الطرق لإغوائهم.
فقال لهما: قَال مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ* وَقَاسَمَهُمَا ، أي: أقسم لهما بالله إنه لمن الناصحين، فصدقه آدم، وما ظن آدم بفطرته السليمة أن هناك من يحلف ويقسم بالله كاذباً.
وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ [الأعراف:21]، فكان هو أول من أقسم بالله كاذباً.
وقد حذر الله آدم كما قال: فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى [طه:117].
وقد حذرنا الله أيضاً منه وقال: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ [فاطر:6].
وبعد أن عصى آدم وحواء عليهما السلام الله تعالى تابا كما قال الله عنهما: قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الأعراف:23]، والنتيجة: قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ لحكمة أرادها الله، وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ [الأعراف:24] أي: إلى أن يأتي وعد الله تبارك وتعالى.
قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ [الأعراف:25].
فهذا هو العدو الذي حذرنا الله منه، فكم أغوى من عابد! وكم أضل من زاهد! وكم أضل من الشباب! وكم أضل من شيب! وكم أغوى من فتاة! وكم ضيع من شاب! حتى إذا ضيعهم تبرأ منهم قال الله تعالى: كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ [الحشر:16].
فإذا أسقط الإنسان في الكفر والضلال والمعصية تبرأ منه، ومن العجب العجاب أن الإنسان يسقط مرة تلو الأخرى، ويُلدغ من نفس الجحر مرات كثيرة!
اعلم -بارك الله فيك- أن للشيطان أساليب كثيرة، وأن له خبرة وباعاً طويلاً في إضلال البشرية، فمنذ أن خلق الله آدم وهو يتفنن في إضلال البشرية.
وهدف الشيطان الأول هو: أن يشرك الناس بالله تبارك وتعالى، فما زال بقوم نوح حتى أغرقهم الله، وما زال بعاد وثمود حتى أهلكهم الله، وما زال بقوم فرعون حتى أغرقهم الله، وما زال بقوم لوط حتى أمطرهم الله حجارة من السماء، فأضلهم الشيطان ثم تبرأ منهم، وقد قال: لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ [الأعراف:17] قال أهل التفاسير: يعني سآتيهم من طريق دنياهم، فأزين لهم الدنيا وما فيها، لذلك قال الله: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ [فاطر:6]، وقال: وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ [الحديد:20]، فأخبر الله عن الحياة الدنيا أنها متاع الغرور، فلا يغرنكم الشيطان بتزيين هذه الدنيا وما فيها.
هب الدنيا تساق إليك عفواً أليس مصير ذاك إلى انتقال
وما دنياك إلا كمثل ظل
أظلك ثم آذن بالزوال
فأسلحته كثيرة، وخبرته طويلة، ومن أعظم أساليبه: تزيين الباطل، فهو يزين الباطل للناس كما زين لآدم فقال له: هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى [طه:120]، وكما قال: لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ [الحجر:39]، وكما قال تعالى: يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا [النساء:120].
ومن أساليبه أيضاً: أنه يسمي الأشياء بغير مسمياتها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ستأتي سنوات خداعات، يؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، ويصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويتكلم فيها الرويبضة)، فتنقلب فيها الموازين، وتسمى الأشياء بغير مسمياتها، واليوم نرى بأم أعيننا المنكر يسمى معروفاً، والمعروف يسمى منكراً، فيسمون الأغاني والألحان فناً وطرباً، ويسمون الزنا علاقات جنسية، ويسمون الخمور أم الأفراح وانشراح الصدور، ويسمون الربا الذي حاربه الله ونهى عنه بفوائد وأرباح بنكية! فضحك الشيطان على البشرية، فصاروا يسمون الأشياء بغير مسمياتها.
ومن أساليبه أيضاً: تحبيب الكسل والفتور إلى الناس، قال الله عن المنافقين: وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا [النساء:142].
وقال صلى الله عليه وسلم: (إذا نام أحدكم عقد الشيطان على قافيته ثلاث عقد، فإذا أراد أن يقوم قال له: ارقد فإن وراءك ليلاً طويلاً، فإذا قام وذكر الله انحلت العقدة الأولى، فإذا قام وذكر الله ثم توضأ انحلت العقدة الثانية، ثم إذا قام وذكر الله ثم توضأ ثم صلى انحلت العقدة الثالثة)، فبذكر الله نستطيع أن ننتصر على الشيطان.
فلنسأل أنفسنا أين نحن من هذا الحديث؟ وأين نحن من هذا الكلام؟ فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن رجل نام عن صلاة الصبح -أي: صلاة الفجر- فقال: (ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه) .
فأسألك بالله العظيم: كيف كان حالك هذا الصباح؟ أبال الشيطان في أذنيك كما فعل بكثير أم أنت ممن ذكرت الله حتى انحلت العقد واحدة تلو الأخرى؟ فما أكثر الذين يبول الشيطان في آذانهم في كل يوم!
ومن أساليبه أيضاً: الوعد والتمنية، قال الله تعالى: يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا [النساء:120]، فكم من شاب أراد أن يتوب فسوَّف له الشيطان، وكم من شيخ كبير أراد أن يعود ويئوب فمنَّاه الشيطان، فهو يعدهم ويمنيهم بلعل وسوف وعسى، وأكثر صياح أهل النار من لعل وسوف وعسى.
ومن أساليبه أيضاً: إظهار النصح، فهو يظهر للبشرية أنه لهم ناصح، وهو الكذوب كما قال لآدم: وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ [الأعراف:21]، وكذب فإنه والله لمن الكاذبين، ومع ذلك أقسم إنه لمن الناصحين!
ومن أساليبه: التدرج في الإضلال، فهو يأخذهم خطوة خطوة، نظرة فابتسامة فكلمة ثم معصية لله تبارك وتعالى، كأن يقول: ادخل القنوات إلى بيتك لمتابعة الأخبار ومتابعة ما يحدث في العالم، ثم فجأة تنقلب الشاشات إلى لهو وغناء، ثم زنا وفاحشة ورذيلة، ثم انتهاك للمحرمات في البيوت، فكم ضحك الشيطان على الناس بإدخال الشاشات والقنوات إلى بيوتهم!
ومن أساليبه أيضاً: أنه يخوف أولياءه كما قال الله: إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [آل عمران:175]، فإذا أراد أحد منا أن يأمر بمعروف أو ينكر منكراً هدده الشيطان وتوعده، وقال له: إن ردة فعل الناس كذا وكذا، وإن الناس لا يتقبلون مثل هذا الكلام، فهو يخوفهم، ولكنه يخوف أولياءه، ولا يخوف الشيطان إلا أولياءه.
فأساليبه كثيرة تتنوع وتتغير باختلاف الوقت والزمان، فقد يظهر أنه ناصح ولكنه في الحقيقة ماكر وكذاب كبير.
وقد قيل: إن رجلاً كان تحت جدار وكان الجدار على وشك السقوط، فجاءه رجل فأقامه من مكانه، فما هي إلا لحظات حتى سقط ذلك الجدار، فقال الرجل: جزاك الله عني خيراً فقد أنقذتني من الهلاك، فمن أنت؟ قال: أنا الشيطان، قال: أنت الشيطان وتفعل معي هذا! قال: نعم، خشيت أن تموت شهيداً؛ لأن الذي يموت في الردم والهدم يعتبر شهيداً، فقاتله الله! كم أضل من زاهد! وكم أغوى من عابد!
وقد حذر الله وأنذر منه، فمن استجاب فقد فاز ونجا، ومن لم يستجب فلا يلومن إلا نفسه.
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله على إحسانه، والشكر له سبحانه على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه.
أما بعد:
عباد الله! أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فاتقوا الله عباد الله: وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ [البقرة:281].
وكما أن أساليب الشيطان كثيرة فأسلحته أيضاً كثيرة، ومن أعظم أسلحته: أم الخبائث وهي الخمر، وما أدراك ما الخمر؟ فكم ارتكبت من جرائم تحت تأثير المسكرات والمخدرات! وكم يقطع الناس آلاف الأميال لإشباع الأهواء والرغبات ابتداءً بالخمور والمسكرات! وكم تهدمت بيوت بسبب أم الخبائث!
يحكى أن امرأة جاءت إلى عابد ومعها طفل صغير وكأس من الخمر، فقالت له: أنت بين خيارات: إما أن تزني بي، وإما أن تقتل هذا الغلام، وإما أن تشرب الخمر، فظن أنه سيختار أهون هذه الأمور الثلاثة، فقال: أشرب الخمر ولا أزني ولا أقتل أحداً، فلما شرب الخمر تخمر عقله، والخمر معناها مأخوذ من التغطية، نقول: خامر الشيء إذا غطاه، والخمر تغطي العقل فلا يفكر الإنسان في عواقب الأمور.
فشرب الخمر، فلما طار عقله زنى بالمرأة، فلما زنى بالمرأة وعلم عظيم جرمه قتلها وقتل الغلام؛ لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الخمر أم الخبائث).
والملعونون في الخمر عشرة: شاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وعاصرها، ومعتصرها، ومشتريها، وبائعها، وآكل ثمنها، وساقيها، وما ذاك إلا لعظيم أثرها في الإفساد والتزيين.
ومن أعظم أسلحته التي انتشرت اليوم في كل بيت إلا من رحم الله: الموسيقى والألحان، حتى أصبحت قلوبنا لا تتأثر بالقرآن؛ لأنها ملئت بمزامير الشيطان، وصدق الله حين قال: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا * قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا [الإسراء:61-62] ، ثم قال الله له: اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا * وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا [الإسراء:63-64].
فإذا أتى الرجل أهله ولم يذكر الله شاركه الشيطان، وإذا أكل طعامه ولم يذكر الله شاركه الشيطان، وإذا دخل بيته ولم يذكر الله دخل معه الشيطان، فكم هي البيوت التي تسكنها الشياطين اليوم!
لقد انتشرت الموسيقى والألحان كانتشار النار في الهشيم، فلا يكاد يخلو منها بيت ولا سيارة ولا مكتب ولا مطار، فكل أماكننا أصبحت أماكن لمعازف الشيطان والعياذ بالله!
فأسألك بالله إن كنت عاقلاً: ماذا استفدنا من المعازف والألحان؟ ثم قل لي: ماذا استفدنا من هؤلاء الذين يغنون ويطبلون ويرقصون استجابة للشيطان؟! ماذا استفدنا منهم؟ وماذا يقدمون للمجتمع؟
إنّ الطبيب يعالج المرضى، والمدرس يكافح الأمية ويعلم الصغار والكبار، والفلاح يزرع، والصانع يصنع، وأما المغني والمغنية، والراقص والراقصة، والممثل والممثلة، فماذا يقدمون للمجتمع؟! ماذا يقدم لنا هؤلاء؟!
بكل صراحة إنهم يقدمون لنا الفاحشة والرذيلة، ويقدمون لنا الزنا بكل صوره، ويدعوننا إلى شرب الخمور، ومعاقرة النساء، والسفر للسياحة إلى بلاد الكفار، أليس هذا هو الواقع؟
أي عاقل يقول: إن كلمات الأغاني تدعو إلى مكارم الأخلاق والفضيلة؟!
ومع هذا امتلأت بيوتنا وسياراتنا بمعازف الشيطان، فأمة الإسلام هجرت القرآن، واتخذت معازف الشيطان لها شعاراً بالليل والنهار، فكيف تنتصر على أعدائها؟!
إن حب القرآن وحب الألحان في قلب عبد مؤمن لا يجتمعان؛ فلذا أصبحت قلوبنا أقسى من الحجارة، والسبب: أنها تعلقت بمزامير الشيطان.
وقد سئل الإمام أحمد عن الموسيقى والألحان فقال: لا يفعلها عندنا إلا الفساق، وقال شيخ الإسلام : أولئك هم المخنثون عندنا.
فأسألكم بالله العظيم: لو رأى الإمام أحمد وشيخ الإسلام الفيديو كليب اليوم ماذا سيقولان؟! ولو رأيا نساءنا يتمايلن بأجسادهن وشعورهن على الشاشات والقنوات، وأمم من البشر يسهرون حتى ساعات الليل الأخيرة على المعازف والألحان ماذا سيقولان؟!
ها هو الأقصى يلوك جراحه والمسلمون جموعهم آحاد
يا ويحنا ماذا أصاب رجالنا أو ما لنا سعد ولا مقداد
ومن أسلحته أيضاً: السحر والشعوذة، والكهنة والعرافين، فكم أضلوا وأفسدوا! وكم فرقوا ودمروا من بيوت! وكم فرقوا بين زوج وزوجة! وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ [البقرة:102].
ومن أعظم أسلحته التي تظهر قلة الحياء، وقلة الغيرة على الدين: النساء، وما أدراك ما النساء؟ فهن أعظم سلاح للشيطان، فإذا عجز الشيطان عن الرجل الصالح جاءه من باب النساء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما رأيت ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل منكن)، فاذهب إلى الأسواق وانظر إلى الكاسيات العاريات، ثم قل بكل صراحة: أين الآباء؟! وأين ولاة الأمور؟! وأين من استرعاهم الله الرعية؟! أين هم حتى يروا بناتهم وفتياتهم يتلاعب الذئاب بهن في كل مكان.
هذه أسلحة الشيطان التي يهاجمنا بها، ومن فضل الله علينا أن أعطانا أسلحة مضادة لهذه الأسلحة، ومن أعظمها قوله تعالى: وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ [الأعراف:200]، فالجأ إلى الله، واعتصم به، وتوكل عليه: (وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [آل عمران:101].
وقد جاء في الأثر أن الله يقول: (وعزتي وجلالي! ما اعتصم بي عبد من عبادي وكادته السماوات والأرض إلا جعلت له من بينها مخرجاً)، فمن اعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا استعنت فاستعن بالله، وإذا سألت فاسأل الله)، وقال يوسف عليه السلام حين هاجمته النساء من كل مكان قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ * فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [يوسف:33-34].
وقال الله للشيطان: إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ الحجر:42]، وقال: إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ [النحل:100] وهم الذين يقودهم كما يقود الرجل الشاة والبعير، وهكذا يفعل الشيطان بكثير من أوليائه.
ومن أعظم الأسلحة التي نرد بها كيد الشيطان: ذكر الله تعالى، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مثل الذي يذكر الله كمثل رجل فر من قوم ثم دخل إلى حصن فتحصن به)، فذكر الله تبارك وتعالى حصن للمسلم في صباحه ومسائه.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أنزلت علي اليوم سورتان ما رأيت أعظم منهما قدراً: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق:1] وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:1])، فكررها صباحاً ومساءً.
ثم إن من أعظم ما نستطيع أن نعتصم به عن الشيطان: معرفة أساليب الشيطان التي ذكرناها، ونتذكر حين يخطو بنا خطوة تلو الخطوة أن هذا من مكر الشيطان ومن أساليبه، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ [النور:21]، إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ [الأعراف:201].
وقد زين لقريش من قبل حتى دمرهم الله كما قال تعالى: وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ [الأنفال:48].
وسيخطب الشيطان في أهل النار خطبة عظيمة، ويخطب في الذين أضلهم فناموا عن الصلوات، واقترفوا المحرمات، وملئوا آذانهم بالأغاني والشهوات، وماتوا دون إعلان التوبة وإظهار المسكنة والاستغفار لله، وقد قال الله: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ * إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ [فاطر:5-6]، وقال الله: وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [إبراهيم:22].
فاتقوا الله -عباد الله- واتخذوا الشيطان عدواً كما قال الله تبارك وتعالى: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ، وهل من المعقول أن نصاحب الأعداء؟! وهل من المعقول أن نسمع كلام العدو؟! فاتقوا الله عباد الله! قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله.
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يعصمني وإياكم من الشيطان، وأن يجعلنا هداة مهتدين، لا ضالين ولا مضلين.
اللهم إنا نعوذ بك من همزات الشيطان، ونعوذ بك ربنا أن يحضرون.
اللهم احفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا، وعن أيماننا وعن شمائلنا، ونعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا.
اللهم اجعلنا من الذين هم على صلاتهم دائمون، ومن الذين هم على صلاتهم يحافظون، ومن الذين هم في صلاتهم خاشعون.
اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
اللهم احفظنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين!
اللهم انصر المجاهدين في سبيلك الذين يقاتلون من أجل إعلاء كلمة دينك، اللهم انصرهم في كل مكان، في فلسطين والشيشان، وفي العراق وأفغانستان، اللهم كن لهم عوناً وظهيراً ومؤيداً ونصيراً، وانصر من نصرهم، واخذل من خذلهم، وقوَّ عزائمهم، واربط على قلوبهم.
اللهم اكبت عدوك وعدونا من اليهود والنصارى والمنافقين يا عليم يا خبير يا قوي يا عزيز!
عباد الله! إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل:90]، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم.
استمع المزيد من الشيخ خالد الراشد - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
انها النار | 3543 استماع |
بر الوالدين | 3427 استماع |
أحوال العابدات | 3412 استماع |
يأجوج ومأجوج | 3349 استماع |
البداية والنهاية | 3336 استماع |
وقت وأخ وخمر وأخت | 3271 استماع |
أسمع وأفتح قلبك - ذكرى لمن كان له قلب | 3255 استماع |
أين دارك غداً | 3205 استماع |
هذا ما رأيت في رحلة الأحزان | 3099 استماع |
أين أنتن من هؤلاء؟ | 3097 استماع |