خطب ومحاضرات
السيرة النبوية لماذا وكيف تدرس؟
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين،وصلى الله وسلم وبارك على المبعوث رحمةً للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين.
أيها الإخوة الأفاضل! السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، وأكرمَ الله هذه الوجوه، وهي تحبس نفسها في بيت من بيوت الله! وأكرم بهذه القلوب وهي تجلس جلسة في ذات الله تعالى، وأسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم ممن يشملهم الله تعالى بعفوه ورحمته، وممن تظلهم الملائكة بأجنحتها، وممن يذكروا عند الله تعالى في الملأ الأعلى.
أيها الإخوة الأفاضل! وأقبل اعتذار الإخوة عن الخطأ في العنوان، وما كنت قد حددت "النبي العربي" وإنما حددت "النبي الأمي أحداث وعبر"، ولكنني إذ أقبل الاعتذار، فإنني أتيح لنفسي أن أغير العنوان مرة أخرى، فإذا كان الإخوة قد غيروا في العنوان، فإنني أتيح لنفسي مرة أخرى أن أغير العنوان، وعسى أن يكون في ذلك خير، وليكن عنواننا الجديد (السيرة النبوية لماذا وكيف تدرس؟).
وليس بخافٍ عليكم -معاشر الإخوة والأخوات- أن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم حرية بالدراسة والبيان، بل إن من العبادة أن يقرأ الإنسان سيرة النبي صلى الله عليه وسلم! بل ومن الحكمة والأناة ومن التعقل أن يفقه الإنسان في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، ذلكم لأنه يتعامل مع رجل أدبه ربه فأحسن أدبه، ويتعامل مع رجل هو صفوة الله تعالى من خلقه، يتعامل مع رجل أنقذ الله به الدنيا من دياجير الظلمات وفتح الله به أعيناً عمياً وآذاناً صماً وقلوباً غلفاً.
سمو رسالة المصطفى صلى الله عليه وسلم
وإذا كان ذلكم في سائر الأنبياء، فإن الأمر بالنسبة لمحمدٍ صلى الله عليه وسلم أولى وأحرى، لقد كان أتباع الأنبياء عليهم السلام أو على الأقل معظم أنبياء الله تعالى كان أتباعهم آحاداً! آحاداً من الناس ينقرضون بعد جيل أو جيلين، وما أن انتصف القرن السادس الميلادي -وهو الذي بُعِثَ فيه النبي صلى الله عليه وسلم- حتى كانت شقوة الجاهلية تلف العالم بأسره، وتسقيه كئوس الظلم والتخلف والوثنية، لقد أُطْفِئَتْ مشاعل التوحيد، وعمَّ الفساد إلى كل واد، ولجأ الحنيفيون الذين بقوا متمسكين بالحنيفية الإبراهيمية إلى الكهوف وإلى قمم الجبال، ليس لشيء إلا فراراً بدينهم، واستبقاءً على ما بقي لديهم من حنيفية يستضيئون بنورها ويتعبدون على منوالها.
حالة الناس في القرن السادس
النبوة اختيار واصطفاء
لقد كان الناس قبل بعثته عليه الصلاة والسلام يعيشون في جاهلية جهلاء وضلالة عمياء، وكان أكثر الأنبياء في أقوامهم كرؤيا جميلة في نوم طال أمده، أو كومضة برق في ليل حالك ظلامه.
وإذا كان ذلكم في سائر الأنبياء، فإن الأمر بالنسبة لمحمدٍ صلى الله عليه وسلم أولى وأحرى، لقد كان أتباع الأنبياء عليهم السلام أو على الأقل معظم أنبياء الله تعالى كان أتباعهم آحاداً! آحاداً من الناس ينقرضون بعد جيل أو جيلين، وما أن انتصف القرن السادس الميلادي -وهو الذي بُعِثَ فيه النبي صلى الله عليه وسلم- حتى كانت شقوة الجاهلية تلف العالم بأسره، وتسقيه كئوس الظلم والتخلف والوثنية، لقد أُطْفِئَتْ مشاعل التوحيد، وعمَّ الفساد إلى كل واد، ولجأ الحنيفيون الذين بقوا متمسكين بالحنيفية الإبراهيمية إلى الكهوف وإلى قمم الجبال، ليس لشيء إلا فراراً بدينهم، واستبقاءً على ما بقي لديهم من حنيفية يستضيئون بنورها ويتعبدون على منوالها.
لقد تفنن الناس في هذا القرن -أعني القرن السادس وبالذات في منتصفه- في صناعة الأصنام والأوثان، واتخذوها آلهة تعبد من دون الله، وكانت الأمم الكبيرة تستعمر الشعوب الصغيرة وتستذلها، بل كان القوي بشكل عام يستعبد الضعيف ويستغله، وإزاء هذا وذاك كان الكون أحوج ما يكون إلى رسالة تنير دياجير الظلمة، تنير دياجير هذا الكون، وتبدد حوالك الظلمة وكانت بعثة النبي صلى الله عليه وسلم هي السراج الوضاء الذي أنار لهذا الكون كله.
يطيب لنا -معاشر الإخوة- ونحن نتحدث عن سيرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، أن نشير إلى أن النبوة بشكل عام -سواء أكانت في شخص محمد صلى الله عليه وسلم أو في شخص غيره من أنبياء الله ورسله- أنما هي اصطفاء واختيار إلهي، وليست رغبة بشرية اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ [الأنعام:124] اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ [الحج:75] إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ [آل عمران:33] إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي [الأعراف:144] إذاً الرسالة والنبوة اصطفاء واختيار ليس غير ذلك، والله أعلم حيث يجعل رسالته.
والرسل بشكل عام أدبهم ربهم فأحسن أدبهم، ولذا تختلف حياتهم عن حياة الآخرين من غيرهم، في فكرهم وفي سلوكياتهم وفي تعاملهم إلا من نهج منهجهم، والأنبياء بشكل عام -معاشر الإخوة- لهم خصائص تميزهم، وحين شاء الله تعالى أن يكونوا من جنس البشر فقد اصطفاهم كما أسلفت واختارهم، فهم ليسوا ملائكة من السماء، وقد اقتضت حكمة الله تعالى ذلك؛ لأن الذين أرسل الأنبياء إليهم بشر، ولو أنـزل الله تعالى ملائكة لهؤلاء البشر لصعب التفاهم بينهم، ولربما كان هناك عذر لمن لم يلتزم سبيلهم، وهو أنه لا طاقة له بهم لاختلاف سلوكياتهم، ولكن اقتضت حكمة الله أن يكون الأنبياء والمرسلون بشراً من الناس.
اختصاص الأنبياء بالوحي
اختصاص الأنبياء بالعصمة
اختصاص الأنبياء بيقظة القلوب
اختصاص الأنبياء بالتخيير بين الموت والبقاء
اختصاص الأنبياء بالحياة في القبور وأن الأرض لا تأكل أجسادهم
ومن خصائص الأنبياء أنهم يقبرون حيث يموتون، فلا يقبر نبي إلا في الموضع الذي مات فيه، وفي الحديث الصحيح: {لم يقبر نبي إلا حيث يموت} كما روى ذلك أحمد في مسنده بإسناد صحيح، ولهذا فإن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم دفنوا الرسول صلى الله عليه وسلم في حجرة عائشة رضي الله عنها، حيث قبضت روحه فيها.
هذه أبرز الخصائص التي تميز الأنبياء والمرسلين، أو التي ميز الله بها الأنبياء والمرسلين عن غيرهم.
خصائص أخرى للأنبياء
وهم ذكور أحرار، فلم يكن في الأنبياء عليهم السلام امرأة كما قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ [الأنبياء:7] ولم يكن فيهم كذلك عبد أو رقيق.
وهم بالجملة أحسن الناس خُلُقاً وأطهرهم قلوباً وأكثرهم صبراً، وما بالهم لا يكونون كذلك؟! وقد أدبهم ربهم فأحسن أدبهم، ورعاهم فأحسن رعايتهم، وتولاهم وحفظهم.
الأنبياء ببشريتهم مميزون وبأشخاصهم مختصون، فهم أولاً مختصون بوحي السماء؛ فمنهم من كلمه الله تعالى مباشرة أو من وراء الحجاب، ومنهم من أرسل إليه ملائكة بالوحي، كما قال تعالى وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ [الشورى:51].
استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
أحاديث موضوعة متداولة | 5137 استماع |
حديث الهجرة | 5016 استماع |
تلك الرسل | 4156 استماع |
الصومال الجريح | 4147 استماع |
مصير المترفين | 4124 استماع |
تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة | 4053 استماع |
وقفات مع سورة ق | 3978 استماع |
مقياس الربح والخسارة | 3931 استماع |
نظرة في مستقبل الدعوة الإسلامية | 3873 استماع |
العالم الشرعي بين الواقع والمثال | 3834 استماع |