أرشيف المقالات

جمع الصلاة في المطر لمن بينه وبين المسجد سقف أو نحوه

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
جمع الصلاة في المطر
لمن بينه وبين المسجد سقف أو نحوه


الجمع لمن يصلي في المسجد، إلا أنه جار المسجد أو بين بيته وبين المسجد ما يداري به نفسه من المطر كسقف أو نحوه، في المسألة قولان:
القول الأول:
قول المالكية وقول عند الحنابلة، يجوز الجمع لمن يصلي في المسجد، سواء أكان قريبًا من المسجد أم بعيدًا؛ فالرخصة عامة إذا جمعوا؛ فهي للقريب والبعيد، فلا يصح أن ينفرد بعضهم؛ لِما في ذلك من تفريق الجماعة.
 
قال الإمام ابن رشد القرطبي المالكي في كتابه البيان والتحصيل:
(سئل الإمام مالك - رحمه الله - عن القوم يكون بعضهم قريب المنزل من المسجد إذا خرج منه دخل إلى المسجد من ساعته، وإذا خرج من المسجد إلى منزله مثل ذلك، يدخل منزله مكانه، ومنهم البعيد المنزل عن المسجد، أترى يجمعون بين الصلاتين كلهم في المطر؟ فقال: ما رأيت الناس إذا جمعوا إلا القريب والبعيد، فهم سواء يجمعون، قيل: ماذا؟ فقال: إذا جمعوا جمع القريب منهم والبعيد).
 
وقال الإمام ابن قدامة المقدسي الحنبلي:
(هل يجوز الجمع لمنفرد أو من كان طريقه إلى المسجد في ظلال يمنع وصول المطر إليه، أو من كان مقامه في المسجد؟ على وجهين: أحدهما الجواز؛ لأن العذر إذا وجد استوى فيه حالُ وجود المشقة وعدمها؛ كالسفر، ولأن الحاجة العامة إذا وجدت أثبتت الحكم في حق من ليست له حاجة...
ولأنه قد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في المطر، وليس بين حجرته والمسجد شيء...)
.
 
القول الثاني:
قول الشافعية وقول ثانٍ عند الحنابلة: الجمع يكون لمن يصلي جماعة في المسجد يتأذى بالمطر في طريقه، فلا يجوز الجمع لمن كان المسجد قريبًا من محله، أو وجد كِنًّا يسير إلى المسجد فيه، إلا الإمام الراتب، فله أن يجمع بالمأمومين وإن لم يتأذَّ بالمطر؛ مصلحة للجماعة.
 
قال الإمام النووي الشافعي في ذلك: (ثم هذه الرخصة لمن يصلي جماعة في مسجد يأتيه من بُعد ويتأذى بالمطر في إتيانه، فأما من يصلي في بيته منفردًا أو في جماعة أو مشى إلى المسجد في كنٍّ - أي ظلال - أو كان المسجد في باب داره، أو صلى النساء في بيوتهن جماعة، أو حضر جميع الرجال في المسجد وصلَّوا أفرادًا، فلا يجوز الجمع على الأصح).
 
وقال الإمام ابن قدامة المقدسي الحنبلي: (هل يجوز الجمع لمنفرد أو من كان طريقه إلى المسجد في ظلال يمنع وصول المطر إليه، أو من كان مقامه في المسجد؟ على وجهين:...
والثاني: المنع؛ لأن الجمع لأجل المشقة، فتختص بمن تلحقه المشقة دون من لا تلحقه؛ كالرخصة في التخلف عن الجمعة والجماعة، يختص بمن تلحقه المشقة دون من لا تلحقه، كمن في الجامع والقريب منه)
.
 
ويرجح الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - القول الأول في كتابه الشرح الممتع فيقول: (والراجح أنه يجوز أن يجمع ولو كان طريقه إلى المسجد تحت ساباط (أي سقف مثلًا)؛ لأنه يستفيد الصلاة مع الجماعة).
 
ملاحظة: بعض الناس يجمعون مع الإمام في الشتاء ويبقون جالسين في المسجد، ويجتمع المصلون الذين لم يجمعوا مع الإمام الراتب ويصلون جماعة، وهم جلوس يتحدثون، ولا يقومون لصلاة الجماعة معهم، ولئن سألتهم: لم لا تصلون؟ قالوا: جمعنا مع الإمام! وهذا الصنف من المصلين يقع في ثلاثة أخطاء، الأول: التشويش على المصلين، والثاني: عدم الانصراف من المسجد بعد انتهاء الجمع بين الصلاتين، والثالث: تركهم الصلاة جماعة، والأولى في حقهم عدم الجمع إن كانوا يعلمون بأنهم باقون في المسجد؛ لعدم المشقة، ولما نص عليه المجيزون للجمع بأن تركه أفضل.
 
وإن جمعوا مثلًا صلاتي المغرب والعشاء تقديمًا وتبين لهم بعد الجمع وجود حاجة أو أمر يبقيهم في المسجد إلى دخول وقت صلاة العشاء، فالأفضل أن يصلوا صلاة العشاء نافلة ولا يبقوا جالسين في منتهى المسجد والصلاة قائمة؛ عن يزيد بن الأسود - رضي الله عنه - قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حَجَّته، فشهدت معه صلاة الصبح في مسجد الخيف، فلما قضى الصلاة، إذا هو برجلين في آخر الناس، لم يشهدا معه الصلاة، قال: علَيَّ بالرجلين، فأتي بهما ترعد فرائصهما، فقال: ((ما منعكما أن تصليا معنا؟))، قالا: يا رسول الله، إنا صلينا في رحالنا، قال: ((إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة، فصلِّيا معهم؛ فإنها لكم نافلة))؛ (رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح)، معنى: (ترعد فرائصهما)؛ أي: يرتجفان من الخوف؛ إجلالًا للنبي صلى الله عليه وسلم.

شارك الخبر


Warning: Undefined array key "codAds" in /home/islamarchive/public_html/templates_c/24203bf677d3c29484b08d86c97a829db7a16886_0.file.footer.tpl.php on line 33

Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchive/public_html/templates_c/24203bf677d3c29484b08d86c97a829db7a16886_0.file.footer.tpl.php on line 33
مشكاة أسفل ٢