الصفحة 9 من 33

وهذا اللفظ أدق من اللفظ الذي سقناه قبل؛ لأن كلمة"الكيف غير معقول"تدل على أنه إذا انتفى عنه الدليلان النقلي و العقلي فإنه لا يمكن التكلم به.

هذه الصفة من صفات الله تعالى لم يردْ اسمٌ من أسماء الله مُشتقٌ منها , فلم يرد من أسمائه (المستوي) [1] ولكننا نقول: إنه استوى على العرش. ونؤمن بهذه الصفة على الوجه اللائق به.

و نعلم أن معنى الاستواء هو العلو، فهو علو خاص بالعرش، ليس العلو المطلق على جميع المخلوقات، بل هو علو خاص، و لهذا نقول في قوله تعالى ( ... ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ... ) (الأعراف 54) أي: علا و اسْتقر على وجه يليق بجلالةِ وعظمتِه. وليس كاستواء الإنسان على البعير و الكرسي مثلا؛ لأن الاستواء على البعير و الكرسي استواء مُفتقر إلى مكانه الذي يستوي عليه، أما استواءُ الله جل ذكره فإنه ليس استواء مفتقرٍ، بل إن الله تبارك و تعالى غني عن كل شيء، كل شيء مفتقرٌ إلى الله، والله تبارك و تعالى غنيٌّ عنه [2] .

(1) - ومن أمثلة ذلك: أن من صفات الله تعالى (المجيء , والإتيان , والأخذ , والإمساك , والبطش) إلى غير ذلك من الصفات التي لا تحصى , كمال قال تعالى (وجآء ربك) (الفجر 22) , وقال (هل ينظرون إلآ أن يأتيهم الله في ظللٍ من الغَمام) (البقرة 210) , وقال (فأخذهمُ اللهُ بذُنوبِهِم) (آل عمران 11) , وقال (وَيُمسك السمآء أن تقع على الأرضِ إلا بإذنه) (الحج 65) , وقال (إن بطش ربك ربِك لشديد) (البروج 12) , وقال (يُريدُ اللهُ بِكمُ اليُسر ولا يُريُد بِكُم العُسرَ) (البقرة 185) , وقال النبي صلى الله عليه وسلم (ينزل ربنا إلى السماء الدنيا) (متفق عليه) , فنصفُ الله تعالى بهذه الصفات على الوجه الوارد ولا نسميه بها , فلا تقول: إن من أسمائه: الجائي , والآتي , والآخذ , والماسك والباطش والمريد والنازل ونحو ذلك , وإن كنا نخبر بذلك عنه ونصفه به. أ هـ القواعد المثلى ص 21 , والتتمة في سؤال وجواب في العقيدة للشيخ الألباني رحمه الله.

(2) - ثم قد عُلمَ أن الله تعالى خلق العالمَ بعضه فوق بعض , ولم يجعل عاليه مفتقراً إلى سافله , فالهواء فوق الأرض وليس مفتقراً إلى أن تجمله الأرض , والسحاب -أيضاً- فوق الأرض وليس مفتقراً إلى أن تحمله , والسماوات فوق الأرض وليست مفتقرة إلى حمل الأرض لها , فالعلي الأعلى رب كل شيء ومليكه إذا كان فوق جميع خلقه: كيف يجب أن يكون محتاجاً إلى خلقه أو عرشه؟! أو كيف يستلزم علوه على خلقه هذا الافتقار وهو ليس بمستلزم في المخلوقات؟! وقد علم أن ثبت لمخلوق من الغنى عن غيره فالخالق سبحانه وتعالى أحق وأولى به!!! أهـ. (التدميرةص 55 - 56)

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام