الإيمان حقيقته عند أهل السنة والجماعة هو: (اعتقاد القلب , وقول اللسان , وعمل الجوارح) ويستدلون لقولهم هذا بقول النبي صلى الله عليه وسلم (إن الإيمان بضعٌ وسبعون شعبةً , أعلاها قول - لا إله إلا الله - وأدناها -إماطة الأذى عن الطريق. والحياء شُعبة مِنَ الإيمان) [1] . فالقول: قول (لا إله إلا الله) , وعمل الجوارح وعمل القلب (الحياء) (وإماطة الأذى عن الطريق) . أما عقيدة القلب فقوله صلى الله عليه وسلم (الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورُسلهِ , واليوم الآخر , والقدر خيرهِ وشرهِ) [2]
وهم أيضاً يقولون: إن الإيمان يزيد وينقص , فالقرآن قد دل على زيادته , والضرورة العقلية تقتضي أن كل ما ثبت أن يزيد فهو ينقص , إذ لا تُعقلُ الزيادة بدون نقص (ويزداد الذين ءامنوا إيماناً) (المدثر 31) , (فأما الذين ءامنوا فزادتهم إيماناً) (التوبة 124) , ولاشك في ذلك ومتى قلنا: إن الإيمان قول وعمل , فإنه لا شك أن الأقوال تختلف , فليس من قال (سبحان الله والحمد لله , والله أكبر) مرةً كمن قالها أكثر! وكذلك أيضاً نقول: أن الإيمان الذي هو عقيدة القلب يختلفُ قوةً وضعفاً , وقد قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام (رب أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي) (البقرة 260) , فإنه ليس الخبر كالمعاينة والمشاهدة [3]
رجلٌ أُخبر بخبر , أخبره رجلٌ واحدٌ , حصل عنده شيءٌ من هذا الخبر , فإذا جاء ثانٍ ازداد قوةً فيه , وإذا جاءه الثالث , ازداد قوةً , وهلم.
(1) - ولشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله مصنف في ذلك ضمن مجموع الفتاوى , ومطبوع مستقلاً بتحقيق الشيخ الألباني رحمه الله فلينظر , فإنه هام في بابه. وانظر أيضاً (شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز ص 373 , وفتح الباري لابن حجر 1/ 62.
(2) - متفقٌ عليه. أخرجه البخاري في صحيحه (كتاب الإيمان , باب أمور الإيمان رقم 9) ومسلم في صحيحه (كتاب الإيمان ,بيان عدد شعب الإيمان رقم 35) واللفظ له , ولفظ البخاري (بضع وستون شعبة , والحياء شعبة من شعب الإيمان) .
(3) - هذا جزء من حَديثٍ صَحيحٍ أخرجه أحمد في المسند 1/ 215 - 271 , وابن أبي حاتم في تفسيره رقم 8998 , والطبراني في المعجم الكبير رقم 12451 , وفي المعجم الأوسط رقم 25 , وابن عدي في الكامل 7/ 2569 , وأبو الشيخ في الأمثال رقم 5 , وابن حبان في صحيحه رقم 6213 - 2614 , وعبد بن حميد , وابن مردويه كما في الدرر المنثور 3/ 564 , والحاكم في المستدرك 2/ 321 - 380 , والبزار في مسنده رقم 200 , والخطيب في تاريخ بغداد 6/ 56 , وغيرهم من طريق أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعاً (ليس الخبر كالمعاينة)
قال الحاكم (حديث صحيح على شرط الشيخين) . ووافقه الذهبي , وهو كما قالا. وفي الباب عن انس , وأبي هريرة رضي الله عنهما