يَرى أهل السنة والجماعة أن المجتمع الإسلامي لا يكمل صلاحه إلا إذا تمشى مع ما شرعه الله سبحانه وتعالى له، ولهذا يرون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمعروف: كل ما عرفه الشرع وأقره، والمنكر: كل ما أنكره الشرع وحرمه. فهم يرون أن المجتمع الإسلامي لا يصلُح إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر [1] لأننا لو فقدنا هذا المقوم لحصل التفرق، كما يشير إليه قول الله عز وجل (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر ن وألئك هم المفلحون , ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم) (آل عمران 104 - 105)
وهذا المقوم وللأسف في هذا الوقت ضاع أو كاد؛ لأنك لا تجد شخصاً يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر حتى في المحيط القليل المحصور إلا ما ندر. وإذا تُرك الناس هكذا، كل إنسان يعمل ما يريد؛ تفرق الناس. ولكن إذا تآمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر؛ صاروا أمة واحدة.
ولكن لا يلزم إذا رأيت أمراً معروفاً أن يكون عند غيرك! إلا في شيء لا مجال للاجتهاد فيه [2] ؛ إنما ما للاجتهاد فيه مجال فقد أرى أن هذا من المعروف ويرى الآخر أنه ليس منه. وحينئذ يكون المرجع في ذلك كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ( ... فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ... ) (النساء 59) ولكن طريقة أهل السنة والجماعة في هذا الباب العظيم الذي فضلت فيه هذه الأمة على غيرها أنهم يرون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من مقومات المجتمع الإسلامي، ولكنه يحتاج إلى أمور:
(1) - قال الإمام ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين 3/ 123 (ومن تأمل الرسل مع أممهم وجدهم كانوا قائمين بالإنكار عليهم أشد قيام , حتى لقوا الله تعالى , وأوصوا من آمن بهم بالإنكار على من خالفهم , وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن المتخلص من مقامات الإنكار الثلاثة ليس معه من الإيمان حبة خردل وبالغ في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أشد المبالغة حتى قال(إن الناس إذا تركوه أوشْكَ أن يَعُمهم الله بعقابٍ من عنده) (رواه احمد وابي داود , والترمذي وابن ماجه وهو في الصحيحة رقم 1564) . وأخبر أن تركه يمنع إجابة دعاء الأخيار , ويوجب تسلط الاشرار , وأخبر أن تركه يوقع في المخالفة بين القلوب والوجوع, ويُحلُّ , لعنة الله كما لعن بني اسرائيل على تركه)
(2) - هذا كلام قويٌّ متينُ من إمام نحرير , ينبغي التنبه له , فعُض عليه بالنواجز , وانتبه لما ذكره الشيخ رحمه