الصفحة 12 من 33

ثانيا: طريقة أهل السنة والجماعة في عبادة الله

أما كونهم يعبدون الله لله؛ فمعنى ذلك الإخلاص، يخلصون لله عز وجل، لا يريدون بعبادتهم إلا ربهم، لا يتقربون إلى أحد سواه، إنما ( ... يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَه ... ) (الإسراء 57) ، ما يعبدون الله لان فلاناً يراهم، وما يعبدون الله لانهم يعظمون بين الناس، ولا يعبدون الله لانهم يُلقبون بَلَقب العابد! لكن يعبدون الله لله.

و أما كونهم يعبدون الله بالله؛ أي: مستعينين به، لا يمكن أن يفخروا بأنفسهم، أو أن يروا انهم مُستقلون بعبادتهم عن الله، بل هم محققون لقول الله تعالى (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) (الفاتحة 5) . (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) يبعدون الله لله، (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) يعبدون الله بالله. فستعينونه على عبادته تبارك وتعالى.

و أما كونهم يعبدون الله في الله؛ في دين الله، في الدين الذي شرعته على السنة رسله، وهم وأهل السنة والجماعة في هذه الأمة يعبدون الله بما شرعه على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، لا يزيدون فيه ولا ينقصون منه، فهم يعبدون الله في الله في شريعته في دينه لا يخرجون عنه لا زيادة ولا نقصانا، لذلك كانت عبادتهم هي العبادة الحَقةَ السالمةَ من شوائب الشرك والبدع؛ لأن من قصد غير الله بعبادته فقد أشرك به، ومن تَعبدَ الله بغير شريعته فقد ابتدع في دينه، والله سبحانه وتعالى يقول (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) (البينه 5) .

فعبادتهم لله في دين الله لا يبتدعون ما تستحسنه أهواؤهم [1] لا أقول: ما تستحسنه عقولهم؛ لأن العقول الصحيحة لا تستحسن الخروج عن شريعة الله؛ لأن لزوم شريعة الله مقتضى العقل الصريح، ولهذا كان الله سبحانه وتعالى ينعي على المكذبين لرسوله عقولهم ويقول (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ) (العنكبوت 63) .

(1) - في المطبوع (تستحسنهم أهوائهم) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام