و لهذا قال الأمام مالك رحمه الله تعالى - و قد سؤال عن قوله تعالى (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) (طه 5) , كيف استوى؟ فقال"الاستواء معلوم، و الكيف مجهول، و الإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة". هذا هو اللفظ المشهور عنه و اللفظ الذي نقل عنه بالسند قال"الاستواء غير مجهول، و الكيف غير معقول، و الإيمان به واجب، و السؤال عنه بدعة" [1] .
(1) - أثرٌ صحيح: أجرجه اللالكائي في شرح أصول الاعتقاد 2 - 398 , والدرامي في الرد على الجهمية ص 33, والبهقي في الأسماء والصفات 2/ 150 - 151 , والاعتقاد ص 56 , وأبوعثمان الصابوني في عقيدة السلف ص 17 - 19 , وأبونعيم في الحلية 6/ 325 - 326 , وابن عبدالبر في التمهيد 7/ 151 , والذهبي في العلوص 103 - 104 , وفي السير 8/ 89 - 90 - 95 , من طرق عنه.
وقال الذهبي: (هذا إثبات عن مالك , وتقدم نحوه عن ربيعة شيخ مالك , وهو قول أهل السنة قاطبة)
وقال ابن حجر في الفتح 13/ 407 (وأخرجه البيهقي بسند جيد عن عبدالله بن وهب ... )
قلت: وذكر هذا الأثر البغوي غي شرح السنة 1/ 171 , وابن قدامة في العلو ص 119/رقم 104 , والسيوطي في الدرر المنثور 3/ 473 , وانظر مختصر العلو ص 141 - 142 لشيخنا الألباني رحمه الله.
وقوله (الاستواء معلوم) أي: معلوم المعنى في اللغة العربية التي نزل بها القرآن , وله معان بحسب إطلاقه وتقييده بالحرف , وهو هنا: علو الله تعالى على عرشه علواً خاصاً يليق به , وليس هو العلو المطلق على سائر المخلوقات.
وقوله (والكيف مجهول) أو (الكيف عير معقول) أي: الاستواء غير مدركة للعقل , فله كيفية مجهولة لنا , لأن الله تعالى أعظم وأجل من أن تدرك العقول كيفية صفاته.
وقوله (والإيمان به واجب) أي: الإيمان باستواء الله تعالى على عرشه على هذا الوجه واجب , لوروده في الكتاب والسنة.
وقوله (والسؤال عنه بدعة) أي: السؤال عن الكيف بدعة , لأنه لم يعرف في عهد النبي صلى الله عليه وسلم , ولا أصحابه , وهو من الأمور الدينية , فكان إيراده بدعة وتنطع أيضاً.
وانظر تقريب التدمريةص 40 - 41 , وشرح لمعة الاعتقاد ص 35.