فهرس الكتاب
الصفحة 5 من 64

ثم تركه وخرج .. فلما أظلم الليل .. أقبل أبناؤه إلى مناف ..

فحملوه وألقوه في حفرة فيها أقذار وجيف ..

فلما أصبح عمرو دخل إلى صنمه لتحيته فلم يجده ..

فصاح بأعلى صوته: ويلكم!! من عدا على إلهنا الليلة .. فسكت أهله ..

ففزع .. واضطرب .. وخرج يبحث عنه .. فوجده منكساً على رأسه في الحفرة .. فأخرجه وطيبه وأعاده لمكانه ..

وقال له: أما والله يا مناف لو علمتُ من فعل هذا لأخزيته ..

فلما كانت الليلة الثانية أقبل أبناؤه إلى الصنم .. فحملوه وألقوه في تلك الحفرة المنتنة ..

فلما أصبح الشيخ التمس صنمه .. فلم يجده في مكانه ..

فغضب وهدد وتوعد .. ثم أخرجه من تلك الحفرة فغسله وطيبه ..

ثم ما زال الفتية يفعلون ذلك بالصنم كل ليلة وهو يخرجه كل صباح فلما ضاق بالأمر ذرعاً راح إليه قبل منامه وقال: ويحك يا مناف إن العنز لتمنع أُسْتَها ..

ثم علق في رأس الصنم سيفاً وقال: ادفع عدوك عن نفسك ..

فلما جَنَّ الليلُ حمل الفتيةُ الصنم وربطوه بكلب ميت وألقوه في بئر يجتمع فيها النتن .. فلما أصبح الشيخ بحث عن مناف فلما رآه على هذا الحال في البئر قال:

ورب يبول الثعلبان برأسه *** لقد خاب من بالت عليه الثعالب

ثم دخل في دين الله .. وما زال يسابق الصالحين في ميادين الدين ..

وانظر إليه .. لما أراد المسلمون الخروج إلى معركة بدر .. منعه أبناؤه لكبر سنه .. وشدة عرجه .. فأصر على الخروج للجهاد .. فاستعانوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره بالبقاء في المدينة .. فبقي فيها ..

فلما كانت غزوة أحُد .. أراد عمرو الخروج للجهاد .. فمنعه أبناؤه .. فلما أكثروا عليه .. ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم .. يدافع عبرته .. ويقول: (يا رسول الله إن بنيّ يريدون أن يحبسوني عن الخروج معك إلى الجهاد ..

قال: إن الله قد عذرك ..

فقال .. يا رسول الله .. والله إني لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه في الجنة ..

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام