فهرس الكتاب
  • 📄1
  • 📄2
  • 📄3
  • 📄4
  • 📄5
  • 📄6
الصفحة 122 من 174

إذًا الظاهر داخلٌ في مسمى الإيمان، واضح؟ الظاهر العمل الظاهر الذي عبر الله عز وجل عنه بقوله: {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} سواء كانت زكاة أو صدقة تطوع المتصف بما ذُكر من الأعمال الباطنة والظاهرة حينئذٍ {هُمُ الْمُؤْمِنُونَ} وجاء حديث قوله - صلى الله عليه وسلم - ( «لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة» ) يعني متصفة بالإيمان، ومن اتصف بالإيمان لا بد وأنه اجتمع فيه نوعا العمل الباطن والظاهر، وهنا أُطلق لفظ الإيمان قال: «نفس مؤمنة» ولم يذكر مسلمة، فدل ذلك على أن الإسلام داخل في مفهوم الإيمان إذا أطلق والإسلام المراد به هو العمل الظاهر، وفسره النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك كله يعني الأمور الباطنة والأمور الظاهرة في حديث وفد عبد القيس وهذا حديث ارتكز عليه أهل السنة والجماعة في الرد على أهل البدعة، في حديث وفد عبد القيس في الصحيحين فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ( «آمركم بالإيمان بالله وحده» ) هنا لم يذكر الإسلام وإنما ذكر الإيمان، ثم سألهم عن الإيمان «أتدرون ما الإيمان بالله وحده» ؟ يعني ما تعرف الإيمان في حقيقة شرعية قالوا: الله ورسوله أعلم. سألهم عن ماذا؟ عن تعريف الإيمان وقد أطلقه أولاً قال: ( «آمركم بالإيمان بالله وحده» ) ثم قال عليه الصلاة والسلام سائلاً لهم شارحًا لهم مبينًا لهم هذا الحكم العظيم كما بين لهم أحكام الاستنجاء والاستجمار قال: «أتدرون ما الإيمان بالله وحده» ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم فقال عليه الصلاة والسلام: ( «شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وأن تؤدوا من المغنم الخمس» ) هذا تفسيرٌ بالعمل الظاهر لمسمّى الإيمان، قال: «أتدرون ما الإيمان بالله وحده» ؟ ثم ذكر الشهادتين وأركان الإسلام، فعرَّفه بماذا؟ بالشهادتين وأركان الإسلام، وأدخل فيه «وأن تؤدوا من المغنم الخمس» ولا شك أن هذا الأخير ليس من أركان الإسلام وإنما هو عمل ظاهر وهو داخل في مسمى الإيمان. قال ابن القيم رحمه الله تعالى معلقًا على فوائد هذا الحديث في زاد المعاد قال رحمه الله تعالى: فيه - أي في حديث وفد عبد القيس - أن الإيمان بالله هو مجموع هذه الخصال من القول والعمل لأنه قال: ( «شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله» ) هذه قول وهي متضمنة لاعتقاد، وذكر بعد ذلك الأعمال إقام الصلاة وإيتاء الزكاة .. إلى آخره أن الإيمان بالله هو مجموع هذه الخصال من القول والعمل كما علم ذلك أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتابعون وتابعوهم، وعلى ذلك ما يقارب من مائة دليل من الكتاب والسنة، بل هذا أمر متواتر معلوم من الدين بالضرورة وما وقع فيه المتأخرون من النزاع لا يرجع إلى الدليل فيخفي دلالته إنما هو باقٍ على أصله وهو مقطوع به من حيث الثبوت ومن حيث الدلالة، ولذلك لم يختلفوا.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام