مثال الأول وهو أن يطلق على الإفراد غير مقترنٍ بذكر الإسلام قوله جل وعلا: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً} [الأنفال: 2 - 4] قال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ} هذا حصر أي المؤمنون هم المتصفون بما ذُكِر ومن عداهم لا يتصف بما ذُكر، فثَمَّ طرفان متقابلان مؤمن، ليس بمؤمن، ولا شك أن الذي يقابل الإيمان هو الكفر، الكفر هو نقيض الإيمان تعريفه أنه نقيض الإيمان، فإذا عرف الإيمان حينئذٍ عرف الكفر وهنا الله عز وجل قال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ} أي ما المؤمنون إلا من اتصف بما ذُكِر لأن إنما هذه من صيغ الحصر بمعنى أنها تفيد إثبات الحكم في المذكور ونفيه عما عداه {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ} قال: {الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} هذا عمل قلبي باطن {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً} زيادة الإيمان هذا عمل قلبي باطن {وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} هذا عمل قلبي باطن فذكر ثلاثة أفعال إنما هي للأمور الباطنة {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} هذان عملان ظاهران فجمع في مسمّى المؤمنين هنا من اتصف بثلاثة أفعال من الأمور الباطنة وبفعلين من الأمور الظاهرة، حينئذٍ شمل النوعين العمل الباطن والعمل الظاهر. إذًا يدخل في مسمى الإيمان إذا أطلق العملان الباطن والظاهر، ثم أكد ذلك المعنى {أُوْلَئِكَ} أي الموصفون بما ذُكر من الأعمال الباطلة والظاهرة {هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} هذا نصٌ واضحٌ بين لا يمتري فيه اثنان عاقلان ممن عرفا لغة العرب أن إنما هنا للحصر وأن المراد بهذه الآية إثبات وصف الإيمان لمن اتصف بما ذُكر، والذي ذُكر مشتمل على نوعين من الأعمال منها ما هو باطن ومنها ما هو ظاهر.