يسلك الفلاسفة في طريقتهم أقيسة عديدة كلها لا تليق بحق الله تعالى مثل قياس التمثيل والاستقراء والشمول، لأن القياس التمثيلي الذي يستدل فيه بأحد الجزأين على الآخر، والقياس الاستقرائي الذي يستدل فيه الجزئي على الكلي والقياس الشمولي الذي يستدل فيه بالكلي على الجزئي، كلها لا تدل إلا على قدر مشترك ولا تدل على شيء معين، والله تعالى لا يجوز أن يدخل هو وغيره تحت قضية كلية تستوي أفرادها أو يستوي فيها الأصل والفرع، لذلك كانت هذه الأقيسة المستعملة أضعف الطرق لأنها لا تثبت إلا وجودًا واجبًا بقضايا كلية لا تدل على الله بعينه، إذ إن الكلي لا يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه، والعلم بالصانع ليس موقوفًا على هذه الأقيسة بل بالآيات الدالة على معين لا شركة فيه1.
وقد اعترف كثير من الفلاسفة بأنهم لا يصلون
في العلم الإلهي إلى اليقين وإنما يتكلمون فيه بالأولى والأحرى، فكان هذا الاعتراف شهادة على أنفسهم أن طريقتهم لا تفيد علمًا ولا تقيم دليلًا على واجب الوجود، وقد اعترف الرازي بعد
1 انظر الفتاوى 3/97 و9/139 - 142 وص135 والرد على المنطقيين ص138- 159 وموافقة صحيح المنقول لصريح المعقول 1/14 وتلبيس الجهمية 2/474.