سبق أن تكلمنا في الفصل السابق عن الأدلة الكونية التي نبه إليها القرآن الكريم في تقريره لعقيدة التوحيد، ونتحدث في هذا الفصل عن تقرير القرآن للتوحيد بضرب الأمثال.
والأمثال مفردها مثل وهو الشيء الذي يضرب لشيء مثلًا فيجعل مثله, أو هو ما يضرب به من الأمثال، وقد يكون المثل هو الصفة كما في قوله تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُون} 1: أي صفتها2.
ولقد ضرب الله سبحانه وتعالى للناس في هذا القرآن من كل مثل؛ لأن ضرب الأمثال فيه فوائد كثيرة كالتذكير والوعظ والحث والزجر والتقرير وتقريب المراد للعقل وتصويره بصورة المحسوس وتشبيه الخفي بالجلي، فلضرب الأمثال واستحضار العلماء النظائر شأن ليس بالخفي في إبراز الخفيات والحقائق حتى يرى المتخيل في صورة المتحقق والمتوهم في معرض المتيقن والغائب كأنه مشاهد3.
يقول ابن القيم رحمه الله تعالى:"فإن النفس تأنس بالنظائر والأشباه الأنس"
1 سورة محمد آية 15.
2 انظر لسان العرب 11/611.
3 انظر الإتقان للسيوطي 2/131 والبرهان للزركشي 1/486.