""""صفحة رقم 61""""
حيث نصب المبتدع نفسه نصب المستدرك على الشريعة لا نصب المكتفى بما حد له
والثاني أن كل بدعة - وإن قلت - تشريع زائد أو ناقص أو تغيير للأصل الصحيح وكل ذلك قد يكون على الانفراد وقد يكون ملحقا بما هو مشروع فيكون قادحا في المشروع
ولو فعل أحد مثل هذا في نفس الشريعة عامدا لكفر إذ الزيادة والنقصان فيها أو التغيير - قل أو كثر - كفر فلا فرق بين ما قل منه وما كثر
فمن فعل مثل ذلك بتأويل فاسد أو برأى غالظ رآه أو ألحقه بالمشروع إذا لم تكفره لم يكن في حكمه فرق بين ما قل منه وما كثر لأن الجميع جناية لا تحملها الشريعة بقليل ولا بكثير
ويعضد هذا النظر عموم الادلة في ذم البدع من غير استثناء فالفرق بين بدعة جزئية وبدعة كلية وقد حصل الجواب عن السؤال الأول والثاني
وأما الثالث فلا حجة فيه لأن قوله عليه السلام كل بدعة ضلالة وما تقدم من كلام السلف يدل على عموم الذم فيها
وظهر أنها مع المعاصى لا تنقسم ذلك الانقسام بل إنما ينقسم ما سواها من المعاصى
واعتبر بما تقدم ذكره في الباب الثاني يتبين لك عدم الفرق فيها
وأقرب منها عبارة تناسب هذا التقرير أن يقال كل بدعة كبيرة عظيمة بالإضافة إلى مجاوزة حدود الله بالتشريع إلا أنها وإن عظمت لما ذكرناه فإذا نسب بعضها إلى بعض تفاوتت رتبتها فيكون منها صغار وكبار إما باعتبار أن بعضها أشد عقابا من بعض فالأشد عقابا أكبر مما دونه وإما باعتبار فوت المطلوب في المفسدة فكما انقسمت الطاعة باتباع السنة إى الفاضل والأفضل لانقسام مصالحها إلى الكامل والأكمل انقسمت البدع لانقسام مفاسدها إلى الرذل والأرذل
والصغر والكبر
من باب النسب والإضافات فقد يكون الشىء كبيرا في نفسه لكنه صغير بالنسبة إلى ما هو أكبر منه