""""صفحة رقم 19""""
ومن الغرباء يا رسول الله قال النزوع من القبائل وهذا مجمل ولكنه مبين في الرواية الأخرى
وجاء من طريق آخر بدئ الإسلام غريبا ولا تقوم الساعة حتى يكون غريبا كما بدئ فطوبى للغرباء حين يفسد الناس وفي رواية لابن وهب قال ( صلى الله عليه وسلم )
طوبى للغرباء الذين يمسكون بكتاب الله حين يترك ويعملون بالسنة حين تطفى وفي رواية
إن الاسلام بدى غريبا وسيعود غريبا كما بدئ فطوبى للغرباء قالوا يا رسول الله كيف يكون غريبا قال كما يقال للرجل في حي كذا وكذا إنه لغريب وفي رواية انه سئل عن الغرباء قال الذين يحيون ما أمات الناس من سنتي
وجملة المعنى فيه من جهة وصف الغربة ما ظهر بالعيان والمشاهدة في أول الاسلام وآخره وذلك ان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بعثه الله تعالى على حين فترة من الرسل وفي جاهلية جهلاء لاتعرف من الحق رسما ولا تقيم به في مقاطع الحقوق حكما بل كانت تنتحل ما وجدت عليه آباءها وما استحسنته اسلافها من الآراء المنحرفة والنحل المخترعة والمذاهب المبتدعة فحين قام فيهم ( صلى الله عليه وسلم ) بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا فسرعان ما عارضوا معروفه بالنكر وغيروا في وجه صوابه بالإفك ونسبوا إليه إذ خالفهم في الشرعة ونابذهم في النحلة كل محال ورموه بأنواع البهتان فتارة يرمونه بالكذب وهو الصادق المصدوق الذي لم يجربوا عليه قط خبرا بخلاف مخبره وآونة يتهمونه بالسحر وفي علمهم أنه لم يكن من أهله ولا ممن يدعيه وكرة يقولون انه مجنون مع تحققهم بكمال عقله وبراءته من مس الشيطان وخبله وإذ دعاهم إلى عبادة المعبود بحق وحده لا شريك له قالوا ) أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب ( مع الإقرار بمقتضى هذه الدعوة لصادقة ) فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين ( وإذا أنذرهم