إن الاسترسال في هذه المصطلحات سيؤدي حتماً إلى عقيدة (وحدة الوجود) وهذا انسلاخ من الدين , فالمسلمون يرجعون إلى الكتاب والسنة , والصوفية يرجعون إلى الذوق والكشف والخيالات وكلام مشايخهم, وهذا أمر مشكل لأن لكل إنسان ذوق فالنصراني يتذوق التثليث , والمشرك يتذوق الشرك ... الخ.
كما تتميز هذه المرحلة عند الصوفية بما يسمونه (المقامات) كالتوكل والرضا .. وانحرفوا فيه أيضاً عن الفهم الإسلامي الصحيح , فالتوكل عندهم هو عد الأخذ بالأسباب , قال الهروي:"التوكل في طريق الخاصة عمىً عن التوحيد ورجوع إلى الأسباب"ويقول أبو سعيد الخراز"كنت في البادية فنالني جوع شديد فطالبتني نفسي إن أسأل الله طعاماً , فقلت: ليس هذا من فعل المتوكلين" (1) .
فهذا الشيخ خالف السنة في الخروج إلى البادية دون زاد , وفهم التوكل فهماً خاطئاً , والله سبحانه وتعالى خلق الأسباب وطلب من العباد الأخذ بها والمسلم لا يعتمد على الأسباب وحدها ولكن يفعلها ويتوكل على الله ويطلب النتائج من الله.
وقالوا عن مقام (الرضا) أنه الاسترسال مع القدر , فيكون مستسلماً لما يأتي من عند الله , وهذا الكلام تنقصه الدقة , فالمسلم لا يعترض على قدر الله كالمرض والفقر ولكن يدفع قدر الله بقدر الله , فهو يدفع المرض بالدواء ويدفع الفقر بالعمل والكسب. أما إذا كان هناك أمر ديني مثل الصلاة والصوم فلا يقول: أنا لا أصلي لأن الله لم يقدر لي الصلاة فهذا من الحيل الشيطانية , ويشبه كلام المشركين فلأوامر الشرعية يجب أن تنفذ والمصائب تدفع بقدر الله ويصبر عليها.
والخلاصة أن هذه الألفاظ المستحدثة عند الصوفية هي كما وصفها ابن القيم"تسمع جعجعة ولا ترى طحناً" (2) .
(1) الكلاباذي التعرف / 150.
(2) مدارج السالكين 3/ 437.