هذه نماذج من مصطلحاتهم وهي كثيرة جداً و كلها رموز وألغاز فتكلموا عن الحال والمقام والعطش والدهش , وجمع الجمع ... الخ , وإذا أخذنا واحدة من هذه المصطلحات لنرى هل هي صحيحة من ناحية شرعية ؟ هل الفناء عن المخلوقات وعدم التشاغل بها من الإسلام ؟ والجواب بالنفي لأن الله يقول:"قل انظروا ماذا في السماوات والأرض"وقال عليه السلام"حبب إلي من دنياكم النساء والطيب"وكان يجب عائشة وأباها ويحب أولاد ابنته الحسن والحسين , ويجب العسل , ويحب وطنه , ويحب الأنصار ..." (1) . وأما محاولتهم للفناء في الله فهذا مستحيل , لن الله سبحانه هو الخالق وهم مخلوقون , فكيف يتحد المخلوق بالخالق ؟ وقد يحاولون التمويه فيقولون ( بالصحو بعد المحو ) ( أو الفرق في الجمع ) أي أن يرجع الإنسان إلى حال العبودية وقد يتكلمون هذا باللسان فقط أي أنه رجع إلى العبودية ."
والحقيقة أن كل هذا أوهام , والإسلام يحث على حفظ العقل , فكيف يسعى مسلم لزوال عقله , والصوفي عندما يتحدث عن أسرار الربوبية يحاول شيئاً لا يطيقه الإنسان , لذلك سيصل إلى كارثة ( وحدة الوجود ) التي هي كفر , ويفقد فيها الاتزان النفسي , وهي نزعة خفية عند الإنسان الذي لا يخضع للوحي وهي نزعة التكبر والتأله , ويحاول أن يأت بها عن طريق ( وحدة الوجود ) وهي نزعة فرعونية عندما قال"أنا ربكم الأعلى".
إن فكرة ( الفناء ) موجودة في الديانة البوذية وتسمى عندهم ( نرفانا) وربما أخذها الصوفية عنهم .
النتائج المترتبة على مثل هذا الخلط:
إن الدخول في هذه المتاهات يبعد المسلم عن العلم النافع والعبادة والعمل فيتكلم في أشياء ليس لها وجود ولا تعني في عالم الواقع شيئاً , والمسلم مأمور بإعمار الدنيا لتكون جسراً إلى الآخرة وهذه المصطلحات تسيطر على الجاهل وتربك العاقل إذا لم يكن دينه قوياً .
ليس في الإسلام أسرار , فالقرآن واضح , والسنة واضحة , وهذه الألغاز تجعل الدين وكأنه بحاجة إلى (هيئة) لحل هذه الأسرار , ويتحول الأمر إلى باطنية تفسر كل شيء حسب أهوائها فكل شيء نسبي , وذاتي"ولذلك يمنعون من قراءة كتبهم لكل أحد" (2) .
(1) الذهبي: سير إعلام النبلاء 15/394 .
(2) حقائق التصوف /527 .