وقد تعني هذه الكلمة ( الفناء ) أن يغيب عن الناس والخلق ولا يشهد سوى الله ويقع في ( الغيبوبة ) ويغيب حتى عن العبادة , وقد يتوهم أنه صار هو والإله شيئاً واحداً"ويظن أنه تضمحل ذاته في ذاته وصفاته في صفاته" (1) وقد يسمونه: الجمع أو السُكر وهذا إذا عاد إليه عقله يعلم أنه كان غالطاً في ذلك وأن الرب رب والعبد عبد .
وقد تعني هذه الكلمة ما يسمونه ( الفناء عن إرادة السوى ) أي لا يحب إلا الله ولا يوالي إلا فيه ولا بيغض إلا فيه , فهذا صحيح وإن كان لا يسلم لهم بالتعبير بـ ( الفناء ) لأن فيه كما قلنا غموض واشتباه , وأما الفناء الذي يسمونه فناء النفس عن التشاغل بما سوى الله فلا يسلم لهم أيضاً"بل أمرنا الله بالتشاغل بالمخلوقات ورؤيتها والإقبال عليها" (2) .
* الجمع والفرق:
قالوا عن الجمع أنه إشارة إلى حق بلا خلق , والفرق إشارة إلى خلق بلا حق . ويقصدون أن الفرق هو ما يكون كسباً للعبد من إقامة العبودية لله , والجمع هو مشاهدة الربوبية , والجمع قريب من الفناء بالمعنى الأول الذي هو وحدة الوجود .
* السكر والصحو:
قالوا عن السكر: حال تبدو للعبد لا يمكنه معها ملاحظة السبب ولا مراعاة الأدب (3) , والصحو هو رجوع العارف إلى الإحساس بعد غيبته وزوال إحساسه (4) .
* العشق:
واستحدثوا هذه الكلمة وهذا لا يوصف به الرب تبارك وتعالى ولا العبد في محبته ربه .
(1) البقاعي: تنبيه الغبي / 81 .
(2) الذهبي: سير أعلام النبلاء 15/393.
(3) الكلاباذي: العرف / 114 .
(4) الجرجاني: التعريفات /132 .